العدد 7829 - جريدة العرب القطرية - الأربعاء 18 نوفمبر 2009 م - الموافق 1 ذو
الحجة 1430 هـ
فيصل بن قاسم آل ثاني لـ "العرب":
أسعار المساكن متوازنة.. والمحلات التجارية ستتعرض لموجة تصحيحية
أجرى الحوار: محمد عمار
أقر الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين ومالك مجموعة شركات
الفيصل القابضة في حوار مع "العرب" بارتفاع المعروض الحالي من الشقق السكنية في السوق
القطرية، لذلك فإن الأسعار أخذت مسارها الطبيعي.. ورجّح أنها ستظل على ما هي عليه الآن،
وهي أسعار متوازنة وفي صالح الجميع بعد انتهاء قانون الإيجارات الحالي في 14 فبراير
2010.
ولم ينفِ رئيس شركة أعمال وجود أزمة محلات تجارية، وأوضح أنه يتوقع أن هناك مشكلة كبيرة
فيما يتعلق بالمحلات التجارية التي عليها طلب كبير نتيجة زيادة عدد السكان والمكاتب
الجديدة والشركات الأجنبية، وليس هناك عرض بالقدر الكافي لاستيعاب حدة الطلب، لكنه
قال إنه مثلما تراجعت أسعار الإيجارات فإن هناك عملية تصحيحية ستخضع لها المحلات التجارية..
وفي سياق آخر قال الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني إنهم يرحبون بأي استثمار أجنبي يمكن من
تقديم الإضافة إلى الاقتصاد القطري في ظل انفتاح السوق، وأضاف أنه نهاية العام الحالي
سيدخل حيز الاستغلال 5 فنادق فاخرة بالدفنة تابعة لمجموعته بطاقة استيعاب إجمالية تفوق
2000 غرفة، هذا إلى جانب جملة من المواضيع الأخرى كأزمة السكن ومجموعة شركات "الفيصل
القابضة" وشركة أعمال القابضة، جاءت في الحوار التالي:
كيف تقيّمون أداء الاقتصاد الوطني خلال العام الحالي خاصة بعد هبوب عاصفة الأزمة المالية
العالمية؟
لا أحد يشك في أن دولة قطر تعيش حاليا طفرة اقتصادية كبيرة في الوقت الذي انكمشت فيه
كافة اقتصادات الخليج بسبب الأزمة العالمية، وسلكت قطر طريقاً آخر، هو طريق النمو الاقتصادي
لاسيَّما بعد أن نجحت في تعزيز نموها الاقتصادي خلال الأزمة، ومثلما أشار سمو الأمير
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في خطابه أمام مجلس الشورى في جلسته الافتتاحية فإن نسبة
النمو ستكون أكثر من %9 في العام الحالي.
لذلك فإنه بالعودة إلى الظروف العالمية التي تأثرت سلباً بسبب أزمة الائتمان وانهيار
القطاع المصرفي العالمي، إلا أن أداء الاقتصاد القطري كان مبهراً للغاية، ونجح في أن
يكون أحد أفضل الاقتصادات العالمية في العام الحالي رغم حالة القلق التي مررنا بها.
كذلك لا بد من الإشارة إلى أن الأرباح الهائلة التي حققتها قطر من صادرات الغاز الطبيعي
وزيادة معدلات الإنفاق والفائض المتحقق في الإنتاج، كلها مقومات دفعت قطر على المسار
الصحيح وجعلتها جديرة بالصمود أمام أزمات الائتمان التي تواجهها البنوك في العالم وفي
المنطقة. وسيظل الاقتصاد القطري مثلما ذكرت التقارير الدولية بهذه المقومات متربعاً
على عرش الدول الخليجية الأسرع نموا لسنوات قادمة.
كيف تصرف القطاع الخاص خلال بعد حالة الفزع التي أطلقتها الأزمة المالية للتصدي إلى
تأثيراتها السلبية والخروج بأقل الأضرار؟
بداية، أريد الإشارة إلى أن القطاع الخاص أثبت كفاءته خلال المرحلة الماضية والتي بدأت
فيها الأزمة المالية العالمية تتصاعد، علما بأن قوة الاقتصاد القطري تساهم في تعزيز
دور القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة. وما تمت ملاحظته أن قطر تعد أفضل الدول من حيث
مواجهة آثار الأزمة المالية العالمية مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية
حيث إن النمو الاقتصادي مستمر إضافة إلى عدم توقف المشروعات الاستراتيجية والبنية التحتية.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن القطاع الخاص القطري لم يتأثر كثيراً خلال الفترة الماضية
رغم خسائر بعض الشركات الخاصة، وما يجب التنويه به أنه لم تصل شركات المستثمرين الخاصة
في قطر إلى حد الإفلاس مثل البلدان الأخرى، إلا أن المرحلة المقبلة يجب أن تتحرك الجهات
المختصة من أجل اتخاذ إجراءات تصب في صالحه.
وقد تابعنا أن نتائج الشركات جيدة خلال التسعة أشهر الأولى ومعظم المستثمرين يسيرون
في الاتجاه الصحيح ويستطيعون مواجهة أي مشاكل أو عقبات ناتجة عن الأزمة.
ويلاحظ أن الدولة قامت بمساندة القطاع المالي وضخ سيولة كافية خلال الفترة الماضية
عن طريق شراء جهاز قطر للاستثمار لنسب تتراوح بين %10 و%20 من أسهم البنوك، علاوة على
شراء المحافظ العقارية المتعثرة وهو ما أسهم في طمأنة القطاع الخاص ككل.
أي دور يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في مساعدة الحكومة على تنفيذ مخططاتها التنموية
خلال الفترة القادمة مع التوجه نحو تنويع مصادر الدخل؟
في السنوات الأخيرة أصبح لدى قطر شركات كبرى تعدت المستوى الإقليمي وأصبحت تشارك في
مشاريع عالمية، ولذلك فالقطاع الخاص القطري ينمو بشكل تصاعدي والشركات القطرية أصبح
لها وزن كبير في تنفيذ استراتيجية الدولة التنموية، ولو عدنا إلى خمس سنوات مضت سنجد
أن المناقصات على المشاريع المحلية تفوز بها الشركات العالمية لضعف المستثمر المحلي
لكن اليوم اختلف الوضع، لأن أكثر الشركات أضحت مؤهلة لخوض غمار المنافسة. وقد دخلت
إلى السوق شركات جديدة ووسعت شركات أخرى أنشطتها لتصبح إقليمية، كما دخل إلى سوق الأسهم
شركات كثيرة مما رفع العدد إلى أكثر من 44 شركة حتى الآن. وما يمكن الإشارة إليه أن
القطاع الخاص سيكون له دور فعال في الاقتصاد الوطني خلال السنوات القليلة القادمة.
لكن المناقصات الحكومية تفوز بها شركات أجنبية في أغلب الأحيان؟
أريد الإشارة إلى أن الشركات القطرية في هذه الفترة لديها العديد من العقود والالتزامات
في تنفيذ مشاريعها لأن حجم الأعمال والمشاريع في قطر قد تضاعف بشكل كبير، وهو ما اقتضى
دخول مستثمرين أجانب، وهذا أمر بديهي في أكبر الدول العالمية حيث يمكن اعتبار ذلك ظاهرة
صحية للمنافسة والاحتكاك بالخبرات الأجنبية.
تعمل الحكومة حاليا على تغيير قانون الاستثمار الأجنبي ويمكن للمستثمر الأجنبي أن يستثمر
بنسبة %100 في المشاريع على عكس السنوات السابقة.. كيف ترون ذلك خاصة بعد رفض مجتمع
الأعمال لمثل هذه المقترحات؟
ما تقوم به الدولة حاليا لم يأت من فراغ وإنما بعد دراسات مطولة، والتطورات الجذرية
الحاصلة بالاقتصاد القطري تقتضي ذلك، علما أن الانفتاح الاقتصادي لا مفر منه ونحن لا
نخشى المنافسة الخارجية بالسوق القطرية، فلدينا شركات وطنية عملاقة معروفة على المستوى
الدولي إضافة إلى شركات أخرى خاصة بدأت تتحسس طريق العالمية لذلك نحن نشجع على الاستثمار
الخارجي المباشر في إطار السوق المفتوحة، وهو ما يضفي الاحتكاك بخبرات متنوعة يمكن
أن تنعكس إيجابا على مردودية الشركات المحلية، وبالتالي توسيع حجم السوق القطرية والوصول
إلى الأهداف التي حددها أمير البلاد المفدى بجعل قطر مركز مالي وتجاري عالمي.
وزارة الداخلية أصدرت قرارا جديدا يسمح للمكفول بالتنقل داخل المجموعة الواحدة.. كيف
ترون هذا القرار؟
أعتبر أن هذا القرار حكيم وسليم لأن الشركة الأم لديها العديد من الفروع، وما كان يحصل
سابقا في نقل الكفالة يأخذ وقتا كبيرا من الشركات والوزارة وهو ما يعد إهدارا للوقت،
لذلك فإن قرارا كهذا يساهم في تطوير شركات المجموعة الواحدة والأفراد أيضا وهو ما سيخلق
نوعا من المنافسة الشريفة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني عموما.
ما نتائج شركة أعمال سنة 2009؟
لقد كانت لنا شركة أعمال وأصبحت شركة مساهمة عامة بعدما أدرجت بالبورصة، وتعد من المؤسسات
الخاصة والقوية، وهي من الشركات التي كانت موجودة في قطر وصار لها تاريخ قديم.. ونتوقع
أن يكون لها دور كبير في السنة الحالية، هذا من ناحية النتائج الخاصة بشركة أعمال.
طبعا نحن لدينا مجموعة شركات ونقوم في الوقت الراهن بسبر أغوار السوق القطرية، التي
تغيرت تغيرا كبيرا، مقارنة مع المرحلة السابقة، فقد تطورت السوق ولا بد أن يكون لدينا
تطور في أدائنا، وأن تكون لدينا رؤية وخطة عمل لمدة خمس سنوات وعشر سنوات لأن المواضيع
تغيرت عن السابق.. في السابق كانت هناك تغيرات هادئة والمنافسة كانت أيضا محدودة، أما
الآن اختلف الوضع وأصبحت هناك منافسة خارجية قوية، ومن اللازم أن نهيئ أنفسنا لها،
ونجهزها كي تتطور وتكبر حتى تكون في مستوى هؤلاء المنافسين الخارجيين.
ماذا عن المخططات المستقبلية لشركة أعمال وشركة الشيخ الفيصل القابضة بشكل عام؟
القطاع الخاص في الوقت الحالي يقوم بدور كبير حيال الأزمة الاقتصادية والسكنية في قطر،
وهناك أيضا أزمة محلات تجارية، وأنا أتوقع أن تراجع الإيجارات السكنية ستخف قريبا وستعود
السوق إلى سالف نشاطها، لكن هناك مشكلة كبيرة ويتعلق الأمر بالمحلات التجارية التي
عليها طلب كبير نتيجة زيادة عدد السكان والمكاتب الجديدة والشركات الأجنبية، وليس هناك
عرض بالقدر الكافي لاستيعاب حدة الطلب، لكن مثلما تراجعت أسعار الإيجارات فإن هناك
عملية تصحيحية ستخضع لها المحلات التجارية.
قانون تجميد أسعار الإيجارات ينتهي في فبراير القادم، ما توقعاتكم للأسعار بعد هذه
الفترة؟
الدولة لما تدخلت سابقا كان ذلك في صالح المستأجرين والمقيمين والآن فإن العرض كبير
لذلك فإن الأسعار أخذت حاليا مسارها الطبيعي، وأعتقد أنها ستظل على ما هي عليه الآن،
وهي أسعار متوازنة وفي صالح الجميع.
انشقاق رجال الأعمال بين الغرفة والرابطة، لماذا لا يوجد كيان واحد يدافع عن مصالح
رجال الأعمال؟
نحن رابطة أعضاء في غرفة تجارة وصناعة قطر، لكن رابطة رجال الأعمال لها دور ثان يساعد
الغرفة ويكمل نشاطها، وبالتالي فإن الغرفة والرابطة يكملان أنشطة بعضهما.
تتشبثون إلى جانب المال والأعمال بالاستثمار في الجانب الصحي والتعليمي.. ماذا يعني
لكم ذلك؟
التعليم مهم والدولة تستثمر في هذا القطاع وفي الرأسمال البشري، حيث إن المواطن القطري
يجب أن يكون له دور في تنمية مجتمعه، والمسألة أنه لدي الرغبة للاستثمار في الصحة والتعليم
وليس المواد الغذائية مثلا.
الشيخ فيصل بعيد عن قائمة أثرياء العالم والعرب.. هل من مبررات لذلك؟
نحن لا نلهث وراء الشهرة، والقطري لا يجري وراء هذه المجلات المتخصصة لهذا الغرض، ونعتبر
ذلك ظاهرة ممتازة لأن المهم هو العمل في صمت وتقديم الإضافة للاقتصاد الوطني ومساعدة
الحكومة في تنفيذ خططها وهذا الأهم لرجل الأعمال القطري.
وما الحلول التي تقترحونها في مجموعتكم لتجاوز هذه الأزمة؟
نحن نركز في الوقت الحالي على الفنادق والصناعة، لكن بخصوص المحلات التجارية ليس لدينا
شيء كبير يذكر.. أعود لأقول: ستنفرج الأزمة بشأن السكن، لكن المحلات التجارية تحتاج
إلى وقت طويل.
باعتباركم من المستثمرين الكبار في المجال السياحي،ما استثماراتكم المستقبلية في هذا
المجال؟
تشهد قطر اليوم طفرة اقتصادية ضخمة وهي في انتظار استقبال شركات عملاقة في جميع المجالات
الاقتصادية، لذلك فهي بحاجة إلى تطوير البنية التحتية الفندقية والترفيع في عدد الشقق
السكنية، أي الطاقة الإيوائية السياحية. وفي هذا السياق نحن الآن بصدد تطوير هذا المجال
الحيوي والتركيز على المشاريع السياحية ذات القيمة المضافة العالية مواكبة لحاجات البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد تحت الإنشاء سبع فنادق وسنستلم نهاية العام الحالي 5 فنادق
طاقة استيعابها الجملية تناهز 3000 غرفة فندقية كلها بمنطقة الدفنة، كما سيكون هناك
تطوير للسيتي سنتر، ليصبح من المراكز العالمية لأنه سيشبك بـ 5 فنادق طاقة استيعابها
1500 غرفة فندقية و500 شقة فندقية، وهو ما سيمكن المركز من احتلال مكانة عالمية وليس
إقليمية فحسب.
ما حجم الاستثمارات المستقبلية لشركة أعمال لتطوير العقار والعمران؟
نحن اليوم في أول السنة، وما زلنا في مرحلة إعداد الخطط، وهذا يحتاج إلى وقت، خاصة
في الأعمال التي دخلت السوق حديثا، لدينا سيولة كبيرة نريد أن نستثمرها، لكن خيارات
الاستثمار لم نأخذ بشأنها أية قرارات. ورؤيتنا أن نبحث عن الفرص الاستثمارية، وأينما
وجدت يمكن أن نستثمر فيها.
هل تفكرون في دخول غمار مجالات أخرى أو الاستحواذ على شركات قائمة مثلا؟
نحن لدينا تخصصات ولم ندخل مجالات ليست لدينا فيها الخبرة الكافية، السوق القطرية صارت
كبيرة ولم يعد بمقدور المستثمر تغطيتها، لذلك أصبح التخصص ضروريا، وكلما قلت في وقت
سابق كان ضروريا هذا الإنتاج في مجالات متعددة لتحقيق العائد المطلوب، أما الآن فيمكن
أن يتخصص المستثمر في نوع واحد ويقيم من أجل ذلك شركة أو شركات كبيرة، بالنسبة إلينا
على سبيل المثال كان لدينا من 60 إلى 70 نشاطا، وخفضناها إلى أقل من 20، وفي وقت سابق
كانت معاملاتنا 5 إلى 6 ملايين ريال، أما اليوم صارت مئات الملايين، ولدينا قاعدة كوادر
كبيرة وعقول متخصصة، وأي مجال نظن أنه مفيد لنا، سنتوسع فيه.. المؤسسة لا تعتمد فقط
على رأس المال، أهم شيء أن يكون لنا كفاءات.
قد يكون مجال العقار الأكثر ربحية.. أليس كذلك؟
ذلك ليس صحيحا، فاختيار تخصص دون آخر يقوم على تقدير الإمكانات البشرية والقدرات، فواحد
يختار العقار، والآخر يختار الصناعات الدقيقة، وليس العقار هو كل شيء، العقار يلزمه
رأسمال كبير، ويلزمه سنوات طويلة لجني المردود..
هناك تهافت للمستثمرين الخليجيين للاستثمار بالبلدان المغاربية. أين يصنف المستثمر
القطري ضمنهم؟ وهل لديكم النية لاقتحام السوق المغاربية؟
أعتقد أن الاستثمار في تونس يعد فرصة جيدة في ظل وجود تشريعات ومناخ استثماري ملائم،
كذلك الشأن بالنسبة للبلدان المغاربية الأخرى. لكن اليوم أصبحت قطر واحة استثمارية
في العقار والبورصة والسياحة، وهو ما يتطلب من المستثمر مجهودات أكبر ومتابعة المشاريع
عن قرب. ومع ذلك هناك شركات توجهت نحو البلدان المغاربية ونجحت، مثل الديار المتواجدة
بالمغرب والفيصل القابضة الموجودة بالجزائر. وأريد الإشارة أننا كقطاع خاص سنتوجه خلال
السنوات القادمة نحو البلدان المغاربية لاستغلال الفرص المتاحة والمساهمة في تعزيز
التعاون العربي المشترك.