قطر-جريدة العرب- الأحد ١٧
فبراير ٢٠١٣ م، الموافق ٧ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ-العدد 9016
من
كلية الحقوق جامعة القاهرة
رسالة ماجستير لقطري توصي بتعديلات في قانون المناقصات
حصل الباحث محمد فالح
الهاجري على درجة الماجستير بتقدير جيد جداً من كلية الحقوق بجامعة القاهرة أمس
الأول عن رسالة بعنوان «أساليب إبرام العقود الإدارية في دولة قطر» دراسة مقارنة.
أشرف على الرسالة كل من أنور أحمد رسلان أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق
جامعة القاهرة الأسبق رئيساً لمناقشة الرسالة، ود.جابر جاد نصار أستاذ القانون
العام ووكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة لشؤون التعليم والطلاب مشرفاً وعضواً،
ود.محمود أبوالسعود إبراهيم رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس
سابقاً عضواً لمناقشة الرسالة.
وتعرض الباحث محمد فالح الهاجري في رسالته لأهم أساليب إبرام العقود الإدارية في
دولة قطر مع مقارنتها بهذه الأساليب في جمهورية مصر العربية.
وأكد الهاجري أن العقود الإدارية تعد من أهم وأنجح الوسائل التي تلجأ إليها الإدارة
لتحقيق متطلباتها لضمان دوام سير وانتظام المرافق العامة؛ حيث إنه ليس كل ما تبرمه
الإدارة يعد عقوداً إدارية، فقد تكون عقود الإدارة عقوداً إدارية تبرمها الإدارة
باعتبارها سلطة عامة وفقا لأساليب القانون العام وتخضع لقواعد القانون الإداري
ولاختصاص القضاء الإداري، ويشترط لإضفاء هذه الصفة عليها أن يكون أحد طرفيها شخصاً
معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة، وأن تتصل بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو
تنظيمه، وتتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام
بتضمينها شروطاً استثنائية غير مألوفة بالنسبة لروابط القانون الخاص، وقد تكون عقود
الإدارة عقوداً مدنية تخضع لقواعد القانون الخاص ولاختصاص القضاء العادي.
وأوضح الباحث أن دولة قطر لم تعرف التنظيم التشريعي لأساليب إبرام العقود الإدارية
إلا بصدور القانون رقم 8 لسنة 1976 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات، فكانت إدارات
الدولة ومرافقها قبل إصدار هذا القانون تتبع أسلوباً أقرب إلى أسلوب القواعد
العرفية في اختيار الطرف الآخر للعقد الإداري، ومردّ ذلك إلى الطبيعة البسيطة التي
تتسم بها قطر في مجال العمل الإداري داخل مؤسسات الدولة، وليس أدل على ذلك من أنها
لم تعرف القضاء الإداري إلا منذ فترة وجيزة وذلك بصدور القانون رقم 7 لسنة 2007م
بشأن تنظيم القضاء الإداري.
ثغرات ومشكلات
وأضاف الباحث بصدور قانون المناقصات القطري السابق رقم 8 لسنة 1976م بدأت تنتظم
معالم واضحة لأساليب إبرام العقود الإدارية في دولة قطر؛ حيث نظم هذا القانون
أساليب التعاقد الإداري من قبل وزارات وإدارات الدولة، وبعدها صدر القانون الحالي
رقم 26 لسنة 2005 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات، والذي حاول فيه المشرع سد بعض
الثغرات وإيجاد حلول لبعض المشكلات التي ظهرت أثناء تطبيق القانون السابق، كما صدر
القانون رقم 22 لسنة 2008 وذلك بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات
الحالي.
وأضاف الباحث أن المشرع القطري جعل من المناقصة الأصل العام في التعاقد الإداري؛
بحيث تكون الجهة الحكومية ملزمة كأصل عام في إبرامها للعقود التي تنصب على شراء
الأصناف أو مقاولات الأعمال أو الخدمات أو الأعمال الفنية، أن تبرمها عن طريق
المناقصة كأصل عام، وأجاز استثناء التعاقد بطريق الممارسة أو الاتفاق المباشر. أما
المشرّع المصري فقد حدد طرق التعاقد وضوابطها بالقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن
المناقصات والمزايدات، ومن بين هذه الطرق المناقصة العامة والممارسة العامة كطرق
أصلية للتعاقد، والمناقصة المحلية والمناقصة المحدودة والممارسة المحدودة والاتفاق
المباشر كطرق استثنائية لا يجوز اللجوء إليها إلا بقرار مسبب من السلطة المختصة.
وقال الباحث في مجال التعاقد بالاتفاق المباشر حدد المشرع موجباته وحالاته، وهو لا
يكون إلا في الحالات العاجلة التي لا وقت معها لاتباع إجراءات التعاقد بالمناقصة أو
الممارسة بأنواعها، كما حدد حدوده القصوى وسلطة الاستثناء من هذه الحدود.
وقال الباحث من ثَمَّ فقد أعطى المشرع المصري للسلطة المختصة حرية واسعة في
المفاضلة بين المناقصة العامة والممارسة العامة كأصل عام في التعاقد الإداري، وذلك
على خلاف القانون السابق رقم 9 لسنة 1983 والذي جعل من المناقصة الأصل العام في
التعاقد الإداري، متفقاً في ذلك مع المشرع القطري.
وقسّم الباحث الرسالة إلى ثلاثة فصول يتقدمها فصل تمهيدي أشار فيه إلى أن كل ما
تبرمه الإدارة من عقود ليس بالضرورة أن يكون عقوداً إدارية، فقد تلجأ الإدارة إلى
إبرام بعض العقود ذات الطبيعة المدنية أو التجارية؛ حيث لا تظهر في العقد كسلطة
عامة بل تظهر كطرف مساوٍ للطرف الآخر فيما يرتبه العقد من حقوق والتزامات، مثال
ذلك، ما تبرمه الإدارة من عقود بيع أو إيجار لأجزاء من أموالها الخاصة.
ثلاثة مباحث
وتناول الباحث في الفصل الأول التعاقد عن طريق المناقصة في القانون المصري والقانون
القطري وقام بتقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث.
تناول في المبحث الأول: مفهوم المناقصة وأشار إلى أن المناقصة هي مجموعة من
الإجراءات تهدف في جملتها إلى دعوة الجمهور للاشتراك في العملية التي تطرحها
الإدارة، بقصد الوصول إلى المتناقص الذي يتقدم بأرخص أسعار للتعاقد وأفضل الخدمات
المطلوبة.
وقسّم الباحث هذا المبحث إلى مطلبين تناول في المطلب الأول تعريف المناقصة العامة
في مصر وقطر وتناول في المطلب الثاني تميز المناقصة العامة. ثم تناول في المبحث
الثاني المبادئ التي تخضع لها المناقصة العامة واتضح من الرسالة أن المناقصة العامة
والممارسة العامة تخضع لعدة مبادئ وأحكام مهمة تعد ضمانات تكفل سلامتها ودقتها،
وتتمثل هذه الأحكام في مبدأ العلانية وحرية المنافسة، والمساواة وتكافؤ الفرص.
وقد قسّم الباحث هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب تناول في المطلب الأول مبدأ العلانية
وفي المطلب الثاني مبدأ حرية المنافسة، وفي المطلب الثالث مبدأ المساواة وتكافؤ
الفرص ثم تناول في المبحث الثالث كيفية التعاقد عن طريق المناقصة العامة في القانون
القطري والقانون المصري. وأشار إلى أنه صدر القانون رقم 22 لسنة 2008 والذي عدّل
فيه المشرع بعض أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 26
لسنة 2005.
وتناول الباحث في الفصل الثاني التعاقد بغير طريق المناقصة وقام بتقسيم هذا الفصل
إلى ثلاثة مباحث تناول في المبحث الأول تعريف الممارسة والإنفاق المباشر والمزايدة،
وتناول في المبحث الثاني التعاقد عن طريق الممارسة في القانون القطري والقانون
المصري، وتناول في المبحث الثالث التعاقد عن طريق الاتفاق المباشر والمزايدة في
القانون القطري والقانون المصري.
وتناول الباحث في الفصل الثالث إشكاليات التعاقد الإداري والتي تتمثل في إشكاليات
التعاقد بطريق الاتفاق المباشر، وتناوله كمبحث أول ثم إلغاء المناقصة في مبحث ثانٍ
ثم الرقابة القضائية على القرارات الإدارية المتعلقة بإبرام العقد الإداري وذلك
كمبحث ثالث، وقد قام الباحث بتقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب تناول في المطلب
الأول طبيعة اختصاص القضاء الإداري بمنازعات العقود الإدارية وتناول في المطلب
الثاني كيفية الطعن في القرارات الإدارية وتناول في المطلب الثالث مسؤولية الإدارة
عن عدم إبرام العقد.
وتوصل الباحث إلى عدة نتائج منها:
- أن القانون القطري ما زال في طور التكوين بالمقارنة بغيره من التشريعات الأخرى
«كالتشريع المصري»، وهو بحاجة إلى فترة ليست بالقليلة حتى يتبلور ويخرج كقانون
متكامل يسد جميع نواحي النقص ويوجد حلولا للمشكلات التي يتعرض لها.
- لم تخرج أساليب إبرام العقود الإدارية في دولة قطر عن تلك الأساليب بجمهورية مصر
العربية؛ حيث يمكن إجمال أساليب إبرام العقود الإدارية في دولة قطر –وفقاً للتنظيم
التشريعي المذكور– في المناقصة العامة والمناقصة المحلية والمناقصة المحدودة
والممارسة والاتفاق المباشر والمزايدة.
- تحتل المناقصة العامة باعتبارها الأصل في التعاقد الإداري مكانة مهمة بين أساليب
إبرام العقود الإدارية كافة نظراً لما تحققه هذه الوسيلة من ضمانات أكثر للمصلحة
العامة وللمرفق العام. ومن ثم فقد أخضعها كل من المشرع القطري والمشرع المصري
لمبادئ العلانية وتكافؤ الفرص والمساواة وحرية المنافسة، كما أخضع المشرع القطري
المناقصة المحلية وكذلك المشرع المصري الممارسة العامة لذات المبادئ.
وتوصل الباحث إلى هذه التوصيات:
أورد المشرع القطري استثناء على الأصل العام المتمثل في إرساء المناقصة على أقل
العطاءات سعراً، المستوفي للشروط والمطابق للمواصفات الفنية المطلوبة، وهذا
الاستثناء بموجب المادة 47 من قانون المناقصات أو المزايدات. إذ أجازت للجنة
المناقصات المختصة إذا رأت أن هناك ما يدعو إلى تفضيل مناقص قدم سعراً أعلى على
المناقص صاحب أقل العطاءات سعراً لسبب حر بخلاف السبب المنصوص عليه في الفقرة
الثانية من المادة 45 سالفة الذكر أن ترفع الأمر إلى وزير الاقتصاد والمالية ليصدر
فيه قراره. ونوصي المشرع القطري بالعدول عن هذه المادة لما تخوله للجنة المناقصات
المختصة من أن تعدد من الأسباب التي يمكن أن توردها أو تتذرع بها لتفضيل مناقص آخر
عطاؤه أعلى سعراً من المناقص صاحب أقل العطاءات سعراً، مما يعد بدوره قيداً خطيراً
على مبدأ حرية المنافسة والمساواة بين المتناقصين.
- نوصي المشرع القطري بوضع حد أقصى للتعاقد بطريق الممارسة والاتفاق المباشر، مثلما
كانت تنص المادة رقم 62 من القانون قبل تعديلها؛ حيث إن المشرع القطري وفقا لنص
الفقرة الأولى من المادة 62 من قانون المناقصات والمعدل بالقانون رقم 22 لسنة 2008
لم يعد يفرض حداً أقصى للقيمة المالية للأصناف أو مقاولات الأعمال أو أداء الخدمات
التي يمكن للجهة الحكومية التعاقد على شرائها بطريق الممارسة أو الاتفاق المباشر،
وإنما يصدر بتحديد تلك القيمة قرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الاقتصاد
والمالية.
- كما نوصي المشرع القطري كذلك بإلغاء الفقرة الثانية من المادة رقم 62 من القانون
والمعدلة بالقانون رقم 22 لسنة 2008، والتي أوجبت على الجهة الحكومية المعنية إذا
رأت أن المصلحة العامة تقتضي التعاقد عن طريق الممارسة أو الاتفاق المباشر فيما
يجاوز الحدود المالية التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء أن تعرض الأمر على
لجنة المناقصات المركزية للموافقة على الإجراءات الخاصة التي يتعين عليها اتباعها
وفقاً للأسس والضوابط المنصوص عليها، إذ إنه وبموجب هذه الفقرة أصبح المجال مفتوحاً
أمام الجهة الإدارية للتعاقد بطريق الممارسة أو الاتفاق المباشر، حتى وإن جاوزت
قيمة العملية المطلوب التعاقد عليها القيمة التي يحددها قرار مجلس الوزراء. ومن ثم
فقد أطلق المشرع القطري يد الجهة الإدارية في الخروج على أحكام قانون المناقصات
بموجب هذه الفقرة.
- ولحين عدول المشرع القطري عن الفقرتين سالفتي الذكر. نوصي القضاء القطري بأن يكون
تقدير الجهة الإدارية لحالة الضرورة والاستعجال تحت رقابته، وذلك للتأكد من مدى
توافر ظرف الاستعجال من عدمه، وبحث كافة الظروف المحيطة بعملية التعاقد، وما مبرر
الإسراع في إبرام العقد والضرر المترتب على تأخر إبرامه إلى الأجل الذي تستلزم
إجراءات المناقصة، نظراً إلى أن من شأن التوسع في اللجوء إلى التعاقد عن طريق
الممارسة والاتفاق المباشر تقليص مبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة التي
تسود أسلوب المناقصة.
- وفي ذات السياق نوصي المشرع المصري بالتخفيف من حدة الحرية الواسعة التي خولها
للجهة الإدارية بموجب المادة الأولى من قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة
1998 في الاختيار بين أي من طرق التعاقد المنصوص عليها، وذلك بعدم إفساحه المجال
للجهة الإدارية للتعسف في استخدام السلطة التقديرية المخولة لها في الاختيار بين
طرق التعاقد بترجيح أسلوب من أساليب التعاقد على حساب آخر؛ حيث أجاز المشرع في
المادة المذكورة – استثناء من الأصل العام في التعاقد بطريق المناقصة العامة أو
الممارسة العامة. للسلطة المختصة بقرار مسبب التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو
المناقصة المحلية أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر.