جريدة الشرق - الإثنين 28
ديسمبر 2015
طالبوا بضرورة مراجعة وتقييم الاستراتيجيات الوطنية الصحية
خبراء: حزمة إجراءات إدارية ورقابية تكفل حماية التأمين الصحي من الفشل مجدداً
الدوحة - بوابة
الشرق
أجمع العديد من الخبراء والمراقبين
للقطاع الصحي ان قرار إيقاف العمل بنظام "صحة" الذي اتخذه مجلس الوزراء الموقر
مؤخرا كان أكثر من صائب، مؤكدين أن نظام التأمين الصحي نجح إعلاميا في الوقت الذي
فشل على أرض الواقع.
وأوضحوا لـ الشرق أن النظام افتقر للكثير من الأدوات الإدارية والرقابية الصارمة
التي تكفل بقائه والتي كانت سببا مباشرا في فقدانه للفعالية والحيوية في التعامل مع
المستجدات التي جاء بها التطبيق العملي، مشيرين إلى أن من أبسطها غياب نظام ربط
يكفل مراقبة استخدام المستفيدين من الخدمات بحيث يتم معرفة ما نوع الخدمة التي قدمت
للمستفيد وأين قدمت ومتى، ومؤكدا أن هذا النظام الرقابي على بساطته كان من شأنه
توفير مبالغ طائلة على نظام "صحة" نتيجة ازدواجية وتضارب الخدمات.
ونوهوا بأن إيقاف نظام التأمين الصحي الاجتماعي " صحة " بعد ضخ مليارات والعمل
لسنوات طويلة لإنجازه انتهت بتطبيق المرحلة الأولى والثانية منه فقط، يطرح العديد
من التساؤلات والاستفسارات حول مصير النظام الصحي برمته.
نظام صحة
وتابعوا قائلين" فقد أعلنت الأجهزة المعنية في المجلس الأعلى للصحة والشركة الوطنية
للتأمين الصحي في العديد من المناسبات والتصريحات العلنية أن نظام "صحة" يعتبر من
أفضل نظم التأمين الصحي الاجتماعي في العالم. وقد أنفقت الفرق العاملة على انجازه
الكثير من الوقت والجهد والأموال خلال جولاتها المكوكية للاطلاع على تجارب العديد
من دول العالم المتطورة في هذا المجال علاوة على الاستعانة بالعديد من الشركات
الاستشارية العالمية وفرق من الخبراء لإنجاز هذا النظام".
وأردفوا قائلين لـ "الشرق " ونتيجة لذلك تم الاتفاق على نظام قيل في حينه أنه
الأكثر ملائمة لطبيعة المجتمع القطري كما يناسب القطاع الصحي في قطر، ولكن مع دخول
النظام حيز التنفيذ بدأت الثغرات في الظهور تباعا".
وبينوا لـ "الشرق" أن قرار إيقاف العمل بنظام صحة ابتداء من 31 ديسمبر والاستعاضة
بدلا عن ذلك بتعيين شركة تأمين خاصة أو أكثر للقيام بوظيفة النظام، يعيد للأذهان
العديد من التجارب الفاشلة في هذا المجال سواء في دول الجوار أو عالميا، موضحين أن
القائمين على تنفيذ مشروع التأمين الصحي لم يستفيدوا من تلك التجارب في حين
استعانوا بشركات من خارج البلاد لا تملك دراية بالمجتمع القطري، كما لم يجروا
دراسات حول طبيعة المستفيدين من النظام وأيضا لم يضعوا سيناريوهات لعمل النظام وخطط
بديلة، فضلا عن عدم توقعهم لأي من الثغرات التي ظهرت مع بدء التطبيق الفعلي.
مصير الشركة
وطرحوا العديد من التساؤلات والاستفسارات حول مصير الشركة الوطنية للتأمين الصحي
وكذلك عن مصير الاستثمارات التي تم ضخها في النظام منذ إنشائه، وقد طالت تساؤلاتهم
مصير النظام الصحي برمته، كما حلقت أيضا حول التأثيرات المتوقعة للقرار على مشاريع
الإستراتيجية الوطنية للصحة والاستراتيجيات المنبثة عنها.
وطالبوا الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتصحيح مسار النظام قبل إطلاقه من
جديد، مؤكدين أهمية إصدار حزمة من الإجراءات الرقابية والإدارية للحيلولة دون
انحراف النظام عن مساره مما يستوجب معه إيقافه من جديد، مشددين على أهمية الاستعانة
بشركات وطنية تملك الخبرة والدراية الكافية بالمجتمع القطري تؤهلها لإدارة النظام
بحرفية.
دعاوى بالملايين
وألمحوا الى أن التأمين الصحي بعدما كان خدمات تقدم الى المواطنين أصبح قضايا
تتداول أمام المحاكم القطرية في انتظار الحكم، مشيرين الى أن دعاوى التلاعب في
التأمين الصحي بلغت قيمتها الملايين، وأن بعضها تنظر حاليا في محاكم الاستئناف.
ولفتوا إلى أن دولة قطر من أكبر دول العالم إنفاقا على القطاع الصحي متفوقة في ذلك
على دول كالنرويج وسويسرا ولكسمبروج وآيسلندا واليابان والنمسا وسنغافورة والسويد
واستراليا، مؤكدين أن رؤية القيادة الحكيمة للبلاد والرامية إلى بناء مجتمع المعرفة
في دولة قطر اتخذت من الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والبنية الأساسية مرتكزا
وسبيلا للوصول إلى تلك الغاية.
مراجعة الاستراتيجيات
ونبهوا إلى أهمية البدء في مراجعة وتقييم العديد من الاستراتيجيات الوطنية القائمة
فعليا مشيرين إلى أن الإستراتيجية الوطنية للصحة 2011 – 2016 أعلن الأعلى للصحة
مؤخرا عن انجاز 71% من مشاريعها فقط حتى الآن على الرغم من قرب انتهائها، ولافتين
إلى أن المجلس بصدد الإعداد للإستراتيجية الوطنية الجديدة التي ستغطي الخمس سنوات
التالية.
وقالوا لـ الشرق " لا ينكر أحد أن القطاع الصحي في قطر شهد قفزات نوعية في السنوات
القليلة الماضية، على شتى الأصعدة وهو ما دفع الدولة إلى زيادة الإنفاق الحكومي على
الصحة بشكل مستمر، حيث بلغت مخصصات القطاع الصحي في موازنة الدولة لعام 2016 ما
يمثل 20.9 مليار ريال منها 7 مليار ريال خصصته للمشاريع الصحية الجديدة، وذلك
مقارنة بموازنة 2014 – 2015 التي كانت مخصصات الصحة فيها 15.7 مليار ريال وبزيادة
قدرها 12.5% عن مخصصات الصحة في موازنة 2013 – 2014 والتي بلغت 12.699 مليار ريال،
وهو ما زاد عن الميزانية التي قدرتها الجهات المعنية لهذا القطاع الحيوي والبالغة
12.448 مليار ريال أي بزيادة قدرها 251 مليون ريال".
4 استراتيجيات وطنية
وذكروا أن الدولة وضعت ميزانية قدرها 7.637 مليار ريال لتنفيذ 4 استراتيجيات وطنية
وهي كالتالي: الإستراتيجية الوطنية للسرطان 2011 – 2016 وبلغت ميزانيتها 2.204
مليار ريال لا يدخل ضمنها إنشاء مركز السرطان الجديد، وقد أوشكت على الانتهاء،
والإستراتيجية الوطنية للرعاية الأولية 2013 - 2018 والتي بلغتها ميزانيتها 3.1
مليار ريال، وكذلك الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية 2013 – 2018 والتي بلغتها
ميزانيتها 1.5 مليار ريال، والإستراتيجية الوطنية لمكافحة مرض السكري 2016 – 2022
والتي بلغت ميزانيتها 833 مليون ريال.
وأضافوا قائلين" وذلك علاوة على العديد من الاستراتيجيات الوطنية التي لم يعلن
المجلس الأعلى للصحة عن الميزانيات المخصصة لتنفيذها ومن بينها: الإستراتيجية
الوطنية لتكامل الخدمات المختبرية وتوحيد معاييرها 2013 – 2018، وإستراتيجية قطر
الوطنية لبحوث السرطان، وهو ما يعكس حجم الموارد التي توفرها الدولة لتطوير الخدمات
الصحية المقدمة لأفراد المجتمع".
وعادوا للتأكيد مجددا على أهمية إجراء مراجعة وتقييم لهذه الاستراتيجيات وميزانيتها
ومخرجاتها بشكل مستمر للتأكد من فعالية النظام وملائمة هذه الاستراتيجيات للأهداف
التي وضعت من أجلها لوقاية النظام الصحي من تكرار ما حدث " صحة".