الراية - الأحد20/4/2008
م
العلاقات
الثنائية وتطورها بين دولة قطر والصين
- د . طارق الشيخ:
تطرقت يوم أمس في مقالي اليومي بعمود ( آفاق ) الى اهمية الزيارة التي قام
بها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية والوفد
المرافق له للصين الشعبية ولقائه بالقيادة الصينية . واكتب اليوم موسعا عن الموضوع
لأهميته الكبيرة التي تستحق أكثر من مقال . فقد انتهت الزيارة الى جملة
من القرارات العملية التي لاشك ستنعكس ايجابا على مستقبل العلاقات الثنائية وتطورها
ضمن أطر متعددة للتعاون الاستراتيجي الاقتصادي والتجاري والثقافي وغيرها من آفاق رحبة
للتعاون ، وهذا ما حرص الرئيس الصيني هو جين تاو بالتأكيد عليه .
وأقول أن الزيارة بدت بما أسفرت عنه من نتائج طيبة وكأنها احتفالية خاصة من الجانبين
في ذكرى مرور عقد كامل منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1988
. زيارة الوفد القطري للصين جاءت ضمن جولة في ربوع الشرق الأقصى وشملت عدة دول من بينها
فيتنام وتوجت بزيارة الصين . وهي زيارة تصب ضمن السياسة الحكيمة للدولة بقيادة حضرة
صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى والهادفة للانفتاح ومد جسور
التعاون مع مختلف الدول وفي شتى المجالات وخاصة في هذا الجزء من اسيا . وفي الواقع
شهدت العلاقات القطرية الصينية في السنوات الأخيرة تطورات مهمة على صعيد التعاون في
مجالات التجارة والطاقة و شمل ذلك توسيع قاعدة الاستثمارات المشتركة . وقبل أن
ندخل في بحث مفصل في مجرى العلاقات بين البلدين اود التوقف عند محطات مهمة نقلت العلاقة
الى النقطة المتقدمة التي بلغتها في الزيارة الأخيرة .
في عام 2005 كانت الدوحة تستضيف أكبر وفد صيني من نوعه بقيادة السيد زينغ
بيان نائب رئيس الوزراء الصيني يشارك في قمة مجموعة دول الجنوب (دول ال77
) و التي استضافتها الدوحة . ذاك الوفد الصيني حمل رسالة خطية من الرئيس الصيني هو
جن تاو الى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي .
الوفد الذي ضم نواباً لوزراء الخارجية ونائب السكرتير العام لمجلس الدولة ووزير التجارة
ووزير التنمية والاصلاح ونائب وزير الطاقة، وممثلين لمختلف القطاعات الاستثمارية في
الصين اعتبر بحق الاكبر من نوعه الذي يزور قطر منذ عام 1993. ويهمني في هذا المقام
التركيز على ملاحظات هامة قالها لي سعادة السيد لي جيان يينغ سفير جمهورية الصين الشعبية
في الدوحة في ذلك الوقت ( عام 2005 ) . فقد اعتبر لي جيان تلك الزيارة بداية لحقبة
جديدة من التعاون المثمر والبناء بين قطر والصين . وفي حقيقة الأمر فإن هناك سمات هامة
لفهم العلاقات القطرية الصينية ضمن سياقها الصحيح فالصين ومعها الهند ( وهما
العملاقان البازغان بقوة في الحياة الدولية ) تعتبران منطقة الشرق الوسط وخاصة
منطقة الخليج العربية مقصدا للتجارة ومنذ قرون طويلة . والصين تعيش حالة من الازدهار
في علاقاتها مع الدول العربية وخاصة في الجانب الاقتصادي والتجاري
حيث بلغ حجم التجارة فى عام 2007 نحو 86.4 مليار دولار أمريكي . و قد ارتفع حجم التبادل
التجاري بين الصين و دول مجلس التعاون الخليجي العربية بشكل مضطرد وملحوظ منذ
منتصف الثمانينيات حيث لم يتجاوز التبادل وقتها المليار دولار ليصبح أكثر من
12 مليار دولار بحلول عام 2003 ، ثم الى 20 ملياراعام 2004،
و33.8 ملياردولار عام 2005 ، و 44.944 مليار دولار عام 2006 . وهذا مادفع دول
التعاون لتحتل المرتبة الثامنة كأكبر شريك تجاري للصين في العالم وثامن أكبر
سوق للمنتجات الصينية . وبلغت قمتها العام الماضي حيث بلغ حجم التبادل التجاري
مع دول الخليج العربية 58 مليار دولار وهو رقم يمثل ثلثي حجم تجارتها مع العالم
العربي .وعندما نتحدث عن دولة قطر وحدها فإن حجم التبادل التجاري بين قطر والصين
بلغ نحو 1349 مليون دولار خلال عام 2006 ما يجعل الصين أحد أهم الشركاء
التجاريين لدولة قطر .
وفي سبيل دعم الافاق التي تمخضت عنها زيارة سعادة رئيس مجلس الوزراء فإن هناك
آفاقا واسعة للتعاون بين قطر والصين خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة
وخبرة الصين الكبيرة وتجربتها في هذا المجال مايفتح افاق التعاون بينهما . كذلك فإن
الدولة التي تعيش حالة من النهوض والتطلع لبناء قاعدة متينة لتنمية مستدامة فهي بحاجة
إلي إقامة شراكات مع شركاء مشهود لهم بالخبرة والجودة في مجالات انتاجهم
. وفي المجال الرياضي هناك مجال واسع لتبادل الخبرات فقد استضافت دولة قطر
دورة الالعاب الاسيوية (الدوحة 2006) بينما تستعد الصين لاستضافة دورة الألعاب
الأولمبية صيف العام الحالي 2008 ، أضف الى ذلك ان قطر تتطلع لمساندة الصين
لها في ملفها لاستضافة أولمبياد 2016 بالدوحة ما يعني أن هناك مجالا واسعا للتعاون
في هذا الجانب الرياضي تبادلا للخبرات وإثراء للتجارب . والى جانب الرياضة
هناك المجال الثقافي وهو جانب تؤكد سياسة دولة قطر على توسعة مجالات التعاون
فيه مع مختلف الدول .
النفط والغاز :
ولعل أهم مجال للتعاون بين البلدين هو مجال الطاقة وصناعة الهيدروكربونات بشكل
عام . وقد شهد هذا الجانب حتى الان تعاونا كبيرا ودفعة متميزة في الأشهر الأخيرة على
وجه الخصوص وتوجت المحادثات بين البلدين عن اتفاقيتين هامتين الأولى في مطلع مارس الماضي
حيث وقع البلدان على اتفاقية اطارية للتعاون بينهما اعتبرها سعادة عبدالله بن حمد العطية
نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة وقتها خارطة طريق لتعزيز التعاون بين البلدين
. ثم اتفاقية بالاحرف الأولى بين قطر للبترول وبتروتشاينا التابعة لسينوبيك لإنشاء
مجمع عملاق للبتروكيماويات في الصين ينتظر أن يتم إنجازه عام 2013 . وقد توجت هذه الخطوات
بخطوة عملاقة بتوقيع مذكرات التفاهم بين دولة قطر والصين في الزيارة الأخيرة والتي
شملت مجالات النفط والغاز والتعاون والاستثمار . وتوقيع مذكرة التفاهم بين شركة
قطر غاز وشركة سينوبيك لتصدير مامجموعه 5 ملايين طن من الغاز المسال القطري في تفاصيلها
اتفاق على تصدير 3 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى الصين لمدة 25 عاماً.
واذكر هنا حديث لي جيان يينغ السفير الصيني السابق بالدوحة الذي قال إن
التعاون الاقتصادي الكبير القائم حاليا مع قطر ونرغب في اضافة الغاز الطبيعي
المسال للنفط " ويقول " نأمل ان يشمل ذلك التعاون كل قطاع الطاقة " . وقالها
بوضوح " ان تزويد الصين بالغاز القطري " سيكون على رأس قائمة الموضوعات التي ترغب الصين
في تحقيقها . و قال لي جيان " نعرف ان قطر غنية بالغاز الطبيعي وتمتلك
احتياطيات هائلة منه وتنمو بها صناعة الغاز بشكل سريع وكذلك فان الصين تتمتع باقتصاد
ينمو بسرعة وهناك عجز في قطاع الطاقة بالصين والتي يحتاجها النمو الاقتصادي ليحافظ
علي نموه السريع وهذا مايجعلنا نتجه الي قطر لتوفير المزيد من الطاقة وتحديدا من الغاز
القطري " . والواضح ان الصين كما عبر السفير الصيني تسعى الى " تعاون مستقر
وطويل الامد ينعكس ايجابا على اقتصادي البلدين" .
هذه الرؤية الصينية كما حددها السفير الصيني بالدوحة وبالمقابل فإن هناك مدلولات كثيرة
يمكن الخروج بها من الاتفاقيات الأخيرة بين البلدين أول هذه النتائج هي أن قطر قد حققت
من خلال هذه الاتفاقيات فتحا جديدا لصناعة الغاز القطرية وهو فتح مهم. وعلى الرغم أنه
يقع جغرافيا ضمن القارة الاسيوية الا أن الفارق بين الاتفاقيات السابقة مع اليابان
وكوريا الجنوبية وهذا الاتفاق أنه اتفاق بين عملاقين بازغين الصين البلد الضخم و باقتصادها
الضخم وسوق للطاقة يسير بثبات لكي يصبح السوق الأولى للطاقة في العالم في غضون عقد
من الزمان . وقطر عملاق جديد متفرد يحلق عاليا منفردا في صناعة الغاز المسال والطاقة
النظيفة على النطاق العالمي . وبالتالي فإن هذا الاتفاق هو اتفاق بين عملاقين ستقدم
قطر من خلاله خيارا جديدا للصين يتمثل في الطاقة النظيفة تسهم في صفاء السماء الصينية
التي تعاني من التلوث المرتفع .
ونظرة الى وضع سوق الطاقة في الصين يوضح مايمثله الاتفاق مع قطر من تعزيز هام لسوق
الطاقة النظيفة في الصين . وتقول آخر التقارير أن انتاج الصين من الفحم
قد قفز بنسبة 11.7% ليصل الى 1.278 مليار طن فى الاشهر السبعة الاولى من هذا
العام قياسا الى العام السابق. وحسب لجنة الدولة للتنمية والاصلاح فان انتاج الفحم
ارتفع 12.7% على اساس سنوى او بزيادة 2.9 نقطة مئوية عن يونيو, ليصل الى 196 مليون
طن فى يوليو. فى الاشهر السبعة الاولى من العام الجارى ازدادت واردات الفحم 49.6% على
اساس سنوى لتصل الى 30.96 مليون طن, فيما انخفضت الصادرات 21.2% لتصل الى 28.86 مليون
طن. فى نفس الوقت, قفز انتاج الصين من الغاز الطبيعى 17.1% ليصل الى 38.6 مليا ر متر
مكعب فى الاشهر السبعة. ولكن انتاج النفط الخام ارتفع 1.1% فقط على اساس سنوى ليصل
الى 108.69 مليون طن فى الفترة بين يناير ويوليو. انخفض انتاج خام النفط 1.7% فى يوليو
عن يوليو 2006. يذكر ان الصين هى ثانى اكبر مستهلك للنفط بالعالم. وقد استوردت 96.37
مليو ن طن من النفط الخام بالاشهر السبعة الاولى بزيادة 14.8% عما قبل عام .
وأخلص الى القول بأن الزيارة التي قام بها الوفد القطري تمخضت عن اتفاقيات ستؤتي ثمارها
في المستقبل القريب وستدفع بالتعاون القائم بين البلدين الى آفاق أرحب تصب في مصلحة
شعبي البلدين .
مرسوم
رقم (14) لسنة 1994 بالتصديق على اتفاق التعاون التجاري بين حكومة دولة قطر وحكومة
جمهورية الصين الشعبية
قرار
أميري رقم (16) لسنة 1999 بتعيين سفير فوق العادة مفوض لدى جمهورية الصين الشعبية
قرار
أميري رقم (44) لسنة 2005 بتعيين سفير فوق العادة مفوض لدى جمهورية الصين الشعبية