قطر-جريدة الراية- السبت 2
مارس 2013 الموافق 19 ربيع الآخر 1434
ومضة..ماذا بقي للمتقاعد؟! حتى العلاوة السكنية.. في مهب الريح!!
بقلم : عائشة عبيدان
الحديث عن هذه الفئة
طال مداه، وما زال مستمراً، حيث إن القانون مكانك سر، لا تغيير لا تعديل في نصوصه
وفق المتطلبات المادية المتغيرة، والمسؤولون الموكلون بالحماية والتعديل والدراسة
كأنهم يعملون خارج السرب المجتمعي لا استجابة ولا اعتبار للمطالب، ولا آمال
مستقبلية يتعلق على قشها الموظف المحال للتقاعد حين الاستشعار بالظلم عند سريان
القانون التقاعدي عليه، وضياع المزايا المالية التي كان يحصل عليها في وظيفته بعد
سنوات من العطاء قضاها بين زوايا التوظيف الحكومي لخدمة وطنه، ولكن إلى متى العاصفة
في المطالبة بتعديل أحكام التقاعد سارية، والقوانين والتشريعات تنص أهدافها وموادها
على ضرورة تأمين حياة مستقرة للموظف القطري بعد تقاعده؟! وكيف يمكن تحقيق الأمان
النفسي والاجتماعي والاقتصادي في ظل أحكام القانون الذي استثنى من بنوده العلاوات
والمكافآت خاصة السكنية والتي كانت معينة للموظف لمواجهة الحياة الباهظة والتي هي
مطلب الجميع في ظل الظروف القاسية؟ وغيرها من الأسئلة يفرضها الواقع المجتمعي،
وتعززها الفئة المتضررة من الإحالة للتقاعد على مضض وألم، والتي لا تدرك متى يتحرك
صوت العقل المسؤول الذي يدرك معاناتها، ويستشعر حاجتها، ويلبي طلباتها في تعديل
مسارها التقاعدي بعد تطبيق قانون التقاعد عليها لحياة معيشية آمنة ومستقرة كما جاء
في أهداف الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات عبر تطبيق قانون التقاعد لإضفاء الحماية
الاجتماعية على المواطن القطري وتأمين حياة كريمة له ولأسرته بعد انتهاء خدمته.
..هذا
المصطلح اللغوي الذي فُرض بمواده على المواطن فسر دون تعديل لبنوده وفق مجريات
الحياة وتغييرها منذ عام 2008م جعله بين مقصلتي الجز والتقليص للراتب والمكافآت
والعلاوات دون النظر للظروف الاقتصادية والاجتماعية أو الاعتبار للمؤهل العلمي
وسنوات الخبرة وارتفاع المؤشر الاقتصادي للسلع والمتطلبات المعيشية مطالباً
المسؤولين عبر الوسائل الاتصالية في الهيئة العامة للتقاعد وفي ظل التجاهل السائد
في أجندتهم بمراجعة نصوص التقاعد رقم (5) من العام 2008م الذي لا يتوازى مع
الاحتياجات المعيشية الباهظة وضعت المتقاعد في أتون المعاناة والألم من مستقبل
مجهول قادم لا يتوازى مع ما يتقاضاه من الراتب التقاعدي المبتور، خاصة العلاوة
السكنية التي شغلت الكثير والمطالبة بضرورة تفعيلها وإبقائها وزيادتها لتحقيق
العدالة بين الموظف والمتقاعد باعتبارهما أبناء الوطن ولا بد من تسوية حقوقهما، ولا
يدرك لمَ تم تجاهلها في نصوص قانون التقاعد بالرغم من أهمية بقائها للمتقاعد
للإعانة له بتوفير السكن أو سد إيجارات السكن أو استكماله.
..في
الدول المتقدمة لا تُهمش قيمة الموظف المتقاعد، ولا تهضم حقوقه بعد التقاعد ويحفظ
له حقه كاملاً كنوع من التقدير والعرفان لعطائه، وضمان معيشة طيبة رغيدة لا تختلف
عما كان عليه أثناء التوظيف حتى يستشعر بالأمان النفسي والمجتمعي والأمان الأسري،
وحتى لا يلجأ لوسائل أخرى للاعانة، فكيف بمجتمعنا الغني بثرواته، الكريم بعطائه،
السخي في امتداد مساعدته خارجياً لا يحصل المتقاعد وهو ابن الوطن وقضى عمره في خدمة
وطنه على ضمان مالي متكامل وفير أثناء إحالته للتقاعد، وكيف يفقد المزايا المالية
التي كان يتمتع بها أثناء عمله وهو في أمس الحاجة إليها الآن في امتداد طوفان
الغلاء الفاحش ومنها العلاوة السكنية في ارتفاع اسعار العقارات والايجارات والجشع
المادي المتصارع بلا حدود في غياب القوانين المانعة والمعاقبة؟
.. لذلك
أخذ هذا الموضوع حجمه من التداول نتيجة إحساس المتقاعد بالظلم الذي وقع عليه جراء
إحالته للتقاعد خاصة الذين أجبروا على الإحالة نتيجة المتغيرات الطارئة في أغلب
الجهات الحكومية والاستغناء عن وظائفهم وهم أحوج إلى الراتب المتكامل للإعانة على
الحياة المادية وبذلك ازداد عدد المتقاعدين في الدولة باختلاف الفئات العمرية دون
النظر بوعي من المسؤولين لكيفية تأهيل المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم وتجاوبهم
مع الشركات الخاصة والمنظمات العالمية الممثلة للدولة في الوقت الذي تستعين فيه
الدولة بخبرات أجنبية تتجاوز أعمارها الستين والسبعين عاماً وربما أكثر وتمثيلها في
الخارج أليس هذا ما يدعو للألم والتناقض في تقدير الأمور؟
..لقد
كثر المتقاعدون في الدولة من الجنسين فرضياً أو اختيارياً ولكن الحديث عن همومهم
ومعاناتهم لا يتوقف، وظروف الحياة المادية تزداد تعقيداً، ما دام قانون التقاعد لم
يلامسه التغيير ولا ينظر في أحكامه مصلحة الموظف القطري حين يحال للتقاعد،
والمسؤولون في خبر كان لا يستشعرون المعاناة فكيف نصدق ما قيل ان مشروع قانون
التقاعد الجديد الذي أعدته الهيئة العامة للتقاعد هو الأفضل عالمياً كما ورد على
لسان أحد المسؤولين؟ وحال المتقاعدين ومن أجبروا على التقاعد كحال من يركض وراء
سراب يحسبه الظمآن ماء، وها هو السراب قد طوق المتقاعدين وهم يبحثون عمن يستشعر
معاناتهم وحقوقهم.