جريدة العرب - الخميس 24
ديسمبر 2015
مشروع تعديل قانون المحاماة
د. سعود بن سعدون
العذبة
تفاجأت كما تفاجأ زملائي في مهنة
المحاماة بقرار وزارة العدل عرض مسودة التعديلات على قانون المحاماة رقم 23 لسنة
2006 على مجلس الوزراء الموقر لاستصدار قانون بالتعديلات دون وجود أي إقرار أو
توافق من أصحاب المهنة القائمين عليها والذين يمارسونها ويعتبرون أهم طرف في
المعادلة، كما أنهم شاركوا في اجتماعات ومناقشات طويلة ومتكررة مع ممثلي وزارة
العدل خلال فترة تقارب العام ونصف العام، وقد استبشرنا «كمحامين» وتفاءلنا خيراً
بواقع ينتظر مهنة المحاماة ومستقبلها في قطر عندما يتم إجراء التعديل على قانونها
الحالي بما يخدم هذه المهنة والممارسين لها، وبهذه المناسبة نثني على عرض وزارة
العدل بصفتها الجهة المعدة للتشريع الأمر على جمعية المحامين القطرية والممثل
الرسمي لرأي المحامين للمشاركة في هذه التعديلات المقترحة، إلا أن واقع الأمر اختلف
برمته وتغيرت وجهته فأصبحنا نشتم منه رائحة الانحراف عن الخط المرسوم لفكرة التطوير
والرقي بمهنة المحاماة في قطر وبدلاً من ذلك تحويلها لتكون إحدى إدارات السلطة
التنفيذية «وزارة العدل» وليتم الوصاية عليها مستقبلاً.
وقد ظهر لنا أن ما كان يحدث في الشهور الماضية من اجتماعات وتحاورات وتبادل في
الآراء والأفكار حول التشريعات المقترح إدخالها على قانون المحاماة بين جمعية
المحامين ممثلة في أعضائها وممثلي وزارة العدل ما هي إلا أحلام وأمانٍ وضعتها وزارة
العدل لإيهام الرأي العام وأصحاب المهنة تحديداً برغبتها في إشراكهم في الرأي
والاستماع لصوتهم في هذا التعديل، إلا أن الواقع يكذب ذلك بل أصبح هناك طرف يريد أن
يفرض رأيه وأفكاره على الطرف الآخر والذين هم أصحاب المهنة ورواد مستقبلها، وهذا
للأسف يحدث من أحد أذرع السلطة التنفيذية بل إن الأمر ظهر جلياً في هدف واحد وهو
إدخال هذه المهنة «مهنة المحاماة والعدالة وصمام أمانة دولة القانون وحماية الحقوق»
إلى بيت الطاعة لتكون إحدى إدارتها، ولا نعلم لماذا تسعى وزارة العدل لذلك وحيث لم
يتضح لنا السبب ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
ومن وجهة نظري أن هذا النهج الذي سلكته وزارة العدل غير مقبول بحق مهنة المحاماة
بشكل عام ومهنة المحاماة في قطر بشكل خاص وللأسباب التالية: - إن مهنة المحاماة
مهنة حرة وليس لأحد سلطان عليها أو سلطة في تقرير شئونها وممارسة عملها لأنها تهدف
إلى تطبيق العدالة والإسهام في حماية الحريات والحفاظ على الحقوق وعلى حماية
الدستور وما يتضمن من حقوق وواجبات والتي يقوم على أهم ركائز العدل في دولة
المؤسسات والقانون.
- إن مهنة المحاماة لها تاريخها المجيد والعريق منذ أن وجدت البشرية على هذه الأرض
ولها بصماتها ورسالتها في حماية الحقوق وأمن المجتمعات فهي أحد أجنحة العدالة بجانب
القضاء ولها ولمن يمارسها من الحقوق والضمانات ما ليس لغيرها.
- إن مهنة المحاماة في جميع دول العالم الحديث لها من المكانة والقوه والهيمنة ما
يجعلها تلعب دوراً في حماية القوانين والتشريعات واحترام الدستور بل إنها لها تأثير
قوي في استقرار ونمو البلدان وكل ما يؤدي إلى تطورها، حيث توجد نقابات لها رأي ودور
في صنع القرارات الحكومية وتحديداً السياسية في الدولة.
- لا يمكن القبول بأن تكون مهنة المحاماة في قطر شاذة وأقل مستوى ومكانة عن ما هو
موجود في مهنة المحاماة في دول العالم المتقدمة والنامية، فمهنة المحاماة لها
استقلاليتها وسيادتها ولا تخضع لرقابة أو خضوع لأي جهة كانت وتحديداً للسلطة
التنفيذية.
كان من الواجب على وزارة العدل الاستماع والأخذ بمقترحات أعضاء اللجنة الممثلين
لجمعية المحامين في لجنة دراسة تعديل قانون المحاماة رقم 23 لسنة 2006 والتي تحافظ
على حقوقهم ومن خلالها يمارسون عملهم بحرية ودون سلطة عليهم.