صحيفة العرب القطرية - الأحد
20 ديسمبر 2009 م - الموافق 3 محرم 1431 هـ - العدد 7861
بعد
الانخفاض الملحوظ في إيجارات الشقق والمساكن
أصحاب العقارات والمكاتب الوسيطة يبتدعون وسائل جديدة لجذب المستأجرين
الدوحة – محمد سيدي
عرفت أسعار إيجارات المساكن في قطر بمختلف أنواعها – الشقق والملاحق والغرف والفلل
وغيرها – انخفاضاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة مقارنة بما شهدته من ارتفاعات كبيرة خلال
السنتين الماضيتين، أوصلتها لأرقام خيالية فاقت مثيلاتها في مختلف أنحاء المعمورة،
وحولت مدينة الدوحة إلى إحدى أغلى مدن العالم من حيث كلفة السكن والمعيشة.
وتماماً مثلما أدى ارتفاع إيجارات المساكن والشقق إلى بروز ظواهر سكنية غريبة على المجتمع
لم تكن معهودة من قبل -كالسكن في مجموعات داخل فيلا واحدة، أو اقتسام ذات الشقة من
طرف عائلتين أو أكثر- بالإضافة لسكن مجموعات كبيرة من العزاب وسط العائلات التي أثارت
وما تزال الكثير من الانتقادات والمطالب بضرورة التدخل من طرف السلطات المعنية للحد
من مخاطرها، بدأت حالياً هذه المظاهر في الانحسار بعد الانخفاض المسجل في الإيجارات،
وهو ما حدا بأصحاب البيوت والعمارات إلى التنافس في جلب المستأجرين من خلال تخفيض الأسعار
وتقديم تسهيلات كثيرة من قبيل الأشهر المجانية والشقق المفروشة والتقسيط في الدفع وغيرها
من الوسائل التي يعتمدها هؤلاء والتي يعلن عنها بين الفينة والأخرى عبر وسائل الإعلام
ومن خلال الدعايات المبوبة المنشورة في المجمعات التجارية وعلى أبواب المحلات الكبرى.
ومن اللافت كذلك أن أغلب المكاتب العقارية الوسيطة والمؤسسات المعنية بتسيير المنازل
والعمارات والمجمعات السكنية ابتدعت مؤخراً طرقاً إعلانية ووسائل جذب للزبائن لم تكن
معهودة من قبل، مثل الإيجار للمجموعات التي تزاول ذات المهنة أو الجاليات التي تنتمي
لنفس الجنسية، بالإضافة لتقديم عروض مغرية لمن يقومون بتوقيع عقود إيجار طويلة الأجل
- سنة أو أكثر- ومنح أشهر مجانية للمستأجرين، والتساهل في البنود الجزائية التي كان
معمولاً بها في السابق، بل إن البعض لم يعد يطلب دفع شهر مجاني أو تقديم شيكات ضمان.
لم يعد الإعلان حالياً عن المنازل والمساكن المعروضة للإيجار مقتصراً على المجلات الدعائية
وملاحق إعلانات الصحف اليومية، بل شمل كذلك المواقع الإلكترونية المتخصصة في توفير
هذه الخدمات والملصقات في المجمعات التجارية الكبيرة وغيرها من الوسائل الجديدة المستحدثة
التي وصلت إلى حد إرسال رسائل جوال قصيرة وتعليق الإعلانات على أبواب الشقق.
يقول محمد السليمي إن إيجار الشقق والمنازل انخفض بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة مستدلاً
على ذلك بالوفرة الكبيرة في العروض عن الإيجارات والشقق السكنية في الوسيط والمجلات
والمجمعات بشكل أكبر بكثير من ذي قبل، معتبراً أن وفرة العرض تؤدي بالضرورة إلى انخفاض
السعر.
ويضيف السليمي: "لا يمكن إنكار أن الإيجارات انخفضت في الآونة الأخيرة بشكل أسهم في
تخفيف وطأة تكاليف المعيشة، والدليل على ذلك هذا التزايد الكبير في الإعلانات التي
ابتدع أصحابها طرقاً جديدة لم تكن معهودة من قبل من بينها ظهور مواقع إلكترونية متخصصة
في عروض المساكن والشقق، بحيث أصبح بإمكان الباحث عن شقة أو فيلا الوصول إلى مبتغاه
بنقرة واحدة على فأرة كومبيوتره الشخصي، ومن أي مكان، هذا بالإضافة لإمكانية مشاهدة
المسكن وما يحتويه من مميزات عبر الصور التي توضع في الإعلان والتي توفر على الشخص
مشقة المعاينة والوصول إلى مكان الشقة، بل إن بعض المعلنين يضمنون إعلاناتهم جميع شروط
العقد وما يوفره المالك من تسهيلات تصل أحياناً لعدة أشهر مجانية".
الشقة المفروشة ..أرخص!
ومن المظاهر الغريبة التي سجلها بعض من تحدثوا لـ "العرب" عن تداعيات انخفاض الإيجارات
أن الشقق المفروشة باتت تمثل النسبة الكبرى من المساكن الجديدة المعروضة للإيجار، وشهدت
أسعارها انخفاضاً يصل في بعض الأحيان لأكثر من 50% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
سالم أبو السعود قرر أن ينتقل من مسكنه الحالي الذي هو عبارة عن ملحق صغير كان جزءاً
من فيلا تم تقسيمها بين ثلاث عائلات إلى شقة منفصلة، وأكد أنه استغرب من الأسعار الجديدة
للشقق المفروشة التي باتت في متناول الموظفين من متوسطي الدخل.
ويضيف سالم: "لم أكن مطلعاً ربما على أسعارالمساكن في الدوحة خلال الفترة الأخيرة لأني
مرتبط بعقد إيجار طويل الأمد مع مالك الملحق الذي أسكنه حالياً، إلا أن زوجتي اقترحت
علي البحث عن شقة جديدة لتأجيرها بعد أن سمعت من رفيقاتها بأن الإيجارات انخفضت في
الفترة الأخيرة، ومن خلال تجوالي في المواقع الإلكترونية المتخصصة وإعلانات المجمعات
التجارية لاحظت مدى الفارق الكبير بين ما كانت عليه الحال قبل عدة أشهر والواقع اليوم،
فالشقة المفروشة حالياً والمكونة من ثلاث غرف أرخص من الملحق الصغير الذي أسكنه والمكون
من غرفة وصالة غير مفروش، وأنا عن نفسي قررت أن أنتقل إلى شقة مفروشة واغتنام العروض
الكثيرة التي تتوفر حالياً".
المستأجر: "آمر ..تدلل" !
خالد النمر صاحب مكتب عقارات يتولى تسيير العديد من العمارات والمساكن في الدوحة أكد
لـ "العرب" أن الكثير من الملاك خفض أسعار الإيجارات بنسب متفاوتة بعد أن زادت الوحدات
السكنية الجاهزة وانتهاء الكثير من القرى والمجمعات السكنية التي كانت قيد الإنشاء،
هذا بالإضافة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية التي ضربت القطاعات الاقتصادية كافةعبر
العالم.
وأضاف النمر أن المكاتب العقارية تتنافس حالياً في سبل جذب الزبائن بطرحها للكثير من
العروض المغرية التي لم تكن معهودة من قبل، مثل إعفاء المستأجر من الدفع مقدماًُ، وعدم
الحاجة لشهر ضمان، ومجانية الكهرباء والماء والإنترنت وتوفير شقق مفروشة بأحدث المواصفات
التي من بينها الأجهزة المنزلية بماركات معروفة، هذا بالإضافة لأشهر مجانية لمن يقومون
بتوقيع عقود سنوية.
يقول النمر: "انخفاض الأسعار فرض على المكاتب تحسين الخدمات والعمل على توفير أكبر
قدر ممكن من المزايا والمغريات التي تجذب الساكن الجديد، والتي في مقدمتها طبعاً السعر
الجيد والخدمة المتميزة، وبات من المألوف حالياً أن أغلب الشقق المعروضة تتوفر على
الكثير من الخدمات المجانية التي كانت في السابق تخص الزبون نفسه، كالإنترنت المجاني
والأجهزة الكهربائية وحتى التنظيف الأسبوعي وخدمات الصيانة، ومن الغريب أن هذه الخدمات
لم تعد تحسب ضمن الفرش، أي أن الشقة غير المفروشة أو النصف فرش يجب أن توفر هذه الخدمات
التي كانت مقتصرة في السابق على الشقق المفروشة فرشاً كاملاً فقط، أي أن المصطلحات
حالياً التي كانت من المتعارف عليها سابقاً في السوق تغيرت هي الأخرى".
رحلة البحث عن غرفة !
مسعود وحسن التقينا بهما في إحدى الجمعيات المشهورة التي يقصدها الباحثون عادة عن الشقق
والغرف الرخيصة الثمن، وبشكل خاص العزاب والعائلات الصغيرة، لم يتفقا مع ما قاله البعض
من أن الإيجارات شهدت انخفاضاً بيناً خلال الفترة الأخيرة، مؤكدين بأن الشقق الصغيرة
والغرف ومساكن العمال ما زالت غالية وأسعارها مرتفعة، كما أن المعروض منها شحيح جداً
وقلما يعثر الأعزب الباحث على غرفة تؤويه إلا بعد عناء شديد.
يقول مسعود العلي: "أن تكون أعزب في هذه البلاد معناه أنك ستواجه الكثير من المصاعب
والمشكلات التي من بينها البحث عن سكن ملائم، فكل الإعلانات تشترط أن يكون الساكن برفقة
زوجته أو أولاده، ولا يردون أصلاً على العزاب باعتبارهم فئة غير مرغوب فيها، حتى الموظفون
وأصحاب المهن المحترمة غير مسموح لهم بالاقتراب من عمارات العائلات أو المجمعات السكنية
التي تقطنها الأسر والأطفال، ناهيك عن أن تجد شقة أو أستوديو بمواصفات جيدة، بالفعل
الناظر بشكل عام لأسعار الإيجارات في الدوحة سيلحظ انخفاضاً في أسعارها إلا أن المتمعن
سيكتشف أن هذا الانخفاض لا يشمل المساكن المخصصة للعزاب والعمالة العادية التي ما زالت
مكرهة على العيش في مناطق سكنية غير ملائمة وظروف صعبة جداً".
أما حسن ناصر فنوه خلال حديثه إلى ظاهرة أخرى برزت بشكل لافت تتمثل في استحواذ بعض
الجاليات الأسيوية على أغلب المعروض من الشقق والإستديوهات وظهور إعلانات تشترط انتماء
الفرد لهذه الجنسية أو تلك للحصول على السكن أو تأجيره. معتبراً أن هذه الظاهرة تسبب
الكثير من المتاعب خاصة لمن ينتمون لجنسيات قليلة العدد في قطر، لكونهم سيجدون أنفسهم
مرغمين على القبول بمساكن غير لائقة؛ لأن الشقق محجوزة لغيرهم.
يضيف حسن: "أنا منزعج جداً من هذه الظاهرة، فأغلب الإعلانات المنشورة في المواقع الإلكترونية
والمجمعات السكنية تشترط أن يكون المستأجر من هذا البلد أو ذاك، وهو نوع من العنصرية
أو خلق كانتونات وتجمعات عرقية منغلقة، مما يخلق صعوبات جديدة أمام الباحثين عن سكن،
فمنذ شهر تقريباً أبحث عن غرفة صغيرة ولكنني فشلت فأغلب الإعلانات والغرف مخصصة لجاليات
محددة؛ لأن أحد أبناء هذه الجنسية أو تلك يتولي تأجير شقة أو فيلا أو عمارة كاملة؛
ليقتصر سكنها على أبناء جلدته، ومن خلال صحيفتكم أطالب بأن تتخذ الهيئات المعنية إجراءات
للحد من هذه الظاهرة الغريبة".