جريدة الراية - الأربعاء 4 نوفمبر 2009م

دور حيوي للمؤسسات التعليمية في قيادة عملية التنمية المستدامة
خلال افتتاح مؤتمر العلوم الاجتماعية الثاني..
د. شيخة المسند: ضرورة لدمج التنمية في القطاع التعليمي عبر خلق مجتمع معرفي
هناك حاجة لنمذجة التنمية المستدامة في إداراتنا وتعليمنا
د. سهام القرضاوي: دور كبير للجامعة في تحقيق النهضة التنموية
د. فدوى الجندي: المؤتمر يجسد رؤية قطر 2030

كتبت-هناء صالح الترك:
أكدت الأستاذة الدكتورة شيخة بنت عبد الله المسند رئيس جامعة قطر أهمية التنمية المستدامة، والحفاظ على الموارد، في ظل عملية التنمية، مشيرة إلى الدور الحيوي الذي تضطلع به المؤسسات التعليمية في قيادة عملية التنمية المستدامة. وأشارت د.المسند إلى ضرورة دمج التنمية في القطاع التعليمي، وقالت لكي نفعل ذلك، فإننا بحاجة لمجتمع معرفي يعمل على تحديد ووضع مناهج ملائمة، ويعمل على دمج الطلبة في المنظومة، الأمر الذي يتطلب تغييرا في الأساليب والعادات والثقافة. وأضافت: عندما أفكر بهذا الجيل الصاعد الذي تتاح له كل أدوات العولمة، أتساءل عن دورنا كمربين في إشراكهم في عملية التنمية المستدامة، وغرس هذه القيمة في نفوسهم وعقولهم، لذا يجب أن تشهد مناهج التعليم تطويرا حقيقيا وإدخال التكنولوجيا وتطويعها لخدمة التنمية المستدامة. واختتمت د.شيخة المسند: إننا بحاجة إلى نمذجة التنمية المستدامة في إداراتنا وتعليمنا، والتركيز على ثقافة المسؤولية الشخصية، والتوازن بين حقوقنا وحقوق الآخرين كبشر، وأشارت أيضا إلى أهمية كرسي الأستاذية في مجال التنمية المستدامة الذي تتبناه شركة شل - قطر في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر، كدليل واضح على استراتيجية الديمومة، ووجود جسر حقيقي بين القطاعين الأكاديمي والصناعي، وذلك من أجل بحث احتياجات مجتمعنا المحلي، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة. جاء ذلك في كلمة القتها الاستاذة الدكتورة شيخة المسند في افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للعلوم الاجتماعية (التنمية المستدامة : قضايا وتحديات) والذي عقد في قاعة المؤتمرات بالجامعة ، ويستمر لمدة 3 أيام، في ظل حضور مكثف من مختلف القطاعات بالدولة.وبمشاركة اكثر من 40 باحثا من قطر وبريطانيا . وكان قد تم في فترة سابقة بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر، تدشين كرسي أستاذية شل- قطر في مجال التنمية المستدامة، ويشغل الكرسي حاليا د.بول سيليتو من جامعة دورهام في بريطانيا. وجاء تدشين الكرسي ومن ثم عقد هذا المؤتمر، من منطلق إيمان جامعة قطر، وبرنامج العلوم الاجتماعية، بأهمية موضوع التنمية المستدامة، الذي يشغل جميع المجتمعات المتحضرة. وستدور محاور المؤتمر حول قضايا وإشكاليات تتعلق بالتنمية المستدامة، وذلك في إطار المقاربات التي يقوم بها علم الاجتماع لكثير من المفاهيم المتداولة في الفضاء الاجتماعي. ومن جانبها أكدت د.سهام القرضاوي أهمية عقد هذا المؤتمر، وخاصة أنه يأتي في وقت اتخذت فيه جامعة قطر خطوات جادة في طريق الحصول على الاعتماد المؤسسي، من خلال واحدة من أقوى جهات الاعتماد المؤسسي، وهي رابطة كليات ومدارس جنوب الولايات المتحدة الأمريكية SACS (Southern Association of Colleges and Schools)، وأكدت أن الجامعة شرعت في إعداد متطلبات الانضمام إلى عضوية هذه الرابطة. كما أكدت د.سهام القرضاوي أهمية موضوع المؤتمر (التنمية المستدامة) حيث قالت: التنمية المستدامة هي قضية تشغل جميع الأجيال والمجتمعات على السواء، وهي موضع اهتمام القطاعات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، وقطاع الأعمال، فمفهوم التنمية المستدامة يجمع احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في منظومة واحدة، تستهدف الحفاظ على الموارد والأصول الطبيعية لتحقيق التنمية البشرية بما يلبي احتياجات الجيل الحالي من دون الإخلال بتلبية احتياجات الأجيال المقبلة وحقها في الاستفادة من هذه الموارد. وأعربت د.سهام على أهمية تبني شركة (شل-قطر) لكرسي أستاذية في مجال التنمية المستدامة بقسم العلوم الاجتماعية: عودة إلى عام 2006، وبالتحديد في شهر سبتمبر، فقد حصلت جامعة قطر على دعم سخي من شركة "شل قطر" لاستحداث كرسي خاص للتنمية المستدامة، يشغله حاليا د. بول ستيللو من جامعة درهام بالمملكة المتحدة، و تأكيداً لهذا الدعم قام قسم العلوم الاجتماعية بالتعاون مع مدير برنامج المتطلبات العامة بطرح مقرر بعنوان "التنمية المستدامة"، ليكون ضمن مقررات المتطلبات العامة، وهي مجموعة مقررات مختارة تستهدف توسيع متطلبات الإعداد العام اللازم للحياة المعاصرة، وتوفير المرونة التي تسمح للطالب بدراسة مقررات في مجالات متنوعة بدلاً من التركيز على مجالٍ دراسيٍ واحد. وأضافت: إن مؤتمر التنمية المستدامة يأتي مؤكداً مفهوم التنمية الشاملة الذي ارتأته القيادة الحكيمة لدولة قطر، والذي انعكس في رؤية قطر الوطنية 2030 والتي ترتكز على أربع ركائز: وهي التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، و التنمية البيئية. وشددت عميد كلية الآداب والعلوم على دور الجامعات في التنمية المستدامة، قائلة:إن جزءاً كبيراً من عملية تحقيق النهضة التنموية يقع على عاتق الجامعة، كونها مؤسسة تربوية أكاديمية تستشرف المستقبل عبر تحليل معطيات الواقع الحياتي والاجتماعي. وفي كلمتها عبرت د.فدوى الجندي رئيس قسم العلوم الاجتماعية عن سعادتها بعقد المؤتمر الثاني للعلوم الاجتماعية في جامعة قطر، وذلك بعد النجاح المميز الذي حققه المؤتمر الأول العام الفائت، وكان محوره الأساسي هو الإجابة عن السؤال التالي .. هل من الممكن أن يكون هناك علم اجتماع عربي ؟! ، وخاصة أن علم الاجتماع نشأ على يد العرب من أمثال ابن خلدون، ثم تلقفه الغرب، ليصنعوا منه علما له أصول وقواعد، وبعد أن طرحنا هذا السؤال المهم، والذي كان له أصداء قوية في جلسات المؤتمر وأوراقه العلمية. وأضافت: بالنسبة للمؤتمر الثاني، أخذنا نفكر في قضية لا تقل أهمية، وهي "التنمية المستدامة"، وهكذا بالتعاون مع د.بول سيليتو أستاذ كرسي شل للتنمية المستدامة، تم التأسيس لهذا المؤتمر، والإعداد له على مدى شهور طويلة، حتى يخرج للنور بالشكل الملائم، والثري علميا وبحثيا. وأشارت إلى أهمية مفهوم "التنمية المستدامة" كمفهوم متداول في أكثر من حقل معرفي، من الاقتصاد إلى علوم البيئة، إلى علم الأحياء، وصولا إلى علم الاجتماع، الأمر الذي يعني تجاوز الرؤية التقليدية في مقاربة الظواهر، والتي تقوم على منظور "تجزيئي"، يفرق بين العلم الطبيعي والعلم الاجتماعي، فالمؤتمر يهدف إلى تأسيس رؤية متكاملة للبيئة، طبيعية كانت أو اجتماعية، ويأتي المؤتمر كذلك في إطار رؤية قطر للعام 2030. وأضافت د.الجندي: إقامة هذه الندوة عن التنمية المستدامة، مقدمة لتأسيس مساق تدريسي بحثي شامل في القسم يتعلق بالتنمية المستدامة، باعتبارها من التحديات التي تواجهها المجتمعات المعاصرة، ومن ضمنها المجتمع القطري. هذا وستتضمن فعاليات المؤتمر نحو 12 جلسة علمية، بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية في فندق فريج شرق التي سترعاها شركة شل - قطر وسيحاضر فيها د.أندي براون مدير شركة شل - قطر. وستناقش جلسات المؤتمر قضايا متنوعة ومهمة، جميعها تصب في مجرى الموضوع الأساسي وهو "التنمية المستدامة". ومن هذه المواضيع الهامة، موضوع "ماهية التنمية المستدامة"، وموضوع "تسييس الاستدامة"، وهناك جلسة تحت عنوان (إنقاذ الكوكب) وسيناقش خلالها موضوع الطاقة، وعلاقتها بالإنسان، ومن المواضيع الأخرى (علاقة الاقتصاد الإسلامي بالاستدامة) ، وهل من الممكن أن يقدم الاقتصاد الإسلامي لمشاريع ونماذج الاستدامة حلولا وطرقا جديدة؟!، وموضوع (تخضير الأرض: قضايا بيئية. وتحدثت د.وسام العثمان عضو هيئة التدريس بقسم العلوم الاجتماعية عن ورقة العمل التي ستتقدم بها أمام المؤتمر،وهي بعنوان (البيئة في القانون القطري)، حيث أوضحت أنها بحثت قضية البيئة كعنصر أساسي من عناصر التنمية المستدامة. وأشارت د.وسام العثمان إلى أن الورقة تتناول : مشكلة التنمية المستدامة، وكيف أنها بدأت تظهر في المجتمع القطري، وذلك من خلال طرح عدد من التساؤلات، مثل ما هي أهم القوانين القطرية المتعلقة بالبيئة؟، وكيف تطورت هذه القوانين؟، وأبرز الصعوبات التي تواجه تطبيقها؟، وكيف يمكن تفعيلها في المجتمع؟، وماهي الجهات الإدارية المعنية بتنفيذ هذه القوانين. وأكدت د.العثمان أن المجتمع القطري يسير بخطى جيدة، بل ممتازة في الواقع، من خلال القوانين التي صدرت، وتم تتويج ذلك بتشكيل وزارة للبيئة في قطر، وإن كانت هناك بعض الصعوبات مثل تلك المتعلقة بالثقافة البيئية، وللمؤسسات التعليمية مثل المجلس الأعلى للتعليم ولجامعة قطر دور أساسي في تغيير هذه الثقافة. أما ورقة د.علي الشاوي عضو هيئة التدريس بقسم العلوم الاجتماعية فتتناول محمية الريم في دولة قطر، يقول: هذه الورقة عبارة عن مشروع قمت بتنفيذه مع الزملاء د. بول ستيلو ود.عبدالكريم الأمير، بالتعاون مع شركة شل للتنمية المستدامة، حيث قمنا تحديدا بدراسة محمية الريم، فهي دراسة استكشافية استطلاعية للسكان في تلك المنطقة، طبيعة المجتمع، الثروات الحيوانية، اتجاهات المواطنين والأفراد حول إدراكهم ومعرفتهم بما يسمى بالمحمية. وأشار د.الشاوي إلى أن محمية الريم تمتد على مساحة كبيرة من زكريت غربا إلى الغويرية، إلى شمال الجميلية، إلى البصير، وتأسيس المحمية يأتي من منطلق الحفاظ على البيئة في تلك المنطقة، وحمايتها من الدمج، ويشمل ذلك النباتات والثروات الاقتصادية، حمايتها من كل دمار قد يلحق بها نتيجة النشاط الإنساني مثل الصيد وغيرها. ومن أبرز نتائج الدراسة قال د.علي الشاوي: حقيقة اكتشفنا وجود وعي لا بأس به لدى بعض الأفراد، وإن لم يكن كافيا، والبعض من الأفراد تساءل عن سر فرض هذه المحميات خاصة أن تلك المنطقة صحراوية، وآخرون وجدناهم يقولون إن هذه المحميات جعلت المساحة المتاحة للصيد في بر قطر ضئيلة، الأمر الذي يجعلهم يضطرون للذهاب إلى الدول المجاورة، هذه الدراسة في الواقع هي استطلاعية ومبدئية، للتعرف على آراء السكان في تلك المناطق. وعبرت الأستاذة نجلاء ماجد الخليفي عن سعادتها بعودتها إلى الجامعة، بعد تخرجها حديثا من قسم العلوم الاجتماعية، ممثلة للأمانة العامة للتخطيط التنموي، لتلقي ورقة عمل حول رؤية قطر الوطنية 2030 ، وركائزها الأربع وهي التنمية البشرية، التنمية الاجتماعية، التنمية الاقتصادية، التنمية البيئية، إلا أنها ستركز في ورقتها بشكل محدد على التنمية البيئية، وذلك لعلاقتها بموضوع التنمية المستدامة. كما ستتناول نجلاء الخليفي في ورقتها: الاستراتيجية التنموية الوطنية، وستستعرض لمحات من تقرير التنمية البشرية الثاني لدولة قطر. ومن جهتها اشارت الدكتورة فاطمة الكبيسي استاذ مساعد في علم الاجتماع ل الراية ان اهمية المؤتمر تنبع من عدة جوانب من حيث موضوع التنمية المستدامة بالقضايا الهامة المطروحة ونحن بحاجة لها اكثر في المجتمع القطري لتنمية التغيرات والتطورات المختلفة على جميع الاصعدة ومن ناحية ثانية المؤتمر يضم نخبة من الخبراء والمختصين في هذا المجال على مستوى العالم فهو فرصة لتبادل الخبرات بين المشاركين بالاضافة الى ان الموضوعات التي سوف يتطرق لها المؤتمر شاملة كل المناحي . نتمنى ان يوضح لنا المؤتمر بعض ابعاد التنمية المستدامة ونستفيد منها في المجتمع القطري فيما يحقق التطور للمجتمع. وراى الدكتور العياشي عنصر استاذ علم الاجتماع في جامعة قطر ل الراية ان اوراق العمل متعددة ومتنوعة تغطي الجوانب المختلفة للموضوع الذي يعالجه المؤتمر فالتنمية المستدامة اصبحت مسألة غاية في الاهمية لانها هي محاولة الاستعمال الرشيد للموارد وللحفاظ على البيئة وفي نفس الوقت تحقيق تقدم وتطور للمجتمع ليس فقط بالنسبة للجيل الحاضر ولكن ايضا الحافظ على كل الحظوظ للاجيال القادمة في ثروة المجتمع وفي بيئة سليمة وفي تحقيق توازن بين الموارد من جهة والاهداف والاحتياجات من جهة ثانية هذه معادلة صعبة لذلك تحتاج لتضافر جهود كل الهيئات في المجتمع سواء تعليمية واقتصا دية وسياسية وصحية من اجل ان تحقق مثل هذه الاهداف اعتقد ان المؤتمر خطوة على الطريق في ارساء تفكير جدي ومثمر حول هذه التجربة بالخصوص في قطر ومنطقة الخليج التي هي من المناطق التي بأمس الحاجة لمثل هذه السياسات القائمة على الاستثمار والاستغلال الرشيد للموارد البشرية والطبيعية . وقال المهم في المؤتمر انه لايعتبر نشاطا اكاديميا نظريا بحتا لكنه له جانب عملي وتطبيقي من خلال الشراكة بين الجامعة ومؤسسة شل قطر ونتمنى ان يكون هناك توصيات تخرج وتستفيد منها الجهات المعنية في المجتمع.