قطر -
الراية -
الأحد 28 أبريل 2013م – الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ
التسيب الوظيفي يكشف ضعف الرقابة
رصدت الراية عددا من
مكاتب الجهات الخدمية الخاوية من الموظفين خلال ساعات الدوام.
وحذر عدد من الخبراء والمختصين من انتشار ظاهرة التسيب الوظيفي في مختلف الجهات
والمؤسسات الحكومية، لافتين الى ان عدم وجود الموظفين في مكاتبهم وانصرافهم من
الدوام قبل الموعد المحدد لنهاية الدوام أو انشغال بعضهم بمراجعة اسهمه بالبورصة
والتواصل مع الاصدقاء عبر الفيس بوك وتويتر .. يعرقل مراجعات الجمهور.
وأكدوا لـالراية ان سبب الظاهرة يرجع الى ضعف رقابة المدراء وعدم تطبيق لوائح
الجزاءات الادارية على المخالفين، فضلا عن عدم كفاءة بعض الموظفين وعدم حصولهم على
الحوافز والمكافآت وشعورهم بعدم عدالة التقييم الوظيفي مقابل استئثار المدراء دون
غيرهم بالمزايا الوظيفية من الترقيات والمكافاءات الخاصة.
وأشاروا الى خطورة منح بعض الموظفين مسؤوليات وصلاحيات تفوق قدراتهم الوظيفية، فضلا
عن قصر بعض المهام الادارية على بعض الموظفين الذين يتسببون في ارباك حركة العمل في
حالة تغيبهم او انصرافهم مبكرا من العمل لاسباب غير مبررة، إضافة الى سوء توزيع
الأعمال والمهام الوظيفية بتحميل بعض الموظفين اعباء وظيفية تفوق قدراتهم مقابل منح
اختصاصات محدودة لغيرهم من الموظفين لاسباب شخصية وتتعلق بالمجاملات.
وأشاروا إلى ان المحسوبية والمحاباة في العمل جعلت من بعض الموظفين لا يلتزمون
بمواعيد عملهم حيث يسعى بعض المدراء لتعيين أقاربهم وأصدقائهم وعدم محاسبة
المخالفين منهم مؤكدين على ارتباطات بعض الموظفين بأعمال ووظائف اخرى غير عملهم
الرسمي ساهم بشل كبير في عدم مواظبة الموظف على مواعيد دخول وخروج من العمل. لافيتن
الى غياب ثقافة تقديس العمل في المؤسسات وانعكاساتها على اداء الموظف.
وقالوا ان عدم شعور الموظف بالراحة النفسية والامان في العمل وعدم شعوره بالانجاز
داخل المؤسسة يجعل من الموظف ينظر لمحيط العمل على اساس انه سجن وليس شريكا في
تنميتها، لافتين الى سمات الادارة الناجحة في جعل الموظف متفانيا في عمله وملتزما
بالدوام وواجبه.
وأكدوا ان التسيب الوظيفي يدفع المواطن الى اتباع وسائل غير مشروعة لتصريف معاملاته
باللجوء للواسطة عبر المعارف والأصدقاء، وهو ما يسيء على المدى البعيد لصورة
الادارات .
وحذروا من انتقال الظاهرة إلى بقية القطاعات مثل الصحة والجامعات والمدارس مبينين
في نفس الوقت آثار الظاهرة على المجتمع ومؤسسات الدولة من خلال إهدار وقت المؤسسة
والعميل بالإضافة الى التكاليف المادية في حالة الغياب او هروب الموظف من عمله.
ودعوا لتشديد الرقابة على اداء الموظفين لتحقيق الانضباط وتسهيل مراجعات الجمهور،
وردع االمخالفين، فضلا عن وضع آليات لتحقيق العدالة والاستقرار الوظيفي عبر نظام
عادل للترقي والحصول على العلاوات والترقيات.
ونصحوا المدراء بتعزيز روح الانتماء لدى الموظفين بتبني مشروع معين يتم اشراك
الجميع فيه بدلا من العمل الفردي الذي يفضي الى عزلة كل موظف عن الآخر. :
الانصراف قبل نهاية الدوام.. حرام
يقول الشيخ د. محمد حسن المريخي: هناك موظفون يعيشون في حماية ورعاية المديرين
لأسباب تتعلق بالمحسوبية، وباعتقادي إن التسيّب الوظيفي ناتج عن سلوكيات الموظف، إذ
أنه لا بدّ على الموظف أن ينظر إلى أهمية الكسب من الحلال بحيث لا يشوب الراتب الذي
يتقاضاه أي مقدار من الحرام، وما أجمل أن يرضى الموظف بما قسمه الله له، قال صلى
الله عليه وسلم: "من رضي بما رزقه الله قرّت عينه"، لافتًا إلى أنه على الموظف أن
يستشعر المسؤولية تجاه ربه ووطنه بدافع الأمانة ويتذكر الحديث الشريف: "لا إيمان
لمن لا أمانة له"، وأن يتحلّى بالوفاء وعدم استغلال الآخرين وأن يكون نزيهًا ويتذكر
قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن الله يحبّ إذ عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"،
منوهًا إلى أهمية استشعار المسؤولية الموكلة لكل موظف وأن يتقي الله ويخاف من عقابه
ويحذر من تعطيل مصالح الناس ويتذكّر تعاليم الدين الإسلامي.
ويقول: يلزم الموظف الحضور والبقاء مدّة العمل المتفق عليه، سواء كان لديه عمل أو
لا؛ لأن الوظيفة أو عقد الإجارة متضمن لهذا، فالموظف أجير خاص، والأجير الخاص هو من
قُدّر نفعه بالزمن فيلزمه تفريغ هذا الزمن للعمل فقط، ولأنه لو ترك الأمر لتقدير
الموظف وقيل له إنه يحضر عند وجود العمل، لفشلت المؤسسات وتعطلت الأعمال لعدم إمكان
ضبط الأمر. هذا هو الأصل في الوظائف، فهي من باب الإجارة الخاصة المقدّرة بالزمن،
وينبغي أن يعلم المسؤول أن من جملة أعماله المكلف بها: الإشراف على الموظفين
ومتابعتهم وتقييم عملهم وتوجيههم وإشعارهم برقابته ومحاسبته.
ويضيف: لا يجوز للموظفين إذا رأوا خروج رئيسهم، أن يتساهلوا في الخروج، أو التساهل
في أداء العمل. وقال ابن كثير في تفسيره (1/673): "يخبر تعالى أنه يأمر بأداء
الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". رواه الإمام أحمد وأهل السنن،
وهذا يعمّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، من حقوق الله عز وجل على عباده، من
الصلوات والزكوات، والكفارات والنذور والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع
عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به
بعضهم على بعض من غير اطلاعِ بيّنةٍ على ذلك. فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم
يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة.
الجزاءات الإدارية رادعة للتسيّب الوظيفي
يؤكّد المحامي عبدالرحمن الجفيري أن قانون الموارد البشرية يوضّح العلاقة بين
الموظف وجهة العمل من خلال التزام الموظف بالدوام الرسمي المشار إليه في قانون
العمل 8 ساعات نظرًا لما يأخذه من أجر وفق شروط العقد المتفق عليها بين الطرفين،
كما أن اللوائح والقوانين تتضمّن جزاءات إدارية رادعة ضدّ المخالفات الإدارية.
وأوضح أن تجليّات التسيّب الوظيفي تظهر في عدّة صور منها الغياب والتأخّر عن العمل
الرسمي والانصراف مبكرًا أو حضور الموظف لغرض التوقيع في سجل الحضور والانصراف ثم
الخروج وعدم العودة إلا في اليوم التالي أو الانشغال بمتابعة أسهم البورصة وتعليقات
الفيس بوك وتويتر، وقد يخرج من مكتبه إلى مكتب آخر في نفس الدائرة لشأن لا يتطلبه
العمل الوظيفي، ومن ثم لا يتم إنجاز العمل المطلوب ويترتّب على ذلك سوء العلاقة بين
المواطن والدائرة الحكومية، حيث يشعر المواطن بأن أحدًا لا يهتمّ بتقديم الخدمة
المناسبة له ومن ثم يدبّ الخلاف بينه وبين الموظف بل ويبحث بكل الوسائل المشروعة
وغير المشروعة عن الطريقة التي تؤدّي إلى حصوله على الخدمة المطلوبة باللجوء إلى
المعارف والأصدقاء عن طريق الواسطة.
وقال: أعتقد أن عدم مراعاة التخصص في التعيين بمراعاة القدرة والكفاءة والالتزام،
وعدم وجود خطط سنويّة لإصلاح الإدارة داخل كل وحدة إدارية يجعل من التسيّب حلقة
مفرغة دائرية لا نهاية لها، لافتًا إلى الأسباب الثانوية الأخرى التي تزيد من حدة
الظاهرة من خلال قصور التنسيق في العمل الإداري وعدم تبسيط الإجراءات الإدارية
وإساءة استعمال السلطة ضدّ الموظفين بالإضافة إلى كثرة المنازعات بين الموظفين
والوحدات الإدارية.
وتتضمّن المادة 130 من قانون الموارد البشرية لسنة 2009 في الفصل العاشر الواجبات
الوظيفية والأعمال المحظورة، حيث تنصّ على ضرورة التزام الموظف بأحكام القوانين
واللوائح والقرارات والنظم المعمول بها والعمل على تطبيقها والقيام بالعمل المنوط
به بنفسه بدقة وأمانة، وإنجازه في المواعيد المناسبة طبقًا لمعدّلات الأداء
المقرّرة بالإضافة إلى الالتزام بمواعيد العمل الرسمية وتخصيص أوقات العمل لأداء
واجبات وظيفته والمحافظة على كرامة الوظيفة وحسن سمعتها والظهور بالمظهر اللائق
بالوظيفة بما فيها التعاون مع رؤسائه وزملائه في العمل والقيام بأي أعباء وظيفية
يُكلّف بها، ولو في غير مواعيد العمل الرسمية، متى اقتضت مصلحة العمل ذلك فضلاً عن
المحافظة على أموال الهيئة الثابتة والمنقولة، وحسن استخدام الأدوات اللازمة لأداء
الوظيفة واستعمال وسائل الوقاية المخصصة للعمل والالتزام بإرشادات السلامة للمحافظة
على حياته وصحته وحياة وصحة الغير وممتلكاتهم.
ونصّت المادة 137 على الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الموظف فهي بالنسبة
لشاغلي وظائف الدرجات من الرابعة فما دونها أو ما يعادلها من الراتب الإنذار أو
الخصم من الراتب لمدة لا تجاوز خمسة وأربعين يومًا في السنة بحيث لا تزيد مدته في
المرة الواحدة على خمسة عشر يومًا أو الحرمان من العلاوة الدورية أو تأجيلها لمدة
لا تزيد على ستة أشهر. أما الوقف عن العمل مع خصم نصف الراتب لمدة لا تزيد على
ثلاثة أشهر والحرمان من الترقية لمدّة لا تزيد على سنة أو خفض الدرجة إلى الدرجة
الأدنى مباشرة، ومن ثم الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المكافأة أو المعاش، أما
بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجات من وكيل وزارة مساعد إلى الثالثة أو ما يعادلها من
الراتب التنبيه أو اللوم والخصم من الراتب لمدّة لا تجاوز خمسة وأربعين يومًا في
السنة، بحيث لا تزيد مدته في المرة الواحدة على خمسة عشر يومًا ومن ثم الوقف عن
العمل مع خصم نصف الراتب لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وإلا خفض الدرجة إلى الدرجة
الأدنى مباشرة والعزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المكافأة أو المعاش ولا يجوز توقيع
أكثر من جزاء عن المخالفة الواحدة.
نواجه المخالفين بحزم
يقول خالد عبد الله الكواري مدير إدارة الموارد البشرية في وزارة الثقافة والفنون
والتراث: مشكلة خروج الموظفين قبل انتهاء الدوام من المشاكل الهامة التي نحاول
السيطرة عليها بكافة الإمكانيات المتوفرة لدينا، رغم أنها غير متفشية بتلك الدرجة
التي تصبح فيها ظاهرة .
وأشار إلى ضرورة توفير بيان التوقيع بالحضور والانصراف وبذلك نعرف من يبقى إلى
نهاية الدوام ومن ينصرف قبل نهاية الوقت الرسمي للدوام ، لافتاً إلى ضرورة الاعتذار
وإبلاغ الجهات المختصة في المؤسسة قبل الخروج من الدوام سواء لأسباب عائلية أو
مرضية تستوجب الانصراف من العمل .
وقال : التنبيه كأول الإجراءات المتبعة في حالة خروج الموظف دون اعتذار ثم الاعتذار
الشفوي وبعد ذلك لفت نظر قوي وإذا لم نجد نتيجة فإن الإنذار الخطي يكون آخر مرحلة
قبل الفصل من العمل.
وأشار إلى أن الموظف غير المدرب والمؤهل لا يستطيع أن يقوم بواجباته الوظيفية كما
ينبغي وبالتالي يصبح عاملاً من عوامل التسيب الوظيفي لافتاً إلى نتائج غياب التدريب
والتطوير على هروب الموظف من العمل .
وأضاف: نسعى لتطوير أداء الموظف عن طريق إلحاقه بدورات تدريبية محلية متمثلة في
معهد التنمية الإدارية ودورات خارجية لنقل وتبادل واكتساب الخبرات و كذلك تنظم
باستمرار ورش ودورات تدريبية داخلية بالتعاون مع خبراء جهات ومؤسسات ذات الاختصاص
للتطوير وتزويد الموظفين بمفاهيم القوانين والحقوق والواجبات الخاصة بهم في أمور
العمل.
ظاهرة تهدر ملايين الريالات
يؤكد أحمد إبراهيم الجفري (موظف حكومي) أن التسيب الوظيفي مشكلة خطيرة يترتب عليها
الكثير من الأضرار سواء على المكتب أو القطاع الحكومي من خلال إهدار وقت المؤسسة
والجمهور بالإضافة إلى التكاليف المادية التي تقدر بملايين الريالات سنوياً ونتيجة
لعدم انضباط سير العمل بتلك الجهات .
ويقول: أهم أسباب انتشار الظاهرة هي قلة الحوافز والمكافآت التي غالباً ما يستأثر
بها المديرون دون غيرهم بالإضافة إلى غياب الترقيات وعدم تمكين الموظف من عمله
وإعطائه الصلاحيات الكاملة بما يتناسب مع طبيعة العمل ، بإضافة إلى أن حسن الإدارة
وسوءها عوامل نجاح العمل داخل المؤسسة أو القطاع أو فشلها ، لافتاً إلى الإدارة
الناجحة في جعل الموظف متفانياً في عمله وملتزماً بالدوام ويؤدي واجبه على أكمل وجه
بدلاً من التهرب من عمل و التهاون في أداء واجب المكلف به.
المحسوبية تفسد الموظفين
يقول محمد الحرمي: المحسوبية والمُحاباة في العمل جعلت من بعض الموظفين لا يلتزمون
بمواعيد العمل، حيث يسعى بعض المديرين لتعيين الأقارب والأصدقاء في المؤسسة التي
يعملون بها، بالإضافة إلى ارتباطات بعض الموظفين بأعمال ووظائف أخرى؛ ما يؤدّي إلى
إهمال الدوام الرسمي في المؤسسة.
ويضيف: نظام البصمة أثبت نجاحه الكبير في العديد من المؤسسات والشركات الكبرى، لذلك
لا بدّ من تطبيقه في كافة الإدارات الحكومية من أجل الارتقاء بالأداء، خاصة في
القطاعات الهامّة مثل المراكز الصحية والمستشفيات، والمدارس والبلديات، كون هذه
الجهات لها علاقة كبيرة بخدمة الجمهور وأصبح التسرّب فيها واضحًا وملموسًا في ظل
ضعف الرقابة الداخلية من بعض الجهات وعدم قدرة هيئة الرقابة على تغطية كافة
الإدارات الحكومية بجولاتها المختلفة، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسهم في
حل مشكلة تسرّب الموظفين والموظفات في مختلف القطاعات الحكومية.
وأشار إلى أن الانضباط في الدوام لن يحدّ منه جهاز إذا لم يكن الضمير والقناعة
الشخصية هما المحرّك لدى الشخص، وأن العمل أمانة يجب تأديته بالشكل المطلوب؛ لأن من
أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل، وأن الوقت من بداية الدوام حتى الانصراف هو حق
للمواطن المقدّمة له الخدمة حسب كل قطاع، فإذا ما وصلنا إلى ذلك فسوف يكون كل شخص
رقيبًا على نفسه قبل رقابة الآخرين عليه أو محاولة توظيف التقنية للحدّ من الغياب
والتأخّر.
ضعف المديرين سبب المشكلة
علي الغفران يؤكّد أن التسيّب الوظيفي من الظواهر السلبيّة التي انتشرت في الآونة
الأخيرة في جميع القطاعات، ولعلّ من أسباب هذا التسيّب سوء توزيع الأعمال والمهام
الوظيفية، وقد يكون لدى الموظف مشاكل اجتماعية وعائلية تؤدّي في نهاية المطاف إلى
التسيّب الوظيفي، مشيرًا إلى أن الدولة تبذل قصارى جهدها لمعالجة هذا التسيّب
الوظيفي، لافتًا إلى غياب حملات التفتيش على موظفي القطاعات الحكومية وردع
المُخالفين.
ويضيف: الواقع أن المسألة برمتها تقع تحت مسؤولية المدير فبحسب قوة المدير وحسن
تعامله وحزمه في بعض الأحيان يجعل هذه الظاهرة تنتهي، ولكن أيضًا يجب أن يراعي
المدير أن بعض الموظفين صادقون ولديهم أعذارهم ولكن أيضًا هناك موظفون ليست لديهم
أعذار تسمح لهم بالخروج من العمل.
الصيف موسم عدم الانضباط
يطالب محمد راشد المري بضرورة تطبيق نظام البصمة على كافة الموظفين في الجهات
الحكومية للحدّ من تسيّب وعدم انضباط بعض الموظفين خاصة في الإدارات الخدميّة بسبب
ضعف الرقابة من المسؤولين والجهات الرقابية.
ويشير إلى أنه يتفاجأ في كثير من المرّات عند مراجعة بعض الدوائر الحكومية بعدم
وجود بعض الموظفين؛ ما يعطل معه معاملاتهم ويتكرّر هذا مرات كثيرة، خصوصًا مع بداية
الإجازة الصيفية وإجازة الأعياد، حيث يتسرّب الموظفون في القطاعات الحكومية
الخدميّة ويختلقون الأعذار بعدم وجود مراجعين، فيتم توزيع العمل فيما بينهم من باب
أن هذه الأيام تسمى بالأيام الميّتة أو لا داعي لوجودهم في ظل غياب الطلاب ويكون
ذلك بالتغاضي.
ويؤكّد أن التسيّب قد يعود للإدارة وقد يعود للموظف فيكون الموظف مخلاً بالأمانة
التي أوكلت إليه، ويرجع هذا الخلل إلى فقدان الموظف الوازع الديني والأخلاقي،
منوهًا إلى ضرورة القضاء على هذه المشكلة ومعالجة أسبابها وتوعية الموظف بأهمية
العمل وإعطائه حقه واستخدام مبدأ الثواب والعقاب في العمل؛ بما يسهم في رفع مستوى
الانضباط الوظيفي وتسريع معاملات المواطنين.
ويرى أن غياب ثقافة تقديس العمل في المؤسسات لدى الموظفين أهم سبب لانتشار الظاهرة؛
لأن الموظف الذي يحبّ عمله لا يسمح له ضميره بالانصراف من العمل قبل الدوام أو
القدوم متأخرًا مهما كانت الأسباب، لافتًا إلى احترام الموظف الغربي لقدسية العمل
دون الحاجة إلى كاميرات مراقبة أو نظام إلكتروني.
غياب الأمان الوظيفي ينعكس على الأداء
يقول الباحث الاجتماعي هاني الشامي: عدم شعور الموظف بالأمان والراحة النفسية في
محيط العمل يدفعه إلى الانصراف من العمل أو القدوم متأخرًا بدون عذر أو مبرّر لذلك،
فالتسيّب الوظيفي نتيجة برمجية نفسية في ذهن الموظف، بالإضافة إلى عدم شعوره
بالإنجاز داخل المؤسسة التى يعمل بها حيث تولد لديه عدم الاهتمام واللامبالاة في
الارتقاء بالعمل.
ويضيف: إن الراحة النفسية تساعد الموظف على أداء عمله وتجبره على إعطاء أكبر جهد
والقيام بكافة مهامه الوظيفية على أكمل وجه ويؤدّي عمله بإتقان وتركيز شديد، بل
ينفّذ كل ما يطلب منه برضا تام، فهناك من يتأثر سلبًا في أداء عمله حينما يعاني
نفسيًا من مشاكل أو خلافات مع أسرته أو مع رؤسائه أو زملائه في العمل، وبالتالي
يظهر تقصيره في تنفيذ واجباته المكلّف بها من مديره أو المسؤول المباشر عنه، وهذا
التقصير قد ينتج عنه تأجيل أو تأخير أو إهماله لعمله.
ونصح المديرين بكسب قلوب موظفيهم أولاً، وأن تكون إدارتهم للعمل فيما يسمى بإدارة
بالأهداف مع مراعاة العلاقات الإنسانية أو تبني مشروع معيّن في المؤسسة يتم إشراك
جميع الموظفين بدلاً من العمل الفردي الذي يفضي إلى عزلة كل موظف.
ضعف الرقابة أهم الأسباب
حسن عبد الله المراغي (موظف حكومي) يقول: إن الحديث عن ظاهرة تسيب الموظف الحكومي
وعدم التزامه بمواعيد الحضور والانصراف من الدوام الرسمي مشكلة تعاني منها العديد
من جهات العمل.
وأوضح أن السبب الرئيسي وراء تلك الظاهرة هو تقصير وعدم كفاءة وجدارة بعض المديرين
في الرقابة على الموظفين التابعين له بحكم التدرج الوظيفي ، فإذا كان المسؤول الأول
هو آخر موظف يحضر للدوام وأول موظف ينصرف منه،أو منح نفسه صلاحية عدم التوقيع على
كشف الحضور والانصراف بدون حساب ورقيب من قبل رؤسائه، فهل نتوقع أن نجد موظفاً يحرص
على الالتزام بوقت الدوام وتطبيق النظام .
يقول د. عبد الناصر صالح اليافعي الباحث الاجتماعي: تختلف أسباب التسيب الوظيفي
باختلاف الأشخاص فهناك أسباب اجتماعية وأسباب إدارية وأسباب اقتصادية ومن خلال
معرفة الأسباب يمكن الوصول إلى حلول لهذه الظاهرة ونحمل بعضاً من الأسباب والتي
منها غياب الاستقرار والعدالة الوظيفية وعدم احترام الموظف لوظيفته وغياب مبدأ
الثواب والعقاب وعدم الإحساس بالأمان والاستقرار الوظيفي .
وأشار إلى تأثير الظاهر على المجتمع من من خلال المراجعين المواطنين نتيجة عدم
إنجاز معاملاتهم بالسرعة والجودة المطلوبة وبالتالي تأخر الأعمال عن مواعيدها
المطلوبة وعدم الإنتاج مؤكداً على أهمية التنشئة الاجتماعية في المجتمع لاجتثاث
جذور التسيب الوظيفي قبل أن ينخر مؤسسات الدولة .
هل يعيد نظام البصمة الانضباط؟
أوضح أحد مديري الإدارات في إحدى الوزارات فضّل عدم ذكر اسمه أن غالبية المشاكل
التي تحدث في غالبية الإدارات الحكومية سببها عدم رغبة الكثير من الموظفين في
الالتزام بأوقات الدوام الرسمي مفضلين مصالحهم الشخصية على مصلحة العمل، حيث يصرّون
على توقيع الانصراف في اليوم الثاني كونهم ينصرفون من أعمالهم مبكرًا؛ ما يُعطل
مصالح المواطنين في مختلف الجهات الحكومية.
ويقول: المشكلة الكبرى أن التسرّب الوظيفي انتشر في القطاعات الصحية والتعليمية
والجامعات بشكل كبير، لذلك لا بدّ من إلزام الإدارات الحكومية كافة بتطبيق نظام
البصمة من أجل الحدّ أو التقليل من التسرّب؛ لأن أي شخص ينصرف مبكرًا لا بدّ أن
يعود إلى التوقيع بالبصمة وهذا من الأمور الصعبة على الكثير، وبالتالي سيضطر الكثير
منهم إلى البقاء في أعمالهم حتى نهاية الدوام من أجل التوقيع بالنظام الجديد وهو
البصمة.
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (14) لسنة
2004 بإصدار قانون العمل
قانون رقم (8) لسنة 2009 بإصدار
قانون إدارة الموارد البشرية