جريدة الوطن الأحد 08
نوفمبر 2015
تنفيذ
أبحاث عملية لمعالجة المشاكل البيئية
أكد الدكتور محمد
سفران، الأستاذ المساعد بقسم العلوم البيئية والبيولوجية بجامعة قطر لـ «العرب»، أن
الاهتمام بالبيئة من قِبل الدولة يظهر جليا من خلال إنشاء وزارة خاصة بالبيئة،
وأشار إلى أن تحقيق التنمية المستدامة للدولة يتم من خلال التكاتف والتكامل في ظل
وجود قوانين صارمة ووجود المحميات الطبيعية، ما يسهل على الباحثين دراسة الأوضاع
البيئية وحل مشكلاتها وإيجاد الطرق المثلى للحفاظ عليها لتحقيق التنمية المستدامة
للدولة. وأضاف أن القسم يعمل حاليا على أبحاث علمية من شأنها معالجة بعض المشاكل في
البيئة القطرية، فمن ضمن المصادر المتاحة، كيفية إيجاد البدائل الغذائية وتطوير
الزراعة، وذكر أننا قمنا بدعوة أحد الباحثين المتخصصين في المحاصيل المقاومة للجفاف
من مركز دراسات الأراضي الجافة، جامعة توتوري، اليابان ويعمل في مجال إنتاج
المحاصيل المقاومة للجفاف وقليلة الاستهلاك للماء ولها مردود عالٍ.
¶ بداية، حدثنا عن نفسك، ومجال تخصصك؟
- أعمل في جامعة قطر كأستاذ مساعد في قسم العلوم البيئية والبيولوجية، وقد تخرجت من
قسم النبات والعلوم الزراعية من الجامعة، وتعينت كمعيد ومن ثَمَّ بدأت مرحلة
الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه في تخصص العلوم البيئية. ونظرا لتوجه
الدولة والاهتمام الشخصي فقد تحولت من دراسة النبات والعلوم الزراعية إلى التخصص
أكثر في الجانب البيئي. وقد ارتأيت لاختيار هذا التخصص، نظرا لوجود نقص في الكوادر
القطرية من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال. ولو تأملنا في حال الدول المتطورة،
فإن هذا المجال يعنى باهتمام كبير، وبما أن دولة قطر تطمح للتطور من جميع النواحي
الاقتصادية والبيئية والعلمية، فلا بد أن يكون هذا المجال محل اهتمام الدولة، ليكون
هناك تطور ملموس من الناحية البيئية، وهذا ما دعاني إلى اختيار هذا التخصص بشكل
شخصي.
¶ تهتم جامعة قطر بالعلوم البيئية، من خلال برامج متنوعة، سواء على مستوى
البكالوريوس أو الدراسات العليا، حدثنا عن هذا الجانب؟
- هناك تطور ملموس في مستوى الجامعة، سواء من الناحية العلمية أو البنية التحتية
للجامعة بشكل عام. أما بالنسبة للقسم، فقد تغير من كونه قسم العلوم الزراعية إلى
العلوم البيئية والبيولوجية إلى أن انتهى الأمر اليوم بوجود مسارات علمية على مستوى
الدراسات العليا. وهناك 18 طالبا في مرحلة الماجستير و13 من الطلبة في مرحلة
الدكتوراه ويتوقع المزيد خلال السنوات القليلة القادمة. وبالنسبة للشراكات التي
تربط القسم بالجهات الخارجية، فإن هناك أيضاً تطورا ملحوظا للقسم، يعكس اهتمام
الجامعة بهذا الجانب، فقد وقع القسم اتفاقية تعاون مع مزرعة سليطين لتدريب الطلبة
والتعاون في تسيير وتشجيع البحث العلمي والتنمية ووضع مقترحات لمشاريع مشتركة لطلب
المنح البحثية لتمويل البحث العلمي والتطوير التعاوني والأنشطة التدريبية لطلبة
الماجستير والدكتوراه. كما أن الجامعة وقعت اتفاقية مع جامعة كوريا الجنوبية التي
تعتبر رائدة في هذا المجال، وذلك لإصدار درجات علمية مشتركة بين الجامعتين، وتدريس
طلبة الدكتوراه والماجستير وإجراء الأبحاث العلمية الخاصة للدراسات التخصصية. وهذا
يعتبر بادرة نوعية تحسب لصالح القسم في مثل هذه الاتفاقيات لتبادل الطلبة للدراسة
وتبادل الخبرات. كما أن هناك اتفاقيات قادمة وخططا مستقبلية للقسم خاصة أننا ما
زلنا في بداية العام الأكاديمي. وقد توجهت الجامعة بشكل كبير لإرساء ثقافة البحث
العلمي في المجتمع، خاصة أن العالم اليوم يتوجه لتخصيص جزء من الدخل القومي في مجال
البحث العلمي لحل المشكلات التي تطرأ على المجتمع والأجيال المستقبلية، ويسهم كل
متخصص في مجاله، ونحن اليوم في قسم العلوم البيئية والبيولوجية، نرى تطورا واعدا
ومستقبلا زاهر للبحث العلمي.
¶ كيف ترى واقع الاهتمام بالبيئة القطرية في الدولة بشكل عام، خاصة في ظل رؤية قطر
2030 والتي تهتم بالتنمية المستدامة؟
- قد ذكرنا أن الاهتمام بالبيئة من صميم الرؤية الوطنية للدولة، ولا شك أن الاهتمام
بالبيئة من قِبل الدولة يظهر جليا من خلال إنشاء وزارة خاصة بالبيئة، والذي يدل أن
للدولة رؤى وخططا لحماية البيئة، بالإضافة للجهود الوطنية الحثيثة في إنشاء
المحميات في مناطق مختلفة وحمايتها من تأثير الإنسان عليها، وتوجيه الوزارات
والشركات، والتشجيع على الأبحاث العلمية، إضافة إلى سَنّ قوانين لحماية البيئة،
ويمكن تحقيق التنمية المستدامة للدولة من خلال التكاتف والتكامل في ظل وجود قوانين
صارمة ووجود المحميات الطبيعية، ما يسهل على الباحثين للدراسة الأوضاع البيئية وحل
مشكلاتها وإيجاد الطرق المثلى للحفاظ عليها لتحقيق التنمية المستدامة للدولة.
¶ ما أبرز القضايا والمشاكل البيئية الملحة في قطر؟
- بالإضافة إلى العوامل الطبيعية من جفاف وقلة الأمطار فإن من أهم العوامل التي
تؤثر على البيئة القطرية في الوقت الراهن هو العامل البشري ويشمل ذلك: التوسع
العمراني خاصة أن التمدد العمراني في الدولة تمدد عرضي وليس طوليا، ويستهلك ذلك
مساحات شاسعة من المساحات الطبيعية. كما أن من ضمن المشاكل التي تواجه البيئة
القطرية، هي زيادة عدد المواشي والرعي الزائد عن الحمولة الرعوية، فمثلا: كانت
المواشي في عام ٢٠٠٥ ما يقارب 284 ألف رأس وارتفع ذلك عام ٢٠١٠ إلى 465 ألف رأس،
ولو تأملنا نوعا واحدا من الحيوانات فقد ازداد عدد الجمال من 14 ألف رأس إلى ما
يزيد على 50 ألفا وهذه الأعداد لها تأثير لأنها تشغل حيزا من البيئة، كما أن إنشاء
بعض المشاريع تسبب جرفا للتربة بسبب استخدام الشاحنات والحمولات الثقيلة، وهذه من
أهم المشاكل في البيئة البرية، أما فيما يخص البيئة البحرية فلن أتطرق إليها؛ حيث
هنالك من هم أكثر تخصصا في هذا المجال، ويمكن حل هذه المشاكل بالتعاون المشترك بين
الباحثين وصناع القرار لوضع حلول ورؤى مشتركة لتفادي المشاكل البيئية وبما يناسب
البيئة القطرية.
¶ جامعة قطر خصصت عددا من المحميات الطبيعية لخدمة البحث العلمي، حدثنا عنها وعن
أهميتها؟
- بعد انضمامي للجامعة، فقد تم تعييني رئيسا للجنة المحميات في جامعة قطر، وتمتلك
الجامعة ثلاث محميات وهي: الحقل البيولوجي١ والحقل البيولوجي٢ والحقل البيولوجي٣،
وتنصب كل هذه المحميات في خدمة البحث العلمي وتهدف لتكوين بيئة قطرية للحفاظ على
نظام البيئة والتنوع البيولوجي سواء نباتا أو حيوانا أو لدراسة الأشكال المختلفة
للأرض من أودية ومرتفعات وروض، وهذه المحميات الثلاث توفر أنواعا من البيئة القطرية
بحيث إن الطلبة في المجالات البيئية المختلفة يمكنهم الاستفادة في دراستهم عن
المايكروبيولوجي أو التربة وأنواعها وغيرها من خلال هذه المحميات، إضافة إلى وجود
معامل تدريبية للطلبة لكيفية التعامل مع هذه البيئات، ويستطيع طلبة البكالوريوس
والدراسات العليا استخدام هذه المحميات في إجراء أبحاثهم ودراساتهم الميدانية. كما
أن هناك مشاريع يقوم بها أعضاء هيئة التدريس وممولة من قِبل الدولة تستفيد من هذه
المحميات. بالإضافة إلى أن القسم يشرف على مزرعة الجامعة التي تعتبر المزرعة
البحثية الوحيدة في الدولة ويتم فيها حاليا أحد أهم المشاريع البحثية في مجال
الوقود الحيوي، ويعمل أعضاء هيئة التدريس والطلبة في هذه المزرعة البحثية لإنجاز
أبحاثهم العلمية، وينظم القسم فعاليات اليوم البيئي في هذه المزرعة.
¶ ما الجهود التي تبذلها الجامعة لنشر التوعية البيئية في المجتمع القطري؟
- يعتبر اليوم البيئي واحدا من أهم الأيام التي يركز عليها القسم؛ وذلك لنشر الوعي
البيئي في المجتمع على مستوى المدارس أو الوزارات والجهات الحكومية، ونقوم بتقديم
الدعوات لهذه الجهات لحضور الفعاليات ومناقشة الجوانب البيئية مع المختصين إن أمكن
لكيفية حل المشاكل التي يواجهها الطلبة، وتشجيعهم على الالتحاق في هذا المجال،
وبيان أهميته وتأثيره في العالم في ظل وجود تغيرات بيئية كبيرة على الصعيد العالمي
مثل التغير المناخي، خاصة أنها تشغل أجندة رؤساء العالم ويتم تنظيم مؤتمرات عالمية
لمناقشة الأوضاع البيئية، ويقوم القسم بتوجيه الدعوات للمدارس لتدريب الطلبة ونشر
الوعي البيئي كنوع من الخدمة المجتمعية التي يقدمها القسم لتحقيق الرؤية الوطنية
٢٠٣٠.
¶ فلنتحدث عن رسالة الدكتوراه، قدم لنا عرضا مبسطا للبحث الذي قمت به؟
- تناولت في رسالة الدكتوراه دراسة شاملة عن نبات السمر والبيئة التي يعيش وتؤثر
فيه، وقد كانت الرسالة بعنوان «المحددات البيئية لتوزيع وبيئة نبات السمر تحت
الحالة الجافة في قطر»، وكانت الرسالة دراسة لحالة تمثل البيئة القطرية، وفي بادئ
الأمر قمت بالاستعانة بقواعد البيانات المتاحة عبر الأقمار الصناعية للباحثين،
ويمكن لهذه الأقمار الصناعية قياس معدلات البناء الضوئي في النبات من خلال توجيه
موجات ترصدها المستشعرات في القمر الصناعي، ومن خلال النتائج الأولية توصلت أن هناك
نقصا بنسبة %٣٠ في كمية البلاستيدات الخضراء بين عامي ١٩٩٨ و2010 وقد قمت بتحديد
ثلاث مناطق رئيسية تنتشر فيها النباتات الطبيعية البرية في دولة قطر، وهو الجزء
النظري من الرسالة، وبعد ذلك قمت بدراسة ميدانية في مناطق الدولة والتي تتضمن
تفاصيل كثيرة؛ حيث قمت بدراسة المناطق المحمية وغير المحمية لمعرفة تأثير الإنسان
عليها بشكل عام، ومن ضمن العوامل الرئيسية التي تساعد على انتشار السمر في قطر: شكل
الأرض كالروضة والأودية وغيرها، وقد قدمت توصية لأخذ هذه الأراضي بعين الاعتبار
أثناء المشاريع والتوسعة لكونها تحتوي على أنسب أنواع التربة للاستزراع حاليا.
كما أشارت النتائج أن العامل الحيواني مهم جدا رغم ذكري أنه عامل مضر، وقد أصدرت
الدولة منذ سنوات قانون منع رعي الإبل، حيث إن الإبل ترعى السمر بشكل خاص كونها
الشجرة الأكثر استساغة وقيمة غذائية خاصة في المواسم الجافة جدا، الأمر الذي يؤدي
لموته، ولكن المدهش أن النتائج تشير بأن الرعي مهم جدا لكون البيئة منظومة متكاملة
لا يمكن فصلها عن بعضها وإلا قد نضر به، فلو أننا قمنا بتوفير محمية فإننا بذلك
نوفر عوامل نمو أفضل للأشجار (مثل طول الشجرة أو مظهرها الخارجي) ولكننا بمنع
الرعي، الأمر الذي يؤثر سلبا على نبات السمر، والسبب في ذلك أن وجود الرعي الزائد
قد يؤدي إلى التأثير على شكل النبات، ولكن منع الرعي سيؤدي إلى التأثير على إعادة
إنبات السمر بسبب وجود نوع من الخنافس المجهرية العائلة في بذور نبات السمر، وعند
نضوج النبات فإن يرقات الخنافس تقوم بمهاجمة وإتلاف البذور، ما يؤدي إلى تلف
النبات، وعند عدم وجود رعي في هذه المرحلة فإن الدراسات تشير إلى أن %٩٠ من هذه
النباتات تصاب بالخنافس العائلة وتقضي على إنتاج السمر من البذور. ولكن عند رعي
الحيوان على النبات فإنه يقوم بحفظ البذور في الروث، ويعتبر ذلك محمية متكاملة
للبذر ويضم السماد والدبال الذي يحتاجه البذر للنمو في السنة التي بعده، ويقوم
الحيوان بعملية نشر البذور في الأرض، وعندما يحين موعد المطر تنبت البذرة وتنمو
وهذا ما يسمى بالنظام البيئي.
وخلال الدراسة التي استمرت لمدة أربعة أعوام منذ عام ٢٠١٠، قمت بدراسة تأثير
الإنسان والرعي وشكل الأرض في النبات، كما قمت بتحليل ما يقارب من ٢٥٠٠ عينة من
عينات التربة، إضافة إلى دراسة طبيعة النباتات وخصائصها، ويعتبر السمر من أهم
النباتات الأصلية الموجودة في الدولة. وينبغي التكاتف والتوازن في الأنشطة البيئية
والحيوانية للحفاظ على هذا النبات من خلال فهم المنظومة البيئية والتأثير عليها
بشكل إيجابي.
¶ في ظل التطورات الأخيرة بالعالم، تعد قضية الأمن الغذائي من القضايا المهمة، كيف
تسهم جامعة قطر بتقديم حلول علمية وبحثية في هذا المجال؟
- يعمل القسم حاليا على أبحاث علمية من شأنها معالجة بعض المشاكل في البيئة
القطرية، فمن ضمن المصادر المتاحة، كيفية إيجاد البدائل الغذائية وتطوير الزراعة،
فهناك مشاكل عديدة تواجهها الدولة مثل نقص المياه الجوفية والطقس والتربة غير
الخصبة الصالحة للزراعة، وهناك دراسات قيد البحث يقوم بها مركز الوقود الحيوي
بالتعاون مع القسم لإيجاد وسائل تساعد على تحسين خصوبة التربة من المواد الأولية
المتاحة طبيعيا، فالبيئة القطرية كالطحالب، وقد وجد أن بعض هذه الطحالب تحتوي على
قيمة غذائية عالية يمكن استثمارها.
وهناك مبادرة بحثية للتعاون بين القسم والمركز لكيفية استخدام الموارد الطبيعية
المتاحة واستصلاح التربة من خلال الطحالب أو الفطريات خاصة الطحالب لكونها سريعة
التكاثر وسهلة في الاستخدام، وهناك جانب آخر من مشاريع الأمن الغذائي وهو إيجاد
محاصيل مقاومة للظروف البيئية القاسية، وقد قمنا بدعوة أحد الباحثين المتخصصين في
المحاصيل المقاومة للجفاف من مركز دراسات الأراضي الجافة، جامعة توتوري- اليابان
ويعمل في مجال إنتاج المحاصيل المقاومة للجفاف وقليلة الاستهلاك للماء ولها مردود
عالٍ، إضافة أن هذه المحاصيل تعتبر طبيعية ولم يطرأ عليها أي تغيير كتغيرات الهندسة
الوراثية وغيرها، ونحن نسعى بجهودنا لإيجاد بيئة نستطيع من خلالها إنتاج الغذاء،
ولنا تعاون مع جهات أخرى مثل مركز الدراسات البيئية، كما أننا نقوم باستقطاب
الأكْفاء في هذا المجال للإسهام بتحقيق الأمن الغذائي للدولة.
¶ في الختام.. هل ترى أن الأبحاث والدراسات التي تجرى في مجال البيئة في دولة قطر
تبلغ الحد المطلوب أم هي بحاجة للتطوير؟
- لا شك أن الإنسان دائما يطمح للأفضل، وقد أثبتت جامعة قطر جدارتها كجامعة رائدة
في العالم؛ حيث صارت ضمن قائمة أفضل ٥٠٠ جامعة في العالم حسب تصنيف التايمز والذي
يعتمد معاييره بشكل كبير على الأبحاث العلمية، وهذا يعني أنه علينا أن نزيد من
الجهود البحثية والعلمية للوصول إلى مراتب أفضل، فالأبحاث في جامعة قطر تسير على
الطريق الصحيح والذي انعكس بشكل واضح في التصنيف العالمي، ولكننا نطمح للمزيد من
التقدم وينبغي أن نكون أكثر دافعية لإنجاز المزيد من التقدم.
مرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2002 بإصدار قانون حماية البيئةa>
ضبط 150 مخالفة بيئية خلال 3 أشهر
37 منشأة تخالف التشريعات البيئية