جريدة الوطن
السبت / 15 / محرم / 1441 هـ , 14 سبتمبر 2019
تحسن جودة أصول البنوك الإسلامية
نجحت البنوك الإسلامية
القطرية في تنظيف ميزانياتها العمومية من القروض المتعثرة لتهبط بها إلى أدنى مستوى
عبر تبنيها استراتيجية تحوطية احترازية تستهدف درء المخاطر والتوسع المستمر وطرح
خدمات ومنتجات مالية جديدة مع التركيز على السوق المحلي واستهداف تحسين جودة ونوعية
الأصول في ظل بلوغ مستويات تغطية القروض غير العاملة (القروض المتعثرة) أكثر من 100
في المائة. ووفقا لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، فإن مستويات القروض المتعثرة
لدى المصارف الإسلامية في قطر يصل إلى 1.2 في المائة من إجمالي محفظة القروض، وهو
أقل من المتوسط الخليجي بكثير، حيث تشير وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني
العالمية إلى أن متوسط القروض المتعثرة للبنوك الإسلامية الخليجية يبلغ 3.1% من
إجمالي محفظة القروض. وسجلت المصارف الإسلامية المحلية ارتفاعاً في جودة ونوعية
الأصول نتيجة تراجع سقف المخصصات مع انخفاض منسوب القروض المتعثرة وتحسن متوسط
التكلفة إلى الدخل، فيما حققت أصول البنوك الإسلامية في قطر نموا قياسيا بواقع
128.92 مليار ريال خلال 5 سنوات بارتفاعها من مستوى بلغ 221.68 مليار ريال في
فبراير 2014، وصولا إلى مستوى بلغ 350.6 مليار ريال في فبراير 2019، وهي أحدث
بيانات متاحة صادرة عن مصرف قطر المركزي.
ويعكس نمو أصول البنوك الإسلامية العاملة في السوق القطري نجاحها في توسيع حصتها
السوقية محليا، رغم المنافسة الشديدة التي تشهدها السوق المصرفية التي تضم 18 مصرفا،
تتوزع على 4 بنوك إسلامية و6 مصارف محلية تجارية تقليدية ومصرف متخصص، وهو بنك قطر
للتنمية و7 فروع لبنوك ومصارف أجنبية تقليدية، وقد تزامن ارتفاع الأصول مع نشاط
كبير أظهرته إدارات المخاطر التي قلصت التعرض إلى المخاطر، ليصل إلى أدنى مستوياته،
فيما شهدت ودائع القطاع العام لدى البنوك الإسلامية القطرية ارتفاعا ملياريا من
مستوى بلغ 49.5 مليار ريال في فبراير 2014 إلى مستوى بلغ 66.33 مليار ريال في
فبراير 2019، وكذلك زادت ودائع القطاع الخاص بواقع 29.69 مليار ريال من مستوى بلغ
98.93 مليار ريال في فبراير 2014 إلى مستوى 128.62 مليار ريال في فبراير 2019.
ووفق بيانات «المركزي»، فإن البنوك الإسلامية أكثر تركيزا على السوق المحلية،
مقارنة بنظيراتها التقليدية، وهو ما يبدو واضحا من البيانات التي تكشف ارتفاعا
قياسيا في الاستثمارات المحلية للبنوك الإسلامية بواقع 29.16 مليار ريال من مستوى
بلغ 37.41 مليار ريال في فبراير 2014 إلى 66.3 مليار ريال في فبراير 2019، فيما حقق
الائتمان المحلي للبنوك الإسلامية قفزة كبرى تفوق 65 مليار ريال بارتفاعه من 163.86
مليار ريال في فبراير 2014 إلى مستوى 228.92 مليار ريال، وكذلك تضاعف منسوب النقد (الكاش)
نحو 3 مرات من 87.98 مليارريال إلى 226.15 مليار ريال خلال 5 سنوات.
المعايير المحاسبية
وأظهرت البنوك الإسلامية استجابة مثالية للمعايير المحاسبية والتحديثات التي تصدر
عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في إطار إرشادات مصرف قطر
المركزي، كما أنها تعزز نشاط قطاعات المخاطر بها لدرء أيه مخاطر محتملة، حيث قامت
البنوك الإسلامية اعتبارا من مطلع العام الجاري بتطبيق تعليمات مصرف قطر المركزي
الموجهة للقطاع المصرفي بشكل عام بشأن قياس ومراقبة الانكشافات الكبيرة والحد منها،
وهي تعليمات تستهدف تقليص مستويات التعرض للمخاطر، وبموجب هذه التعليمات، فقد تم
تحديد مستوى 20 في المائة كحد أقصى للانكشاف على جميع فئات الأطراف المقابلة، عدا
البنوك، بما فيها إجمالي الانكشافات المدرجة بمحفظة القروض والسلف في البنوك
التقليدية وبمحفظة التمويل في البنوك الإسلامية داخل المركز المالي، وكذلك على
التسهيلات غير المباشرة خارج المركز المالي مثل الاعتمادات والكفالات والسقوف غير
المستغلة وأيه تسهيلات ائتمانية أخرى، وكذلك تم تحديد مستوى 25 في المائة كحد أقصى
للانكشاف على التسهيلات الائتمانية وغيرها من جميع أنواع الانكشافات تجاه طرف مقابل
واحد ومجموعته الائتمانية، بينما تم تحديد سقف 8 مليارات ريال كحد أقصى لإجمالي
الانكشافات تجاه طرف مقابل واحد ومجموعته الائتمانية لدى جميع البنوك في قطر، وفي
المقابل وضع «المركزي» سقف 25 في المائة للانكشاف على البنوك الأجنبية أو غير
المرخصة من مصرف قطر المركزي بالنسبة للبنوك ذات التصنيف الائتماني الدولي للأجل
غير القصير مع وزن مخاطر حتى 50 في المائة حسب تعليمات كفاية رأس المال، أما البنوك
ذات التصنيف الائتماني الدولي للأجل غير القصير مع وزن مخاطر 100في المائة، فيبلغ
سقف الانكشاف عليها مستوى 10 في المائة، فيما يصل سقف الانكشاف إلى 5 في المائة
بالنسبة للبنوك ذات التصنيف الائتماني الدولي يحمل وزن مخاطر 150 في المائة أو
البنوك غير المصنفة دوليا، والتي تضغ قيودا على تحويل العملة، أما الانكشافات على
البنوك الوطنية المرخصة من «المركزي»، فقد تم تحديد سقف انكشاف 25 في المائة
لإجمالي انكشاف بنك على بنك آخر ومجموعته المترابطة، إلى جانب سقف 15 في المائة كحد
اقصى لانكشاف أحد البنوك ذات التأثير النظامي الهام (D-SIB) على بنك آخر ذي تأثير
نظامي هام، علما بأنه لا تندرج المعاملات اليومية بين البنوك ضمن إطار قياس
الانكشافات الكبيرة والحد الأقصى للانكشاف.
البيئة التشغيلية
وتتمتع البنوك الإسلامية القطرية حاليا «بأريحية» كبرى نتيجة تحسن البيئة المصرفية
التشغيلية في السوق القطري في أعقاب الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو
2017، حيث تراجعت مخاطر انخفاض أسعار النفط، والتي كانت تشكل هاجسا كبيرا خلال
السنوات الماضية نتيجة ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تدور حاليا حول مستوى 70
دولارا للبرميل، إلى جانب انكشافها المحدود على الأسواق الخارجية نتيجة تركيزها على
التوسع في السوق المحلي، وهو ما قلص مخاطرها، فضلاً عن استمرار زخم الإنفاق الحكومي
الرأسمالي الكبير على المشاريع التنموية الكبرى ومشاريع مونديال 2022، حيث يساهم
القطاع المصرفي بشقيه التجاري التقليدي والإسلامي في تمويل المشاريع التنموية
الكبرى إلى جانب تحسن التصنيفات الائتمانية السيادية لدولة قطر، وهي التصنيفات التي
استفادت منها البنوك الإسلامية والتقليدية، وذلك بالتزامن مع التطور الكبير في
مؤشرات السيولة نتيجة تبسيط الهيكل التمويلي للقطاع المصرفي، فيما تبلغ نسبة كفاية
رأس المال لدى البنوك الإسلامية مستويات أعلى من متطلبات مصرف قطر المركزي.
فرص نمو
وتحظى المصارف المحلية بفرص نمو واعدة على وقع «فورة» سوق المشاريع في قطر، والتي
توفر فرصا تمويلية للقطاع المصرفي، ومن ضمنه البنوك الإسلامية، حيث تشير البيانات
الصادرة عن مؤسسة ميد الاقتصادية إلى بلوغ حجم المشاريع الجارية والأخرى المخطط لها
والمتوقع تنفيذها خلال السنوات المقبلة، مستوى يبلغ نحو 85 مليار دولار، تتوزع على:
مشاريع بقيمة 9.1 مليار دولار قيد الدراسة حالياً ومشاريع بقيمة 31.7 مليار دولار
جارٍ طرحها كمناقصات ومشاريع بقيمة 44 مليار دولار قيد التصميم حالياً، وتشهد قطر
حاليا حزمة مشاريع كبرى قيد الإنشاء، أبرزها: توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال من
77 مليون طن إلى 110 ملايين طن سنويا، عبر زيادة الإنتاج وتطوير حقل الشمال، إلى
جانب توسعة مطار حمد، حيث بدأ مطار حمد الدولي أيضاً في أعمال المرحلة الثانية من
خطته للتوسعة في مطلع العام الجاري، والتي تهدف إلى تعزيز الطاقة الاستيعابية
للمطار لتصل إلى 53 مليون مسافر سنويا بحلول عام 2022. وتتضمن خطة التوسعة أيضاً
زيادة في الطاقة الاستيعابية للشحن الجوي للبضائع عبر المطار إلى 3 ملايين طن سنويا،
علاوة على حزمة من المشاريع التنموية الكبرى الأخرى، حيث تركز موازنة الدولة للعام
الجاري على زيادة كفاءة الإنفاق العام وتوفير كافة الموارد المالية اللازمة
لاستكمال المشاريع الكبرى حسب الخطط المعتمدة، بما يحقق التنمية المستدامة في إطار
رؤية قطر الوطنية 2030 بمختلف ركائزها الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية.
ومن المقرر أن يشهد عام 2019 ترسية مشاريع جديدة في مختلف القطاعات بتكلفة إجمالية
تصل إلى 48 مليار ريال، في حين بلغت التكلفة الإجمالية للمشاريع التي تم الالتزام
بها حتى الآن 421 مليار ريال، كما أنه من المتوقع أن تؤدي هذه المشاريع الجديدة إلى
زيادة النمو الاقتصادي في الدولة، وخاصة في القطاعات غير النفطية.