الراية - السبت - 10/04/2010
تكاليف
السكن تلتهم ميزانية الأسر
حقيقة كشفها آخر تقارير جهاز الإحصاء
صالح المري:أسعار مستلزمات البناء تتضاعف وقرض الإسكان لا يكفي
محمد النعيمي: مطلوب تشريعات جديدة لتنظيم سوق العقارات
حسن النصف: توفير السكن المناسب يشجع الشباب علي الزواج
محمد رمضان: التوسع في بناء الوحدات السكنية هو الحل
تحقيق:
مجدي صالح:
كشف التقرير الاقتصادي الذي أصدره جهاز الإحصاء مؤخراً عن تفاقم أزمة السكن
والتهامها ميزانية الأسرة سواء من المواطنين والمقيمين.
أكد التقرير الذي أوضح أن متوسط الإنفاق الشهري للأسرة القطرية زاد بنسبة 82.2% عام
2007 اذ بلغ اجمالي الانفاق 40757 ريالا قطريا وحسب تقرير الاحصاء المشار اليه بلغ
ارتفاع المعدل المتوسط للانفاق الشهري للاسرة الوافدة الي زيادة نسبتها 45.9% حيث وصل
الي 13329 ريالاً قطرياً.
ونظرا لما يمثله قطاع الإنفاق من أهمية قصوي في حياة الافراد سواء كانوا مواطنين أو
مقيمين فقد بلغ معدل انفاق الاسرة القطرية علي السكن في العام الماضي 2007 الذي شملته
دراسة جهاز الاحصاء حوالي 29.3% من اجمالي انفاق الاسرة العام يأتي هذا مقابل 17.6%
في عام 2001 وكان حجم العينة التي شملها التقرير 2800 اسرة قطرية وغير قطرية تغطي جميع
البلديات والمناطق بالدولة .
ويثبت التقرير المشار اليه ان حوالي 74.7% من الاسر القطرية تسكن في سكن مملوك لها
في حين يبلغ باقي الاسر القطرية التي تسكن في مساكن مستأجرة حوالي أكثر من 25% من عدد
الاسر القطرية وتم تقدير القيمة الايجارية التي تدفعها الاسر للمسكن الذي تعيش فيه
بمتوسط يبلغ حوالي 9340 ريالاً قطرياً.
كما يشكل قيمة إنفاق الأسر الوافدة حوالي 30.8% من إجمالي إنفاقها الشهري تقريبا علما
بأن حوالي 34.1% من الاسر الوافدة تسكن في مساكن وفرتها لهم جهات أعمالهم.
وتشير الارقام السابق الاشارة اليها الي ان معظم نفقات الاسر سواء القطرية أو غير القطرية
تبلغ حوالي 31% من دخول تلك الاسر وهي نسبة أعلي من المعدل العالمي المعروف وهو 25%
بحد اقصي، الامر الذي يؤدي الي عرقلة الكثير من المشروعات التي تستهدفها تلك الأسر.
وقضية أزمة السكن لها الكثير من الانعكاسات الاجتماعية والاسرية علي الجميع خاصة الفئات
ذات الدخل المحدود وفئة الشباب المقبلين علي الزواج الذين تقف عقبة السكن دائما عائقا
أمام زواج كثير منهم.
والتقرير الذي أصدره جهاز الاحصاء فتح عددا من القضايا الاساسية ومن أهمها قضية الاسكان
التي تعتبر من أكثر القضايا التي تهم معظم فئات المجتمع القطري خاصة ان التقرير كشف
عن أن أكثر من ربع الأسر القطرية لا تمتلك مسكناً تعيش فيه وتعتمد علي السكن بالايجار
وتعتبر هذه الفئة هي الاكثر تضرراً من حدة الأزمة ولذلك كان من المهم أن نستمع لآراء
بعض المختصين والمعنيين بقضية الإسكان.
المهندس محمد النعيمي الخبير في مجال الاسكان يؤكد أن هناك عدة عوامل أدت في الفترة
الاخيرة الي تفاقم أزمة السكن في البلاد من بين تلك العوامل ظهور شركات الاستثمار العقاري
والوسيطة ذات العلاقة بالسوق السوداء في مجال الايجار من الباطن للمساكن المؤجرة بالدولة.
وأشار المهندس النعيمي الي أن عملية التطوير الشامل والدائم في جميع المجالات بالدولة
صاحبها احتياج شديد للعديد من المنشآت المختلفة وكذلك الي عدد كبير من العاملين والموظفين
الأجانب للعمل بقطاعات الدولة الحكومية وغير الحكومية وكذلك دخول عدد كبير من الشركات
الاجنبية المختلفة للمجتمع والسوق القطري لتنفيذ عقود الاعمال المسندة لها، الامر الذي
تطلب الاحتياج الي عدد كبير من المجمعات السكنية التي يمكنها استيعاب وتسكين هؤلاء
الموظفين والعمال وعائلاتهم، كما تطلب الامر وجود منشآت ادارية لتكون مقرا لهذه الشركات
حتي يمكنها ادارة المشروعات المسندة لها.
وأضاف خبير الاسكان: ان كل هذه العوامل أدت الي حدوث نشاط في مجال الاستثمار العقاري
المختلفة من سكنية وادارية وتجارية وحكومية وفندقية.. الخ وظهرت العديد من الشركات
الجديدة العاملة في مجال الاستثمار العقاري.
وأوضح النعيمي أن نشاط الاستثمار العقاري يتأثر بمجموعة من العناصر المتداخلة والمترابطة
التي تتفاعل فيما بينها لتخلق مناخاً يطلق عليه عادة اصطلاح المناخ الاستثماري وتشمل
تلك العناصر الوضع العام للبلد وما يتسم به من استقرار سياسي واجتماعي وما يترتب عليها
من آثار وتنظيماته الادارية وما تتميز به من فاعلية وكفاءة وإمكانياته وما توفره من
بني تحتية وعناصر انتاج ونظامه القانوني ومدي وضوحه وثباته.
وأكد المهندس النعيمي أن ظهور شركات الاستثمار العقاري التي يطلق عليها لفظا شركات
الاستثمار العقاري وانما هي في الواقع شركات وسيطة تقوم بإيجار المنشأ من مالكه ثم
تقوم بإعادة إيجاره الي الافراد والشركات من جديد وبسعر مرتفع حتي تحقق أرباحا كثيرة
من وراء هذا الامر.
ونسب النعيمي ارتفاع القيمة الايجارية للعقارات في الفترة الاخيرة بشكل اساسي الي تلك
الشركات الوسيطة وزيادة القيمة الايجارية للوحدات السكنية سواء علي المواطن أو المقيم
أو بالنسبة لباقي المنشآت الاخري.
وأوضح ان الامر لم يقف عند هذا الحد وحسب بل ان عدداً أكبر من المكاتب والشركات الوسيطة
بدأت تظهر علي السطح وادت الي خلق سوق عقاري يطلق عليه لفظ السوق السوداء أو لفظ حرق
السوق وهذه الشركات الوسيطة تقوم بإيجار المنشأ من مالكه مقابل قيمة ايجارية شهرية
تدفع شهريا ثم تقوم بإعادة إيجاره الي الافراد والشركات من جديد وبقيمة ايجارية شهرية
اقل في مقابل ان يقوم المستأجر الجديد بدفع مبلغ نقدي كبير لقيم ايجارية لمدة سنة مقدما
وبهذا تقوم هذه الشركات بتجميع مبالغ نقدية دفعة واحدة.
ويضيف النعيمي وأدت هذه الظاهرة الي وجود خلل في السوق العقاري القطري وخاصة للمنشآت
السكنية مما أدي الي وجود العديد من المنشآت السكنية الخالية التي تتحكم فيها هذه الشركات
الوسيطة بالرغم من وجود العديد من الطلبات للسكن بالايجار ولكن نظرا للمغالاة في اسعار
القيمة الايجارية التي تتطلبها تلك الشركات فإن كثيرا من تلك الوحدات لا يتم تأجيرها
بسهولة وتظل خالية لمدد طويلة دون ان ينتفع بها أحد.
وطالب النعيمي الدولة بالتدخل من اجل انهاء هذه الازمة بعدد من الوسائل والطرق وبشكل
فعال منها: القضاء علي ظاهرة الارتفاع المطرد للقيم الايجارية للمنشآت السكنية والادارية
والتجارية وغيرها، والقضاء علي ظاهرة السوق السوداء في مجال المنشآت المؤجرة من الباطن،
وإعادة النظر في الشركات العاملة في مجال الاستثمار العقاري بشكل صوري فقط في حين ان
نشاطها الاساسي هو في مجال الوساطة والسمسرة.
كما طالب خبير الإسكان: بضرورة الاستعانة بأفراد متخصصين في مجال الاستثمار العقاري
لإدارة العمل في هذه الشركات ولفت الي ان كثيرا من الشركات التي تدعي انها تقوم بالعمل
في مجال الاستثمار العقاري انما هي تمارس انشطة تجارية اخري مثل الاتجار في بيع وشراء
الاراضي وكذلك التجارة في مواد ومستلزمات البناء وتتخذ من مسمي الاستثمار العقاري غطاء
لما تقوم به من نشاط وتشريعات جديدة لتنظيم سوق العقارات.
وأكد علي ان هناك جوانب اخري يجب وضعها في الاعتبار عند معالجة مشكلة الاسكان خاصة
ان هناك عدداً من المعوقات الإدارية والقانونية تقف عائقا أمام سبل الحل.
ومن بين المظاهر السلبية التي تقف عائقا امام ايجاد حل لهذه المشكلة يؤكد النعيمي أن
الفساد الاداري والاستخفاف باعتبارات النزاهة والامانة والرقابة الذاتية بهذه الشركات
تؤدي الي استفحال الازمة السكنية، كما أن هذه الشركات تقوم في الوقت نفسه بإهدار حقوق
الملاك القطريين للعقارات المؤجرة كما تؤدي ايضا الي اهدار حقوق المستأجرين سواء كانوا
قطريين أو مقيمين وهذا يؤدي الي وجود فجوة سكنية بين كمية الطلب علي المساكن المعروضة
للايجار وكمية المعروض من هذه المساكن للتأجير.
وعن الطرق التي يمكن للدولة من خلالها القضاء علي هذه الظاهرة يؤكد النعيمي علي أن
هناك عدداً من الطرق التي يمكن من خلالها القضاء علي هذه الظاهرة منها سن القوانين
التي تحدد العلاقة بين المالك والمستأجر وتحافظ علي حقوق الطرفين، وكذلك إصدار مجموعة
من الإجراءات التي يمكنها مراقبة نشاط الشركات العاملة في مجال الاستثمار العقاري واصدار
التشريعات واللوائح التي تحدد مواصفات وكفاءات الافراد العاملين علي ادارة هذه الشركات
وكذلك الموظفين العاملين بها.
وبجانب ذلك يري النعيمي أن هناك ضرورة ملحة لتوثيق جميع عقود الايجارات التي تبرم بين
مالكي العقارات وشركات الاستثمار العقاري والشركات الوسيطة وذلك حتي يتم مراقبة العملية
الايجارية كليا، كما يجب اصدار اللوائح التي تمنع قيام هذه الشركات بإجراء عدد من النشاطات
الاخري بجانب النشاط في الاستثمار العقاري.
علي الجانب الاخر أكد عدد من المواطنين والمقيمين ان أزمة السكن أدت في السنوات الاخيرة
الي تنامي عدد من المشاكل الاجتماعية منها زيادة ازمة ارتفاع نسبة العنوسة في البلاد
وعدم اقبال الشباب علي الزواج نظرا لارتفاع نفقات الزواج ومن اهم تلك النفقات توفير
المسكن الملائم للحياة الزوجية.
صالح المري يؤكد ان القيمة الايجارية للمنزل المتوسط تبلغ حوالي 20 ألف ريال أما الشقة
السكنية المناسبة فهي لا تقل عن 8 آلاف ريال وهذه المبالغ لا يستطيع الشباب توفيرها
خاصة ان مرتبات هؤلاء الشباب يبلغ متوسطها ما بين عشرة الاف ريال الي 15 الف ريال تقريبا
وهو ما يعد أمرا فوق طاقاتهم المالية البسيطة.. لافتاً إلي ارتفاع أسعار مستلزمات البناء
التي تلتهم أيضاً قيمة القرض الخاص بالإسكان.
وأشار صالح المري الي ان الحصول علي قرض اسكاني من الدولة لم يعد سهلا كما كان من قبل
ويتطلب ان يكون لدي الشاب عقد زواج وهو ما يتطلب الي ان يقوم الشاب بالزواج اولا وهنا
يلجأ الشاب الي استئجار سكن من راتبه مما ينهك دخله الشهري ويؤدي به الي الوقوع في
كثير من العثرات المادية خاصة مع وجود ضرورة لدفع اقساط جهاز الزوجية الذي سيتم فرشه
في السكن الجديد.
وأوضح المري ان القروض الاسكانية التي تصرفها الدولة وتبلغ حوالي 600 ألف ريال لم تعد
تكفي لبناء منزل جيد ومعقول حيث ان قيمة البناء تزيد علي مليون و200 الف ريال قطري
علي الاقل وهو ما يتطلب ان يقوم الشاب بأخذ قرض اضافي بفائدة أعلي من القرض الاساسي
وكل هذه الامور تزيد من اعباء الشباب وتؤدي الي احجامهم عن الزواج أو تأجيله إلا إذا
كان لدي الوالدين وفرة مادية وسكن يمكنهم منحه لابنهم.
أما محمد أحمد عبد القادر فيؤكد أن أسعار الايجارات المرتفعة ادت به الي ان يلغي فكرة
جلب عائلته للاقامة معه في البلاد. وقال: ان اسعار الشقق السكنية الملائمة لا تقل عن
خمسة آلاف ريال وهذا يعتبر ملحقاً صغيراً جدا والاقامة فيه تكون غير مريحة خاصة في
ظل وجود أطفال مع الوالدين.
وأشار محمد الي ان مرتبات معظم العمالة العربية الوافدة لا يمكنها مواجهة اعباء الحياة
في البلاد خاصة مع ارتفاع الاسعار بشكل كبير مؤخرا في كل شيء ومن بينها الايجارات التي
تستهلك اكثر من نصف الراتب بالنسبة للاسر المقيمة أضف الي ذلك اعباء نفقات التعليم
والنفقات المعيشية العادية الاخري.
وطالب محمد بأن يتم مراعاة توفير عدد أكبر من المشروعات السكنية التي توفر سكناً ملائماً
للاسر مثل مشروع بروة العقاري إلا انه لفت الي ان هناك كثيراً من العقارات السكنية
المغلقة والتي لم يقم اصحابها بتأجيرها رغم انها جاهزة للاقامة فيها وطالب أصحاب هذه
العقارات بإتاحة الفرصة للمستأجرين بالسكن في تلك العقارات أو ان تقوم الدولة بسن القوانين
التي تلزم أصحاب تلك العقارات بعد غلقها لمدد طويلة إلا إذا كانت هناك حاجة ضرورية
لهم في تلك العقارات.
أكد حسن النصف أن مشكلة الإسكان أصبحت من المشاكل التي يعاني منها جميع فئات المجتمع
وتؤدي إلي زيادة أعباء الشباب المقبل علي الزواج ويبحث عن سكن ملائم.
وأشار إلي أن النظام الحالي المتبع في الإسكان لم يعالج المشكلة بل أن الأمر يزداد
صعوبة عاماً بعد عام ولذلك فإنه مطلوب أن يتم إيجاد الحلول لهذه المشكلة حتي يتمكن
الشباب من شق طريقه نحو المستقبل ولكي يتمكنوا من الاعتماد علي أنفسهم.
أما محمد رمضان فطالب بضرورة وقف التزايد المستمر في أسعار العقارات واتخاذ اجراءات
ايجابية في مشروعات البناء والتوسع في زيادة اعداد المباني خاصة خارج مدينة الدوحة
التي أصبحت تعاني من الاكتظاظ الشديد في السكان والمرور.
وأوضح رمضان أنه من الممكن أن يتم حل هذه المشكلة بسهولة خاصة أن الدولة فرضت مؤخراً
قيوداً علي عدم زيادة بعض مواد البناء وهو ما أدي إلي حدوث حالة من الارتياح لدي كثير
من المواطنين خاصة أنه تم اتاحة قطع أراض جديدة للبناء عليها للأسر.
قانون
رقم (4) لسنة 1985م بشأن تنظيم المباني
قانون
رقم (2) لسنة 1975 في شأن إيجار الأماكن والمباني
قانون
رقم (21) لسنة 1995 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (2) لسنة 1975 في شأن إيجار الأماكن
والمباني
قرار
مجلس الوزراء رقم (35) لسنة 2007 بإنشاء لجنة الإيجارات المركزية
تحديد
القيمة الإيجارية لن يطفيء نار الإيجارات