الشرق - الثلاثاء ١ ديسمبر
٢٠٠٩
شددوا على أهمية وجود تقنيات حديثة لرصدها
محامون ومختصون:جرائم النصب الالكتروني آفة العصر
والقانون يعاقب عن الاحتيال عبر الانترنت
المسلم: قانون العقوبات تنبه لخطر الجرائم المرتبطة بالحاسب الآلي
شلبي: القانون لم يفرد نصوصا خاصة بالجرائم عبر الانترنت
عجمية: لا أنصح بالشراء عن طريق المواقع غير الموثوقة
الهاشمي: التجارة الإلكترونية بحاجة إلى وجود أسس تقوم عليها ومقومات مناسبة لها
تحقيق: مؤيد اسكيف وجاسم سلمان:
أدى التطور الملحوظ كماً ونوعاً الذي يطرأ باستمرار على شبكة الانترنت إلى تنوع
وتعدد وسائل النصب والاحتيال عن طريقه، وكثيرا ما تصلنا إلى بريدنا الإلكتروني
رسائل بريدية عابرة للقارات تطلب أرقام حساباتنا أو تفاصيل الاتصال والعنوان أو
فوزنا بجائزة كبيرة أو غير ذلك بهدف الإيقاع بنا والتمكن من السيطرة على رصيد
البطاقة الائتمانية، وهذا ما يتطلب وعيا كبيرا من قبل مستخدمي الانترنت، وقد افرد
قانون العقوبات القطري العديد من المواد المتعلقة بجرائم النصب والاحتيال المتعلقة
بجهاز الحاسب الآلي وإذا اعتبرنا أنه لم يفرد مواد خاصة بالجرائم عبر شبكة الانترنت
فإن بعض المحامين رأوا أنه يكفي وجود قانون عقوبات خاص بجرائم النصب والاحتيال ولا
يهم سواء كانت عن طريق الانترنت أو بأي طريقة كانت طالما ثبت وقوع الجريمة.
من جانبه يتحدث السيد رامي عجمية والمتخصص في هندسة الكمبيوتر والشبكات عن نمو
ظاهرة النصب عبر الانترنت، فيرى أن هذه الجرائم في ازدياد كبير حيث يعمل المجرمون
المتخصصون في هذا الإطار على تطوير أدواتهم التي من خلالها يتمكنون من قرصنة حسابات
الغير أو الحصول على بياناتهم الشخصية وبطرق متعددة، وهم يعملون دوما على تطوير هذه
الأدوات التي تتنوع ما بين القرصنة المباشرة أو الالتفاف من خلال رسالة نصية تؤكد
على سبيل المثال فوز " الضحية " بجائزة مع ضرورة إرسال رقم حسابه لتزويده بقيمة
الجائزة أو أن زعيما إفريقيا توفي في ظروف غامضة ولا يوجد وريث له وتم اختيار متسلم
الرسالة ليكون الوريث، وبالتالي يتوجب تزويد المرسل برقم الحساب والبطاقة
الائتمانية ليتم إرسال المبلغ، وغيرها من الرسائل والطرق التي لا تنتهي، هذا عدا
بعض الرسائل التي يرسلها المجرمون بهدف تدمير جهاز الضحية بقصد الإضرار به عن طريق
فيروس معين وبعض هؤلاء المرسلين قد لا تكون لهم أهداف محددة سوى التسلية عن طريق
أذية الآخرين أو بغرض استعراض عضلاتهم من خلال قدرتهم على إلحاق الأذى بأجهزة
الآخرين عن بعد.
زرع الكمين للضحية
كما يشير رامي إلى أن جميع مستخدمي الانترنت عرضة لعمليات النصب والاحتيال حيث يمكن
للمجرمين تتبع الضحية الهدف عبر الانترنت ومعرفة المواقع التي يقوم بزيارتها
ويقوموا بزرع الكمين له عبر ما يعرف بحصان طروادة الذي يوقع بالضحية دون علمه،
والكثير من الضحايا قد لا يعرفون أنهم كانوا فريسة لأحد القراصنة أو المجرمين،
والغالبية لا تعرف إلا في وقت متأخر أما فيما يخص بطاقات الائتمان فهناك مواقع
متخصصة للإيقاع بالعملاء من أجل الحصول على بيانات البطاقة ولذلك فإنني أنصح بألا
يقوم أحد من مستخدمي الانترنت بالشراء عبر الانترنت واستخدام البطاقة الائتمانية
إلا عن طريق المواقع الموثوقة جدا جدا، وذلك خشية أن تتم السيطرة على أرقام وبيانات
البطاقة ومن ثم القيام بسحب الأموال الموجودة فيها كما أن الخطورة تكمن لدى مستخدمي
الانترنت عن طريق مقاهي الانترنت العامة، حيث إن الكثير من المجرمين يمسكون
بضحاياهم عن طريق هذه المقاهي بعد أن يتربصوا بهم هناك وذلك حينما يقوم الضحية
بنسيان بريده الالكتروني مفتوحا دون تسجيل الخروج منه أو إذا ما قام بعملية شراء عن
طريق الانترنت حيث يمكن للمحتالين هنا الرجوع إلى ملفات الكوكيز التي يمكن أن
يحصلوا من خلالها على العمليات التي تمت والبيانات التي تم إدخالها، وبذلك يكون
المجرم قد حصل على المعلومات الشخصية، وهنا أدعو إلى الحيطة والحذر عند استخدام
الانترنت من خلال المقاهي العامة والعمل على وضع كلمات سريعة لحساب البريد
الالكتروني يكون من الصعب اختراقها، والعمل أيضا على حفظ السؤال السري في حال تمكن
أحدهم من اكتشاف كلمة السر والسيطرة على الحساب كما أن استخدام البرامج الموثوقة
يحمي مستخدم الانترنت من أي عملية اختراق.
كما يتحدث عجمية عن ضرورة الامتناع عن الدخول لأي موقع قد يكون مشبوها خاصة المواقع
الإباحية التي تكون بمثابة فخ لزوار هذه المواقع بهدف القيام بعمليات احتيال ونصب،
وغالبا ما تكون طرق السلب هذه معتمدة على البطاقات الائتمانية والحصول على بياناتها
مقابل شراء أي مواد لتتم السيطرة بعد ذلك على كل الرصيد الموجود داخل هذه البطاقة.
سرقة المشتري دون أن يدري
السيد خالد الجابر يشير إلى مواقع الانترنت الشهيرة سواء المحلية منها أو العالمية
والمتخصصة في عمليات البيع والشراء، ويتحدث عن وجود بعض المتسللين إلى تلك المواقع
واللذين يعرضون بعض المنتجات لبيعها بأسعار مخفضة ومغرية مما يدفع بالبعض لشرائها
ولتلافي انكشاف أمرهم يقوم هؤلاء بكتابة كود قطر دون إكمال رقم الهاتف للإيحاء بأن
البائع موجود في قطر ولا داعي للخوف منه وبهدف زرع الطمأنينة لدى الضحية، وعندما
يقوم الشخص بشراء المنتج منهم سواء كان جهاز موبايل أو كتابا أو ألعابا أو غير ذلك
فإنه يصبح ضحية حيث تتم سرقة أمواله دون أن يدري وقد لا يتمكن من اكتشاف الأمر إلا
بعد فترة، وبالرغم من تحذير إدارات هذه المواقع التي تعتبر أسواقا إلكترونية مفتوحة
للجميع فإن المتسللين يغيرون أساليبهم دوما للتمكن من الاحتفاظ بهويتهم السرية. و
بعيدا عن هذه الأساليب التي يراها البعض تقليدية أمام الأساليب التي تعتبر أكثر
ابتكارا وهي قيام بعض هذه الشبكات بإضافة بعض العناوين المستهدفة في قائمة الأصدقاء
ويتم التعارف على أساس الصداقة ليبدأ الابتزاز بعد ذلك خاصة إذا ما كانت الضحية
فتاة، فيقوم المجرم بابتزازها بغرض الحصول على أموال.
عقوبات قانونية للمجرمين
الأستاذ المحامي عبد الله المسلم يشير إلى تنبه قانون العقوبات القطري الذي أفرد
العديد من المواد المتعلقة بجرائم الحاسب الآلي والتي تعتبر جرائم محدودة جدا في
قطر ويقول: لقد نظم قانون العقوبات كل الجرائم المتعلقة بجهاز الحاسب الآلي
والمعلومات بداخله ومن يستخدمه وافرد العديد من المواد لذلك منها: المواد من المادة
371 إلى حتى 387 حيث عرف الحاسوب الآلي الذي قصد به المعالجة الآلية للبيانات، سواء
تمثلت في الحاسب الآلي أو برامجه أو وحدات الإدخال والإخراج أو الاتصال التي تسهم
في تحقيق نتيجة معينة، وبذلك يكون هذا التعريف قد حدد الآثار التي يمكن أن تنتج عن
أي عملية خاصة بهذا الجهاز سواء تم الاتصال بالانترنت أو تم الحصول على أي نتيجة
بدون ذلك. و هناك مجموعة من الجرائم التي تقع عبر الانترنت ويكون العديد من الأشخاص
فريسة سهلة لها دون أن يعلموا أو يدركوا الأمر إلا بعد فوات الأوان، وقد نظم قانون
العقوبات كل هذه الجرائم وحدد الأفعال المعاقب عليها وخصص مجموعة من المواد لتحديد
العقوبات التي يكون جهاز الحاسب الآلي طرفا فيها وهي: الاحتيال أو التزوير حيث
نظمها الفصل الثاني من قانون العقوبات من المواد 354 إلى المواد 361 ، وتتراوح
أحكام هذه الجرائم السجن في حدود ثلاث سنوات أو بغرامات مالية، كذلك نظم قانون
العقوبات جرائم القذف والسب والتشهير عبر جهاز الحاسب الآلي وشبكة الانترنت في
الفصل الرابع من القانون من المواد 326 إلى المواد 333 أما بخصوص عقوبة القذف
فيعاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين والغرامة التي لا تزيد على عشرة
آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين ويعرف القذف بأنه: كل من قام بقذف غيره علنا
بأن اسند إليه واقعة توجب عقابه قانونا أو تمس شرفه أو كرامته أو تعرضه لبغض الناس
أو احتقارهم.
إقرار عقوبة الحبس
يضيف المحامي المسلم: وفي المادة 380 من قانون العقوبات فقد تم إقرار عقوبة بالحبس
مدة لا تتجاوز خمس سنين لكل شخص ارتكب تزويرا في المستندات المعالجة آليا، أيا كان
شكله ويعد تزويرا كل تغيير في برامج الحاسب الآلي أو البرامج المسجلة على ذاكرة
الجهاز للحصول على نتائج غير صحيحة أو غير حقيقية، والمادة 381 تعاقب بالحبس مدة لا
تتجاوز خمس سنوات كل من استولى بغير حق على أموال البنوك أو العملاء عن طريق
استخدام بطاقة الدفع الممغنطة، التي يعمل الكثير من المجرمين والعصابات المنظمة على
تزويرها من خلال استخدام أجهزة الحاسب الآلي، حيث إن جرائم الاحتيال عبر الانترنت
أو الحاسب الآلي باتت تشكل ظاهرة على مستوى العالم، لكنها لا تعتبر ظاهرة في
مجتمعنا، وإذا كان هناك بعض من تعرضوا لعمليات نصب واحتيال عبر الانترنت فهذا يعود
لإهمالهم في تقديم بياناتهم الشخصية وبيانات حساباتهم البنكية والمصرفية عبر
الانترنت، وبالتالي فإن الحيطة والحذر هي سور الوقاية الأول لعدم الوقوع فريسة
لهؤلاء المجرمين الذين يعملون من بلاد بعيدة للإيقاع بفرائسهم بكل السبل، وهذا
ينطبق أيضا على الضحايا الذين يتعرضون للتشهير أو عرض صور وتسجيلات خاصة بهم، وهنا
مرة أخرى لابد من توخي الحيطة والحذر كي لا يقع أحد فريسة بأيدي هؤلاء، أما عن نسبة
هذه الجرائم في قطر فيقول المسلم: هناك من يقوم بالتعدي على حرمة الآخرين والدخول
إلى أجهزتهم الخاصة والحصول على بياناتهم بغير حق ويعرضون أصحاب هذه البيانات بعد
ذلك للابتزاز بغرض الحصول على أموال أو تحقيق أهداف معينة لكن قانون العقوبات عمل
على تحديد كافة هذه الجرائم المتصلة بالحاسب الآلي وشبكة الانترنت كما حدد العقوبات
اللازمة وفي قطر تعتبر هذه الجرائم قليلة أو نادرة قياسا إلى نسبة وقوعها في دول
العالم، وأحد أسباب ذلك هو وعي الناس وحذرهم لدى استخدام شبكة الانترنت.
تجريم الاحتيال غير المباشر
الأستاذ المحامي علي شلبي يشير إلى ما ذهب إليه الأستاذ عبد الله المسلم في تنبه
قانون العقوبات للجرائم المرتبطة بالحاسب الآلي، التي لا يوجد لها مسمى خاص تشير
إلى الانترنت على اعتبار أنه الوسيلة الأساسية، لكن الأستاذ شلبي يؤكد أنه طالما أن
هناك جرائم نصب واحتيال فلا يهم وسيلة هذا الاحتيال سواء كان هذا الاحتيال مباشرا
أو غير ذلك من وسائل الاتصال، حيث يقول: لقد افرد قانون العقوبات مواد بخصوص جرائم
النصب والاحتيال باستخدام جهاز الحاسب الآلي ونصوص المواد هذه تتنوع ما بين النصب
أو الاحتيال أو استخدام غير مشروع للجهاز أو برامجه أو إرسال فيروس من شأنه إلحاق
الأذى والضرر بجهاز الضحية أو بأحد برامجه، كما افرد القانون العديد من المواد التي
تحدد عقوبات من يلحق الضرر بالآخرين، وإذا لم يكن هناك نص واضح متعلق بجرائم النصب
والاحتيال عبر الانترنت فإن القانون حدد طرق الاحتيال، ويبقى قياس جرائم الانترنت
للقاضي الذي سوف يبت بالأمر وفي النهاية يرجع تكييف كل واقعة على حدة، بحسب ظروفها
التي تتبين للقاضي من خلال ملف الدعوى.
شرح ظاهرة التجارة الالكترونية
وللوقوف على التعريف الدقيق لهذا النوع من التجارة الحديثة فقد تحدثنا إلى الدكتور
سلطان الهاشمي نائب عميد كلية الشريعة بدولة قطر لتوضيح الأمر، وتبيين تعريف
التجارة الالكترونية قانونيا وشرعيا،مع العلم أن الهاشمي قد حاز على درجة الدكتوراه
بالبحث والدراسة التي قدمها عن هذه الظاهرة قائلا: التجارة الإلكترونية بحاجة إلى
وجود أسس تقوم عليها ومقومات تستند إليها، وهي معايير النجاح أو الفشل للتجارة
الإلكترونية في أي دولة من الدول.. وأهم مقومات التجارة الإلكترونية التي لابد من
توافرها، هي البنية التحتية التقنية اللازمة لمزاولة الأنشطة التجارية الإلكترونية،
وتشمل توافر شبكات متطورة في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، وما يستلزم ذلك من
متابعة للتطورات المستجدة في هذا المجال. بالإضافة إلى شبكات المعلومات المتعددة
التي تسمح بتبادل المعلومات فيما بينها، ووجود بنوك متطورة تقدم خدمات مصرفية
إلكترونية، وخاصة فيما يتعلق بأنظمة الدفع الإلكترونية، وتضع الحلول المناسبة لما
يتطلبه هذا النوع من التجارة. ولا بد من توافر التشريعات والنظم القانونية التي
تكفل لكل الأطراف حقوقها، وضمانات تنفيذ العقود، وحماية المستهلك، والملكية
الفكرية، وتحديد الاختصاص القضائي عند النزاع، ولابد من أن تتفق النظم والقوانين في
البلاد الإسلامية مع مقاصد الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً، وأن تستظل بظلالها وتنهل
من معينها. كما يجب وجود أنظمة لتوفير ما يطلق عليه بالأمان في تحويل المعلومات
الإلكترونية عند انتقالها من العبث بمحتوياتها أو بمسارها ويقصد بالأمان المعلوماتي
ضمان وصول السلعة إلى المشتري، وضمان وصول القيمة للبائع.
وأضاف: تمثل مسألة الأمان وخصوصية التبادل التجاري (معلومة، والنقد) قلقاً كبيراً
لعدد كبير من المتعاملين بالتجارة الإلكترونية، حيث تزداد الثقة بين الطرفين في
حالة وصول السلعة أو الخدمة وكذلك قيمتها كلما تقلصت المخاطر أو سوء المعاملة بين
الطرفين والوسطاء، وأهم العناصر الأمنية المطلوبة هي الخصوصية والسرية، التعرف على
الهوية، التوثيق، سلامة البيانات، وعدم الجمود.
التحقق من الشخصية والهوية
وأضاف الدكتور الهاشمي: إن هناك ما يسمى الحكم التوقيع الإلكتروني وضوابطه حيث
قال:إن الدور الذي يقوم به التوقيع الإلكتروني هو تحديد شخصية المتعاقد وإثبات
الرضا بما في الوثيقة التي تحمل توقيعه، أو الإقرار بما ورد في مضمون العقد
الإلكتروني. وبالنظر لنظائر هذه المسألة عند الفقهاء — رحمهم الله تعالى — فإنه
يمكن تخريج حكم لهذه المسألة بناء على رأيهم في جواز الاعتماد على الخط والكتابة،
والختم. وأصل هذا الباب قول الحق تبارك وتعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ
إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}، وقد ورد في بعض وجوه التفاسير أن
المقصود بالكتاب الكريم "كتاب مختوم، حيث جرت عادة الملوك أن تختم كتبها، وهو مروي
عن ابن عباس رضي الله عنهما. فالتوقيع الإلكتروني وسيلة للتحقق من الشخصية، والتثبت
من الهوية، والوسائل إذا حققت المقاصد على الوجه المطلوب ولم يرد نهي عنها، تبقى
على أصل الإباحة، بل قد يتناولها الأمر بمقاصدها لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو
واجب. والقول بإباحة التوقيع الإلكتروني ينبغي ألا يكون على التعميم، "أي لا يمنع
ذلك مطلقاً فتضيع الحقوق، ولا يعمل بذلك مطلقاً فلا يؤمن فيه التزوير، فيكون جائزاً
بشروط". والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيفية تعيين المتعاقد حتى مع وجود التوقيع
الإلكتروني؟ وهنا تبرز أهمية تحديد هذا التوقيع الرقمي من خلال شخص آخر يسمى بهيئة
الإقرار، أو هيئة التصديق. واستطر قائلا: إن مهمة هيئة التصديق، أو المركز الوطني
للتصديقات الإلكترونية تتمثل في التحقق من أن التوقيع الإلكتروني قد تم تنفيذه من
شخص معين، أو لتتبع التغيرات والأخطاء التي حدثت في سجل إلكتروني بعد إنشائه بما في
ذلك استخدام وسائل التحليل للتعرف على الرموز والكلمات، والأرقام، وفك التشفير، وأي
وسيلة أو إجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب، وكذلك إصدار شهادات مرخصة، أو معتمدة
لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين، استناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة.
فإذا ضمنت جهة محايدة صحة التوقيع الإلكتروني، فإن هذا يؤكد صدوره عن صاحبه، وأنه
لم يحدث تلاعب، أو تحريف، أو تعديل في البيانات الإلكترونية، وهذا يعطي التوقيع
الإلكتروني مصداقية، خصوصاً فيما يتعلق بالتحقق من نسبته إلى صاحبه. وبناء على ما
سبق، فإن اعتماد التواقيع الإلكترونية في المعاملات الإلكترونية وكونها معبرة عن
إرادة صاحبها مقيد بضابطين، الأول: أنه لا بد أن تصدر التواقيع الإلكترونية
المعتمدة من هيئة، أو مركز حكومي، أو دولي رسمي معترف به للتصديقات الإلكترونية،
ولا يصح أن تتحكم جهات أو مؤسسات تجارية، أو شبه تجارية ربحية في اعتماد التواقيع
الإلكترونية.
و الضابط الثاني: أن يصدر التوقيع الإلكتروني برضا وإقرار صاحبه بعد تقديم وثيقة
إلى الجهة المعتمدة للتواقيع الإلكترونية، تتضمن اسمه، وعنوانه، ورقمه السري
وموطنه... الخ من بيانات ضرورية، ويحدد ما إذا كان هذا الشخص شخصاً حقيقياً أو
معنوياً.
شروط حماية المتعاقدين
وأشار الهاشمي إلى أنه قد وضعت القوانين والأنظمة الخاصة بالتجارة الإلكترونية
تشريعات، ومواد قانونية تتضمن شروطاً لحماية أحد طرفي التعاقد، أو لتنظيم العلاقة
بين أطراف التعاقد. ومن هذه الأنظمة التي تطرقت لشروط العقد الإلكتروني مشروع قانون
التجارة الإلكترونية المصري، الذي أجاز إبطال بعض الشروط التعسفية المضرة بالطرف
الآخر. ومن خلال ما اطلعت عليه من أنظمة وقوانين البلاد الأخرى فالذي يظهر أنها لم
تفرد تشريعات خاصة بالشروط في العقد الإلكتروني، إلا أنها ركزت على الشروط الخاصة
بحماية المستهلك وأولته اهتماماً، وعناية، وأفردت مواد لحمايته من أطراف التعاقد
الأخرى.
وفي ثنايا هذه القوانين هناك شروط يمكن اعتبارها من مصلحة العقد ومقتضاه، وشروط
أخرى لا يصح اشتراطها شرعاً، وشروط يمليها أحد طرفي التعاقد، أو ما يسمى بعقود
الإذعان.