جريدة العرب - الثلاثاء 30 يناير 2018م
أكدوا ضرورة تعديل قانون التقاعد..
مواطنون ومحامون: معاشات المتقاعدين لا تكفي لمواجهة أعباء الحياة اليومية
محمود مختار
«مسكنات المتقاعدين لا تنفع».. بهذه
الكلمات أكد عدد من القانونيين والمواطنين أن قانون التقاعد والمعاشات يحتاج
تعديلاً فورياً لمواكبة التطور الاقتصادي والاجتماعي بالدولة، وإنهاء معاناة
المستحقين المادية التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
وأضافوا، في استطلاع رأي أجرته «العرب»، أن المجالس العائلية لا تخلو من الحديث عن
شكاوى المتقاعدين الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن والمواطن، مشيرين إلى أن معاشات
المتقاعدين القدامى لا يتجاوز بعضها 5 آلاف ريال رغم غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار
في جميع السلع والإيجارات. مشيرين إلى أن المتقاعدين أصابهم الإحباط بعد تقديم
العديد من الشكاوى عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة بسبب الصعوبات الاقتصادية
التي يواجهونها بعد حياتهم العملية، وفي نهاية المطاف يكون مصيرها التجاهل.
أكد وجود ضحايا بالجملة لقرارات إنهاء الخدمات..
يوسف الزمان: فجوة كبيرة بين «الراتب» ومستحقات ما بعد التقاعد
قال المحامي يوسف الزمان ونائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، إن قانون التقاعد
والمعاشات ما زال يتعرض لجملة من الانتقادات والمطالبة بتعديله حتى يواكب التطور
الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، ومعالجة الاحتياجات الضرورية للمتقاعدين وأصحاب
المعاشات.
وأكد أن أهمية قانون التقاعد والمعاشات تكمن في أنه يعد وسيلة الكثير من المواطنين
في تأمين وضمان مستقبلهم وأسرهم لمواجهة أعباء الحياة، وتوفير معاش دائم لهم يوفر
لهم الحياة الكريمة والمستقرة بعد سنوات طويلة من الأعمال الوظيفية المختلفة في
خدمة الوطن، لافتاً إلى أن قانون التقاعد والمعاشات مكمل لقانون إدارة الموارد
البشرية الذي يحكم الوظيفة العامة، حيث ينتقل الموظف بعد بلوغه سن التقاعد من مظلة
قانون إدارة الموارد البشرية ليستريح بقية عمره تحت مظلة قانون التقاعد، الأمر الذي
يتوجب معه أن تأتي أحكام قانون التقاعد منسجمة وغير متناقضة أو متضاربة مع أحكام
قانون الموارد البشرية، لا سيما فيما يستحقه الموظف من مستحقات مالية أساسية
وضرورية من علاوة اجتماعية وبدل سكن وتأمين صحي وتعليمي له ولأفراد أسرته، حتى ينعم
المتقاعد تحت مظلة قانون التقاعد بالأمن النفسي والاسترخاء البدني بما ينعكس ذلك
إيجاباً على المجتمع القطري كله.
وأضاف الزمان: يقوم بعض المديرين بإنهاء خدمات الكثير من الموظفين بطرق غير قانونية
ولم يبلغ بعد هؤلاء الموظفون السن المقررة لانتهاء الخدمة وإحالتهم إلى البند
المركزي، وأغلبهم لم يتجاوز 40 عاماً، وتكون خدمتهم الفعلية أقل من 15سنة نجد هؤلاء
الموظفين وهم في أعمار الشباب قد حكم عليهم المسؤولون بإخراجهم من تحت مظلة قانون
إدارة الموارد البشرية، والذي يوفر لهم الكثير من المزايا المالية والمعنوية ودرجات
الترقي وبدل طبيعة العمل وبدل السكن وبدل التمثيل والعلاوات السنوية والتشجيعية
وغيرها، وقال: «إن هؤلاء الموظفين أجبروا على التقاعد، ليجدوا أنفسهم تحت مظلة
قانون التقاعد والمعاشات لا يحصلون سوى على الراتب الأساسي مضافاً إليه العلاوة
الاجتماعية، ويحرمون بالطبع من كافة المزايا الأخرى، منوهاً بأن معاشات هذه الفئة
أقل بكثير مما كانوا يحصلون عليه من رواتب.
وأكد الزمان أن واقع الحال يثبت أن هناك مشاكل حقيقية ومعاناة يعانيها قطاع عريض من
المتقاعدين، خاصة أولئك الشباب، الذين لا تتجاوز أعمارهم 40 عاماً وهم في سنوات
العطاء، وقد فرض عليهم التقاعد في هذه السن، وحرموا من المزايا المعنوية والمالية
للوظيفة العامة، لافتاً إلى أنهم مجبرون على قبول المعاش الهزيل الذي يصرف لهم من
صندوق التقاعد، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى الكثير من المصاريف على التزاماتهم
المنزلية والأسرية.
شافي الشمري: حقوق واجبة الاستحقاق
قال شافي الشمري: إن ما يطالب به أصحاب المعاشات حقوق واجبة، وبالفعل فإن الكثير من
المتقاعدين عقب خروجهم للتقاعد يعيشون أزمة الفارق بين الدخل التقاعدي والدخل أثناء
العمل. وأضاف: إن النصيحة الواجب أن نوجهها للموظف منذ البداية وقبل خروجه للتقاعد
بفترة كافية، هي أنه يجب أن يدّخر لمواجهة صعوبات الحياة بعد التقاعد. وأوضح أن
الادخار بصورة منتظمة يساعد الموظف عقب التقاعد على ضمان حياة مالية كريمة، بعيداً
عن الحاجة للآخرين. وليس بالضرورة في هذا الشأن أن تكون نسبة الادخار كبيرة، فأي
مبلغ سيتم توفيره شهرياً سوف يجعل المتقاعد في حال أفضل عقب تقاعده.
وأضاف: لا بدّ من تخصيص برامج توعوية وتثقيفية لمعرفة توجهات المتقاعد قبل التقاعد
بعدة سنوات لتدريبه على كيفية مواجهة الفترة التي تعقب خروجه للتقاعد، ولا مانع من
بحث كيفية الاستفادة من خبراته التراكمية التي اكتسبها طوال سنوات عمله، من أجل
قيادة منشأة تجارية على حسب توجهاته، أو إكسابه مهارات الإدارة والإشراف تمهيداً
للحصول علي وظيفة شاغرة بالقطاع الخاص، لافتاً إلى أن تجاهل هذه الفئة أمر محبط
لأنه يشعرها بعدم العدالة والظلم عند الاستغناء عنها.
وتابع الشمري: إن قانون التقاعد لا بدّ أن يتضمن مواد تؤمّن للمتقاعدين حياة آمنة
ومستقرة اقتصادياً؛ لأن المتقاعد يتفاجأ عقب خروجه من وظيفته أنه لا يحصل إلا على
الراتب الأساسي فقط والعلاوة الاجتماعية، وبالتالي فإنه يفقد كثيراً مما كان يحصل
عليه وهو على رأس عمله؛ حيث كان يحصل على بدلات كبيرة وحوافز كانت تمثل مبلغاً
كبيراً في سداد التزاماته المادية، أما بعد خروجه من الوظيفة فإنه لا يحصل إلا على
القليل من الراتب. لافتاً إلى أن الخبراء أكدوا أن الموظف بعد حصوله على التقاعد لا
يحصل إلا على ثلث الراتب الذي كان يحصل عليه أثناء وجوده على رأس العمل، وهو ما
يعني حدوث اهتزاز في حساباته المادية والتزاماته المختلفة.
دعا إلى تعديل القانون لتفادي «الاختلالات المادية»..
الجفيري: فارق كبير بين معاشات التسعينيات و2005
أكد المحامي عبد الرحمن الجفيري أن قانون التقاعد والمعاشات لا بد من تعديله في
أسرع وقت ممكن، لإنهاء معاناة هذه الفئة التي أفنت حياتها في خدمة الوطن.
وطالب الجهات المختصة بأن تعيد النظر في البند المتعلق ببدلات السكن، بشرط أن يقوم
المنتفع بذلك بالاستئجار أو البناء خاصة بالنسبة لفئة الموظفين من متوسطي الدخل،
خاصة في ظل ارتفاع أسعار البناء، مشيراً إلى أن القطاعات الأخرى التي ألزمتها
الدولة بتوفير قطعة أرض للمواطن للبناء عليها تتأخر كثيراً في توفير قطعة الأرض
هذه، وأن الأمر قد يستغرق عشرات السنين، حيث لا يستطيع الموظف بناء سكن له ولأسرته،
الأمر الذي يسبب مشاكل مزمنة لهم.
ولفت الجفيري إلى أن حياة المتقاعدين تنقلب رأساً على عقب، بعد خروجهم من العمل،
خاصة بعد فرق الراتب الذي يحدث له، لذلك يجب وضع جدول معين لرفع رواتبهم بصورة
مستمرة، ولو سنوياً، كما هو الحال في البلاد المجاورة التي يرفعون فيها معاش
التقاعد سنوياً بنسبة ثابتة، وهو ما يساهم في رفع المعاش التقاعدي بصورة تمكن
المتقاعد من مواجهة أعباء وتكاليف المعيشة التي تزيد عقب التقاعد ولا تقل، مشيراً
إلى أن معاشات التسعينيات تختلف عن معاشات 2005 وما يليها، منوهاً بأن هناك فرقاً
رهيباً واختلالاً كبيراً في قيمة المعاش، ما يستدعي ضرورة تعديل القانون فوراً، بما
يضمن تحقيق المساواة.
قال إن منحهم بدل السكن «تكريم معنوي»..
محمد المناعي: هذه الفئة خدمت بلدنا لسنوات عديدة
قال محمد المناعي -الخبير القانوني- «إن المتقاعدين أصابهم الإحباط بعد تقديم
العديد من الشكاوى عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، بسبب الصعوبات الاقتصادية
التي يواجهونها بعد حياتهم العملية».
وأضاف: هذه الفئة التي خدمت بلدنا الغالية لسنوات عديدة وتتعرض لمشاكل مزمنة؛ ولا
حدود لها، بسبب نقص الراتب بشكل كبير بعد التقاعد، رغم وجود الالتزامات الأسرية
والحياتية المختلفة، متمنياً تعديل وضع بدل السكن للمتقاعد، لأن هذا التعديل
سيرحمهم من القروض والإيجارات المرتفعة.
وأكد المناعي أن منح بدل السكن للمتقاعدين يمثل بالنسبة لهم تكريماً معنوياً
ومادياً في الوقت نفسه، وهذا ما يستحقونه بالفعل، فلا يخفى على أحد أن رواتب
المتقاعدين القدماء رواتب بسيطة، وبعضها لا يتجاوز 5 آلاف ريال، رغم غلاء المعيشة،
وارتفاع الأسعار في جميع السلع.
مصدر مسؤول: تعديلات تلبي الطموحات قريباً
أكد مصدر مسؤول أن الجهات المختصة تضع اللمسات الأخيرة لتعديل قانون التقاعد
والمعاشات، وسوف يتم الإعلان عنه في القريب العاجل.
وأوضح المصدر أن تعديلات القانون سوف تصب في صالح المتقاعدين، وبما يراعي فرق
الرواتب بين المتقاعدين، خاصة قبل النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد حالياً،
مؤكداً أن القانون سيكون مرضياً لجميع المواطنين والقانونيين بالدولة.
عبد الله بلال: استمعوا إليهم.. وادعموهم مادياً ومعنوياً
قال عبد الله بلال خبير الموارد البشرية إن مشكلة مجتمعنا في أن ثقافة المرحلة
التقاعدية لدينا ضعيفة للغاية، وللأسف يقع ضحيتها عدد كبير من المواطنين من
الجنسين، خاصة أصحاب المناصب والمديرين الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية ووضع اقتصادي
مميز، ويتفاجؤون عقب خروجهم للتقاعد بفقدان الكثير من الدخل الكبير الذي كانوا
يحصلون عليه، وهو ما ينعكس عليهم نفسياً، ويتعرضون للأمراض بمختلف أنواعها.
وأعرب بلال عن أمله أن يتضمن قانون التقاعد الجديد تغيير مسمى المتقاعد، بحيث نحتذي
في ذلك بالكثير من دول العالم المتقدم الذين يقدرون المتقاعدين حق قدرهم لدرجة أنهم
يطلقون على المتقاعد مسمى المواطن الأول تقديراً له وللخدمة التي قدمها للبلد،
لأنها تعتبر اسم المتقاعد يؤثر نفسياً واجتماعياً عند إحالة الموظف إلى المعاش.
وأضاف بلال أن الواقع يؤكد أهمية الاهتمام بهذه الفئة من المواطنين الذين يقومون
بأدوار فاعلة ولديهم الكثير والكثير ليقدموه، حيث من المفترض أن توضع هذه الفئة في
الحسبان من قبل الجهات والهيئات المختلفة، لهذا فلا مانع من دعمهم بكافة أشكال
الدعم، سواء كانت مادية أو معنوية.
وأشار إلى أن الدولة تقوم بجهد كبير من أجل مساعدة المتقاعدين على تسيير حياتهم
بصورة لائقة، ولكن هذا لا يمنع من ضرورة التواصل معهم والاستماع إلى آرائهم
ومقترحاتهم، حتى يدركوا أننا نضعهم نصيب أعيننا، وليتذكر الجميع أننا سنكون يوماً
ما متقاعدين.
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات
توصيات بزيادة دورية لمعاشات المتقاعدين