جريدة الراية الأربعاء
23/12/2015 م
لا
تمييز في حقوق العمال في قطر
أكد الأستاذ يوسف أحمد
الزمان المحامي أن قطر حريصة كل الحرص على حقوق العمال ولديها خبرة واسعة في هذا
المجال تمتد إلى أكثر من خمسة عقود، وتكونت لدى جهات الاختصاص خبرات واسعة مكنتها
من وضع قواعد واستراتيجيات تهدف إلى حماية حقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، منوها كذلك بالدور التنموي الكبير للعمالة الوافدة والتي تمثل المكون
الأساسي للتركيبة السكانية والاجتماعية للمجتمع، ما يجعلها عنصراً حيوياً في تنمية
المجتمع وحركته نحو التطور الاقتصادي والاجتماعي والعمراني. وقال، في حوار مع
الراية ، إن العمالة الوافدة ساهمت في دخول الدولة عهد الحداثة الاقتصادية والتطور
العمراني.
وأضاف أن هناك جملة من الحقوق يتمتع بها العامل بموجب التشريعات العمالية المعمول
بها في قطر تغطي جميع جوانب حياة العامل سواءً أثناء ساعات العمل أو في أوقات راحته
وإجازته وتوفير مسكنه اللائق، ما يمثل ضمانات قانونية مكفولة لجميع العمال، مشيرا
إلى أن القانون يؤكد أن الحقوق المقررة للعمال تمثل الحد الأدنى لحقوقهم، ويقع
باطلاً كل شرط يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقاً على تاريخ العمل به، ما لم
يكن أكثر فائدة للعامل.
وأضاف أن الحقوق التي يتمتع بها العمال وفقاً لقانون العمل القطري هي حقوق أصيلة
وثابتة لجميع العمال دون تمييز أو استثناء، إذ أن المساواة مكفولة لجميع المواطنين
والمقيمين أمام القانون وفي ذلك تنص المادة (35) من الدستور على أن الناس متساوون
أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين.
ورأى أن معظم الإشكالات والاختلافات والانتهاكات التي تحدث في علاقات العمل سببها
الرئيسي عدم وجود آليات واضحة وكوادر قادرة على تفعيل الحقوق المقررة قانوناً
للعمال، وأيضاً لأصحاب العمل.. والى تفاصيل الحوار:
> إلى أي مدى حرص المشرع القطري على إصدار قانون متطور لعلاقات العمال والحماية من
أخطار العمل؟
- حرص المشرع القطري على إصدار قانون عصري ومتطور لعلاقات العمل، فعمد إلى إصدار
قانون العمل رقم (14) لسنة 2004 بهدف تدعيم وتأكيد حقوق العمال وتوفير الظروف
المناسبة للعمل وتوفير وسائل الوقاية من أخطار العمل ومضاره، وتوفير الظروف الصحية
للعمال من جميع النواحي. وجاء حرص الدستور القطري بالنص في المادة (30) على أن
العلاقة بين العمال وأرباب العمل أساسها العدالة الاجتماعية وينظمها القانون.
وبالرجوع إلى جملة الحقوق التي يتمتع بها العامل بموجب التشريعات العمالية المعمول
بها في قطر نجد أن هناك مجموعة من الحقوق تغطي جميع جوانب حياة العامل سواءً أثناء
ساعات العمل أو في أوقات راحته وإجازته وتوفير مسكنه اللائق، ويشكل كل ذلك ضمانات
قانونية مكفولة لجميع العمال وتعتبر هذه الضمانات جزءاً لا يتجزأ من حقوقهم
المشروعة المدعومة بالحماية والرقابة القضائية. وقد أكد قانون العمل أن الحقوق
المقررة فيه للعمال تمثل الحد الأدنى لحقوقهم، ويقع باطلاً كل شرط يخالف أحكام هذا
القانون ولو كان سابقاً على تاريخ العمل به، ما لم يكن أكثر فائدة للعامل.
ويعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ المقررة للعامل، ذلك أن أي شرط يفرض على العامل
ولا يتفق مع الحقوق المقررة له في القانون يكون باطلاً ولا يسري في حق العامل
ويستطيع العامل رفض القيام به.
> وهل هذه الحقوق أصيلة لجميع العمال في قطر؟
- الحقوق التي يتمتع بها العمال وفقاً لقانون العمل القطري هي حقوق أصيلة وثابتة
لجميع العمال الذين يعملون في دولة قطر دون تمييز أو استثناء، إذ أن المساواة
مكفولة لجميع المواطنين والمقيمين أمام القانون وفي ذلك تنص المادة (35) من الدستور
على أن الناس متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو
اللغة أو الدين كما تنص المادة (52) من الدستور على أن: «يتمتع كل شخص مقيم في
الدولة إقامة مشروعة بحماية لشخصه وماله وفقاً لأحكام القانون».
> وهل هناك آليات واضحة لتفعيل الحقوق المقررة قانونا للعمال؟
- طبعا لا يكفي أن نضع تشريعات دون تفعليها أو تنفيذها، هذا التنفيذ الذي يكون إما
اختياراً أو جبراً على المخاطبين بقواعد هذا التشريع، ذلك أن تفعيل القوانين بشكل
عادل سوف يحفظ للقانون هيبته في المجتمع وتحقيق الإنصاف للمخاطبين به، ويأمن الناس
على حقوقهم.. من هنا فإن معظم الإشكالات والاختلافات والانتهاكات التي تحدث في
علاقات العمل سببها الرئيسي -في اعتقادنا- عدم وجود آليات واضحة وكوادر قادرة على
تفعيل الحقوق المقررة قانوناً للعمال، وأيضاً لأصحاب العمل.
الجميع يعلم أن لدينا في دولة قطر ما يزيد على مليون ونصف المليون عامل وافد، يعمل
معظمهم في قطاع البناء والتشييد، وأن هناك حاجة إلى مليون عامل آخر وفقاً للتقارير
على مدار السنوات القادمة لتحضير البنية التحتية وتشييد المرافق اللازمة لاستضافة
كأس العالم 2022. ومنذ أن فازت الدولة باستضافة مسابقة كأس العالم 2022 أصبحت بؤرة
تركيز الإعلام العالمي من وسائل الإعلام المختلفة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية
ومؤسسات المجتمع المدني في الدول المختلفة. وتم وضع دولة قطر تحت المجهر وخاصةً
فيما يتعلق بحقوق العمالة الوافدة وبالذات من يعملون في قطاع البناء والتشييد.
> وإلى أي مدى سعت وزارة العمل لإنفاذ قانون العمل وأحكامه؟
- ما أعلنت عنه وزارة العمل في الفترة الأخيرة من زيادة عدد مفتشي العمل إلى حوالي
ثلاثمائة مفتش خطوة إيجابية، تتفق مع اتفاقية تفتيش العمل 1947 (رقم 81)، وتعليمات
منظمة العمل الدولية ومكتب العمل الدولي، والجدير بالذكر أنه ينبغي أن يتم التفتيش
وفق منظور تطويري إصلاحي، وليس من منظور تصيد الأخطاء وتوقيع العقوبات، لأن منشآت
القطاع الخاص بجميع أنواعها وفئاتها هي قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية معاً،
وينبغي التعامل معها في هذا الإطار. ويتعين أن يكون التفتيش العمالي كفؤاً وفعالاً
وشاملاً من أجل ضبط سوق العمل، وأن تتسم مهمات التفتيش بالمرونة وحرية الحركة
والتصرف، والمشاركة في الارتقاء بالوعي والتثقيف بحقوق وواجبات مختلف الأطراف، وأن
تتسم بالحيدة والنزاهة، ومما لا شك فيه أن تحديث سياسات التفتيش بشكل مستمر وفقاً
لمعايير العمل الدولية سوف تسهل لوزارة العمل وضع سياسات واستراتيجيات واضحة ومتسقة
ودقيقة وشاملة لتفتيش العمل، من أجل التصدي للتحديات القائمة، والتحديات
المستقبلية.
إن ضمان عدد كاف من المفتشين المؤهلين وتلقيهم لأجور ملائمة وتدريب منظم، يؤدي في
النهاية إلى زيادة احترام حقوق العمال، وتوفير ظروف مناسبة للعمل، وإلى مشكلات
وحوادث أقل، وصحة أفضل للعامل.
> ما هو رأيك القانوني بالإجراءات التي اتخذت لحماية أجور العمالة؟
- ما اتخذته وزارة العمل من إجراءات بشأن أداء أجور العمالة، والتي تتفق تماماً مع
حماية حقوق العمال المالية، وذلك بتعديل حكم المادة (66) من قانون العمل بموجب
القانون رقم (1) لسنة 2015 بأن نصت على أن: «تؤدى الأجور وغيرها من المبالغ
المستحقة للعامل بالعملة القطرية، وتؤدى أجور العمال المعينين بأجر سنوي أو شهري
مرة على الأقل في الشهر، وتؤدى أجور جميع العمال الآخرين مرة على الأقل كل أسبوعين.
ويجب على صاحب العمل تحويل الأجر إلى حساب العامل في إحدى المؤسسات المالية
بالدولة، بما يسمح بصرفه له خلال الموعد المقرر وفقاً لحكم الفقرتين السابقتين، ولا
تبرأ ذمة صاحب العمل من أجر العامل إلا بذلك، ويصدر بالضوابط اللازمة لحماية أجور
العمال قرار من الوزير».
وطبقاً لنص المادة (145/ مكرراً) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر، وبالغرامة التي
لا تقل عن ألفي ريال ولا تجاوز ستة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من
خالف أياً من أحكام المادة (66) من هذا القانون.
> ماهي التحديات التي تواجه وزارة العمل الناجمة عن زيادة العمالة الوافدة وعلاقات
العمل؟
- في الواقع زيادة العمالة الوافدة في البلاد بشكل غير مسبوق تمثل تحدياً لوزارة
العمل، بما يتطلب ذلك عملاً دؤوباً مستمراً تنشط من خلاله كافة كوادر الوزارة
البشرية، خاصةً إحكام الرقابة والتفتيش على مواقع العمل وسكنى العمال، والتأكد من
صرف مستحقاتهم الشهرية عند حلول آجالها. كل ذلك في نطاق ما يفرضه قانون العمل من
التزامات على صاحب العمل. ويتعين التركيز على عمال البناء والتشييد وإقرار حقوقهم،
ذلك أن هذه الفئة هي الأكثر اهتماماً من قِبل المنظمات الدولية والدفاع عن حقوقها،
وهي الفئة التي نراها يومياً وترونها جميعاً في الشوارع والميادين والمشاريع الضخمة
وفي كل مكان، كأنهم خلية نحل يعملون على مدار الساعة، يقومون ببناء وتشييد مرافق
الدولة الحيوية وبناء منازلنا ومكاتبنا ويزرعون الحدائق ويقومون بتنظيف وصيانة
المباني والأسواق، وهي وقائع وثوابت لا يمكن إنكارها.
> وهل هذا الالتزام تقوم به وزارة العمل فقط؟
- دعم حقوق هؤلاء العمال لا تنفرد به وزارة العمل فقط أو المنظمات الدولية ومنظمات
حقوق الإنسان المحلية والدولية، بل يجب أن يتحقق ذلك أولاً كالتزام طوعي أخلاقي
نابع من القيم المشتركة للإنسانية التي تجمعنا جميعاً نحن بني البشر، لأن سلطان
الأخلاق أوسع من سلطان القانون، والمنعة الحقيقية للأمم هي في الأخلاق والمعاملة
الطيبة وغنى النفس. وبالتالي فإنه مما لا يتفق ليس مع قانون العمل وتشريعاته بحسب،
بل ومع الضمير الإنساني والأخلاقي أيضاً أن تمتد يد أصحاب العمل لاستغلال هؤلاء
العمال وتحرمهم من أبسط حقوقهم، أو تمنع أو تؤجل مستحقاتهم المالية لأشهر عديدة،
ويحضرني هنا الحديث الشريف "أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، وقد عالجت المادة
(66) من قانون العمل سالفة البيان هذا الحق المهم للعامل.
ولا يفوتني هنا أن أشير إلى الجهود الطيبة التي قامت بها مؤسسة قطر للتربية والعلوم
وتنمية المجتمع لرعاية العمالة بإطلاقها مبادرة "معايير رعاية العمالة الوافدة"
التي تهدف إلى ضمان التنفيذ الفعال لكامل المعايير التي تضمن حقوق العمال، خلال
جميع مراحل عملهم خارج بلدانهم من لحظة توظيفهم وحتى موعد عودتهم إلى موطنهم.
وتستند المبادرة على مبادئ ولوائح منهجية تجمع بين أحكام قانون العمل القطري، وأفضل
الممارسات والمواثيق الدولية لحقوق العمالة الوافدة.
ونشير أيضاً إلى ما قامت به اللجنة العليا للمشاريع والإرث وهي اللجنة التي تشرف
على مشاريع كأس العالم 2022، بوضع مجموعة من الأسس والمعايير الخاصة برعاية العمال،
والتي تم إدراجها في جميع عقود اللجنة مع المقاولين الذين سوف يقومون بتشييد
المشاريع الخاصة بكأس العالم 2022. وتم وضع ميثاق لرعاية العمال صدر في شهر مارس
2013، ويطالب هذا الميثاق بمعاملة جميع الأفراد العاملين في تنفيذ مشاريع اللجنة
العليا بشكل يحفظ لهم كرامتهم واحترامهم، وذلك وفق ما تقتضيه مبادئ حقوق الإنسان
الدولية.
> كيف ترى معايير الرعاية التي صدرت في فبراير 2014؟
- معايير رعاية العمال التي صدرت في فبراير 2014 هي مجموعة من القواعد الإلزامية
والمدرجة في العقود ما بين اللجنة العليا والمقاولين، والتي تلزم الشركات التي تعمل
على تنفيذ مشاريع اللجنة العليا على العمل بما يتماشى والأسس والقيم التي نص عليها
ميثاق رعاية العمال، بما يضمن حقوق العمال بشكل كامل، وتضع هذه الأسس والقيم
والمعايير والتي تتوافق والقانون القطري وأفضل الممارسات الدولية توجيهات واضحة من
شأنها حماية حقوق العمال العاملين في جميع شركات المقاولات التي تعمل على تنفيذ
مشاريع اللجنة العليا.
وقد تولت اللجنة العليا للمشاريع والإرث وجميع المتعاقدين معها مسؤولية ضمان أعلى
معايير الصحة والسلامة في مواقع بناء اللجنة العليا، وفي مواقع سكن العمال.
من جميع ما تقدم، نرى أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عملت ودعمت بشكل فعال جميع
ما قامت به مؤسسة قطر ولجنة الإرث، بما يعد ذلك إضافة إصلاحات جذرية هدفها ضمان
وصيانة حقوق العمالة الوافدة لا سيما العمالة التي تقوم بتنفيذ مشاريع كأس العالم
2022، وهذه الحقائق لم يأتِ على ذكرها تقرير منظمة العفو الدولية الأخير الذي ذهب
إلى أن دولة قطر أخلت بالوعود التي قطعتها بحجة القيام بإصلاحات في مجالات أساسية
بتحسين حقوق العمال وفي مجال دفع مرتباتهم.
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (14) لسنة 2004 بإصدار
قانون العمل
قانون رقم (1) لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون العمل
الصادر بالقانون رقم (14) لسنة 2004
قرار وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان رقم (13) لسنة 2005
بتنظيم أعمال تفتيش العمل وإجراءاته
إصلاحات قانون العمل تعكس حرص الدولة على
حماية حقوق العمالة