الراية - السبت28/3/2009
العنف الأسري خطر يهدد المجتمع
دراسة حديثة كشفت تعرض 23،4 بالمائة من السيدات له .. مختصون:
مطالبات ببرامج توعوية للأزواج.. والأبناء الخاسر الأكبر
البسيوني: ظاهرة عالمية.. والإسلام يحفظ كرامة المرأة
د. موزة المالكي: المجتمع الذكوري وراء عنف الرجال
فريدة العبيدلي: منع المرأة من رؤية أبنائها.. أقسي أنواع العنف
تحقيق- جيهان حافظ :
آثارت دراسة العنف ضد المتزوجات في المجتمع القطري للدكتورة
كلثم الغانم ردود افعال كثيرة في المجتمع حيث اكدت الدراسة ان 4.23% من المتزوجات
في قطر يتعرضن للعنف الزوجي والضرب أمام الأبناء والاستيلاء علي اموال الزوجة مما
يترتب علي ذلك حدوث حالات من الاكتئاب والرغبة في الانتحار وتأثر الصحة الانجابية
للزوجة وعدم الرغبة في الحمل وبقاء الزوجات المعنفات في المستشفيات لفترات طويلة
وتأثر اداء الزوجة في العمل والتغيب عن العمل لفترات طويلة وعدم القدرة علي
الاحتفاظ بالعمل وكان التهديد بالسلاح والضرب والصفع امام الابناء والتحرش جنسيا
بالابناء واجبار الزوجة علي المعاشرة والاستيلاء علي اموالها من المظاهر الخطيرة
التي كشفت عنها الدراسة واكدت ان المرأة تواجه مشاكل اجتماعية خاصة بالنسبة لحالات
الطلاق والتي تكون المرأة أكثر تضررا من جراء الطلاق.. الراية رصدت اراء الفتيات
والشباب ورجال الدين والقانونيين والمختصين حول نتائج الدراسة حيث اتفق الجميع علي
ان العنف في المجتمع القطري ليس ظاهرة وانما هي حالات تأخذ شكل الفردية وأكدوا ن
اسبابه تعود الي سوء اختيار الزوج واتساع هوة المستوي التعليمي بين الزوجين لاسيما
في الحالات التي تكون فيها الزوجة اكثر تعليما من الزوج وقلة الوازع الديني لدي
الزوج واكدوا ان نتائج هذا العنف تنعكس علي الابناء بالدرجة الاولي حيث ينشأون
ضعفاء في شخصياتهم وثقتهم في أنفسهم منعدمة يخافون من عنف المجتمع ضدهم واكدوا ن
الدين الاسلامي حث علي حسن معاملة الزوجة ووضع الاسس والقواعد التي ينبغي الالتزام
بها حتي تكون الاسرة صحيحة تنجب ابناء فاعلين في مجتمعهم.
تقول ام عبدالله: ان المرأة تتعرض للعنف الزوجي والضرب المبرح من قبل الزوج بعد
الزواج وقبل الزواج تتعرض للعنف الاسري داخل اسرتها سواء من الأخ أو من الأب نتيجة
التشديد علي الفتيات وتري ان اساس المشكلة يكمن في عدم الاختيار الصحيح منذ البداية
لانه يؤدي الي حدوث الكثير من المشاكل والقضايا التي تنتهي غالبا في ساحة القضاء في
انتظار وقوع الطلاق.
وتضيف عندما تتعرض الزوجة او الفتاه للضرب او الاهانة او حتي السب فإن قلبها ينكسر
وتتحطم نفسيتها وتعاني من مشاكل لا حصر لها تستمر معها باقي حياتها لهذا فان
الاختيار السليم والسؤال عن اخلاق زوج المستقبل ومدي تمسكه بدينه واسلامه يصون او
يضمن علي الاقل ان هذا الزوج لن يهين تلك الفتاة لان الاختيار الخطأ من قبل الفتاة
يوقعها فريسة لعنف الرجل وتهوره لانه لا يراعي فيها الله ولا يتقي فيها شيئا فتهون
عليه فيضربها وتؤكد ان هناك حالات كثيرة امام المحاكم وفي القضاء تطلب الطلاق علي
اعتبار انه الحل والخيار الوحيد امام المرأة للتخلص من ظلم وجبروت الزوج المتسلط
وهناك حالات اخري تعيش حياتها اسيرة الصمت الزوجي والاستمرار والصبر علي البلاء
لانها لو تركت البيت نتيجة اهانة الزوج لها وعنفه معها امام اولادها وذهبت لبيت
اهلها لا ينصفونها ويردونها له مرة اخري فلا تجد مفرا من ان تبقي اسيرة الظلم
والقهر وعدم مبالاة الزوج لمشاعرها او نفسيتها وهناك حالات اشد ظلما وقهرا ان تتحمل
الزوجة الضرب والسب والاهانة ويخونها الزوج فلا تطيق الخيانة الزوجية فترفع قضية
طلاق فيرغمها علي ترك اولادها وترك البيت والتنازل عن جميع حقوقها التي شرعها لها
ديننا الاسلامي.
وتقول هاجر الشمري: الزوج الذي يتناول الخمر او المشروبات الكحولية هو الذي يقوم
بالعنف الزوجي ضد زوجته وايضا ضد اولاده لانه لا يكون في وعيه ويغضب لأتفه الاسباب
فيقوم بتعنيف زوجته امام اي احد بل وضربها وسبها وضرب الابناء ويتطور الامر الي
تهديدها بالسلاح او بأنه سوف يقوم بتطليقها وحرمانها من الاولاد وطردها من البيت.
وتري ان المستوي التعليمي والثقافي يحدد معاملة الرجل لزوجته فلو كان رجلا متعلما
فسيتحاور معها ويقدرها حتي لو صادفتهما مشاكل العالم فهو يحكم عقله في كل شيء اما
لو كان مستواه العلمي منخفضا وهي مستواها اعلي منه فيتسبب ذلك في احساسه بأنه اضعف
منها وهي الاقوي التي تصرف وتساهم في مصاريف البيت ومطالب الاولاد فيحاول ان يثبت
لنفسه ولها انه اقوي منها فيقوم بضربها وتعمد اهانتها امام اهله او معارفه او امام
الاولاد والاهل واحيانا يقوم بخيانتها او الاستيلاء علي راتبها واموالها الخاصة.
وتقول هالة علي: العنف الزوجي ضد المرأة من الظواهر الغريبة علينا فضرب الزوجة امام
الابناء او الاستيلاء علي راتبها وأموالها او الصفع والشتم والسب كلها تؤدي الي كره
الزوجة لحياتها مع هذا الزوج وكره هو شخصيا واصابة المرأة بالاكتئاب وعدم الرضا عن
حياتها الزوجية.
وتؤكد ان الحوار والتفاهم بين الزوج والزوجة اقصر الطرق لعلاج أية مشكلة تنشأ بين
الزوجين فيجب ان يسمع لها الزوج ويقدر الظروف ويفهمها أولا بدلا من ضربها وشتمها او
اصابتها بالكلام الجارح والطاعن الذي يستقر في قلبها لان المرأة لا تنسي الاهانة
مهما طال عليها الزمن وتؤكد ان المرأة أو الفتاة من طباعها المتأصلة فيها الحب
والحنان والعطف ولهذا فهي كائن رقيق ضعيف لا يجب ان يمارس ضدها العنف والتسلط
والمعاملة الخشنة لان هذا يزيد من عنادها ويزيد من المشاكل والفجوات بينهما ويجعل
المرأة تطرق باب المحاكم وتطلب الطلاق
يقول سالم محمد العذبة: مما لاشك فيه أن المجتمع القطري مثله مثل غيره من المجتمعات
تتزايد فيه حالات العنف الأسري والزوجي ضد المرأة ولكن يجب عدم تهويل الظاهرة أو
القضية لأن الحالات فردية ويكون الزوج في تلك الحالات شخصية مهزوزة ناقص عقل لانه
لا يقوم بأفعال مثل الضرب والاهانة إلا شخص جاهل للأسلوب الحضاري في التعامل مع
المرأة نصف المجتمع وغير واع بدينه الذي يوحي بحسن معاملة المرأة وعدم إهانتها أو
إذلالها.
ويضيف: الضرب والإهانة شيء كبير لا يجب أن يلجأ اليه الرجل فيجب أن يعالج المشاكل
أو القضايا التي تحدث بينهما بالعقل والحوار وتطبيق الأسلوب الحضاري في حل المشاكل
ولا يضع عقله كرجل يقف امام زوجته ولكن سالم يري أن هناك حالات قليلة تستفز الرجل
وتخرجه عن حالة العقل التي يتحلي بها كأن لا تنفذ المرأة أو الزوجة رغبات زوجها
وتعانده أولا تسمع كلامه ولا تطيعه في شيء وهذا يؤخذ علي المرأة لأن الاسلام أمرها
بطاعة زوجها.
أحمد محمد
مطلوب برامج لمواجهة الظاهرة
ويقول أحمد محمد: قضية العنف الزوجي هي ظاهرة غير صحية بل هي مرض نفسي خطير يؤكد
علي أن من يقوم بالعنف شخصية مريضة فاقدة للثقة في نفسها تحاول عن طريق الضرب اثبات
القوة أو ادعاء القوة والغطرسة ولهذا فإن الاختيار الخطأ للمرأة العنيدة أو
المتسلطة لا تطيع زوجها وتكابر في الخطأ يسبب المشاكل وأيضاً اختيار المرأة للرجل
غير الملتزم دينياً ولا يطبق شريعة الله فسوف تكون أول انسان يقوم بظلمه.
والمرأة التي تقع ضحية للعنف الزوجي تكون فاقدة للثقة في نفسها ولا تشعر بالأمن
والأمان اللذين هما من أولي أولويات الحياة وخاصة الحياة الزوجية القائمة علي
التراحم والتآلف ويقود ذلك في النهاية الي الكراهية وتوليد عنف مضاد من المرأة ضد
الرجل الذي يضربها ويذلها ويهينها حتي لو كان ذلك أمام أولادها وتكون المحصلة بناء
جيل من الأطفال غير الاسوياء والمصابين بأمراض العصر كالاكتئاب وفقدان الثقة.
ويجب وضع برامج لمواجهة العنف الزوجي الذي يقع علي المرأة وحماية المرأة من ذلك
وتوعية المرأة بحقوقها أولاً التي كفلها لها الدين الاسلامي وهي انها انسان له حقوق
لا يجب ان تنتهك ولا يمتلك أي انسان أن يذلها أو يحقر من شأنها لأن الله خلقها حرة
لا ذليلة لكي يمارس عليها زوج متسلط مريض العنف عليها ويسييء لها امام أهلها أو
امام أولادها فهي الأم والزوجة والأخت مربية الأجيال فهل يعقل أن تقوم بتربية
الأجيال امرأة ذليلة مصابة بالاكتئاب والحقد والكره، هل يعقل أن تضرب من تقوم
بتربية اجيال المستقبل أمام أعينهم كيف يحترمها أولادها وهي ذليلة مهانة لا تقدر
علي فعل شيء سوي الاستسلام للأمر الواقع المفروض عليها.
الشيخ عبدالسلام البسيوني:
العنف الزوجي قضية عالمية
ويؤكد الشيخ عبدالسلام البسيوني علي ان ظاهرة العنف الزوجي ليست عربية بل هي ظاهرة
عالمية وقضية شائعة في كل الثقافات حتي الأوروبية التي تزعم تحرير المرأة وقضية
الخطوط الساخنة مع الشرطة قضية شائعة علي الجانبين العنف الزوجي الصادر من الرجل
للمرأة وعنف المرأة ضد الرجل أيضا فالقضية واسعة الانتشار وليست خليجية فقط أو
عربية وهي أيضا ليست اسلامية لأن الاسلام في نصوص كثيرة وفي التطبيقات اليومية يأبي
العنف ويوصي بالمرأة ويعتبرها قارورة والقارورة هي أرق أنواع الزجاج وأرق أنواع
الزجاج لا يمكن أن يعامل بالعنف والخشونة علي الاطلاق وقد أوصي النبي (صلي الله
عليه وسلم) بالنساء فقال استوصوا بالنساء خيراً وقال اللهم اني احرج حق الضعيفين
اليتيم والمرأة وفي الآخر ما اكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم .
وقد كان بيت النبي مثالاً للهدوء الزوجي والرفق وحسن المعاملة وهو صلي الله عليه
وسلم الذي كان يقول خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي .
وقد سمع عن بعض الرجال الذين يضربون نساءهم فقال ليس هؤلاء خياركم وقد اوصانا النبي
بالرفق في الأمر كله فقال ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه،
وأريد ان انبه الي اننا نعالج قضايانا وفق رؤيتنا وعلي أساس قواعدنا لا قواعد
الآخرين وعلي المسلمة الا تكون دائما طرفا مستباحاً لأي كائن يذل كرامتها ويشل
ارادتها ويحقر نفسها اليها لأن المرأة الذليلة لا يمكن ان تكون أماً ناجحة ولا زوجة
مرضية ولا انسانا يحس بكينونته وبتميزه بين خلق الله تبارك وتعالي.. فلا نتكلم عن
العنف لأن الآخرين يتكلمون عن العنف ولا ينبغي ان نكون صدي لانفعالات الآخرين
واقتراحاتهم إنما ينبغي ان ننظر الي واقعنا ونعالجه بما يمليه علينا ديننا وعاداتنا
وتقاليدنا.
وتقول الدكتورة موزة المالكي: استاذ علم النفس ان للعنف أنواعاً عدة وأشكالاً
مختلفة فالعنف لا يقتصر علي الرجل وعنفه ضد المرأة ولكن هناك عنفاً من قبل المرأة
تمارسه ضد الرجل ويرجع ذلك للتربية والتنشئة كذلك الحال مع الرجل الذي يضرب المرأة
ويكون لديه عنف موجه تجاه المرأة بصفة عامة يرجع لطبيعة شخصيته.
وتضيف: في وطننا العربي نعيش مجتمعاً ذكورياً وهذا ما يجعل الرجل لا يعترف بمثل هذه
القضايا وهذه الحالات المتعرضة للعنف حيث الخجل وكرامة الرجل وانه لا يجب علي أي
شخص أياً كان أن يجرح هذه الكرامة ولا التعرض لها لأن عنفه ضد المرأة يهز هذه
الصورة ويكسر هذا الحاجز.
وتؤكد علي ان ممارسة العنف سواء كان من قبل المرأة أو الرجل أو أي كائن يمارس العنف
علي الطرف الآخر فهذا الأمر يكون له جذور وأسباب نفسية أهمها التنشئة إذا نشأ الطفل
وهو يري العنف ويجد الآباء يتعاملون بمثل هذه الأساليب يكون بطبيعة الحال عنيفاً
بينما لو وجد هذه العائلة غير عنيفة ولديها نوع من التسامح فتكون شخصية طبيعية.
فريدة العبيدلي مدير عام المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة قالت إن للعنف
أنواعاً عدة متعددة الأشكال فمنها العنف الجسدي واللفظي والنفسي ولكن مثل هذا النوع
من العنف ليس واضحاً كالعنف بالاعتداء بالضرب وغيره من أشكال العنف كالتحرش وما
شابه ذلك من عنف.
وتضيف: إن لعنف الرجل تجاه المرأة أشكالاً شتي منها الامتناع عن الزوجة أو منع
الأولاد عنها كما أن هناك بعض الرجال يحاولون التفنن في الانتقام والخلافات عن طريق
الأولاد فمنع الأم عنهم هو عنف معنوي وأشد قسوة من العنف البدني والجسدي.
كذلك الخلافات المستمرة ومستوي الدخل المادي المتدني قد يكون سبباً رئيسياً
ومباشراً في كثرة الخلافات الزوجية والعنف المتبادل بين الطرفين وهذا ما يكون
ملحوظاً في البيئات المتدنية المستوي المادي والاقتصادي.
وتشير العبيدلي: إن نسبة لا بأس بها من اللاتي يأتين للمركز يكون لديهن نوع من
التفنن في الانتقام من قبل الزوج مثلا يريد كل طرف غيظ الطرف الآخر فقد نجد الضرب
والسب والشتم وحرمان الأبناء من بعض الأشياء وبذلك يكون هذا نوع من العنف الموجه
للأم في صورة الأبناء.
وتؤكد: أن نسبة الحالات الوافدة للمركز لا يمكن أن يقال أن هناك نسبة عالية
للمقيمين علي المواطنين أو العكس أو متعلمة وغير متعلمة لأن النسبة متساوية تقريبا
كذلك الاعمار المختلفة بين حديثات الزواج وغيرهن.
كذلك يمكن لنا الإشارة لعنف الرجل بصفة عامة تجاه النساء علي جميع الأصعدة ضد الأم
الخادمة وهي كلها أسباب نحاول التبصير بها والتفهيم لمثل هذه الحالات فنقدم للأسرة
السيدة جلسات علاج نفسي وتتعرض الحالة لجلسات مع الأخصائي الاجتماعي والنفسي.
وتقول ندي مبارك السليطي المحامية: لقد كثر في الآونة الأخيرة التحدث عن العنف داخل
الأسرة، وبخاصة عنف الرجل تجاه المرأة، وتناولت بعض المنابر الاعلامية الموضوع من
زواياه المختلفة، وتعاملت معه علي أنه ظاهرة والأحدث في هذا الموضوع، هو ظهور أصوات
تقول بأن هنالك عنفاً تمارسه المرأة ضد الرجل، بل وطالبت بحماية الرجال من عنف
النساء وبالنظر إلي الواقع نجد أن العنف موجود بشكل عام داخل بعض الأسر.
هذا وأن العنف والعنف المتبادل، الحاصل داخل الأسر العربية، لا يقتصر علي العنف
الجسدي عن طريق الضرب بل يتعداه إلي ما هو أبعد من ذلك حيث نجد العنف النفسي وهو
أشد إيلاما من العنف الجسدي، ونجد العنف المالي والعنف السلوكي والعنف الحواري
والغالب الأعم من حالات العنف، هو العنف الواقع من الرجل علي المرأة، سواء كان ذلك
الرجل زوجا أو أبا أو أخ والقليل النادر من تلك الحالات، هو العنف الواقع من المرأة
ضد الرجل، سواء كانت تلك المرأة زوجة أو أما أختا.
وتضيف: إن معظم حالات العنف لا تظهر في الاحصائيات الرسمية للدولة وذلك لعزوف الطرف
الذي يقع عليه العنف عن التبليغ وهذا يجعلنا نقول بأنه لا توجد قضايا بارزة عن
حالات عنف المرأة تجاه الرجل.
وإن كانت المحاكم القطرية تشهد عدداً من القضايا المتولدة عن العنف إلا أنها ليست
قضايا كثيرة ولا تصل - بحال من الأحوال - إلي حد الظاهرة، إذ أن تلك القضايا هي مما
يعرف بالقضايا النمطية، والمتمثلة في قضايا الاعتداء علي سلامة الجسم، والضرب
البسيط هذا وللعنف المتبادل بين الجنسين نماذج كثيرة، فهناك الزوج الذي يتعدي علي
زوجته بالضرب والغلظة بالقول والاكراه علي الرضوخ لطلباته ويكرهها علي أن تعطي له
أموالها الخاصة.
وفي المقابل نجد أن بعض الزوجات لا يحترمن أزواجهن، ولا يعاملهن بالقدر اللازم من
المودة وهناك الأب الذي يتعدي علي ابنته بالضرب وينهرها، وكذلك الأم والأخ وفي
المقابل هناك الأبناء الذين يتعدون علي آبائهم ويعقونهم، ويتخلون عنهم في وقت هم
أحوج ما يكونون فيه إليهم ولا يجد هؤلاء الآباء أو الأمهات، إلا دور المسنين
لإيوائهم.
وتقول: بالنظر إلي العنف وحالاته وأطرافه، من الزاوية القانونية، نجد أن القانون
يتناول الأمر مجرداً عاماً حسب نوع الجريمة وجسامتها، إلا أن هنالك بعض الجرائم
التي شدد فيها المشرع، العقوبة علي الجاني، إذا كان من أصول المجني عليها أو من
المتوليين تربيتها أو رعايتها أو ممن لهم سلطة عليها، ولاشك أن المشرع القطري، قد
سن القوانين التي تضبط حياة المجتمع الاجتماعية والمالية، وتحمي الأسر وتصون
الأبناء.
ومع ذلك نجد من يستغلون مرونة بعض القوانين، وينفذون من الجوانب الاجرائية فيها،
لاطالة أمد التقاضي، وبخاصة في قضايا الميراث، والتي نري أن المرأة هي الجانب
الأضعف فيها، حيث تتعرض لعنف معنوي لا يطاق ولا حدود له، من جانب إخوتها الذين
يسيطرون علي تركة مورثهم، ويأبون اعطاءها حقوقها الشرعية.
كما أنني أناشد المشرع القطري باضافة ما يلزم من مواد للكتاب الخامس الارث من قانون
الأسرة رقم 22 لسنة 2006، تتضمن النص علي معاقبة كل من يستولي علي ميراث ولا يعطي
أصحاب الحق فيه حقوقهم.
لأن الميراث فريضة من الله، فجزاء من يخالف هذه الفريضة أو يعطل تنفيذها، أن يعاقب،
وهو ما ننادي به، حتي يرتدع كل من تسول له نفسه الاستيلاء علي أموال وتركة الموروث،
ويعتدي علي حقوق باقي الورثة، سواء كان ذلك المعتدي رجلاً أم امرأة.
هذا وأن العنف تجاه الجنسين لا يقتصر علي التعدي بالضرب أو الاعتداء بل قد يتعداه
إلي صنوف أخري من العنف فهناك العنف بالاعتداء علي الحياة ذاتها، ويتجلي ذلك فيما
يعرف بجرائم الشرف، والتي تذهب ضحيتها المرأة، التي تكون في معظم الأحوال ضحية
ومظلومة.
وفي بعض الأحيان، يسقط الرجل ضحية معها وهناك العنف الذي يمارس علي النفس وهو أقسي
أنواع العنف وأشدهم إيلاما علي من يقع عليه ويتجلي ذلك في الاهانة باللفظ والحط من
القدر، وسوء المعاملة والهجر في الفراش وعدم الانفاق، وترك الزوجة كالمعلقة، لا هو
عاملها كزوجة بالمعروف، ولا خلي سبيلها وطلقها وهناك العنف ضد الابناء، الذي يتمثل
في الضرب وسوء التربية وترك أمرها للخادمات، وهناك ما أسميه بالعنف الناعم الذي
يمارس ضد المرأة للاستيلاء علي مالها الخاص وغير ذلك الكثير من أشكال العنف التي
يشهدها المجتمع.
وتضيف: نلاحظ أن هناك اهتماما اعلاميا باظهار صور العنف الواقع من الرجل ضد المرأة،
وتضخيمها وهذا الأمر وإن كان له إيجابيات كثيرة، ويصب في صالح المرأة التي هي عماد
الأسرة والمجتمع، باعتبارها الجانب الأضعف، إلا أنه لا يخلو من سلبيات، أبرزها
تصوير الرجل العربي علي أنه وحش كاسر، وهذا بالطبع غير صحيح، وإن كان المجتمع
يتقبل- ببعض تحفظ - العنف الواقع من الرجل علي المرأة، إلا أنه، لا يتقبل بعد،
العنف الواقع من المرأة علي الرجل.
ومرد ذلك إلي أسباب كثيرة، منها ندرة حدوث ذلك العنف، وعدم تقبل الرجال لأن يوصموا
بأنهم ضحية اعتداء المرأة عليهم، فشخصية الرجل العربي، التي يغلب عليها الطابع
القبلي، تأبي ذلك، حتي لو تم الاعتداء عليه من المرأة بالفعل وعلي العموم، فإن
العنف الواقع ضد المرأة يجد رواجا اعلاميا واجتماعيا، نظراً لكثرة حدوثه، ولأن
المرأة هي الجانب الأضعف الأولي بالرعاية.
وتشير السليطي: أن للعنف أسبابا ودوافع متعددة، فقد يكون بسبب عدم الانسجام وعدم
التأقلم وقد يكون بدافع الكره والانتقام، وقد يكون بسبب اظهار الذات والشعور بالقوة
وقد يكون العنف رد فعل علي سوء معاملة الطرف الآخر واحتقاره، وانسداد طرق الحوار
والتفاهم وقد يكون المعتدي لديه دوافع نفسية.
وقد يكون بسبب مادي واقتصادي حيث لا يجد ما ينفق منه علي احتياجات أسرته فلا يجد
أمامه إلا أن يعتدي علي زوجته وأولاده وقد يقتلهم في بعض الأحيان، كما يحدث في بعض
الدول القريبة وفي مقدمتها مصر.
وأن الحالات التي تعتدي فيها المرأة علي الرجل، لا تأتي فجأة وبلا أسباب، بل لها
مقدماتها وأسبابها ومبرراتها، التي قد تصل في أغلب الأحوال، إلي حد الإباحة وامتناع
المسؤولية عن الفعل الذي تقوم به.
كما أن عنف المرأة ضد الرجل، له أهداف مختلفة، تتنوع بتنوع مقدار العنف ودرجته، فقد
تهدف المرأة من وراء عنفها إلي الانتقام لنفسها وكرامتها ووضع حد لمعاناتها، وقد
تهدف إلي اظهار قوتها وفرض سطوتها، وقد تهدف إلي زرع الكره لدي الطرف الآخر، حتي
يتخلص منها ويطلقها، وقد تكون مريضة نفسياً، وغير ذلك من الأهداف التي لا تقع تحت
حصر.
ولا يقتصر العنف الذي يقع من بعض النساء علي أزواجهن فقط، بل هناك ضد الأب والأخ
والزميل في العمل، لكن يبقي ذلك في نطاق محدود وفي حالات شاذة ذلك أن المرأة -
بطبيعتها- كائن رقيق مفعمة بالمشاعر، جياشة الأحاسيس، خيالية إلي أبعد مدي ومثالية
إلي أقصي درجة، ولا تميل إلي العنف ولا تأخذه سبيلا.
إلا أن عنف المرأة ضد أبنائها يتعدي ذلك ويتفوق عليه وهي بذلك قد تظن أنها تفعل ذلك
من أجل تربية أبنائها، ليكونوا عند قدر المسؤولية مستقبلا، ولكنها بذلك الفعل تضر
أبناءها من حيث أرادت أن تفيدهم. وقد تفعل ذلك انتقاما من زوجها في صورة أبناء وفي
هذا تجن علي الأبناء دون مبرر ودون سبب جنوه.
وتؤكد: أنه من المؤسف أننا نجد أن معركة العنف بين الزوجين، يتسع رحاها ليطال
الأبناء، دون ذنب جنوه أو فعل اقترفوه حيث نجد بعض الأزواج والزوجات يستخدمون
الابناء كوسيلة جيدة للعنف ضد الطرف الآخر في حين أن الابناء لا ذنب لهم في ذلك.
إذ أنهم يعانون من جراء العنف الحاصل بين الأبوين، معاناة نفسية لا حدود لها فلا
يجب أن يضاف فوق معاناتهم تلك معاناة أخري جسدية وإن كان هناك أخطاء وقع فيها
الزوجان، فلا يجب أن يتحمل الأبناء نتيجة تلك الأخطاء، ويدفعون ثمنها، حيث لا تزر
وازرة وزر أخري.
وهنا أتوجه برسالة إلي الأزواج والزوجات خاصة وإلي أفراد المجتمع عامة، مفادها أن
الحياة مشاركة وليست مغالبة، والرأي شوري وليس انفرادا فيا أيها الأزواج، رفقا
بزوجاتكم ويا أيتها الزوجات، حافظن علي أزوجكن، فالحياة الزوجية حضن للسعادة
والحنان، وليست ساحة للقتال والهوان.
فحافظوا عليها وتفانوا في بقائها، وراعوا أبناءكم أغلي ثمارها ويا أيها الآباء
والأمهات والأبناء، ومزيداً من الحب ومزيداً من الألفة، لتسير الحياة وتستقر
الأسرة، وترسو سفينتها علي شط الأمان.
قانون رقم (21) لسنة 1989 بشأن تنظيم الزواج من الأجانب
قانون رقم (11) لسنة 1994 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (21) لسنة 1989 بشأن تنظيم
الزواج من الأجانب
العنف
الأسري والطلاق يهددان كيان الأسرة