قطر-جريدة العرب- الاثنين
٢١ يناير ٢٠١٣ م، الموافق ٩ ربيع الأول ١٤٣٤ هـ-العدد 8989
العبيدلي: قوانين قطر تحمي المبلغين عن العنف والإساءة
عقدت المؤسسة القطرية
لحماية الطفل والمرأة يومي 16 و17 يناير الجاري، ورشة توعوية لفائدة 47 ممرضة
وممرضة من غير الناطقين باللغة العربية، والعاملين في أقسام الطوارئ بمستشفيات
مؤسسة حمد الطبية والمراكز الصحية بالدولة، لأجل توعيتهم وتعليمهم حول كيفية اكتشاف
حالات الاشتباه وإثبات حدوث حالات العنف والإساءة ضد الطفل والمرأة، والإجراءات
القانونية والعملية الواجب عليهم اتباعها بهدف التبليغ عن تلك الحالات، لأجل ضمان
حمايتها، وعدم تعرضها مستقبلا لعنف مماثل.
وفي حديثها عن أهمية الورشة، قالت الأستاذة فريدة العبيدلي، المدير العام للمؤسسة
القطرية لحماية الطفل والمرأة: «اختيارنا لشريحة الممرضين غير الناطقين بالعربية
ينبع من كونهم يقفون في الصف الأول الذي يتعامل غالبا مع حالات العنف والإساءة،
ولأن أغلب هؤلاء الممرضين غير قطريين، فاخترنا تنظيم هذه الدورة باللغة الإنجليزية
لأنها اللغة التي يتعاملون بها في مجال عملهم» مضيفة «كما ننوه إلى أن المؤسسة لها
علاقة وطيدة مع قطاع الصحة، ونحن نتابع كافة الحالات التي قد تتعرض للعنف والإساءة
عن قرب، عبر المكتب الموجود على مستوى مستشفى حمد العام».
وتابعت العبيدلي: «هدفنا في المؤسسة أن نصل إلى مختلف الفئات التي تتعامل مع الطفل
والمرأة في المجتمع، وقد قدمنا للممرضين نبذة عن القوانين والتشريعات القطرية،
وبيّنا لهم أن لا خوف عليهم من التبليغ عن حالات العنف أو الاشتباه التي يلحظونها،
لأن القوانين القطرية تحمي المبلغ، فلا بدّ أن يثقوا بها».
واستطردت تقول: «خلال يومين، قدم الخبراء في الطب الشرعي والقانون الجنائي وطوارئ
الأطفال الطرق العلمية التي تسمح للممرضين المحافظة على الأدلة التي تثبت تعرض
الطفل أو المرأة للعنف، حتى لا يكونوا سببا في محوها، مع تسليط الضوء على سياسة
مؤسسة حمد الطبية في التعامل مع هذه الحالات، كما بيّنا لهم أهمية التواصل مع
المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة التي تتولى متابعة تلك الحالات بهدف حمايتها،
والعمل على تفادي تعرضها للعنف والإساءة مجددا».
وخلصت الأستاذة فريدة العبيدلي للقول: «نجاعة الورشة تنبع من أنها لم تكتف بتقديم
محاضرات نظرية فقط، بل اعتمدنا أسلوب ورش العمل التطبيقية التي تسمح للخبراء بتقديم
معلومات، ثم اختيار فهم الممرضين من خلال عرض نماذج لحالات واقعية تعرضت للعنف،
والتأكد من استيعاب الممرضين للطرق العلمية للتعامل مع الحالة التي تعرضت للعنف أو
يشتبه في تعرضها له».
بدوره قال الدكتور أسامة حسن محمد، خبير تطوير بمؤسسة (أمان) التي أدار سير ورشات
العمل على مدار يومين: «إن الورشة التي عقدت على مدى يومين، باللغة الإنجليزية،
شهدت تنظيم سلسلة من ورش العمل، تضمنت مناقشات وتقديم معلومات فنية وقانونية
وتطبيقية حول كيفية التعامل والتبليغ عن حالات الاشتباه أو وقائع عنف وإساءة،
وإجراءات تحريز الأدلة، ومن ثم مختلف المراحل التي يجب على الممرضين اتباعها لحماية
الضحايا من الأطفال والنساء، وفقا لقوانين دولة قطر، والسياسة العامة لمؤسسة حمد
الطبية».
وأدار ورش العمل عدد من الدكاترة المتخصصين في مجالات مختلفة، من مؤسسة حماية الطفل
والمرأة، وقانونيون وخبراء من مؤسسة حمد الطبية وطوارئ الأطفال بالسد، إلى جانب
الطب الشرعي التابع لوزارة الداخلية، وأطباء أكفاء من أقسام الطوارئ، بالإضافة إلى
الشق النفسي.
وفي مستهل اليوم الأول من الورشة، قدم الدكتور صلاح المناعي، خبير الدراسات والبحوث
بالمؤسسة القطرية ورقة تعريفية عن المؤسسة، ومهامها، وأهدافها، بالتأكيد على دور
المؤسسة في حماية الطفل والمرأة، والتنسيق الموجود بين المؤسسة وجهات أخرى في مجال
الإبلاغ عن الإساءة، وكيفية متابعة الضحايا، وحمايتهم، بما يكفل عدم تعرضهم لأي نوع
من الإساءة والعنف مستقبلا.
التبليغ في حال الاشتباه وليس ثبوت الحالة فقط
وعرف اليوم الأول من الورشة مداخلة للدكتور خالد السعدي، طبيب بطوارئ الأطفال
بالسد، أشار فيها إلى أهمية الورشة التي تنظمها المؤسسة القطرية لحماية الطفل
والمرأة مهمة، من حيث إنها تساهم في رفع الوعي الصحي لدى الطاقم التمريض، وتثقيفه
حول الكشف عن الحالات التي فيها اشتباه تعرضها لأي نوع من الإساءة، وكيفية التعامل
معها، ومن ثم التبليغ للجهات المعنية لعلاج الحالات، وتقديم المساعدة، وحمايتها من
التعرض مستقبلا لأي نوع من الإساءة.
وقال الدكتور خالد: «برأيي، فإن الورشة مهمة جدا أيضا من حيث توعية الممرضين والذين
يتعاملون بشكل مباشر مع الحالات التي تتعرض للعنف، وتوعيتهم بضرورة التبليغ عن أي
نوع من الإساءة في مراحلها الأولى، قبل أن تزول الأدلة، فليس المقصود هو فقط أن
يتحرك هؤلاء حين ثبوت الإساءة ضد الطفل أو المرأة، بل حتى في حال الاشتباه، لا بد
أن يدركوا المراحل والخطوات الواجب عليهم اتخاذها، لأن التأكد من الإساءة ليس الهدف
النهائي، بل الهدف الأول هو الكشف عن الحالات المشتبهة».
القانون يلزم بالتبليغ ويحمي المبلّغ من أولياء الضحايا
بدوره، الدكتور أبو القاسم مضوي أحمد، مستشار قانوني بإدارة الشؤون القانونية
بمؤسسة حمد الطبية، تناول في مداخلته عرضا عن النصوص القانونية القطرية في شأن
حماية الطفل والمرأة من العنف والإساءة والاعتداءات، وما يترتب من مسؤوليات قانونية
على ذلك، إلى جانب عرض سياسات مؤسسة حمد الطبية الموضوعية، طبقا لهذه القوانين
لحماية الطفل والمرأة، أثناء تلقي خدمة الرعاية الصحية.
وبين أبوالقاسم أن القانون القطري يلزم بضرورة الإبلاغ عن أي حالات اعتداء على
الطفل والمرأة، أو مجرد اشتباه في حدوثها، ويلزم المتعاملين في المهن الصحية بضرورة
الإبلاغ عن حالات الاعتداءات والإساءة للطفل والمرأة، وغيرهم حال اكتشاف الحالة
أثناء تقديم الرعاية الطبية والصحية.
وخلص للقول: إن القانون يحمي العاملين في القطاع الصحي حينما يبلغون عن أي إساءة أو
اعتداء، حتى من أولياء الضحايا أنفسهم، إن كانوا متورطين في الإساءة، لأن ذلك يعد
واجبا قانونيا، يتفرع من الواجب القانون على الكافة، بالإبلاغ عن الجرائم.
المحافظة على المبرزات الجرمية
من جانبه قدم الدكتور فائق أمين بكر، استشاري الطب الشرعي بإدارة الخدمات الطبية
التابعة لوزارة الداخلية محاضرة حول «تحريز الأدلة في واقعات الاعتداءات ضد الأطفال
والنساء». وبين الدكتور فائق أهمية الطب الشرعي في التعامل مع حالات العنف
والإساءة، بالإشارة إلى الجوانب القانونية والعملية لممارسة العاملين في المجال
الصحي، وما يتوجب اتخاذه من إجراءات قانونية، بما يتوافق والسياسة المتبعة في مؤسسة
حمد الطبية والطب الشرعي. وأشار المحاضر إلى ضرورة الحفاظ على «المبرزات الجرمية»،
والكشف عن ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية، مستدلا بعينة من الحالات السابقة التي
تم فحصها من قبل الأطباء الشرعيين، والإجراءات الواجب اتخاذها للكشف عن الجريمة.
دور الطب الشرعي
وعن أهمية الدورة التي نظمتها المؤسسة لغير الناطقين باللغة العربية، نوه الدكتور
فائق إلى أهمية الورشة لإطلاع الممرضين القادمين من دول وثقافات مختلفة على مضمون
القوانين القطرية، وواجباتهم في حماية الطفل والمرأة من العنف والإساءة، من خلال
إطلاعهم بالخطوات الواجب اتباعها في حالة الاشتباه أو ثبوت حالة إساءة ضد الحالات
التي يتعاملون معها، ومن ثم، ضرورة تعريف هؤلاء الممرضين بدور الطب الشرعي، وضرورة
تقديم جميع الأدلة لحماية الطفل والمرأة ضحية العنف والإساءة، وفقا للسياسة المتبعة
في مؤسسة حمد الطبية، ومتابعة الضوابط، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على آثار
الجريمة إن وقعت، أي التبليغ في المراحل المتقدمة.
وخلص الدكتور فائق إلى التأكيد أن دور الطب الشرعي يأتي بناء على طلب من الجهات
التحقيقية والقضائية المختصة فقط، والممثلة في النيابة العامة، والمحاكم، والإدارات
الأمنية المعنية مثل الشرطة.
العنف الجنسي منتشر
أما د.وسام عبده الدد، استشاري الطب النفسي بالمؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة
فقدمت مداخلة بعنوان «حماية الأطفال من العنف الجنسي»، أشارت فيها إلى أن حوادث
الاعتداء الجنسي على الأطفال، ذكورا وإناثا، ظاهرة موجودة في تاريخ المجتمعات
الإنسانية، ولكن نسبتها على البنات تفوق نسبتها على الأطفال الذكور».
وأضافت: «قد يتصور البعض بأن مثل هذه الحوادث نادر أو قليل، ولكن الحقيقة هي أن هذه
الحوادث ليست قليلة رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة عنها، وإنما هي مختفية في القلوب،
مكتومة في الصدور، لا يجرؤ الطفل على البوح بها، كما أن المعتدي لا يمكنه بالطبع أن
يعترف بها، لذلك تتم معظم الاعتداءات الجنسية في سرية كبيرة، فلا تظهر للملأ ولا
ينكشف منها إلا النادر وعن طريق الصدفة المحضة أحيانا، لأن معظم الأطفال بسبب الخوف
يشعرون بنوع من الإثم من الشكوى والتذمر».
مظاهر العنف الجنسي
وعن مظاهر تعرض الطفل للعنف الجنسي، ذكرت أن العنف الجنسي على الأطفال شديد
التعقيد، وأضراره بالغة ويجب اكتشافه مبكرا، كما أن الكثير من هذه الحوادث لا يقوم
الطفل بالإبلاغ عنها، لذلك يجب على من حولهم أن يتبينوا مظاهر هذا العنف.
وأشارت إلى أن الأعراض، عادة ما تكون أعراض جسمانية غير مبررة، أو خوف وعدم رغبة من
أشخاص معينين وأماكن معينة، أو اضطرابات في النوم، أو صداع، تدني المستوى الدراسي،
الانسحاب بعيدا عن الأسرة والأصدقاء والأنشطة، العودة إلى سلوكيات الطفولة، أو عدم
احترام للنفس، أو سلوك يهدف منه إيذاء الذات، إلى جانب كثرة البكاء.
ولفتت إلى أن العدوانية والاندفاع وإصابة الطفل بالعدوانية هنا قد تخلق لديه نوعاً
من الانتقام، فيعتدي على الآخرين، ويعيش مرارة قاتلة يمكن أن تتطور وتصبح اكتئابا
أو أمراض نفسية أخرى وتنعدم ثقته بنفسه وبالآخرين.
ومن مظاهر أعراض العنف أيضا الإدمان على الخمور والعقاقير، ومحاولات الانتحار، كما
أنه عادة ما يحدث أعراض أخرى مثل أن يمارس هؤلاء الأطفال الجنس مع الأطفال الآخرين
بالقوة، وأن يتحدثوا عن الجنس وقد يمارسونه إذا كانوا صغارا أمام الأسرة، وآلام غير
مبررة في الأماكن الجنسية والشرج وكثرة البكاء.
خوف الطفل من التبليغ
وحذرت الدكتور وسام قائلة: «يعاني الأطفال معاناة شديدة من العنف الجنسي، وقد لا
يستطيعون الإبلاغ عن ذلك خاصة إذا حدث هذا العنف من أحد أفراد الأسرة أو الموثوق
فيه من الأهل والأصدقاء، وذلك للأسباب الآتية: كأن يتم تهديدهم لكيلا يذكروا ما
حدث، أو يختلط عليهم الأمر حيث يصاحب الاعتداء الجنسي الكثير من الاهتمام والمودة،
أو يشكون في أن الأسرة سوف تثق فيما يقولون، ويشعرون بالخجل ويعتقدون أن ما حدث لهم
نوع من العقاب لأنهم أطفال غير مؤدبين، كما أن ضحايا العنف من الأطفال يشعرون
بالخجل الشديد من أن يذكروا ما حدث، ويخافون من حدوث مشكلة كبيرة أو أن يوقعوا من
يحبون في المشاكل».
وخلصت تقول: «إن هذا الصمت يساعد من يرتكبون هذا العنف الجنسي ضد الأطفال في
الاستمرار في فعلتهم، كما أنه يحمي المعتدين ويؤذي الأطفال الضحايا».
ولدى حديثها عن الآثار التي تتبع تعرض الأطفال للعنف، أشارت إلى أن الدراسات أثبتت
أن حوالي %3.5 من الأطفال المعرضين للعنف الجنسي أثناء الطفولة يحدث لهم هذا المرض،
%75 من المعتدين هما الآباء، %25 كان شخصا بالغا ذا ثقة من الطفل.