جريدة الوطن - الخميس 26 ديسمبر
2019م
قطر
من كبريات الدول التي وضعت تشريعات تراعي كبار السن
أكد الدكتور أيمن شبانة، عضو الهيئة
التدريسية في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة
لمؤسسة قطر، والخبير بشؤون الأخلاقيات الطبية في الإسلام، أن الرعاية التلطيفية
للمسنين برزت على المستوى العالمي كقضية جدلية بسبب أهمية تحسين نوعية حياة كبار
السن، بالتوازي مع الأعباء الاقتصادية وخصوصًا فيما يتعلق بالرعاية الصحية التي
يحتاجونها وإمكانية المواءمة بينها وبين احتياجات الأطفال والشباب.
وأوضح أن دولة قطر كانت من كبريات الدول التي وضعت تشريعات من شأنها أن ترعى كبار
السن، مثل قوانين الضمان الاجتماعي والإسكان وإدارة الموارد البشرية، والتقاعد
والتأمينات الاجتماعية والأسرة وغيرها، كما أنها تتمتع بالموارد الكافية لتوفير
الرعاية الصحية النوعية للمرضى ومن بينهم كبار السن، لافتاً إلى أن تلك التشريعات
تستمد جذورها من الدين الإسلامي ومن الثقافة العربية لدولة قطر وللشعب القطري.
وبيّن الدكتور شبانة أنه من خلال مشاركته في الندوة التي عقدها مؤتمر القمة العالمي
للابتكار في الرعاية الصحية «ويش»، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، تحت عنوان«الدين
والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن» يومي 11-12 ديسمبر،
في روما، أن هناك اتجاهين متناقضين حول رعاية كبار السن، الاتجاه الأول يرى أن كبار
السن يمثلون رصيدًا كبيرًا للمجتمعات الإنسانية، من ناحية الخبرات والحكمة
والاسهامات التي قاموا بها في حياتهم تجاه مجتمعهم، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة
تبّنت هذا الاتجاه عندما وقعّت على مبادئ أساسية لرعاية كبار السن في العام 1991،
وهي الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتلبية الاحتياجات والكرامة، ولاحقًا عندما
أعلنت عام 1999 بوصفه اليوم الدولي للمسنين.
وذكر شبانة أنه الأقل تعاطفًا مع هذه الفئة المجتمعية، حيث ينظر البعض إلى المسنين
من وجهة نظر اقتصادية وطبية، لذلك يدعون في بعض الدول إلى تضييق الخيارات الصحية
المتاحة أمام المسنين، خصوصًا في الحالات المرضية الميؤوس منها بالاتفاق مع المريض،
وذلك من خلال النظام الصحي أو الطبيب المعالج.. وإلى نص الحوار:
} ما هي أهمية رعاية المسنين ؟ ومتى ظهرت على المستوى العالمي ؟
- الرعاية التلطيفية للمسنين برزت على المستوى العالمي كقضية جدلية بسبب أهمية
تحسين نوعية حياة كبار السن، بالتوازي مع الأعباء الاقتصادية وخصوصًا فيما يتعلق
بالرعاية الصحية التي يحتاجونها وإمكانية المواءمة بينها وبين احتياجات الأطفال
والشباب، فمن خلال المشاركة في ندوة «الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية
والصحة النفسية لكبار السن»، والتي أظهرت أن كبار السن يمثلون رصيدًا كبيرًا
للمجتمعات الإنسانية، من ناحية الخبرات والحكمة والاسهامات التي قاموا بها في
حياتهم تجاه مجتمعهم، حيث تبنت الأمم المتحدة هذا الاتجاه عندما وقعّت على مبادئ
أساسية لرعاية كبار السن في العام 1991، وهي الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتلبية
الاحتياجات والكرامة، ولاحقًا عندما أعلنت عام 1999 بوصفه اليوم الدولي للمسنين.
} وما هو الاتجاه الآخر ؟
- أما الاتجاه الآخر، هو التعاطف الذي تحظى به هذه الفئة من المجتمع، حيث ينظر
البعض إلى المسنين من وجهة نظر اقتصادية وطبية، لذلك يدعون في بعض الدول إلى تضييق
الخيارات الصحية المتاحة أمام المسنين، خصوصًا في الحالات المرضية الميؤوس منها
بالاتفاق مع المريض، وذلك من خلال النظام الصحي أو الطبيب المعالج.
وهذا الاتجاه الأول هو ما يدافع عنه وفد مؤتمر ويش، حيث سلط في محاضرته الضوء على
موقف الإسلام من قضية رعاية المسنين التلطيفية، وقلنا خلال مشاركتنا وأكدنا مدى
توافق التعاليم الاسلامية مع الاتجاه الذي يكرّم كبار السن ويعزز مكانتهم في
المجتمع، فالتراث الإسلامي غني بالمصادر التي تركز على أهمية رعاية هذه الفئة
المجتمعية انطلاقًا من دورهم المهم في المجتمع، وتتضمن هذه المصادر الدينية الكثير
من القيم الإنسانية مثل الرحمة، التعاطف، والامتنان وهو عنصر مهم جدًا.
} وما هو موقف الدين من تلك المسألة ؟
- تتحدث النصوص الدينية عن مراحل الحياة المختلفة التي يمر بها الإنسان، حيث
الانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة والنضج ثم التقدم بالسن والشيخوخة، ولكل من
هذه المراحل خصائص محددة، وواجبات ومسؤوليات وحقوق معينة، وبالتالي، لا بدّ من
احترام دورة الحياة هذه، فهذه الرؤية الشاملة لدورة الحياة من وجهة نظر الإسلام هي
ما ألقينا الضوء عليه في الندوة، حيث ركزنا على أهم القيم التي تحميها الشريعة
الإسلامية ومن بينها ضمان استمرارية الحياة بشكل متوازن.
} وكيف نعمل على ربط العلاقة بين العلم والمبادىء الدينية في هذه القضية ؟
- حول دور الندوة في بناء الجسور بين الأخلاق والمبادئ الدينية من ناحية، وبين
العلم من ناحية أخرى، نحب أن نؤكد أن الأخلاق والدين يطرحان الأسئلة الوجودية نفسها
التي تواجه أي إنسان، ومن بينها سؤال الحياة والموت، والخير والشر، وغيرها، أما
العلم، فهو مجال يبحث في طبيعة البشر بعيدًا عن القيم.
حيث يوجد قلق عام اليوم مما يسمى اليوم «العلم العلماني» الذي لا يأخذ بعين
الاعتبار القيم الأخلاقية والدينية، وهو ما قد تنتج عنه عواقب وخيمة، كأن يقوم
العلماء بإجراء تجارب تهدد الوجود الإنساني، هنا سعينا من خلال الندوة إلى تبيان
أهمية بناء الجسور بين العلم والأخلاق، بحيث تُعتمد الأخلاق كمرجع يمنع العلوم من
أن تنحدر إلى مستوى التدمير الذاتي للإنسان».
} وكيف يرى عالمنا العربي والإسلام تلك القضية ؟
- على الرغم من كوننا مجتمعًا عربيًا اسلاميًا ما زال متمسكًا بالأسرة، إلا أن
الانفتاح على العالم وازدياد التواصل والتفاعل بين مختلف المجتمعات، ترك آثاره على
نمط حياة الناس، حيث أصبحوا يواجهون تحديات اقتصادية أكبر، ما أثر على حجم الوقت
الذي يتم تخصيصه لرعاية الآخرين ومن بينهم كبار السن، مبينًا أنه في هذه الحالة،
فإن الرجوع إلى القيم الأخلاقية والدينية يصبح أساسيًا، كي لا نصل إلى خيارات غير
عادلة وغير أخلاقية.
} هل لهذه القضية تأثير على قضية الانتحار لكبار السن ؟
- من المؤكد أن مثل هذه الحالات ليست شائعة، لكنها موجودة ويصعب رصدها باعتبارها من
المحرمات، وما ينبغي التركيز عليه في هذه الحالة هو معالجة الظروف التي قد تدفع
البعض إلى ذلك، قبل أن تصبح هذه الحالة أكثر انتشارًا.
ونحن ندعو إلى بذل الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف، وذلك من خلال التعاون بين
الحكومات والمجتمع المدني والأفراد، بحيث يؤدي كل جانب دوره، كأن يرعى أفراد الأسرة
المسن، ويبتكر المجتمع المدني أفكارًا ومشاريع جديدة من شأنها أن تعزز القيم
الأخلاقية المتعلقة برعاية كبار السن.
} وهل يوجد جهود لدولة قطر في وضع تشريعات في هذا الجانب ؟
- دولة قطر تمكنت من وضع تشريعات من شأنها أن ترعى كبار السن، مثل قوانين الضمان
الاجتماعي والإسكان وإدارة الموارد البشرية، والتقاعد والتأمينات الاجتماعية
والأسرة وغيرها، كما أنها تتمتع بالموارد الكافية لتوفير الرعاية الصحية النوعية
للمرضى ومن بينهم كبار السن.
إصدار الدستور الدائم لدولة قطر