الراية - الأربعاء4/2/2009
م
بطء إجراءات التقاضي..
عذاب للمطلقات يسبب معاناة اقتصادية للأمهات والأبناء
المطلقات يروين ل الراية قصص المعاناة في المحاكم
تحقيق - جيهان
حافظ:
تعج طرقات وقاعات المحاكم بعشرات القصص والحكايات التراجيدية التي تصلح أفلاماً سينمائية
واقعية أو مسلسلات مبكية ترويها زوجات شابات في مقتبل العمر وأمهات بدموعهن عن أوضاعهن
المعيشية الصعبة بعد طلاقهن من أزواجهن ودخولهن نفقاً طويلاً لا أول أو آخر له للحصول
على حقوقهن في النفقة لهن ولأولادهن وغيرها من الحقوق التي أقرها لهن الشرع والقانون
الأمر الذي يتطلب وقفة من مؤسسات المجتمع لرفع المعاناة عن هؤلاء الزوجات والأبناء.
فلا يخفى على أي متابع ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع والتي تتعدد أسبابها وتتشعب
لتطول الجميع الزوجين والأسرة والمجتمع ويدفع الأبناء ثمنها غالياً حيث تشير آخر الاحصاءات
الى أن المحاكم القطرية نظرت العام الماضي 2135 دعوى للأسرة وشؤون القاصرين وبلغ عدد
دعاوى التنفيذ خلال العام الماضي 2369 دعوى تنفيذ محكمة الأسرة.
الراية استمعت الى روايات الأمهات والزوجات المطلقات الذين حصروا معاناتهن في عدم حصولهن
على حقوقهن وأولادهم على النفقة اللازمة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وطول أمد التقاضي
والذي يستمر عدة سنوات الأمر الذي يضاعف من معاناتهن ويؤكدن أن بعض الأزواج أدرك هذه
الحقيقة ويترك الزوجة تصارع الأمواج بدون نفقة.
في إحدى طرقات المحكمة لفت انتباهنا صراخ طفل لا يتجاوز عمره العامين فاقتربنا من الفتاة
التي تحمله وهي لا تتجاوز العشرين من عمرها وبمجرد أن طرحنا عليها السؤال الصعب وهو
لماذا أنت هنا بالمحكمة فقالت بعفوية: جئت لأطلب الطلاق من زوجي على الرغم من فترة
زواجنا القصيرة إلا أن بخله الشديد وعدم الإنفاق عليّ وعلى ابني وسوء معاملته لي والتي
تبدأ من توجيه السباب والضرب والشك باستمرار دفعني الى اللجوء للمحكمة لرفع دعوى طلاق
وعندي أمل في الحصول في القريب العاجل على الطلاق حتى أستطيع أخذ جميع حقوقي التي كفلها
لي الشرع ولا أتنازل عن شيء خاصة حصولي على النفقة لي ولولدي فأنا لا أحمل سوى شهادة
الابتدائية ولا استطيع إيجاد وظيف مناسبة وابني صغير وبحاجة للرعاية والاهتمام وأملي
أن يوفر القضاء لي جميع حقوقي وألا أعاني من بطء الاجراءات كما سمعت وأنني من الممكن
أن أظل معلقة سنة أو أكثر حتى أستطيع أن أحصل على حقوقي التي أنا في أشد الاحتياج
إليها.
عذاب انتظار النفقة
وتقول س. أ: الرجل يماطل في دفع النفقة ويتهرب منها فبعد أن يطلق زوجته يتركها وأبناءها
يواجهون المجهول وحتى لو أن المحكمة قضت بوجوب دفعه للنفقة فإنه يتخلص بوسائل كثيرة
ومما يزيد من مشكلات النفقة تعقيداً أن القانون يعجز عن حماية المرأة وإجبار مطلقها
على دفع النفقة على الرغم من أن المطلقة والتي عندها أبناء تكون في أمس الحاجة الى
تحصيل النفقة وذلك لرعاية الأبناء وسد متطلباتهم واحتياجاتهم من المأكل والملبس ودخول
المدارس للتعليم ومواجهة المرض والحصول على العلاج.
ولهذا لو أجبر الزوج وأخذت منه النفقات عن طريق الخصم مباشرة من راتبه تضمن الأم المطلقة
وصول حقها وحق أولادها إليها وتستطيع سد احتياجاتهم دون اللجوء الى القضاء والانتظار
للبت في أمورها.
رحلة معاناة
وتقول م. ش: الطلاق ليس نهاية المطاف بل هو البداية لسلسلة من المتاعب والمآسي التي
تقع فيها المرأة وخاصة إذا كانت أم ولديها أبناء في مراحل تعليمية مختلفة فأسهل شيء
أن ينطق الزوج بكلمة الطلاق وقد يكررها ولكن تبعات الطلاق أشد ألماً وأكثر صعوبة مما
يظن الكثيرون.
من الممكن أن يكون هو الحل لإنهاء حياة زوجية فاشلة قائمة على عدم الاحترام والغش والكراهية
ولكن الأبناء يتمزقون من تلك الكلمة وبعد الطلاق تبدأ سلسلة المشاكل للحصول على النفقة
للزوجة وللأولاد ورحلة مع القضاء لتحديد جلسات وتهرب الزوج وعدم حضوره مع العلم أن
النفقات وسرعة البت فيها تساعد الأم المطلقة على إعادة ترتيب حياتها بسرعة وترتيب أوضاع
أبنائها وهذا كما هو معروف كل ما تحتاجه الزوجة المطلقة وأبناؤها من وسائل معيشتها
في حدود طاقة ودخل الزوج بما يشمل الطعام والشراب واللبس والمسكن وحتى العلاج والتعليم
فهي مسؤولية الأب ويجب ضمان حصول الأبناء على جميع حقوقهم.
تفكك
تقول أم عبدالله: تعبت من كثرة الدعاوى والشكوى التي أقمتها ضد طليقي ولم آخذ حقي من
نفقات لي ولأولادي الثمانية وتبدأ حكايتي منذ أكثر من عشرين سنة عندما تزوجته وبعد
رحلة من العذاب والتعب استقرت أوضاعنا وحصل زوجي السابق على القروض بضمان راتبي وبمجرد
بناء البيت تزوج بأخرى وزادت حدة المشاكل بيننا خاصة وأنه أتى بالزوجة الجديدة للبيت
وعجز عن شراء منزل خاص لي ولأولادي أو حتى استئجار منزل آخر فحل هو المشكلة بأن طلقني
وترك لي 5 أولاد نواجه مصيرنا وحدنا بدون نفقة ولا مصروفات. وتضيف: فبعد أن يطلق الرجل
زوجته يرميها هي وأولادها ويقول لها دبري حالك لتجد نفسها بدون معيل وبدون نفقة تصرف
منها فماذا تفعل خصوصاً إذا كانت لا تحمل أي مؤهل أو شهادة تعمل بها لتنفق على نفسها
وعلى أبنائها ولكي تأخذ حقها تلجأ للقضاء لعله ينصفها ولكن إطالة أمد الدعوى وطول مدة
الانتظار وكثرة الجلسات لا تلائم أوضاع الأسر خاصة أن الأسرة بعد الطلاق تعاني أساساً
من التفكك وتكون بحاجة الى المعين ليس مادياً فقط ولكن معنوياً بالأساس!.
إهدار الكرامة
تقول ر. ي: معاناتي مع طليقي لا تزال تدور بين أروقة المحاكم فبعد طلاقي تركني زوجي
مع أولادي نواجه مصير سداد الديون وبدون مصروفات تسد حتى أبسط احتياجاتنا وما زال يماطل
في دفع وسداد النفقة الخاصة بي ونفقة أبنائي الخمسة، ورفعت عليه الكثير من الدعاوى
القضائية إلا أنه لم يستجب وتهرب من حضور الجلسات وأصبح مقصراً في حقي وحق أبناءنا
مادياً ومعنوياً بل أكثر من ذلك تعدى الأمر الى حد الإساءة لي أمام أولادي وأمام الجيران!.
راشد الكواري: الحماية من تعسف الرجل
يقول راشد الكواري: القانون لا يكفل للمرأة حقوقها بعد الطلاق صحيح أن القانون متطور
ولكن لا يطبق الرجل ما عليه من التزامات ناحية زوجته وأولاده فبعض الرجال لا يقومون
بدفع ما عليهم من التزامات تجاه الزوجة المطلقة والتي قد يكون لديها أبناء تستحق أنواعاً
من النفقة وهي نفقة المتعة ونفقة الأولاد ونفقة السكن ولهذا يجب حماية الزوجة من تعسفات
الزوج في ممارسته لحق الطلاق وذلك من خلال تدخل القضاء الذي له أن يراقب ممارسة الزوج
لحق الطلاق وتبعات ذلك وما يترتب عليه من حقوق للزوجة والأولاد فقد تستمر قضايا النفقة
والبت في دعاوى وشكوى الزوجة المطلقة لحدود سنة وأكثر مما يؤدي الى حدوث مآسٍ اجتماعية.
لشيخ عبدالسلام البسيوني: مطلوب حماية الأبناء من جور الآباء
ويقول الشيخ عبدالسلام البسيوني: أحمل المسؤولية الكاملة أولاً وأخيراً للوالدين فمهما
كان حجم الخلاف والمشكلة فهما المسؤولان المباشران عن الأبناء لكن الإنسان دائما لحظة
الغضب يهدم المعبد على رأس الجميع ويكون الضحية هم الأبناء فالرجل يتزوج والمرأة تتزوج
وقد رأيت عشرات الحالات يعاند فيها الأب والأم معاً ويتشبث كل واحد برأيه والضحية هم
الأولاد.
ويضيف: يتشاجرون ويختلفون كما يشاؤون ولكن بعيداً عن الأبناء فالحل يكمن في تدخل المؤسسات
الاجتماعية لرعاية الأبناء والجمع والإصلاح بين الأب والأم لصالح الأولاد حتى لو تزوج
الأب بأخرى أوجبت عليه وجوباً قانونياً بإعطاء أولاده الوقت الكافي والإنفاق عليهم
ورعايتهم ومتابعتهم وأنا الآن أمامي حالة أعاني منها منذ عدة شهور فالرجل تزوج بأخرى
والأم عنيدة ومصرة على الطلاق وتريد البعد عن الأولاد فهي تقوم بدور تدميري رغم تقارب
الأب وخوفه الشديد على أولاده وحرصه على تربيتهم بطريقة صحيحة والإنفاق عليهم.. لكن
الأم تعاند وتكابر ولذلك الذي يلزمهم هنا هو القانون والدولة. تلزمهم برعاية الأبناء
بغض النظر عن الخلافات القائمة بين الأبوين.
د. عبدالحميد الأنصاري: الحل في محكمة الأسرة
ويقول الدكتور عبدالحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة والقانون السابق: إن سلبيات الطلاق
كثيرة وعواقبها خطيرة جداً على الأبناء فهم الضحية في المقام الأول والأخير.. فالأبناء
إذا لم يربوا في حضن الأبوين تنشأ سلبيات تصل الى درجة الانحراف ومطلوب هنا دور قوي
وفعال لمؤسسات المجتمع.
ويضيف: في العصر الحديث وأمام المد العولمي وثورة الاتصالات وغزو الفضائيات أصبحت قضية
التربية شديدة الأهمية والخطورة ويجب تربية الأبناء التربية السليمة التي تحصن وتقوي
مناعة الشباب ضد المخاطر ولذلك إذا حدث الطلاق وهو أبغض الحلال فلا بد أن نحمي الأبناء
من مخاطر هذا الانفصال ويجب أن يكون للتشريعات دور في ذلك وإنشاء محكمة خاصة لمعالجة
تلك القضايا من الإشراف والرعاية والنفقة والحضانة ورقابة الأبوين للأبناء ولذلك عندنا
هنا في قطر محكمة الأسرة لإبعاد الأبناء عن جو المحاكم الأخرى مراعاة للجوانب النفسية
فلدينا قانون للأسرة ومحكمة للأسرة ومؤسسات كثيرة ترعى الأسرة.
عبدالله طاهر: التأخير في صالح الأبناء أحيان
ويقول المستشار القانوني عبدالله طاهر: الدولة أنشأت مجلس للأسرة لحل النزاعات التي
تنشأ بين الأزواج عبر قنوات من الحوار كما يقوم بدور توفيقي بين الأزواج ويحاول الوصول
لحلول ترضي جميع الأطراف لأن الطلاق مشكلة كبيرة سيواجهها المجتمع بعد ذلك خاصة إذا
كان هناك أبناء ففي هذه الحالة يكون التأخير وأخذ الوقت الكافي لدراسة أسباب الطلاق
يكون في صالح الأبناء وأيضاً الزوجين فقد تكون المشكلة مادية فتتدخل الجهات لحلها سواء
عن طريق صناديق الزكاة أو غيره حتى لا ينهار البيت.
ويضيف: وفيما يخص مسألة النفقة فهي حق شرعي شرعه الله للزوجة وللأبناء حتى ولو كانت
تلك الزوجة ميسورة الحال ولكن ربما يأتي البطء من خجل الزوج من عدم حضور الجلسات وعدم
قدرته على مواجهة الزوجة ولكن يجب إلزامه بسداد النفقات المستحقة للزوجة والأبناء.
قرار
أميري رقم (23) لسنة 2002 بشأن المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قرار
أميري رقم (8) لسنة 1999 بتشكيل المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قرار
أميري رقم (53) لسنة 1998 بإنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
قانون
رقم (13) لسنة 1971م بنظام المحاكم العدلية
قانون
رقم (10) لسنة 2003 بإصدار قانون السلطة القضائية
قانون
رقم (8) لسنة 1987م بشأن تنظيم رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية
قانون
رقم (13) لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1971 بنظام المحاكم العدلية
قرار
وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان رقم (15) لسنة 2005 بشأن الأعمال التي لا يجوز تشغيل
الأحداث فيها