جريدة
الشرق الثلاثاء 6
أكتوبر 2020 م - ١٨ صفر ١٤٤٢ هـ
التشكيل الوزاري الثاني
بمجرد أن أُعلن
التشكيل الوزاري الثاني، تحولت الدوحة إلى شعلة من الحركة، والمجتمع إلى كتلة من
النشاط، استغرق التشكيل الوزاري الأول ما يقارب العشرين عاماً، فكان مجرد الإعلان
عن التشكيل الوزاري الثاني قتلاً للرتابة وحالة السكون والاعتياد المملة، تداول
المجتمع الزيارات للوزراء الجدد، والمباركة بالثقة الأميرية واحتفى بهم أيما احتفاء.
شباب من خريجي الجامعات تكنوقراط، يحملون شهادات في جميع التخصصات، وبعضهم من
السفراء، وجميعهم قد تمرس في العمل الحكومي، ولديه من الخبرة الشيء الكثير، فانتشى
الشعب بهذا التغيير، وعاش أملا كبيرا بالنهوض الإداري والتحول في الأداء وفي
الإنتاج، كان التشكيل الأول كما ذكرت لا يشكو من مسافة بين وضعه والمنصب الذي تقلده،
من هنا كانت إنتاجيته كما ذكرت في المقال السابق، بينما تفاجأنا جميعاً بأن هناك
فجوة مركبة بين مخرجات التشكيل الثاني وبين المنصب وبينه وبين السلطة.
ومن هنا ظهرت ريعيته في مقابل إنتاجية التشكيل الأول، ومن هنا أيضاً بدأت الخيبة
تتسرب إلى أعماق المجتمع، بعد أن عقد الأمل على الشهادة الجامعية والشباب النشط.
فجائية التعيين وعدم توقعه أحدثتا لدى البعض فجوة بينه وبين المنصب، ومسافة ذهنية
بينه وبين التحقق من تقلده، مما أثر كثيراً على الأداء، وأصبح شاغل المنصب مديناً
للمنصب وليس العكس، كما أن ضعف الإنتاجية المجتمعية لديه أوجد مسافة كبيرة بينه
وبين المنصب، جعلت منه أداة أكثر منه رأياً وحضوراً، ونتج عن ذلك الوضع بدلاً من
الإنتاجية صراع داخلي بين مكونات وفاعلية العمل في الوزارات.
كانت الطموحات أكبر، حيث إنها أهملت الواقع الاجتماعي الذي كان من أهم خصائص
التشكيل الوزاري الأول، اعتماداً على أن الشهادة الاجتماعية والخبرة العملية
كافيتان لتحريك كل الأمور، ولم ننتبه إلى مفهوم العلاقة داخل المجتمع، التي لها
الدور الأول والأكبر في نجاح العمل في مجتمع لا يزال يعتمد على الوجاهة الاجتماعية
أكثر من الشهادة الجامعية، والوجود الاجتماعي العميق مع السلطة أكثر من العلاقة
العملية الرسمية.