جريدة العرب - الأحد 19
يونيو 2016م
المحامي يوسف الزمان لـ «العرب»:
إجراءات التقاضي تفتقر تقنيات الاتصال الإلكتروني الحديثة
محمود مختار
أكد الأستاذ يوسف الزمان المحامي، أن
القوانين الإجرائية المعمول بها حاليا سواء قانون المرافعات المدنية والتجارية
وقانون الإجراءات الجنائية، تشتمل على بعض المواد الإجرائية التي لا تساير الواقع
ومقتضيات العصر الحديث وتقنيات ووسائل الاتصال الإلكترونية وغيرها، موضحا أنه بات
من غير المقبول أن نمكث الشهور والسنوات والدعاوى رهينة قاعات القضاء، ويُخطئ البعض
باعتبار أن مرد ذلك يعود إلى المحامين أو إلى القضاة. وقال خلال حوار لـ «العرب» إن
المحامين والمتقاضين طالبوا كثيراً خلال السنوات الأخيرة بضرورة وضع الحلول لتيسير
إجراءات التقاضي وطرح رؤية جديدة لتنظيم وتيسير تلك الإجراءات ووضع هذه القواعد
الإجرائية أو الشكلية في إطار وحدود أن تكون لازمة لإتمام القضاء مهمته في أقصر وقت
وبأقل التكاليف، لا أن تكون سبباً في إهدار العدالة أو تأخير الحصول عليها، ذلك أن
العدل البطيء نوع من الظلم أو قُل إنه الظلم بعينه.
ما المقصود بخدمات المحامي الذكية؟
- ببساطة شديدة خدمات المحامي الذكية المعمول بها في معظم الأنظمة القضائية
المتطورة هي التي تتيح للمحامي ومن مكتبه الخاص تسجيل الدعاوى دون الحاجة للذهاب
للمحاكم، والحضور أمام أقلام كتاب المحاكم، وإرفاق الوثائق ودفع الرسوم، وتحديد
مواعيد الجلسات، وكذلك خدمات الدفع الذكية للرسوم والأمانات والغرامات، وتقديم
الطلبات في القضايا ومتابعة تنفيذها والاطلاع على نتائجها، وكذلك التواصل والتراسل
الذكي الذي يوفر لمكاتب المحاماة خدمة التقرير اليومي من خلال البريد الإلكتروني
حول قرارات الجلسات التي تتخذها المحاكم في القضايا الخاصة بمكتب المحاماة، وخدمة
الرسائل النصية لمواعيد الجلسات والقرارات المتعلقة بها والرسائل النصية حول جاهزية
استلام الشيكات الخاصة بموكلي مكتب المحامي.
ما نتائج تكدس القضايا أمام المحاكم؟
- لقد أدت الكثرة الهائلة للقضايا المتداولة بجلسات جميع المحاكم المدنية والجنائية
والعمالية ومحاكم الأسرة والتركات والإدارية وغيرها على اختلاف درجاتها إلى نتيجتين
خطيرتين هما:
أولاً: البطء الشديد الذي يتم به الفصل في بعض المنازعات إلى الحد الذي يشعر معه
بعض المتقاضين باليأس من حصولهم على حكم نهائي في قضاياهم، بما ينعكس سلباً على
الخصوم وعمل المحامي المطالب بالحضور في القضية الواحدة ومتابعتها لسنوات طويلة عبر
تأجيلات وتأجيلات لا تكاد تنتهي.
ثانياً: السرعة البالغة التي يتم بها (استعراض) القضايا في الجلسة الواحدة
والتأجيلات المتكررة لأيسر الأسباب، وبات من غير المعقول عدالة أن تنظر المحكمة
فيما يزيد على خمسين قضية في الجلسة الواحدة، ويزداد الأمر خطورة عندما ينظر القاضي
في الجلسة الواحدة على سبيل المثال أكثر من ثلاثين قضية من الجنايات، وأن يستمع إلى
عشرات شهود الإثبات والنفي في تلك القضايا والمرافعات الشفوية من النيابة ومن
الدفاع. والسؤال: كيف يستطيع القاضي استيعاب هذا
الكم الهائل من أوجه الدفاع وتحصيل الوقائع والدفوع والرد عليها؟
وفي وسط كل ذلك هل يستطيع المحامي أن يؤدي واجب الدفاع عن موكله أمام المحاكم، خاصة
إذا كانت القضية الموكل فيها جناية مثلاً؟ وهل يستطيع أن يترافع ويعطي الوقت الكافي
لإبداء دفاعه في الوقت الذي ما زال من بعده عشرات القضايا التي يجب على المحكمة
نظرها في ذات الجلسة؟
ما المزايا التي تحققها استخدامات الوسائل الإلكترونية في إجراءات التقاضي؟
- دولة قطر قطعت شوطاً كبيراً في استعمال الوسائل الإلكترونية بهدف تسهيل العمليات
الإدارية بين أجهزة الدولة المختلفة وبين الجمهور، ومثال ذلك: أن المواطن القطري
بإمكانه أن ينهي معاملة إصدار جواز سفر في أقل من ربع ساعة! وتخليص معظم المعاملات
مع وزارة الداخلية في دقائق. كما أن وزارة العدل أدخلت نظام (صك) الذي يتيح
للمتعاملين مع إدارة التسجيل العقاري والتوثيق الحصول على سندات ملكية للعقارات
خلال دقائق. كل ذلك في نطاق ما يعرف بالحكومة الإلكترونية، وبات من المتوفر لكل فرد
في الدولة أن يشتري بطاقة سفر وحجز فنادق وشراء بضائع عن طريق الإنترنت دون عناء
بواسطة هاتفه المحمول. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: طالما أن هناك جهات عديدة في
الدولة استفادت من نظام الحكومة الإلكترونية وأصبحت معاملاتها وإجراءاتها بسيطة
ووفرت على الجمهور الوقت والجهد، لماذا ما زالت المحاكم تحبو في تطبيق نظام الحكومة
الإلكترونية؟
إن تحسين مستوى الخدمات وجودة البيانات ودقتها لا يتحقق في عصرنا الحالي إلا عبر
الأنظمة الإلكترونية التي تساهم في تسريع الإجراءات وتوفر وسائل الرقابة والإشراف
والسيطرة والمتابعة، بما يقلل احتمالية حصول الفساد الإداري وتحسين مستوى الخدمات
وتحمل المسؤوليات وعدم الحاجة إلى تكرار الطلبات والمعاملات.
من هنا، فإن معاملات المحاكم المختلفة بجميع أنواعها لن تتحقق غاياتها بتقديم خدمات
ذات جودة عالية للجمهور من المتقاضين والمحامين وغيرهم ما لم
تُعاد هندسة الإجراءات باستخدام الأنظمة الإلكترونية في الإعلانات والتبليغات
للقضايا وتحويل هذه القضايا إلكترونياً من محكمة إلى أخرى، وبناء مركز إلكتروني
رئيسي يضم قاعدة بيانات بجميع القضايا المتداولة في المحاكم، ونظام أرشفة إلكتروني،
وتقديم خدمة الاستعلام عن القضايا من خلال شبكة الإنترنت للمحامين والمواطنين،
والربط الإلكتروني المباشر مع هيئة تنظيم الاتصالات لتفعيل خدمات الدفع الإلكتروني،
وإرسال الرسائل النصية عبر المواقع الإلكترونية لتبليغ المحامين وأطراف التقاضي
بمواعيد الجلسات والقرارات والأحكام.
ما أبرز المشكلات التي تتسبب في تأخير البت في القضايا أمام المحاكم؟
- مشكلة الإعلانات ومجهولي العناوين.. وأقصد هنا إعلانات الأوراق القضائية، وبالذات
إعلانات صحف الدعاوى والحضور في القضايا المختلفة المنظورة أمام المحكمة، والتي
تعتبر من وجهة نظرنا بؤرة تأخير الفصل في القضايا في وقت معقول. ونصوص قانون
المرافعات المدنية والتجارية بصيغتها الحالية أصبحت عاجزةً عن معالجة هذه المشكلة
بل إنها أسهمت في تجذيرها! وهناك العديد من نصوص قانون المرافعات تكرس إنماء ظاهرة
بطء التقاضي لما تحويه من ثغرات تفتح الباب على مصراعيه لمماطلة الخصوم والتسويف في
إجراءات التقاضي منذ بدء رفع الدعوى وحتى صدور الحكم النهائي والبات فيها.
ومشكلة الإعلانات أساسها من مجهولي العناوين أفراداً وشركات أو مؤسسات، وذلك أنه
طبقاً للقانون يعتبر موطن الشخص -أي المحل الذي يقيم فيه على وجه معتاد- من أهم
عناصر الشخصية القانونية للشخص الطبيعي أي الإنسان، وكذلك للأشخاص المعنويين
كالشركات والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات والمؤسسات الخاصة.
ولموطن الشخص -أي محل إقامته- أهمية قانونية بالغة، إذْ يعتبر هو المقر القانوني
أو الموطن القانوني الذي يخاطب به بالخطابات والإعلانات والبلاغات والدعاوى
القضائية بحسب أنه مدع أو مدعًى عليه.
إن محل الإقامة أو العنوان له صلة وثيقة بشخصية الإنسان، فيفترض القانون وصول
الإعلانات القضائية إلى علم الشخص بمجرد وصولها إلى محل إقامته حتى لو لم يقم
باستلامها بنفسه، ويترتب على ذلك كافة الآثار القانونية.
من هنا يجب أن يكون لكل شخص عنوان أو بريد إلكتروني بحيث تستطيع الدولة وأجهزتها
المختلفة والمحاكم مخاطبته وإعلانه والعثور عليه متى أرادت ذلك، ولكي تتمكن الدولة
من تتبع تحركات كل من يقيمون على أرضها.
ويتعين تبعاً لذلك إلزام كل مواطن ومقيم وكذلك إلزام الشركات والمؤسسات والمحال
والمكاتب التجارية بكافة أنواعها بضرورة أن يكون لديهم عناوين واضحة مسجلة في
أوراقهم الرسمية من بطاقات شخصية ورخص تجارية، ويتعين على جميع الشخصيات المعنوية
العامة والخاصة من شركات وبنوك كتابة عنوانها البريدي والإلكتروني على جميع
مطبوعاتها، باعتبار أن هذا البيان الهام يدخل أيضاً في منظومة قاعدة بيانات الحكومة
الإلكترونية.
هذا الأمر إن تحقق فسوف يحد كثيرا من مشكلة مجهولي العنوان ومشكلة رفض تسلم
الإعلانات القضائية من قِبل الأشخاص الذين يتهربون من الحضور والمثول أمام المحاكم
حال مخاصمتهم قضائياً، بما يترتب على ذلك بقاء القضية مدة طويلة على منصات القضاء
دون حسم.
وأقترح في هذا المقام على الجهات التي تصدر الرخص التجارية إلزام الشركات والمؤسسات
والمحال التجارية باعتماد بريد إلكتروني لها يُقيد ويُسجل لدى جهة الإصدار للتواصل
مع المرخص لهم عبر هذا البريد، ويكون هذا العنوان بمثابة موطن مختار لها تُعلن
بواسطته بكافة إخطارات وإعلانات المحاكم وترتب آثارها القانونية، لاسيما أن استلام
البريد الإلكتروني بمرفقاته عبر الوسائط الإلكترونية أصبح من الوسائل المعترف بها
والتي تحقق اليقين في إتمام الإعلان، ومن شأن هذا الإجراء توفير الوقت والجهد
والمال وسرعة الإنجاز والفصل في الدعاوى، بما نرى معه النص في القانون صراحةً على
استخدام الوسائط الإلكترونية كوسيلة قانونية من وسائل الإعلان القضائي.
وبهذه الوسيلة سوف تتم الإعلانات القضائية، وسوف تتمكن المحاكم من السير في الدعاوى
ونظرها والفصل فيها في الوقت المناسب، بما يخفف كثيرا من مشكلات الإعلان القضائي.;
القانون وفقا لاخر تعديل- قانون رقم (13) لسنة 1990م بإصدار
قانون المرافعات المدنية والتجارية
القانون وفقًا لأخر تعديل - قانون رقم (10) لسنة 2003 بإصدار
قانون السلطة القضائية
القانون وفقا لاخر تعديل
قانون رقم (23) لسنة 2004 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
قانون رقم (22) لسنة 2006 بإصدار قانون الأسرة
الزمان:قانون المرافعات وراء بطء إجراءات التقاضي
الشورى يدرس قانون إجراءات التقاضي فى
قضايا الأسرة