جريدة الشرق - الأحد 21 ربيع
الثاني 1442هـ - 6 ديسمبر 2020م
بيع
التركة في القانون المدني القطري
الدوحة
- الشرق
التركة: هي ما يتركه الميت بعد موته من أموال
وحقوق تؤول للورثة حكماً بمجرد الوفاة، ويتم تحديد هؤلاء الورثة بوثيقة تصدر عن المحاكم
المختصة، تعيّن الورثة وتحدد حصة كل وارث منهم من مجموع التركة بحسب أحكام الشريعة
الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها (المادة 973 مدني قطري). والسؤال المهم الذي
تتمحور حوله هذه المقالة هو: هل يحق لمالك هذه الحصة الإرثية التصرف بها بيعاً لشخص
خارج عن التركة؟.
لقد نظم المشرع القطري أحكام بيع التركة في المواد من 482 إلى 485 من القانون المدني
القطري، بما يفيد بأن هذه الصورة من صور البيع جائزة في التشريع القطري، وهذا البيع
يشبه من حيث المبدأ عملية معروفة في الفقه الإسلامي تسمى التخارج، إلا أن بيع التركة
يختلف عن التخارج في أنه جائز سواء أكان البيع قد تم لوارث آخر أم لأجنبي عن الورثة،
في حين أن التخارج يكون مقصورا على البيع للورثة، كما أن التخارج يجب أن يكون من كامل
الحصة الإرثية لمن يريد الخروج من التركة، لا من بعضها، بحيث تطرح سهام المتخارج من
أصل المسألة الإرثية.
إذاً، فالقانون المدني القطري يجيز للوارث أن يبيع حصته من التركة سواء أبيّن مشتملاتها
أم لم يبيّن، فإن باع حصته دون أن يبيّن مشتملاتها فلا يضمن إلا ثبوت وراثته، ما لم
يتفق على غير ذلك. لكن الأمر يقتضي تعيين حدود التركة أو الحصة الإرثية، بحيث لا يشمل
البيع ما كان خارجاً عن التركة. فعلى سبيل المثال، فإنه إذا كان البائع لحصته الإرثية
قد اكتسب مالا من أموال التركة بغير طريق الإرث، كما لو كان المتوفى قد أوصى له بمال
وأجاز الورثة تلك الوصية، فإن مال الوصية الذي اكتسبه الوارث لا يعد حصة إرثية، وبالتالي
فإن بيع الوارث لحصته الإرثية لا يشمل مال الوصية؛ لخروجه عن التركة.
ما يترتب على بيع التركة
ويترتب على بيع التركة أو حصة منها جملة من الآثار فيما بين طرفي العقد:
أولا-التزامات البائع الوارث: الأصل أن يتم تفصيل مشتملات التركة المبيعة، أو مشتملات
الحصة المبيعة، فإذا تم بيع تركة أو حصة فيها دون تفصيل لمشتملاتها، فإن البائع لا
يضمن إلا ثبوت وراثته ما لم يتفق على غير ذلك (المادة 482 مدني قطري). أما بعد الاتفاق
على البيع فإن بائع التركة يلتزم بنقل ملكية المال المبيع من التركة إلى المشتري وتسليمه
إياه إن كان محله مالا مفرزا. كما يلتزم أيضا بضمان الاستحقاق، وذلك على النحو الآتي:
1- الالتزام بنقل الملكية
يلتزم الوارث البائع بنقل الملكية بحسب حالة التركة وقت وفاة المورث، وليس وقت العقد.
كما أن طريقة نقل الملكية تختلف بحسب طبيعة المال، فالقانون يفرض في بعض الأموال إجراءات
خاصة لنقل الملكية، فإذا بيعت تركة أو حصة فيها، فلا يسري البيع في حق الغير إلا إذا
استوفى المشتري الإجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت عليه التركة، فإذا نص القانون
على إجراءات بعينها لنقل الحق فيما بين المتعاقدين، وجب استيفاء هذه الإجراءات (المادة
483 مدني قطري). وتطبيقا لذلك، فإذا كان المال المبيع منقولا معينا بالذات فإن الملكية
تنتقل بمجرد العقد، أما إذا كان عقارا فإن هنالك إجراءات خاصة يجب استيفاؤها، فكل من
اكتسب عقاراً بالإرث يكون مالكاً له قبل تسجيله على أنَّ أثر هذا الاكتساب لا يبدأ
إلا اعتباراً من التسجيل. وعليه لا يحق للوارث التصرف بالحصة الإرثية إلا بعد التسجيل
في السجل العقاري؛ أي أنَّ المالك بالإرث تتوقف ممارسته لحقوق الملكية على التسجيل
في السجل العقاري، فإذا باع حصته الإرثية لطرف غير وارث، فهذا التصرف ليس له أي أثر
قانوني، وليس له أي حجة على حقوق الغير قبل التسجيل في السجل العقاري، فعقد البيع هذا
لا ينقل الملكية، وإنَّما ينشئ التزاماً بنقلها؛ أي يرتب التزاماً شخصياً على البائع
بالنقل وحقاً شخصياً للمشتري بالتسجيل. فتصرف الوارث بحصته من العقار الموروث قبل نقله
إلى اسمه في قيود السجل العقاري هو تصرف معلق على شرط واقف وهو تسجيل هذه الحصة في
السجل العقاري.
وإذا كان البائع قد استوفى بعض ما للتركة من حقوق، أو باع شيئاً مما اشتملت عليه أو
استهلكه، وجب عليه أن يرد للمشتري ما استولى عليه وقيمة ما استهلكه، ما لم يكن قد اشترط
عند البيع عدم الرد (المادة 483 مدني قطري).
وإذا كانت حقوق البائع الوارث مملوكة على الشيوع فإنها تنتقل إلى المشتري بهذه الصفة،
بحيث يصبح المشتري شريكا على الشيوع على الرغم من أنه ليس وارثاً.
2- الالتزام بالضمان:
يلتزم البائع تجاه المشتري بضمان إرثه في التركة من حيث حدوث وفاة المورث ووجود تركة
له، ومن حيث كونه وارثا. فإذا تبيّن أنه غير وارث، فإن البيع في هذه الحالة يعتبر أنه
قد صدر من غير مالك، وتنطبق عندها أحكام بيع ملك الغير.
ثانيا- التزامات المشتري: من حيث المبدأ ليس على المشتري من التزامات سوى أداء ثمن
الجزء المبيع من التركة، بغض النظر عما إذا كان المشتري أحد الورثة أم أجنبيا عنهم،
ويكون حق بائع التركة في الثمن مضمونا بامتياز خاص، وذلك بحسب ما إذا كان المال المبيع
من التركة منقولا (المادة 1182 مدني قطري) أم عقارا (المادة 1184 مدني قطري).
وإذا ما تم بيع مال من أموال التركة فإن المشتري لا يُلزم بديون التركة لسببين: الأول،
أن البائع نفسه لا يلزم بها. والثاني أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون من مال المتوفى،
أما إذا كان بائع التركة قد وفى من مال حصته الإرثية دينا على التركة، فإن له الحق
بالرجوع على مشتري التركة فيما يكون قد وفاه، وعلى ذلك جاء حكم المادة 485 مدني قطري
التي نصت على أنه: يرد المشتري للبائع ما يكون قد وفاه من ديون التركة، ويوفيه بما
يكون له من حقوق عليها، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. وهذا الحكم قائم على أساس
مبدأ تعادل الأداءات وتوازن العقد؛ لأن المشتري في هذه الحالة يكون قد استفاد مما دفعه
البائع من حيث إن المال المبيع خلص إليه دون أن تُستنزل منه قيمة الدين، كل ذلك ما
لم يوجد بينهما اتفاق مخالف.
كما يمكن الاتفاق على أن يلتزم المشتري بتحمل نفقات نقل الملكية ورسوم البيع، خاصة
عندما يكون المال المبيع من التركة عبارة عن عقار، فيجب عندها الاتفاق على تحديد الطرف
الذي يتحمل نفقات التسجيل في السجل العقاري، ورسوم انتقال التركة إلى المشتري. وقد
جرى العرف على أن نفقات نقل الملكية يتحملها الطرف الذي سيصبح مالكاً.
وأخيرا، يجب الإشارة إلى القانون المدني القطري منح للورثة الحق في استرداد الحصة الشائعة
التي باعها أحد الورثة لأجنبي عن الشركاء بعد تعويضه، وذلك على اعتبار أن البيع يتم
أثناء الشيوع، وأن مشتري الحصة الشائعة يصبح مالكاً معهم على الشيوع، الأمر الذي قد
يضر بالشركاء بدخول أجنبي عنهم شريكاً معهم، فنصت المادة 862 من القانون المدني القطري
على أنه: للشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال، أن يسترد قبل القسمة الحصة
الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي بغير طريق المزاد العلني الذي يتم وفقاً لإجراءات
رسمها القانون، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالبيع أو من تاريخ إخطاره به.
ويتم الاسترداد بإخطار يوجه إلى كل من البائع والمشتري، ويحل المسترد محل المشتري في
جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه، وإذا تعدد المستردون، فلكل منهم
أن يسترد بنسبة حصته.
من مبادئ أحكام محكمة التمييز حول
النقل الجوي للأشخاص والأمتعة
النص في الفقرة الأولى من المادة 217 من قانون التجارة على أن: "يقصد بالنقل الجوي
نقل الأشخاص أو الأمتعة أو البضائع بالطائرات مقابل أجر"، والمادة (74) من القانون
رقم (15) لسنة 2002 بشأن الطيران المدني على أن: "تطبق على النقل الجوي أحكام اتفاقية
توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الموقعة في (وارسو) بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1929،
والاتفاقيات الأخرى المعدلة والمكملة لها المنضمة إليها الدولة"، والمادة (77) منه
على أن: "يجب على كل ناقل جوي يعمل في إقليم الدولة التحقق من استيفاء الركاب والبضائع
للمستندات والوثائق اللازمة للدخول إلى الدولة أو الخروج منها إلى المطار المقصود"،
والمادة (78) من القانون ذاته على أن: "يستحق كل راكب حائز على تذكرة سفر مؤكدة الحجز،
وفقاً للشروط والأنظمة المعمول بها، تعويضاً من شركة الطيران المعنية، في حالة عدم
تمكينه من السفر على المقعد الذي قام بحجزه" والمادة (3) من اتفاقية (وارسو) المشار
إليها على أنه: "1- في حالة نقل الركاب يتعين تسليم مستند نقل فردي أو جماعي يتضمن
ما يلي: أ - بيان نقطتي المغادرة والمقصد النهائي... 2- ويجوز الاستعاضة عن تسليم مستند
النقل المشار إليه في الفقرة (1) بأي وسيلة أخرى تسجل بها المعلومات المذكورة في تلك
الفقرة، وإذا استخدمت مثل هذه الوسيلة الأخرى، فعلى الناقل أن يعرض على الراكب تسليمه
بياناً كتابياً بالمعلومات المسجلة بهذه الوسيلة"، والمادة (27) من الاتفاقية على أن:
"ليس في أحكام هذه الاتفاقية ما يمنع الناقل من رفض إبرام عقد النقل أو من وضع قواعد
لا تتعارض مع نصوص هذه الاتفاقية"، يدل – جماع هذه النصوص - على أن عقد النقل الجوي
هو عقد رضائي بطبيعته، ويعتبر الناقل في حالة إيجاب دائم بحيث ينعقد العقد عند قبول
المسافر أو الشاحن هذا الإيجاب وشروطه المعلنة، ويجوز أن يتم التعاقد عبر الوسائل الإلكترونية
والإعلان عن هذه الشروط بصورة واضحة بالموقع الخاص بالناقل، فإن تحقق ذلك، وانعقد العقد،
فلا يجوز للناقل – بحسب الأصل- أن يعدل عنه، أو يتراجع عن تنفيذه إلا لأسباب مبررة
يقرها القانون والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها الدولة والمتعلقة بهذا الشأن، ومن
بين هذه الأسباب عدم حمل الراكب للمستندات اللازمة لدخوله الدولة محل المقصد النهائي
للرحلة، ورفض الناقل لتنفيذ عقد النقل الجوي في هذه الحالة يقتصر على هذه الرحلة، ويتقيد
بمداها، ولا يستطيل إلى ما عسى أن يتم إبرامه مستقبلاً من عقود، لاستقلالية كل عقد
عن الآخر، فلا يجوز تسليط أحدها على خلافه، أما انحراف الراكب عن المسلك القويم، وإن
جاز أن يصلح للعقاب الجنائي إن شكل جريمة، أو يكون محلاً للمطالبة بالتعويض المدني
– إن كان له مقتضى-، إلا أنه لا يسوغ للناقل الجوي أن يتذرع برضائية عقد النقل للامتناع
التام عن إبرام العقود معه مستقبلاً في كافة الرحلات على إطلاقها وإنما يتقيد ذلك بكل
رحلة على حدة ومدى استيفاء الراكب للشروط والمتطلبات لها، وإلا خرج عن نطاق المشروعية،
ووضع بذلك الناقل نفسه في موضع المتعسّف في استعمال الحق على النحو المنصوص عليه بالمادة
(63) من القانون المدني إن تحققت إحدى الحالات المنصوص عليها بها.
محكمة التمييز
جلسة 15 من يناير سنة 2019
الطعن رقم 526 لسنة 2018 تمييز مدني
إصدار الدستور الدائم لدولة قطر
قانون رقم (22) لسنة 2004 بإصدار القانون المدني
القانون وفقا لاخر تعديل قانون رقم (27) لسنة 2006 بإصدار قانون التجارة
القانون وفقا لاخر تعديل - قانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن الطيران المدني