جريدة العرب القطرية - الأحد 2 أغسطس 2009 - العدد 7721

رئيس «اليازا» العالمية للسلامة العامة د. زياد عقل لـ «العرب»:
الداخلية القطرية من أنجح الوزارات العربية في مواجهة حوادث السير

الدوحة - سحر ناصر
بالتزامن مع الجهود المبذولة من قبل إدارة المرور للحدّ من حوادث السير في قطر، وكان آخرها إطلاق الحملة الوطنية للحد من حوادث الطرق.
وبهدف التعرّف على أسباب انتشار حوادث السير في قطر وكيفية الحدّ منها، وقفت «العرب» على رأي الدكتور زياد عقل رئيس اليازا العالمية للسلامة العامة «اليازا الدولية»، الذي كشف عن بعض المقترحات المتعلقة بالحدّ من حوادث السير، واضعاً إياها بين يدي الحكومة والشعب القطري، وذلك في مساهمة من «اليازا» لتطوير السلامة العامة، والوقاية من مختلف أنواع الحوادث، كاشفاً عن دراسة «اليازا» في الوقت الحاضر لمشروع تواجدها في قطر من خلال مكتب خاص، بهدف نشر التوعية لكافة المواطنين، وخاصة الجيل الصاعد، حول مواضيع السلامة العامة، والوقاية من الحوادث من خلال شراكات عديدة مع مؤسسات إعلامية وتربوية عدّة.
ما هي مجموعة اليازا للسلامة العامة أو «يازا» الدولية، وكيف تعرّفون المواطن عليها؟
«اليازا» هي منظمة دولية غير حكومية تأسست في لبنان عام 1994 إثر مقتل أحد الشباب اللبنانيين بحادث سير مؤسف، وبعد تفاقم مشكلة حوادث السير والكوارث الناجمة عنها في معظم الدول العربية، انطلقت مجموعة اليازا للسلامة العامة من عدد كبير من الجمعيات الأهلية غير الحكومية التي لا تتوخى الربح المادي. وتقوم «اليازا» بتنظيم العديد من الدراسات والنشاطات الهادفة إلى زيادة التعاون العربي على غرار التعاون الأوروبي بين المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية بالسلامة على الطرق، وتفعيل دور الشباب في النشاطات والحملات المتعلقة بالوقاية من حوادث الطرق،، ناهيك عن تنظيم حملات التوعية الهادفة إلى حماية الأطفال من جميع الأخطار التي يتعرضون لها في المدرسة، والبيت، والطريق، وتدريب السائقين على القيادة الوقائية من خلال دورات تدريبية، ومن خلال الكتب والمطبوعات الصادرة عن «اليازا».
وقد وقّعت مجموعة «اليازا» للسلامة العامة عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، أبرزها: اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية «WHO» من خلال مكتبها الإقليمي، واتفاقية تعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «ESCWA» في الأمم المتحدة في 18/12/2006، ومذكرة تفاهم مع وزارة النقل في سوريا، ومذكرة تفاهم مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي موقعة في مارس 2007، فضلاً عن تعاون متواصل مع عدد من الجمعيات الأوروبية والأميركية والكندية في مجالات الوقاية من العنف ومختلف أشكال الإصابات.
كما انتسبت «اليازا» منذ عام 2003، كعضو ناشط وفاعل إلى الاتحاد الأوروبي لضحايا المرور، وشاركت في عدد من نشاطاته في هولندا، والنمسا، وبلجيكا، واليونان، وإسبانيا، ولوكسمبورغ. كما شاركت وتعاونت مع جامعة «كارولينسكا» السويدية وجامعة «هارفرد» في بوسطن، ومع عدد كبير من الجمعيات الأهلية المتخصصة في سلامة السير بعدد كبير من دول العالم.
ماذا عن دور الجمعية في تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير المتعلق بوضع حوادث السير في العالم؟
إن جمعية اليازا تواصل جهودها الحثيثة للحد من حوادث السير في المنطقة العربية، وتتشرف بمشاركتها الفاعلة مع منظمة الصحة العالمية، وخاصة في أول تقرير عالمي من نوعه صادر عن منظمة الصحة العالمية في نيويورك في 15 يونيو 2009 وهو تقرير مفصل عن وضع حوادث السير وتقييمها في 178 دولة ( حوالي 98 % من سكان العالم).
ويمثل التقرير دراسة مقارنة يسمح للخبراء والباحثين الاستفادة من مضمونه والاستناد عليه لتقييم وتطوير جهود مواجهة حوادث المرور والإصابات الناتجة عنها. ولقد درست اليازا العالمية التقرير المذكور أعلاه، وشددت على اعتبار حوادث السير المسبب الثالث للوفاة للأطفال ما بين الخامسة والرابعة وأربعين في العالم، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي للضحايا البالغ مليون و270 ألف وفاة ناتجة عن حوادث السير، هو أقل من الواقع بكثير، وتترقب المنظمة وصوله إلى أكثر من ذلك خلال العقد المقبل.
تقوم وزارة الداخلية القطرية بحملات توعية دورية للحدّ من حوادث السير، ورغم ذلك ما زالت نسبة الحوادث في قطر من النسب المرتفعة، فكيف تفسرون ذلك؟
إن «اليازا» من خلال خبرتها الطويلة بواقع حوادث السير، وأسبابها، وخسائرها، تعتبر أن وزارة الداخلية القطرية هي من أنجح وزارات الداخلية العربية في مواجهة مشكلة حوادث السير، إذ إنها تقوم بحملات توعية دورية للحدّ من حوادث السير، كما أن الوزارة تنشر في كافة طرق الدوحة الرادارات الخاصة برصد المخالفين للحدّ الأقصى للسرعة.
على رغم نجاح وجهود وزارة الداخلية ما زالت نسبة الحوادث في قطر من أعلى النسب في العالم وهي تتصاعد، كما أن المؤشرات العلمية تشير إلى إمكانية ازديادها في السنوات المقبلة. إن وفاة 199 شخصا، وإصابة أكثر من ألف بإصابات بليغة في العام الواحد (أي سنة 2007) هو رقم كبير مقارنة بالماضي، وبعدد السكان البالغ في عام 2007 حوالي 840 ألف.
كما أن مرسوم قانون رقم 19 لسنة 2007 بالغ الأهمية، إذ إنه ينص على عقوبات مشددة للمخالفين (يتبع القانون نظام حسم النقاط من إجازة القيادة) بحاجة إلى تواصل تطبيقه لفترة طويلة من الزمن، قبل أن يعطي النتائج المتوخاة منه.
ما هي أهم المقترحات التي تطرحونها للحدّ من حوادث السير في دولة مثل قطر؟
إن الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تفاقم عدد حوادث السير في قطر، على الرغم من إصدار مرسوم قانون رقم 19 لسنة 2007، الذي شدد العقوبات المتعلقة بخرق قوانين السير، تعود إلى عدد من العوامل التي تهدد حياة القطريين والمقيمين في هذه الدولة. إننا نتقرح لمواجهة أكثر فاعلية لمشكلة كوارث المرور، ما يلي:
- إنشاء لجنة عليا أو مجلس أعلى على مستوى الدولة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تتمثل بها جميع الوزارات والإدارات المعنية بمنح إجازات السوق، وتطبيق قانون السير، والتثقيف والإرشاد، وإنشاء الطرق وصيانتها.
- إنشاء مجلس أعلى للمرور، مع اقتراح حصوله على المال اللازم من موازنة الدولة، وهو جهاز يعمل بحسب نظام داخلي يخضع لإشراف ومحاسبة رئاسة مجلس الوزراء. لقد برهنت تجارب عدد كبير من الدول على أنه من غير الصائب إنشاء هذا المجلس دون إيجاد التمويل اللازم لذلك من موازنة الدولة العامة، إذ إن تمويله من إحدى الوزارات يؤدي إلى فشل الغاية المتوخاة من إنشاء هذا الجهاز.
- التشدد في أحكام القضاء في دفع التعويضات الناتجة عن حوادث المرور، وتكبيد جميع المتسببين في إصابة الآخرين، أو قتلهم من جراء حوادث المرور، أو في الضرر المعنوي والتعطيل عن العمل، أو إصابة أملاك الدولة أو البلديات بدفع مبالغ كبيرة تتناسب مع ما يدفع من تعويضات في الدول المرتفعة الدخل، وليس بمبالغ زهيدة، كما هو الحال في معظم الدول العربية.
- اقتراح إصدار قانون يلزم بوضع حزام الأمان في المقاعد الخلفية، وتطبيقه بشكل صارم على الطرق الدولية، بالإضافة إلى مزيد من التشدد في تطبيق إلزامية استعمال حزام الأمان في المقاعد الأمامية لكافة المركبات في الدولة.
- اقتراح إلزام الأطفال ما دون الثالثة من العمر باستعمال الكرسي الخاصة بهم، ومعاقبة السائق في حال لم يربط الطفل بشكل سليم.
- التأكد من وجود نوعية عالية الجودة في الخوزات الواقية للرأس المستوردة لاستعمالها من مستعملي الدراجات النارية أو من عمال ورش العمل.
- التشدد في معاقبة ظاهرة ما يشبه الرياضات العشوائية للقيادة المتهورة عند الشباب، وإخضاع هؤلاء لدورات تثقيفية تشمل زيارتهم الإلزامية لغرف العناية الفائقة، وللمصابين لمدى العمر (ذوو الحاجات الخاصة) من جراء هوايات مشابهة لذلك.
- تطوير مستوى قدرات رجال تطبيق قانون السير وتثقيفهم المتواصل من قبل أهل الخبرة.
- تطوير امتحانات السواقة ومستوى المدربين والممتحنين للحصول على إجازات السواقة.
هل من وسيلة توعية فعالة للحدّ من هذه الحوادث؟
- إن جهود التوعية عبر الإعلام والإعلان مميزة في قطر، لكن التوعية ليست هي فقط عبر اللوحات الإعلانية والمناشير والومضات الإعلامية، بل هي أيضا عبر شراكات عديدة لمواجهة هذه المعضلة، ولعل للمؤسسات التعليمية الدور الأكبر في ذلك.
إننا نقترح إدخالا جادا وأكثر حيوية للمواد المتعلقة بالتثقيف المروري من جهة، ومبادئ الوقاية من الإصابات من جهة أخرى في إطار منهج التعليم، مع اقتراحنا إنشاء اختبار السلامة المرورية الإلزامي للطلاب في عمر 14 و 16 سنة على غرار ما فعلته وزارة التربية الوطنية في الجمهورية الفرنسية.
- تشجيع الجامعات الموجودة في قطر على تنظيم المزيد من الأبحاث والدراسات حول السلامة المرورية ووسائل الاستفادة من تجارب الآخرين.
- أهمية التوعية في حال رغبت الجهات المعنية تطبيق ما ورد في الجواب الأول.
هل فكرتم يوماً في تقديم اقتراح للحكومة القطرية متعلق بالحدّ من حوادث السير خلال زيارتكم إلى الدوحة؟
إننا نعتبر هذه المقترحات برسم الحكومة القطرية والشعب القطري من خلال صحيفتكم.
ما هي أهم المعوقات التي تعترض وجود مكتب للمنظمة في قطر؟
يشرفنا وجود مكتب لـ «اليازا» في قطر، وهذا أمر ندرسه في الوقت الحاضر.