جريدة الراية
- الأربعاء 3 فبراير 2016
الأمير زيد بن رعد المفوض السامي لحقوق الإنسان
لـالراية:
الاهتمام بحقوق الإنسان من ثوابت السياسة القطرية
تراجع حقوق الإنسان والحريات بالمنطقة أذكى نار العنف والتطرف
كتب - سميح الكايد:
ثمن الأمير زيد بن رعد المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة اهتمام دولة قطر
بتعزيز حقوق الإنسان على المستوى الإقليمي والدولي ورؤيتها المتضمنة ركيزة هامة في
مجال استثمار الإنسان وقدراته من أجل غد أكثر إشراقاً.
ودعا الأمير زيد بن رعد في تصريحات خاصّة لـ الراية إلى تبني كافة الدول والمؤسسات
الإقليمية والدولية هذا النهج من العمل على حماية حقوق الإنسان من أجل تحقيق الأمن
والاستقرار والازدهار والبناء إقليمياً وعالمياً، معرباً عن قناعته بأن إقامة
الحوارات الثقافية والدينية بشكل متواصل من شأنه أن يعزّز هذه الروح والتوجهات،
وأشاد بالدور الفاعل الذي تقوم به اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان برئاسة
الدكتور علي المري، سواء على المستوى الآسيوي أو الإقليمي أو الدولي.
الأوضاع العربية
وحذر من مغبة ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة جرّاء حالة الغليان والاضطراب الذي
تشهده على نحو لم يسبقه مثيل، وقال إن المنطقة العربية لم تشهد في تاريخها القديم
والمعاصر مثل هذا المستوى من العنف والقتل والتشريد للأبرياء مثلما تشهده هذه
الأيام خاصة ما يجري في سوريا والعراق وليبيا واليمن وفلسطين.
وأضاف: على الرغم من التفاؤل الذي برز مع انطلاق الحراك الشعبي منذ خمس سنوات، إلا
أن الأحداث اللاحقة قد دفعت المنطقة إلى المزيد من التوتر فبدلاً من تعزيز حقوق
الإنسان، ازدادت الانتهاكات وتراجعت الحريات.
وأوضح أن المناطق التي تشهد الاقتتال والعنف وغياب دولة القانون، ظهرت فيها تنظيمات
متطرّفة تدمّر كل المعاني الحضارية للمنطقة العربية، وتقضي على الوئام والتعايش
الديني الذي تمتعت به شعوب المنطقة منذ آلاف السنين. كما ظهرت ممارسات توقعنا أنها
اندثرت وتجاوزتها البشرية، مثل العبودية والتعذيب والقتل بسبب الهوية، والاستغلال
الجنسي للنساء من الأقليات الدينية والاثنية.
ونبّه المفوض السامي إلى ثلاثة أمور رئيسية متصلة بحالة حقوق الإنسان في المنطقة،
منها أولاً أن ضمان الأمن واجب رئيسي على كل دولة، ولا شك أن دول المنطقة تواجه
اليوم تحدياً كبيراً في مواجهة الإرهاب، على أن المعالجات والحلول الأمنيّة التي لا
تراعي حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والإنصاف، لن تؤدّي في نهاية المطاف إلا إلى
المزيد من التطرّف، وتنامي مشاعر الإحباط والعداء تجاه الحكومات، وبالنتيجة يتم
إعادة توليد العنف والعنف المضاد.
وقال: إن التصدي للإرهاب على المدى البعيد لن يؤدّي إلى نتيجة ما لم يتم التطرق
لأسبابه الكامنة من تهميش وفقر، وحرمان من المساواة بين الأفراد، ووجود مناهج
تعليمية تحضّ على الكراهية والتمييز ضد الآخر.
وأضاف: إن الدول العربية قطعت شوطاً مهماً في التصديق على الاتفاقيات والمعاهدات
المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، إلا أنه ومن حيث التطبيق على أرض
الواقع، لا يلمس المواطن العربي بشكل عام أثراً كبيراً لهذه الالتزامات القانونية
في حياته اليومية. حيث إن القبول بالالتزامات القانونية الدولية، يتطلب السعي
لتعديل وتطوير التشريعات الوطنية بما يمكن الأفراد من ممارسة حقوقهم السياسية
والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الخصوصية الثقافية العربية
وأشار إلى أن الخصوصية الثقافية للمنطقة العربية هو أمر لطالما تمّ التطرّق إليه
عند الحديث عن مبادئ حقوق الإنسان، ويغفل الكثيرون عن ذكر أن العقيدة الإسلامية
تقوم على مبدأ وحدة الجنس البشري، وأن الاختلاف بين البشر بالعرق، أو الدين أو
الطبقة الاجتماعية، أو اللغة، إنما يهدف إلى إعمار الكون في إطارٍ من التعايش،
مطالباً بضرورة البناء على هذه القواسم والقيم الإنسانية المشتركة، والإسراع في
الانضمام لباقي المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان والالتزام بها وتنفيذها بالممارسة
والسلوك.
وفي معرض تناوله لدور المفوضية السامية لحقوق الإنسان، شدّد المفوض السامي على أنه
منذ تأسيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فقد تحققت العديد من الإنجازات
والمشاريع، لنشر ثقافة حقوق الإنسان وبناء القدرات في المنطقة العربية، حيث يغطي
قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية، المنطقة العربية من خلال ثمانية
مكاتب، منها أربعة مكاتب وطنية في تونس وموريتانيا وفلسطين واليمن. بالإضافة للمكتب
الإقليمي في بيروت، ومركز الدوحة للتدريب والتوثيق لحقوق الإنسان للمنطقة العربية
وجنوب غرب آسيا، كما تقدّم المفوضية الدعم لمهام حفظ السلام في كل من ليبيا
والعراق، وكذلك مساندة مهام المقرّر الخاص، المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، واللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية ضد
حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. وعلى مدى السنوات الماضية، واكبت المفوضية
التطوّر المؤسساتي في جامعة الدول العربية.
تطور الجامعة العربية
ورحب الأمير رعد بالتطوّر الحاصل في جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي،
ومنظمة التعاون الإسلامي من جهة إنشاء الهياكل المؤسسية لحقوق الإنسان، وبشكل يواكب
المنظمات الإقليمية المماثلة في العالم، مشيداً بجهود نبيل العربي أمين عام الجامعة
العربية لجعل موضوعات حقوق الإنسان من أولويات العمل في جامعة الدول العربية.