الراية - الخميس28/2/2008
م، الساعة 02:59 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة
نظام الدائرة الواحدة..
الأفضل للانتخابات
لمواجهة قلة عدد الناخبين وصغر مساحات الدوائر.. قانونيون ومثقفون:
تحقيق - إيمان نصار:
يحدد الدستور القطري النظام الانتخابي الذي تتبناه الدولة في إجراء الانتخابات العامة
، كما يعكس قانون الانتخابات العامة بآلياته وإجراءاته شكل النظام الانتخابي الذي تبناه
دستور الدولة ذاته.
وقد كفل الدستور للمواطن حق الانتخاب والترشح، كأهم ملمح من ملامح التطور الديمقراطي،
واعتمد علي نظام الدوائر الانتخابية، (29 دائرة انتخابية) معتبرا أن هذا النظام الانتخابي
أفضل من وجود دائرة انتخابية واحدة من أجل تحفيز الجمهور علي المشاركة السياسية.
ويثار حاليا جدل في الأوساط السياسية القطرية حول نظام الانتخاب الأمثل الذي يمكن تطبيقه
في الدولة، والذي يمكن من خلاله تلافي كافة السلبيات التي شابت التجارب الانتخابية
السابقة ممثلة في انتخابات المجلس البلدي.
النظام الانتخابي هو الآلية التي تحول أصوات الناخبين إلي مقاعد في المجلس التشريعي،
وهناك أكثر من 200 نظام انتخابي في العالم ،وكل دولة تختار النظام الذي يتناسب وظروفها
وتركيبتها السكانية والجغرافية، ولا يمكن أن نقول إن هناك نظاما انتخابيا واحدا يصلح
لكل الدول أو يمكن تعميمه.
ولعلّ أبرز النظم الانتخابية نظام الأغلبية، حيث يفوز المرشح، الذي حصل علي أكبر عدد
من الأصوات، وهو نظام معمول به في 114 بلداً، والنظام النسبي، حيث تحصل كل قائمة تمثل
حزباً أو جبهة أو مجموعة من المرشحين علي عدد من المقاعد يتناسب مع قوتها العددية،
وهو نظام معمول به في نحو 70 بلداً، وهناك النظام شبه النسبي، ويعمل به في 23 دولة،
إضافة إلي العديد من النظم الانتخابية الأخري التي ابتدعتها التجارب الإنسانية ولا
تزال.
وتكمن معايير نجاح أي نظام انتخابي وتميزه علي آخر في أن يكون هذا النظام بعد تطبيقه
مفرزا لمجلس يعكس كلا من التمثيل الجغرافي للدولة بأكملها إلي جانب التمثيل الطبقي
للمجتمع بكافة فئاته.. هذا علي أقل تقدير.
يقول السيد يوسف الزمان المحامي: اذا تم اعتماد عدد الدوائر التي نص عليها في قرار
وزير الداخلية رقم (4) لسنة 1998 والتي بلغت 29 دائرة انتخابية، فإن هناك العديد من
السلبيات التي سوف تنشأ، نظراً لصغر مساحة الدائرة، وقلة عدد الناخبين، بالاضافة الي
أن العلاقة بين الناخب وعضو مجلس الشوري الذي سيتم انتخابه سوف تكون علاقة شخصية وفردية
"حيث سيهتم النائب بالأمور الشخصية لأفراد دائرته ويهمل الأمور العامة السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، كما حدث في إحدي الدول المجاورة فإن معظم أعضاء المجلس النيابي فيها أصبحوا
يزاولون أعمالاً لا تمت بصلة إلي العمل النيابي بل ان العمل الفردي والتدخل لدي السلطة
التنفيذية لإنجاز معاملات أبناء دائرته أصبحا شاغله الشاغل مما اعتبره البعض كارثة
في العمل النيابي إضافة إلي انتشار ظاهرة شراء ذمم الناخبين.
ويضيف الزمان: هناك نظامان لتقسيم الدوائر الانتخابية، إما أن تكون دائرة واحدة تشمل
الدولة في مجموعها، وإما أن تكون أكثر من دائرة والعدد يختلف حسب ظروف كل دولة وفقاً
للاعتبارات السكانية والاجتماعية كالقبيلة والطائفية التي تؤثر في تحديد ما إذا كان
نظام الدائرة الواحدة مميزاً أو بالعكس له مساوئه بالنسبة للمجتمع.
ويقول الزمان: هناك شبه إجماع علي أن وجود عدة دوائر انتخابية في الدولة هو الأفضل
لكن هذا عندما تكون مساحة الدولة كبيرة وعدد السكان كبيراً يفوق عدة ملايين ووجود عدة
تيارات وأحزاب مختلفة.
ويشير الزمان الي انه وفقاً لفقهاء القانون الدستوري فإن هناك 5 أنظمة انتخاب من نظام
الانتخاب الفردي، ونظام القوائم، ونظام الأغلبية المطلقة، ونظام الأغلبية النسبية،
والنظام المختلط المشترك وطبعاً لكل نظام مزاياه وعيوبه وإجراءاته.
ويؤكد المحامي يوسف الزمان انه إذا كانت هناك ثمة عيوب لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة،
فإن تلك العيوب لا تتوافر في قطر، بالنظر إلي صغر مساحة الدولة وقلة عدد السكان فيها
بحيث نري أن الأخذ بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة في دولة قطر هو الأنسب وهو الذي
سوف يفعل العمل النيابي والديمقراطي ويحقق العدالة.
وهنا يري الزمان أن الموضوع يحتاج إلي دراسة متأنية لأن الأخذ بهذا النظام يحتاج إلي
تقويته بعناصر أخري مرتبطة به، داعياً في الوقت ذاته إلي الأخذ بنظام الدائرة الانتخابية
الواحدة في دولة قطر وعدم اهماله، لأنه هو النظام الأكثر ملاءمة.
تعدد الدوائر
عضو المجلس البلدي عن دائرة الشحانية المهندس شاهر الشمري يؤكد أن تعدد الدوائر أفضل
طريقة، لأنه كلما كانت القاعدة أوسع كانت الفائدة أشمل ، بحيث ستشمل الفائدة أكبر طبقة
وأكبر منطقة ديمغرافية في المجتمع وهذا يعني مساواة وعدالة اكبر في البلد علي حد قوله.
ويقول الشمري: لو افترضنا أن الدوائر أصبحت ثلاثين دائرة فهذا أفضل لأنه ستكون هناك
عدالة في تغطية المناطق وسيكون لدي العضو الوقت الكافي لإدارة شؤون دائرته، بالاضافة
إلي أن طريقة التعامل بين الناخبين والنائب ستكون سهلة جداً.
ويضيف : أما إذا قللنا الدوائر الانتخابية، فهذا يعني ضغطاً علي النائب بتحمله مسؤوليات
وأعباء أكبر، وكلما كانت المسؤوليات أقل كان الاتقان اكثر من قبل النائب.
ويؤكد الشمري ان تجربة المجلس البلدي الذي يعد أول بيت للديمقراطية في قطر ، حيث وضع
النقاط علي الحروف، من التناغم الذي كان بين أعضاء المجلس والناخبين، معرباً عن أمله
في ان تطبق نفس الطريقة علي مجلس الشوري القادم لأن المواطن أصبح علي قدر من الوعي
والادراك في التعامل مع العملية الانتخابية.
الحل الأمثل
محمد صالح الكواري - مدير مركز الخليج للتنمية والمتخصص في شؤون الانتخابات - يؤكد
أن أفضل نظام انتخابي لدولة قطر هو نظام الدائرة الانتخابية الواحدة، لأنه يعكس المباديء
الديمقراطية بمعني أن كل عضو برلماني يمثل كافة الناخبين وليس فئة بعينها، ولأنه يتعامل
مع قضايا أساسية كالتشريع.
ويضيف: كما ان الدولة عندما تتبني نظام الدائرة الواحدة ستنأي بنفسها وبالمجتمع عن
كثير من الأخطاء أو مطبات العملية الانتخابية، وسيضطر المرشح أيضا إلي أن يعلن برنامجاً
انتخابياً متسقاً مع أهداف الدولة التنموية، وبذلك ترتفع نسبة الوعي لدي الناس.
ويلفت الي ان وجود دوائر متعددة ليس له مبرر، لأن نظام الدائرة الواحدة سيقضي علي العيوب
الانتخابية التي تتعرض لها العملية الانتخابية مثل القبيلة والعائلة، بالاضافة إلي
أن المرشح سيعلن برنامجه علي كافة شرائح الناس علي حد قوله.
ويضيف الكواري: إذا كان هناك من يحمل وجهة النظر في (تعدد الدوائر) فمن الأفضل أن تكون
عدد الدوائر خمسة مع ستة مرشحين فقط، بهذا نكون قد أعطينا الدائرة حجم المرشحين، وبالتالي
يصل إلي المجلس اصحاب الرأي والتكنوقراط.
ويري الكواري أن صاحب السلطة لديه شأن في إحداث تغيير توعوي كبير، معرباً عن أمله في
أن تكون دائرة واحدة في قطر لأن قطر دولة صغيرة بمساحتها وعدد سكانها، فوجود دائرة
واحدة هو الحل الصحيح والأسمي وهو الذي سيعمل علي إيصال الحقوق إلي المواطنين.
الكاتبة نورة آل سعد كانت قد طرحت نظرة مستقبلية متقدمة متطلعة إلي تقليص عدد الدوائر،
طامحة بأحلامها وصولاً لنظام الدائرة الواحدة متأملة أن يكون التحرر من قبضة الفئوية
والقبلية علي تلابيب الدوائر الانتخابية المتعددة بإقرار تلك الدائرة.
التوقيت خط
وتري الكاتبة نورة الخاطر عدم جدوي هذا الطرح في الوقت الحاضر ، فالمجتمع ما زالت تحكمه
أطر محددة منها الانتماء القبلي والتحيز الفئوي إضافة للوعي السياسي المنقوص.
وتشير الي أن قطر مجتمع حديث العهد بالمشاركة السياسية ويحتاج إلي مواصلة طريق الديمقراطية
بخطوات متأنية واثقة فاحصة ثاقبة متطلعة ليمينه ويساره مستكشفة خباياه متقدمة للأمام
أملاً في الوصول للنتيجة المثلي بإتمام التجربة لخطواتها العملية المكسبة للخبرات العائدة
بالنفع علي أفراد هذا المجتمع.
وكتبت نورة الخاطر في مقال نشرته الراية تحت عنوان بأمانة .. لا دائرة ولا كوتا : إن
تقليص عدد الدوائر ايجابية لا خلاف عليها ولكن بنظام الدائرة الواحدة استباق لمسار
الدرب ولن يسلم الأمر مما نخشاه فما زال المرشح والناخب في الطور الأول من المرحلة
الديمقراطية والتي تحتاج للتدرج وصولا لمرحلة الدائرة الواحدة والتي بدورها تحتاج لدراسة
متأنية وتجربة متمكنة فلندع الأمور تأخذ مجراها الطبيعي ليتكون بذلك الوعي السياسي
المطلوب ثم نمد الخطوة بالنظر للدستور وما يتطلبه في هذه الناحية فالأمر يحتاج لإقرارها
بقانون مدروس بتأن وعمق، خاصة أن هناك تجارب سابقة ترددت في قبول تلك الخطوة نظرا للتخوف
من عدم ملاءمتها مع النظم السارية ونظرة المجتمع للعملية الانتخابية، فنظام الدائرة
ربما يحقق نتيجة أفضل من خلال طرح قوائم انتخابية وتلك أيضاً مرحلة متقدمة تستلزم التدرج
والتأني وصولا لتطبيقها تحقيقا للكفاءة المطلوبة وتمكيناًًًًًًًًًً للمرأة دون تحيز
أوتمييز.
وأضافت: ان اختصار المسافة والاستعجال بالوصول لنهاية الطريق بقفزة عالية ربما يؤديان
إلي ضرر واضرار، فمجتمعاتنا العربية في الغالب تتلقي تلك الحرية في المشاركة كهبات
تقدم من القمة لتتلقفها القاعدة بحبور وابتهاج وكأنها تفضل، لذا لا يقدم عليها المرء
بوعي كاف لمتطلباتها بل يعتقد جازما بأن المشاركة ما هي سوي اثبات اسم العائلة أو القبيلة
ليتسني له حصد المكاسب من برستيج ووجاهة اجتماعية والتي بدورها تشكل غشاوة تظلل رؤيته
لماهية المجلس ودوره الفعّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّال في تلك المشاركة من حيث كون الرأي
مرتبطا ارتباطا وثيقا بهوية الوطن وثوابته ممثلا بإرادة شعبية صلبة بعيدا عن الانكفاء
والتقوقع علي أي وجه كان والدور المناط بالمجلس ريادي في مراقبة السلطة التنفيذية ومن
ثم المحاسبة علي التقصير ولا يتسني له ذلك إلاّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ بامتلاك
ممثليه وعيا سياسيا واجتماعيا من خلالهما تتحدد تلك المصالح المأمولة.
وقالت: واذا ما اخذنا في عين الاعتبار تجربة الكويت ، فنري الكويت هي إحدي أعرق الدول
الدستورية البرلمانية العربيّة، فعام 1921 ولد في الكويت مجلس شوري، وفي عام 1938 وجد
مجلس تشريعي، وتم في العام 1962 صياغة دستور الكويت الأول، وانتخب مجلس أمة لتمثيل
الشعب لأول مرة عام 1963، وتم تقسيم الكويت آنذاك إلي عشر دوائر انتخابية، وفي عام
1980 عندما حدث التعديل الأكبر تم تقسيم الكويت إلي 25 دائرة.
فالوضع الكويتي من وجهة نظر الآخرين فيه الكثير من غير المعهود، فرغم السخط علي نظام
الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين، فهذا النظام في واقع الأمر أفرز كتلة ما عرف بال
29 نائبا، التي تؤيد الدوائر النيابية محدودة العدد، والتي وقفت في وجه الحكومة، واتحد
فيها الليبراليون مع الإسلاميين، وهؤلاء النواب يشكلون أغلبية مريحة قياسا لعدد أعضاء
النواب في مجلس الأمة، وعددهم 50.
لكن ما يؤخذ علي الدائرة الواحدة من وجهة نظر كتاب ومحللين هو أولاً: انها لا تضمن
نوابا عن المناطق كافة وممثلين عنها.
ثانياً: نظام الدائرة الواحدة يتطلب وجود أحزاب وأطر سياسية متبلورة، وممتدة علي مستوي
الوطن، لتطرح كتلا انتخابية كبيرة، ودون ذلك ستحدث الانتخابات استنادا لانقسامات طائفية
وجهوية مختلفة.
ثالثاً: هناك فرق بين التصور المثالي للنظام الديمقراطي، والمتطلبات الواقعية العقلانية،
فأحد الأخطاء "المبررة أخلاقيا" ولكن غير الواقعية، الاعتقاد أن المدن والولايات والمناطق
يجب أن تمثل فقط استنادا لثقلها السكاني العددي. فالانتخابات جزء من آليّات الحراك
الاجتماعي، والانتخابات ستقلّص من قوة ونفوذ بعض الجماعات مثل بعض القبائل والجماعات
الإثنيّة المختلفة، وإذا كان هذا يبدو مبررا منطقيا وأخلاقيا، وربما يكون مبررا فعليّا
وسياسيا وتنمويا في المدي الطويل عندما تتحقق مباديء المواطنة، وتتعمق الحقوق وأنماط
السلوك الفردية، ولكن ما دامت القبائل والجماعات الإثنية ذات أثر فاعل في سلوك الأفراد،
فمن غير العقلاني خسارة تأييد القوة التقليدية المسيطرة أو الفاعلة، كليا، وجعلها تتبني
مواقف ضد النظام الديمقراطي، ويتطلب التدرج إبقاء هامش لتمثيل تلك القوي، حتي تنضج
الظروف الموضوعية المطلوبة للتغيير.
رابعاً: من الإشكاليات أمام تبني نظام الدائرة الواحدة تفاوت النضج السياسي والتفاوت
في التنمية، بين المدن المختلفة وبين الريف والبادية والمدينة، وبين العاصمة والمدن
الأخري، مما يعقد عملية تشكيل الكتل الانتخابية.
قانون
رقم (9) لسنة 1970م بتنظيم الانتخابات العامة لمجلس الشورى في قطر