جريدة الشرق
- الإثنين 19 أكتوبر 2015
أعطت
صلاحيات لإدارة قضايا الدولة ولم تناقش مع المحامين
السبيعي: تعديلات مشروع قانون المرافعات أغفلت مبدأ المساواة بين المتقاضين
الدوحة - بوابة
الشرق
قال المحامي أحمد السبيعي: لقد اطلعتُ
على اقتراح مشروع بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات، وظننتُ أخيراً أننا سنجد حلاً
للمشكلة الأبدية، وهي طول مدة التقاضي، أو مشكلة تنفيذ الأحكام التي مازلنا نعاني
منها حتى الآن، لكنني فوجئت بأن كل مادة من اقتراح المشروع المقدم من وزارة العدل،
تعطي صلاحيات لإدارة قضايا الدولة، ضاربةً بعُرض الحائط مبدأ المساواة بين
المتخاصمين أمام القضاء ومبدأ سيادة القانون، الذي يجب أن يطبق على الجميع الأفراد
والجهات الإدارية. ومن باب أولى الإدارة التي تمثلها إدارة قضايا الدولة أمام
المحاكم، وهذا من خصائص الدولة القانونية، لأن الحق والعدل ـ بكل بساطة ـ لا
يستطيعان التمييز أو التفرقة بين الفرد والجهة الإدارية (الوزارات، والمؤسسات
العامة، والهيئات العامة، والأجهزة الحكومية الأخرى)، لأن الجهة الإدارية هي عبارة
عن موظفين.. ومن الممكن أن تصدر أخطاء عنهم بدون قصد، لأنهم عند اتخاذهم القرارات؛
سواء بصفتهم من أشخاص القانون العام أمام القضاء الإداري، أم بصفتهم من أشخاص
القانون الخاص أمام القضاء المدني.. ففي كلتا الحالين يجب ألا يكون هناك تمايز بين
الفرد والجهة الإدارية عند تطبيق القانون المتعلق بتطبيق الإجراءات القضائية بين
الطرفين، وذلك حتى لا يستشعر الفرد العادي بأن مركزه القانوني أمام القضاء، أقل من
مركز الجهة الإدارية القانوني، وبالتالي كيف سيقتنع المواطن بأن الحكم الصادر برفض
دعواه، بأنه حكم صحيح ومطابق للحقيقة وللواقع، وحتى لو صدر الحكم لمصلحته فلن
يستطيع التنفيذ على الجهة الإدارية، إلا إذا رغبت الجهة الإدارية في ذلك!! وأوضح
مستعرضاً المواد المقترحة للمشروع:
المادة الثانية تفيد بأنه: "يكون حضور إدارة قضايا الدولة بوزارة العدل في الدعاوى
التي ترفع من أو على الدولة وجوبياً".. أي إن موظف إدارة قضايا الدولة يجب أن يكون
حاضراً جميع الجلسات، وإذا لم يحضر لأي سبب إن كان، فما هو المفروض على القاضي
اتخاذه من إجراء؟ سيكون التأجيل.. وإلى متى؟ وإذا لم يتوافر العدد الكافي من موظفي
إدارة قضايا الدولة، فما ذنب المتخاصم الفرد في تأجيل الدعوى عدة جلسات، حتى حضور
الموظف؟ ولماذا لا يُعطى ذات الحق للمتخاصم الفرد؟ وتساءل: هل أصبح موظف إدارة
قضايا الدولة ركناً من أركان تشكيل الهيئة القضائية، مثل حضور عضو النيابة أمام
القضاء الجنائي، التي لا يجوز أن تنعقد الجلسة بدونه، وإلا تصبح جميع الإجراءات
التي اتخذت في غيبته باطلة؟ وبناءً عليه إذا لم ترغب الجهة الإدارية أن يُنفذ ضدها
في الدعوى التنفيذية، فلن تَحضُر، ولن يُنفذ أي حكم يصدر ضدها، لأن بموجب هذه
المادة، لن يستطيع قاضي التنفيذ اتخاذ أي إجراء تنفيذي ضدها، لعدم حضور موظف من
إدارة قضايا الدولة في جلسة التنفيذ. وأضاف: ما الفائدة من رفع الدعوى على الجهة
الإدارية، وبالتالي ما الفائدة التي ستعود على الخصم الفرد من صدور حكم لصالحه، وهو
لا يستطيع تنفيذه نتيجة عدم حضور الموظف، أي لن يستطيع الحصول على حقه لسبب لا
إرادة له فيه، وليس بخطأٍ منه، إنما بسبب أن المنفذ ضده هو الجهة الإدارية فقط.
وهذا أكبر دليل على عدم المساواة بين المتخاصمين أمام القضاء.
المادة الثالثة: "يبدأ سريان ميعاد الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم بمختلف
درجاتها، والقرارات الصادرة من اللجان والجهات ذات الاختصاص القضائي، من تاريخ
تسليم الحكم أو القرار إلى إدارة قضايا الدولة بوزارة العدل، وفقاً للفقرة الأولى
من المادة (10) من هذا القانون".. وقال: هذه المادة جعلت ميعاد الطعن للجهة
الإدارية يبدأ سريانه من تاريخ تسلمها الحكم أو القرار، ولا يجوز أن تبقى مدة الطعن
مفتوحة وممتدة بناءً على رغبة أحد الخصوم!! مدة الطعن نظمها قانون المرافعات حتى لا
يطيل أمد التقاضي، ولتستقر المراكز القانونية بين الطرفين، وذلك حتى لا ييأس
المتخاصم في الحصول على حقه.
لذا لا يجوز للمتخاصم أن يفرض إجراءً لكي يطبق على خصمه فقط، ولا يطبقه على نفسه
إلا إذا شاء، ومن تاريخ تسلمه للقرار أو الحكم، وإلى متى سيظل المتخاصم الفرد
العادي ينتظر الطعن من الجهة الإدارية؟ ناهيك عن إجراءات تسليم الحكم، وهل هذا
التزام على المحكمة بتسليم الحكم أم هو التزام على إدارة قضايا الدولة بتسلُّم
الحكم؟ أم يجب أن يسعى المتخاصم الفرد إلى التأكد من واقعة التسليم بين الجهتين؟
وأشار إلى المادة الرابعة (الفقرة الثالثة) التي تفيد بأنه: "ويكون ميعاد الاستئناف
ستين يوماً بالنسبة لإدارة قضايا الدولة بوزارة العدل". وكما هو واضح فإن إدارة
قضايا الدولة أخذت ضعف المدة التي يستحقها الخصم، وتريد أن تطبقها لمصلحتها فقط،
دون اعتبار لمصلحة الخصم الذي سيتضرر من هذه المدة، وخاصةً أن الحكم الابتدائي صدر
لصالحه، وطبعاً هذه المدة لن تبدأ إلا بعد تسلم الإدارة للحكم أو القرار، وهذا في
علم الغيب، والفرد المتخاصم لا يعلم متى ستنعقد أول جلسة للطعن، ناهيك عن: متى
سيصدر الحكم البات من محكمة التمييز، إذا طعنت الإدارة بالتمييز، ومتى سيتم تنفيذ
الحكم على الجهة الإدارية.
وفي المادة الخامسة: "يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم بمختلف درجاتها،
والقرارات الصادرة من اللجان، أو الجهات ذات الاختصاص القضائي؛ في حالة الطعن عليها
من قبل إدارة قضايا الدولة بوزارة العدل"..
وأوضح أنّ هذه المادة تشير إلى تدخل الإدارة في عمل قاضي التنفيذ، الذي له الصلاحية
الكاملة والسلطة التقديرية بوقف التنفيذ من عدمه، فيما تنص المادة (395/2) من
القانون الحالي على: "ولقاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً مع إيداع
المعروض، أو مبلغ أكبر منه يُعيّنهُ، خزانة المحكمة"، ومن محتوى المادة المنصوص
عليها في اقتراح المشروع، يتبين أن لو حصل المتخاصم الفرد على حكم لمصلحته، لا
يستطيع أن يبدأ في التنفيذ، مادام هناك طعن مقدم من جهة الإدارة، على الأقل إذا
تظلمت الإدارة وصدر لها حكم بإيقاف التنفيذ من محكمة الاستئناف المختصة، حتى يشعر
المتخاصم الفرد بأن قرار إيقاف التنفيذ قد صدر من جهة قضائية محايدة؛ خصمه هو جهة
إدارية. وقال في الختام: يجب على من يتصدى لوضع نص تشريعي أن يعي تماماً أن ميزان
العدالة له كفتان، ويجب أن تكون الكفتان متساويتين ومتعادلتين؛ لا تعطى إحداهما
صلاحية إلا إذا مُنحت ذات الصلاحية للكفة الأخرى.
وكذلك الالتزامات التي تلزم الكفتين في آن واحد، لكن هذا الاقتراح المقدم في صورة
مشروع، نظر إلى مصلحة كفة الإدارة، ولم ينظر نهائياً لمصلحة كفة المتخاصم الفرد
العادي أو المواطن، وكل الصلاحيات التي نص عليها المشرع هي لمصلحة الجهة التي يشرع
من أجلها فقط.. وقال: أوجه سؤالي للجهات المختصة: لماذا لم تعطَ أي ميزة للكفة
الأخرى من ميزان العدالة، التي جميعنا نصبو إليها، ألا توجد مواد أخرى في قانون
المرافعات، تحتاج إلى تعديل بخلاف المواد المتعلقة بإدارة قضايا الدولة؟
كان الأولى دراسة تعديلات قانون المرافعات مع الزملاء المحامين، قبل تقديمها إلى
مجلس الوزراء الموقر، لأن المحامين هم الممارسون ـ عملياً ـ لهذه التشريعات،
بالتالي لو عُرِض على جمعية المحامين أولاً، لكان أفضل للمصلحة العامة وللعدالة.
القانون وفقا لاخر تعديل- قانون رقم (13) لسنة 1990م بإصدار
قانون المرافعات المدنية والتجارية
القانون وفقًا لأخر تعديل - قانون رقم (10) لسنة 2003 بإصدار قانون السلطة القضائية
شبهة عدم الدستورية في قانون المرافعات