جريدة الراية - الأحد 8/11/2009 م
دعوة للتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في مكافحة الفساد الطاولة المستديرة تطالب
بسد الثغرات
وسيم حرب: الإدارة الرشيدة الطريق لتحقيق التنمية
كامبوس: محاربة الفساد تبدأ من أعلى
السلطة
كتب - عمرو توفيق:
دعا المشاركون في اجتماع الطاولة المستديرة حول سد الثغرات بين القطاعين العام والخاص
في مجال الإصلاح ومحاربة الفساد إلى تعاون القطاعين العام والخاص وتبادل الخبرات والدروس
المستفادة من جهودهم في مكافحة الفساد، مع توافر تدفق حر في المعلومات وتبادل الآراء،
ووجود قيادة واعية بأهمية القضية ولديها الرغبة الحقيقية للقيام بذلك.
وشهدت الجلسة التي أدارها البروفسور نيكوس باساس من جامعة نورث إسترن، تعليقات ومداخلات
لعدد من الشخصيات البارزة مثل: جويس آري الرئيس التنفيذي لغرفة مناجم غانا، وديفيد
كامبوس نائب رئيس شركة الكاتل لوسنت.
وشدد الاجتماع على أن الإصلاح يتطلب قيادة مستعدة وقادرة على تحمل المخاطر ومواصلة
الجهود على الرغم من الشدائد أو العقبات التي يضعها المناهضون للتغيير والإصلاح، مشيرًا
إلى أن المناهضين للإصلاح غالبا ما يتمتعون بنفوذ كبير، مناقشًا تحديد مستويات هذه
القيادة، وكيفية تعزيزها والحفاظ عليها.
وحاول الاجتماع وضع استراتيجيات شاملة لمنع ومحاربة الفساد، خاصة دور القطاع الخاص
في تطوير وتنفيذ وتقييم أثر استراتيجيات مكافحة الفساد، والتعاون بين القطاع الخاص
والعام في هذا الماجال، والدروس المستفادة التي يمكن تبادلها بين الطرفين، وأوجه الشبه
والاختلاف بين ظروف وأهداف كل منهما.
وتطرق الاجتماع إلى قضية المبلغين عن المخالفات، محاولا وضع تعريف لهم وكيفية حمايتهم،
وضمان وصول البلاغات إلى السلطات المختصة، والوسائل اللازمة لاستقبال هذه المعلومات
والعمل على أساسها.
وقال وسيم حرب المستشار القانوني في المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج
الأمم المتحدة الإنمائي: إن البرنامج قام بإطلاق مبادرة الإدارة الرشيدة والتي تتعلق
بتطوير الحكومات والمجال القضائي وغيرها من المحاور في سبيل مكافحة الفساد.
وأوضح أنه من خلال هذه المبادرة تم إطلاق مشروع محاربة الفساد، حيث تم تأسيس شبكة عربية
من المنظمات والهيئات المعنية بمكافحة الفساد سواء من المنظمات الحكومية أو غير الحكومية،
وحتى الآن انضمت نحو 30 مؤسسة حكومية، وفي العام القادم سيتم ضم الجهات غير الحكومية.
وأشار أن هذه الشبكة بمثابة منتدى للتحاور وتبادل الخبرات والأفكار في مجال مكافحة
الفساد، مؤكدًا أنها لا تمثل هيئة موحدة تتحدث باسم الجميع، لصعوبة الجمع بين الجهات
الحكومية والمدينة، فضلا عن الاختلافات بين الجهات الحكومية ذاتها.
وشدد على أن قضية مكافحة الفساد أصبحت محل اهتمام من الجميع على جميع المستويات، ويظهر
ذلك في تصريحات القيادات الرسمية خاصة في اجتماعات القمم العربية، موضحًا أنه نتيجة
لهذا الاهتمام الواسع والزخم الذي تشهده المنطقة كل فترة؛ ظهرت فكر وحوكمة الشركات
والتي تعني الإدارة الرشيدة في القطاع الخاص، وهذه الإدارة الرشيدة هي المدخل الحقيقي
لعملية التنمية.
من جهتها، تحدثت جويس آري الرئيس التنفيذي لغرفة مناجم غانا عن تجربة بلادها في التعاون
بين القطاع الحكومي والخاص لمحاربة الفساد، موضحة أن هذا التعاون تم منذ سنوات عندما
أطلقت الحكومة ما يسمى بالعصر الذهبي للمال والأعمال.
وسردت آري عدة نماذج للتدليل على نجاح هذه التجربة مثل تحديث مكتب تسجيل الشركات وتطويره
لتسهيل عملية إنشاء الشركات والتي كانت تستغرق في الماضي نحو 120 يومًا يتخللها الكثير
من الفساد والرشاوى، موضحة أنه تم إدخال الكمبيوتر في جميع الأعمال، وإنشاء مركز خدمة
عملاء للقضاء على الوسطاء وما يتبعه من رشوة ومحسوبيات، مضيفة: وخلال فترة بسيطة ضاعف
المكتب من أرباحه نحو أربعة أضعاف.
وأعطت مثالا آخر حول إصلاح النظام القضائي، حيث كانت بعض قضايا النزاع على الأراضي
يستغرق نحو 20 سنة، ويمكن للمعتدي رشوة القاضي والحصول على حكم في صالحه أو على تعطيل
إصدار الحكم وتأخيره.
وقالت: لذلك أنشأنا محكمة تجارية، ولجنة لفض النزاعات قبل أن تصل القضايا إلى المحكمة،
ونجحت بشكل كبير حيث يتم الانتهاء من بعض القضايا خلال أيام معدودة، متابعة: فهذه ثمرة
التعاون بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، فالقطاع الخاص دفع القطاع الحكومي إلى التحرك.
من ناحيته، قال ديفيد كامبوس نائب رئيس شركة الكاتل لوسنت: عندما قررنا محاربة الفساد
بدأنا بالقيادات العليا، حيث بدأ المدير التنفيذي للشركة بنفسه وأطلق شرارة البدء في
تنفيذ استراتيجيتنا في هذا المجال، حيث قلنا لا للحوار أو التعاون مع وسطاء ووكلاء
لتسهيل الأعمال مقابل رشاوى.
وأضاف: إن استراتيجيتنا تقوم على إيجاد قيادة ملتزمة في الأعلى والوسط ثم تمكين صغار
الموظفين أو ما نطلق عليهم "البوابين" من رفض للفساد وقول "لا" للمسؤولين في المناصب
الكبيرة، وهكذا نحكم الخناق حول الفساد ونمكن للنزاهة والشفافية، وهو درس نقدمه للسلطات
ونقول إن إطلاق شرارة النزاهة ومحاربة الفساد لابد أن تأتي من أعلى.