جريدة الوطن الاربعاء 20من
مايو 2009 السنة 14 العدد 5008
هند السويدي : سوق البطالة
وسوق العمل.. من يقسو على من؟
السؤال الذي يطرح نفسه هل لدينا احصاءات وأرقام
تبين لنا حجم انتشار ظاهرة البطالة في مجتمعنا القطري؟ أم أن المسؤولين عن عمل الاحصاءات
في الجهات الرسمية المعنية يكتفون بطرح تساؤلات واستعراض حجم المشكلة في تقارير خالية
من الأرقام؟ أتطرق في مقالة اليوم إلى البطالة، هذه الآفة الحاضرة الغائبة التي ما
فتئت تأكل في صحتنا وتنهش في عقولنا وتؤرق مضجعنا وهي من افرازات العصر المعتمد على
تقنيات الثورة الرقمية وعلى العمالة الأجنبية التي احتلت ولا تزال تحتل مناصب عديدة
محل القطريين بينما يظل يبحث المواطنون العاطلون عن العمل من الخريجين وعن الوظائف
المناسبة لهم ولا يجدون بسبب احتلال المواقع الوظيفية من قبل العناصر غير القطرية وبسبب
احتكارها من قبل المسؤولين الذين يحجزونها لمن لديه واسطة أو تركها كوظائف شاغرة دون
موظفين.لا يمكن أن نتصور كيف تهدر جهود سنوات من التعليم والدراسة والسهر لطلابنا ثم
لا يمكنهم الالتحاق لا بوظيفة ولا بجامعة؟ ولماذا يظل شبابنا بعد الثانوية تائهين لا
يعرفون مصير الأوراق التي تقدموا بها للمعرض المهني الفائت ولا يعرفون أي الجهات التي
ستنظر في طلبات التحاقهم بوظيفة.
للبطالة وجوه وأقنعة
أذكر لكم بعضا من أقنعة البطالة التي تبدو متفشية في المواقع الوظيفية لدى بعض الموظفين
غير الجادين، وتلك التي تعبر عن معاناة وواقع أعداد كبيرة لا يمكن الاستهانة بها لا
تزال عاطلة عن العمل وتبحث عن الوظيفة كما يبحث الغريق عن كومة قش.
البطالة المرفهة: أن تعمل براتب مغر ودرجة وظيفية مغرية كبيرة ثم لا انتاج حقيقي ملموس
أو انجاز يذكر من الجلوس على كرسي منصب أعلى من مؤهلاته وأعلى من قدراته وأعلى من الانتاجية
المأمولة. وهذه البطالة المرفهة موجودة في قطاعات العمل الحكومي بمثابة «الجاثوم» الذي
يجثم فيه صاحبه على الكرسي بلا عمل ولا انجاز ويجثم فيه على راتبه الشهري بلا مقياس
لعمله ومؤهلاته وغير متناسب مع جهوده وأعماله ويجثم فيه على مؤسسته التي يعمل بها بلا
تطوير لها ولا أداء مأمول. وهي نوع يبقى فترة طويلة دون حراك حقيقي ودون دراسة حقيقية
للأوضاع.
البطالة المقنعة: وهذا النوع من البطالة يعني أن يتكدس عدد كبير من الموظفين في ادارة
ما أو قسم ما دون انتاجية ومجرد تخمة في العدد وقلة في الانجاز. ومن الممكن أن يقتصر
عمل الفريق على خمسة بدلا من عشرة ويمكن أن يقتصر العمل نفسه نحو أدائه على أكمل وجه
على خمسة موظفين وليس عشرة ولكن تبقى العشرة قائمة مثلا بحجج عديدة منها أن البلد فيه
طلبات التحاق عديدة تحتاج الوظيفة. وأنه كلما زاد عدد الموظفين في الادارة أو القسم
كان الانجاز أسرع والخدمة أفضل وهذا يصلح لبعض الادارات والأقسام التي تعاني يوميا
صراعا مريرا مع خدمة العملاء ولكن أن يكون الموظفون مكدسين كفائض بلا عمل ومجرد استلام
وظيفة وراتب والسلام فهنا الاشكالية والتي تظهر في نقطة أنه لا يمكن فصل الموظفين من
أعمالهم دون أسباب مقنعة ولا يمكن انهاء خدماتهم دون مقدمات فيبقون على رأس وظيفتهم
دون أعمال.وحين تتغير الادارات ويأتي مدير جديد أو مسؤول جديد يرى العجب العجاب من
الادارة القديمة والبيات الشتوي لدى الموظفين وكيف أن المسؤول الذي قبله لم يتصرف تجاه
تفعيل أدوار الموظفين وتقسيمهم على أعمال تحلل راتبهم ولم يقترح فتح وحدات أو أقسام
aلتوزيع الموظفين والمهام.
البطالة الحقيقية الاجبارية: تكمن البطالة الحقيقية في أعداد المواطنين والمواطنات
الذين يبحثون كل يوم عن وظيفة ولا يجدون. ويجلسون بالاجبار في المنازل ويتيهون في المجمعات
بسبب فائض الوقت وقلة الحيلة والاحباط الذي يأتيهم من الادارات التي يقدمون عليها وتعلل
عدم استقبال طلبات التحاق جديدة للوظائف بسبب تكدس الموظفين لديهم وعدم فتح وحدات وادارات
جديدة. وهنا أرى أن الهيكل التنظيمي للمؤسسات والهيئات ليس مقدسا لا يمكن تغييره أو
تعديله. فالحكمة أن يتم التفكير في فتح أقسام ووحدات وادارات جديدة تستوعب جموع المتقدمين
للوظائف. اذ لا يمكن أن نتصور كيف تهدر جهود سنوات من التعليم والدراسة والسهر لطلابنا
ثم لا يمكنهم الالتحاق لا بوظيفة ولا بجامعة؟ ولماذا يظل شبابنا بعد الثانوية تائهين
لا يعرفون مصير الأوراق التي تقدموا بها للمعرض المهني الفائت ولا يعرفون الى أي الجهات
التي ستنظر في طلبات التحاقهم بوظيفة ولا أي الجهات التي تعمل طوال ساعات الدوام الرسمي
والجهات التي تتفشى فيها البطالة.
آثار البطالة.. جد خطيرة
إنها آفة خطيرة تماما الأمراض القاتلة الصامتة في العصر الحالي كالضغط. اذ أن الضغوط
اليومية النفسية في مجال العمل تولد الانفجار وتفاقم من مشكلات عديدة نحن في غنى عنها
وان ظللت أعددها لن أنتهي منها وأذكر منها: الاحتراق النفسي وحرق الأعصاب، عدم الشعور
بالأمان نظرا لعدم الاستقرار الوظيفي، سرقة نضارة الجسم وحيويته، المعيشة وسط أجواء
متوترة من القهر والاحباط والأحقاد وحس المؤامرات والنميمة. بينما غير الموظفين من
الشباب من الجنسين من الذين فقدوا الأمل في الحصول على وظيفة فانهم يظلون عرضة للانحراف
والشعور بالقهر واليأس وعدم الانتماء وعدم الأمان وقد يقودهم التفكير الى ممارسة أعمال
منافية للأمن مثل المخدرات والشغب والسرقة ومواجهة حياة البطالة بفقدان قيمة الحياة
والتي تقود ربما الى الانتحار أو اللجوء الى رفقاء السوء أو الهجرة.
ضعف الانتاجية.. مسؤولية من؟
تضعف الانتاجية بسبب عوامل عديدة يمارسها بعض الموظفين بصورة واضحة للعيان بالنسبة
لبقية الموظفين الملتزمين وللادارة وللمراجعين منها التسيب واشاعة الخمول والكسل وهدر
ساعات الدوام في شرب القهوة وحل الكلمات المتقاطعة أو في المحادثات الجانبية. وقلة
الانتاجية لها عدة اعتبارات منها وأهمها عدم الاستفادة من امكانات وقدرات الموظف وتركه
على الهامش بينما تأتي الخطط جاهزة والأساليب جاهزة والأفكار مستوردة وجاهزة ولا مجال
لتقديم مقترحات وأفكار لتطوير العمل وان كان فلا يأخذ بها وتبقى أسيرة الأدراج.فهل
هذه مسؤولية الموظف أم الادارة؟ وماذا عن الموظفين المثاليين الذين يبدأون أول ما يستلمون
الوظيفة بكل همة وحيوية وحماس ومع مرور الوقت تثبط العزيمة وينضم الى المجموعة المؤدية
للأعمال المطلوب منها بأقل الجهد.ولأن الادارات تتقاعس عن ضبط الموظفين وفي نفس الوقت
لا يوجد ما يستدعي انهاء الخدمات فتبقى الأمور كما هي.وهذه الصورة للأسف متفشية بين
الموظفين وفي الادارات الحكومية التي تعودت على أن تأخذ كل شيء على الجاهز من الأفكار
والخطط المستوردة من قبل الخبراء الأجانب والذين يودون لو يمارسون أعمال الموظفين أنفسهم
ويهمشون الموظفين المواطنين.
هل الأعمال اليدوية والحرفية تعتبر حلا للبطالة؟
حاليا لا. فهي لا تزال تمثل نوعا من المهن والأعمال الدونية التي لا نرغب أن يعمل أبناؤنا
بها مثل صناعة السفن أو الحدادة أو النجارة أو الاعتماد على صيد الأسماك. فمثل هذه
المهن الحرفية والأخرى اليدوية تصلح في زماننا هذا من باب امتهانها كحرفة أو كهواية
ولكن ليس كعمل ثابت ومورد رزق ومصدر استقرار مادي للأسرة اليوم. فهذه الأعمال لا تؤكل
عيش ولا نريد أن نتركها هكذا لمجرد التباهي بها لأنها مهنة الأجداد وحتى نفكر بواقعية
لأبنائنا الضائعين الذين تلطمهم الدنيا بغلاء معيشتها وارتفاع أسعارها ويريدون البدء
والاستعداد لبناء مستقبل أسري وعملي مناسب فلماذا لا نجعل لمثل هذه الأعمال جهة رسمية
تتبناها وتجعل لها هيكلا وظيفيا يتبع وزارة الثقافة باعتبارها راعية للتراث وبالتالي
يمكن دعم المهنة ودعم الشباب الهاوي لها لتكون وظيفة بمسمى وظيفي شعبي له راتب أساسي.
ماذا نفعل لمواجهة البطالة؟
يجب أن نفهم أولا أي نوع من البطالة التي نريد محاربتها ومواجهتها وما نوع المواجهة
بغرض وأدها والقضاء عليها؟.فمثلا ان كانت البطالة المرفهة والمقنعة كآفات وظيفية موجودة
في بيئة العمل فانه لا بد من بحث الأسباب التي تسبب استهتار وفتور بعض الموظفين واحباطهم
وضعف انتاجيتهم وحل مشكلاتهم وبث روح العمل ودبيب الحماسة وذلك باراحتهم الراحة النفسية
وتحقيق مطالبهم والنظر في مقترحاتهم وتوزيع الأعمال وفقا لقدراتهم ومهاراتهم وكذلك
العمل ضمن منظومة من قيم العمل الجديرة مثل تنظيم المواعيد والأوقات وأداء الأعمال
والعمل بأمانة واخلاص وولاء واتقان وعدم التسويف.كذلك العمل وفق ادارة مرنة متفهمة
لمطالب الموظفين واحتياجاتهم والانتباه الى أنه فعلا فان فاقد الشيء لا يعطيه.
أما ان كانت البطالة حقيقة خارج محيط الأعمال وبيئة الوظائف وهي التي أقصد بها بطالة
الشباب العاطل عن العمل فاننا نأمل عدة حلول لحل مشكلاتهم منها:
1-تدخل الجهات القيادية العليا في الدولة لحل معضلة البطالة بكافة أنواعها:
تخصيص 2% من الوظائف لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة.
قيام الدولة بمراعاة حقوق الضمان الاجتماعي للفئات الاجتماعية ورفع المخصصات المالية
لهم منهم العاطل عن العمل.
النظر في صرف بدل بطالة للعاطلين من خريجي الجامعات الى حين الحصول على الوظيفة.
اصدار مجلس الوزراء قانون الموارد البشرية.
2- تشجيع الشباب على الالتحاق بالقطاع الخاص. فالقطاع الخاص عليه مسؤولية تقطير الوظائف
وتوظيف الشباب الخريجين وحملة الشهادة الثانوية وما دونها تماما كالقطاع الحكومي.
3- الأسرة: عليها التعامل مع معطيات عالم الوظيفة والأعمال بحيث يتم تعريف الأبناء
بمجالات الوظيفة وتشجيعهم على الانخراط فيها دون تقييدهم على أداء وظيفة ما كالوظائف
التقليدية الموجهة للفتيات كالتدريس والتطبيب والتمريض وبعض الاعمال الادارية. أو تقييد
الشباب بالارتباط بالوظائف المكتبية دون الميدانية أو بالعمل فقط في القطاع الحكومي
دون الخاص.
4- وسائل الاعلام: تتجه نحوها أصابع الاتهام كونها تزين فكرة الرفاهية في محيط العمل
وأداء الأعمال بأقل الجهد والامكانية والتعب وتشوبه قيم العمل مثل الاتقان والاخلاص
واحترام الآخرين وضبط الوقت وادارة الأعمال.
5-الرضا والقبول بأداء بعض الوظائف العادية وذلك من أجل تحسين مستوى المعيشة للأسرة.وهنا
لا بد من أخذ الأصوات التي تستخدم الوسائط الاعلامية من أجل اعلان صرختها بقبول أية
وظيفة عادية متواضعة بمحمل الجد والبحث لها عن وظائف مناسبة وهنا تقع المهمة على وزارة
العمل ادارة تنمية القوة العاملة.
6- ربط احتياجات المجتمع وسوق العمل بأنواع التعليم والتدريب لحل مشكلة العاطلين عن
العمل.
7- الاهتمام ببعض الصناعات الشبابية الصغيرة والمتوسطة ودعمها.
8- تفعيل دور ادارة الموارد البشرية العامة بالأمانة العامة وذلك بتفتيش أوضاع الموظفين
والتركيز على بيئات العمل غير المنتجة والتحفظ على أدائها الضعيف واتخاذ القرارات اللازمة
لتحسين الانجاز وزيادة الانتاج.
9- النظر في مشكلات المتسربين من التعليم ومشكلة المحالين على البند المركزي وكذلك
بحث مسألة التقاعد المبكر الذي يزيد من أمر البطالة.برغم أن البعض يرى أن التقاعد المبكر
حل للبطالة المقنعة ولكنني أراه سببا للتواكل وضياع خدمة الوطن ونقص الشعور بالانتماء
للذين ليست لديهم اهتمامات أخرى يمكنهم الاعتماد عليها لخدمة الوطن.
10-تفعيل أدوار المعارض المهنية التي تتنافس على تقديمها مؤسسات المجتمع المدني.
11- القضاء على المحسوبية والواسطة التي يتم من خلالها تعيين من لا يستحق الوظيفة وتسبب
وجود الفائض في عدد الموظفين الذين يزيدون في العدد دون انتاجية.
12- تشجيع الشباب على ممارسة مهن حرفية ويدوية بدعم وظيفي ومالي مناسب.
قانون
العمل رقم (3) لسنة 1962
قانون
رقم (14) لسنة 2004 بإصدار قانون العمل
قانون
رقم (14) لسنة 1992 بشأن تنظيم استقدام عمال من الخارج لحساب الغير
مرسوم
بقانون رقم (22) لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم (14)
لسنة 2004
«التنمية»
: تقطير الوظائف التدريبية
مناقشة قضايا التنمية وحقوق الإنسان
دعوة
لتضافر الجهود الوطنية من أجل التنمية
الحاق
التنمية الزراعية والحيوانية بوزارة البيئة
الحفاظ
علي البيئة أهم محاور التنمية الشاملة في قطر
الدوحة
تستضيف ورشة عمل حول البطالة في الخليج
الدوحة
تستضيف ورشة عمل لمكافحة البطالة أكتوبر القادم
إنعقاد
المؤتمر العربى لحل قضايا التنمية والتشغيل في الدول العربية
الخبراء
يطالبون منتدى الدوحة للتنمية بإصدار قرارات فاعلة لمواجهة أزمة البطالة