جريدة الوطن - الإثنين 30
جمادى الآخرة 1441هـ - 24 فبراير 2020م
العلاقات
القطرية ــــ التونسية استثنائية
كتب
- محمد حربي
أكد سعادة السفير سامي السعيد، سفير جمهورية
تونس لدى الدولة، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد
المفدى -حفظه الله- إلى الجمهورية التونسية، تحظى باهتمام كبير، من حيث إنها الثالثة
في أقل من ثلاث سنوات، بشكل يبرز أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وكذلك
القواسم المشتركة بين الشعبين القطري والتونسي، في جوانب عديدة ومختلفة، وكذلك الإرث
المشترك، والتفاهمات في الرؤى، بشأن العديد من القضايا، والملفات، وخاصة القضية المركزية
للأمة العربية، وهي قضية فلسطين.
وقال سعادة السفير سامي السعيد، خلال لقاء مع الصحفيين، إن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ
تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لتونس ضمن جولته الحالية التي تشمل كلا من
الأردن والجزائر، هي زيارة رسمية، تؤكد الطّابع الاستثنائي للعلاقات بين البلدين، كما
تأتي الزيارة بعد أشهر قليلة فقط من الانتخابات الرئاسيّة والتّشريعيّة في تونس.
وأوضح سعادة السفير سامي السعيد أن حضرة صاحب السموّ وخلال زيارته الحالية يكون ثاني
زعيم يزور تونس منذ تقلّد فخامة الرّئيس قيس سعيّد لمهامّه على رأس الدولة، مشيراً
إلى أن الزّيارة هي الثالثة لسمو الأمير إلى تونس في أقلّ من ثلاث سنوات ونصف (أي بمعدل
زيارة سنوياً)، موضحاً أن الرّسالة الأساسية من هذه الزيارة هي تأكيد وقوف دولة قطر
الدّائم إلى جانب تونس ودعمها لتطلّعات وأحلام الشّعب التّونسي.
وأشار سعادته إلى أن هناك العديد من الملفات الإقليمية المهمة والتي تحتاج التشاور
والتنسيق بين البلدين والأخذ بعين الاعتبار الدّور الهام الذي تضطلع به قطر في السّاحة
الاقليميّة والدّولية، بفضل دبلوماسيّتها النّاعمة النّشطة، وجُهود الوساطة التي تبذلها
في عديد النّزاعات، وأهمية التنسيق مع تونس باعتبارها العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن
الدّولي، حيث إن التّشاور يحقق زخمًا أكبر لخدمة القضايا العادلة والسّعي لإيجاد حلولٍ
للّنزاعات الاقليميّة التي تُمزّق كيان الأمّة العربيّة.
روابط تاريخية
وأضاف أن خصوصية العلاقات السياسية بين البلدين تستمد جُذورها من الرّوابط التاريخية
التي تجمع قطر وتونس والإرادة الرّاسخة للقيادة في البلدين لجعلها أنموذجًا لما يجب
أن تكون عليه علاقات الأشقّاء، موضحا أنه من الطّبيعي أن يظلّ نسق التّشاور بينهما
مرتفعاً، خاصّة في ظلّ التّحدّيات الاقليميّة الرّاهنة والتي تُلقي بظلالها على الأمن
والتّنمية في المنطقة العربيّة. فضلاً عن علامات التّقدير والإكبار التي لطالما طبعت
العلاقات بين القيادة في البلدين، والتي تتمّ ترجمتها إلى إجراءات عمليّة لتوثيق أواصر
الأخوّة والتّعاون بين البلدين.
شراكة اقتصادية
وبشأن المتوقع من زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى
-حفظه الله- إلى تونس، قال سعادة السفير سامي السعيد إنهم يتطلعون إلى أن تكون هذه
الزّيارة مناسبة لتعزيز التّنسيق والتّشاور بين البلدين وإعطاء زخم إضافي للشراكات
الاقتصاديّة والاستثماريّة وتجديد الدّعم والمساندة للانتقال والدّيمقراطي والمسار
الاقتصادي في تونس، كما أنهم يتطلعون إلى الارتقاء بالتّعاون المتميز إلى مستوى الشّراكة
المتضامنة والفاعلة.
ووصف سعادة السفير سامي السعيد العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر وتونس بأنها في حالة
تصاعد مستمر، موضحا أن التّبادل التّجاري التّونسي-القطري يشهد نسقًا تصاعديًّا، حيث
قفزت الصّادرات القطريّة إلى تونس ست مرات ما بين 2011 و2019 في حين تضاعفت وارداتها
من تونس عشر مرات في نفس الفترة، وبلغت الصادرات القطرية إلى تونس 64 مليون دينار في
2019 بما يعادل حوالي 85 مليون ريال. فيما بلغت واردات تونس من قطر حوالي 64 مليون
دينار في نفس السنة، وهو ما يجعل الميزان التّجاري متكافئًا، مشيراً إلى أنه رغم التكافؤ
في الميزان التجاري إلا أن حجم التّبادل ما يزال دُون طموحات البلدين ودون الإمكانيّات
التّصديريّة الحقيقيّة لكليهما. وتكمُن الأسباب في غياب خطّ بحري يربط البلدين وارتفاع
تكلفة الشّحن الجوّي. ونحنُ نعمل مع الإخوة في قطر على التّسريع بربط تونس بأحد الخطوط
البحريّة القطريّة، أو إحداث خطّ بحري مباشر بين البلدين.
مبادرة صاحب السمو
وحول الاستثمارات القطرية في تونس، أوضح سعادته أن دولة قطر حافظت على مكانتها كأحد
أهمّ الشركاء الدّوليّين لتونس في المجالين المالي والاستثماري. ويبلغ حجم الاستثمارات
القطريّة المباشرة في تونس حوالي 3 مليارات دينار كما في 2018، تتوزع في مختلف المجالات
مثل الاتّصالات والبنوك والسّياحة والعقارات بطاقة تشغيلية تفوق 2500 موطن شغل. وآخر
هذه الاستثمارات المنتجع الصّحراوي في مدينة توزر الذي أنجزته شركة الدّيار القطريّة
بقيمة 80 مليون دولار وتم افتتاحه بداية ديسمبر 2019 بحضور سعادة الشيخ جوعان بن حمد
آل ثاني رئيس اللجنة الأولمبية، كما يجري حالياً إنجاز منتجع سياحي بمدينة قمّرت (ضاحية
تونس العاصمة) باستثمارات قدرها 200 مليون دولار ومن المتوقع الانتهاء منه قبل القمة
الفرانكفونية التي تستضيفها تونس، وسيكون أكبر إنجاز سياحي في تونس. هذا بالإضافة للاستثمارات
الأخرى مثل شركة أوريدو التي تعدّ حاليًا أكبر مشغّل اتّصالات في تونس، وبنك قطر الوطني
الذي افتتح 35 فرعًا بتونس. كما استحوذت قطر على حصص هامة في بنك الزيتونة بمبلغ 370
مليون دينار.
كما أشاد سعادة السفير سامي السعيد بمبادرة حضرة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
أمير البلاد المفدى بالدّعوة لعقد مؤتمر لدعم الاقتصاد والاستثمار في تونس في نوفمبر
2016، ورعايته لهذا المؤتمر الذي تمخّض عن تعهّدات ماليّة واستثماريّة هامّة، وتقديم
دولة قطر لمساعدات ماليّة بقيمة 1.25 مليار دولار لدعم الاقتصاد التّونسي.
آليات تمويل
ونوه السفير التونسي إلى أن صندوق قطر للتنمية الذي يجري حالياً اتّخاذ الإجراءات القانونيّة
لفتح فرعٍ له بتونس كأوّل مكتبٍ في الخارج، سيساهم في جهود التّعاون المالي من خلال
توقيع اتّفاقيّات شراكة مع مؤسّسات بنكيّة وماليّة تونسيّة لتمويل مشاريع موجّهة للشّباب،
ولا سيما ذات القدرة التّشغيليّة. وتندرج مجالات نشاط الصندوق ضمن أولويّات الدّولة
التّونسيّة خاصّة مكافحة البطالة عبر تمويل المشاريع وتوفير التّمكين الاقتصادي للفئات
المهمّشة ودعم التّوازن بين مختلف المناطق في إطار ما يُعرف بالتّمييز الإيجابي بما
يُساهم في حماية شباب هذه المناطق من الانحراف أو التّطرّف.
ولفت سعادته إلى أن صندوق الصّداقة القطري - التّونسي (وهو أحد آليّات صندوق قطر للتّنمية)،
عبارة عن هبة بقيمة 97 مليون دولار في إطار برنامج يُعنى بتشجيع المبادرات الخاصّة
وبعث مشاريع للشباب التّونسي. ويطمح الصندوق لخلق ما بين 50 ألفا و100 ألف فرصة شغل
(مباشرة وغير مباشرة) للشباب التونسي وذلك بحلول 2021.
كما وقّع صندوق الصّداقة 5 اتفاقيات شراكة مع مؤسسات بنكية ومالية تونسية بقيمة 15
مليون دولار، تهدف إلى مكافحة البطالة وتشغيل الشباب وتشجيعه على ريادة المشاريع.
الجالية التونسية
وقال إن الجالية التّونسيّة بقطر جالية نُخبة في أغلبها، ويُشكّل الوافدون في إطار
التّعاون الفنّي الجزء الأهم ويعملون أساسًا في قطاعات الصّحّة والتّعليم والرّياضة
والهندسة والنّفط والإعلام والخدمات الفندقيّة والمبيعات.. وتعزّزت هذه الجالية في
السنوات الأخيرة بأعداد من الكفاءات وكذلك بأصحاب المهن الصّغرى، وأضاف أن الجالية
التّونسيّة لها مساهمتها المقدّرة في مسيرة البناء والتّشييد التي تشهدها دولة قطر
الشقيقة، وخاصة البنية التحتية لكأس العالم 2022، ويبلغ عددها حالياً أكثر من 30 ألفا
بعد أن كان لا يتجاوز 10 آلاف في 2012. وهي جالية مندمجة في المجتمع القطري ووصفها
سموّ الأمير الوالد بأنّها تجمع بين «الكفاءة والأمانة». ولمستُ لديها تعلّقًا خاصًّا
بالبلد الذي يحتضنهم لما يلقونه فيه من رعاية وإحاطة غير متوفّرين في بُلدان أخرى.
تشغيل الكفاءات
وأضاف السفير السعيد أن تشغيل الكفاءات التّونسيّة يمثل أحد الرّوافد المهمّة للتّعاون
التّونسي- القطري منذ ثمانينات القرن الماضي، وسوق العمل القطريّة جاذبة لليد العاملة
المختصّة التّونسيّة لما يتوفّر لديها من ظروف عمل متميّزة. ويخضع تشغيل اليد العاملة
التّونسيّة بدولة قطر إلى اتّفاق 1981 الخاص بتنظيم استقدام العمّال التّونسيين والبروتوكول
الإضافي للاتّفاق 2010. وعقدت اللّجنة الفنّية المشتركة التونسيّة- القطريّة في مجال
التشغيل اجتماعها الثاني بتونس في شهر نوفمبر الماضي الذي أفضى إلى تفاهمات بشأن زيادة
عدد العمّال التّونسييّن وتسهيل إجراءات استقدامهم إلى دولة قطر وإنشاء مركز تأشيرات
قطر بتونس (الأوّل من نوعه عربيًّا وافريقيًّا).
وأضاف «نستعدّ حاليًا لعقد الاجتماع الثالث للّجنة في النّصف الثاني من السّنة الجارية
بالدّوحة».
كأس العالم:
وحول استضافة قطر لكأس العالم 2022، قال السفير التونسي إن قطر عودتنا على كسب أكبر
الرّهانات ونجاحها في احتضان أهمّ البطولات الدّوليّة مؤخّراً، على غرار كأس العالم
للأندية والبطولة الآسيويّة للأمم، ما هو إلاّ دليلٌ على جاهزيّتها لتنظيم بطولة كأس
العالم لكرة القدم لتكون بذلك أول دولة عربيّة وشرق أوسطيّة تستضيف البطولة الأكبر
في العالم. ولا خلاف في أن مونديال 2022 سيكون حدثاً استثنائيًّا. وما أنجزته قطر على
صعيد البنية التّحتيّة واللّوجستيّة إلى حدّ الآن، أي أكثر من سنتين من انطلاق المونديال،
يُشكّل مصدر فخر للقطريّين أوّلا وللعرب ثانيًا. ونحنُ كتونسيّين، نَضَعُ طاقاتنا على
ذمّة الأشقاء في قطر للمساعدة في إنجاح هذا الموعد الكروي الهام.
اقتصاد قوي
وشدد سعادة السفير سامي السعيد على أن دولة قطر تشهد عملية تنمية ونهضة واضحة، بفضل
الجهود التي قامت بها وشجعتها القيادة القطرية تجعل الإنسان في قلب العملية التنموية
والحضارية، وخاصة من خلال توفير منظومة تعليمية وصحية متطورة جداً. كما أصبحت قطر تمتلك
اقتصاداً قوياً من أسرع الاقتصادات نموا في العالم ونظاماً مالياً وجهازاً مصرفياً
هو من الأفضل والأقوى في العالم، اقتصاداً قوياً يقوم على الاستغلال الأمثل لمواردها.
إصدار الدستور الدائم لدولة قطر
مرسوم رقم (2) لسنة 2013 بالتصديق على مذكرة تفاهم بين حكومة دولة قطر وحكومة
الجمهورية التونسية في مجالات التكوين المهني
مرسوم رقم (14) لسنة 1996 بالموافقة على اتفاقية إنشاء لجنة عليا مشتركة لتنمية
العلاقات بين حكومة دولة قطر وحكومة الجمهورية التونسية
العلاقات القطرية التونسية نموذج في التكامل الدائم
رئيس الوزراء والرئيس التونسي
يستعرضان العلاقات