جريدة العرب - 7885 العدد
- الأربعاء 13 يناير 2010 م - الموافق 27 محرم 1431 هـ
أوصى
بها مجلس الشورى ورفضها البعض
عقاريون يتوقعون موافقة الحكومة على تمديد ضوابط الإيجارات التجارية
تحقيق - محمد
أفزاز رجح رجال أعمال وعقاريون أن تحظى توصية مجلس الشورى المتصلة بتمديد ضوابط إيجارات
العقارات التجارية، بموافقة الحكومة، في سياق سعي الطرفين لتحقيق مصلحة الاقتصاد الوطني
ورغبة في تجنب أي طفرة جديدة للأسعار قد تدفع نحو تأجيج مستويات التضخم من جديد. وتأتي
تلك الترجيحات، فيما يصادف يوم الرابع من فبراير المقبل مرور عامين على نفاذ دخول قرار
مجلس الوزراء الخاص بوضع الضوابط والمدد إلى جانب نسب زيادة القيمة الإيجارية، وهي
المدة التي حددها القرار المذكور قبل لجوء المؤجرين إلى أية زيادة. وعزز رجال الأعمال
هؤلاء من توقعاتهم حيال موافقة الحكومة على التمديد، قائلين إن هذا التوجه سيفضي لترسيخ
استقرار السوق المحلية، ما سيفسح المجال واسعاً أمام جذب مزيد من الاستثمارات الباحثة
عن ملاذات آمنة عقب تراجع حدة مؤثرات الأزمة المالية العالمية. ويقول هؤلاء لـ «العرب»
إن آلية العرض والطلب السارية حاليا، والتي تميل لصالح الأولى تحول دون إقدام الملاك
على فرض زيادات جديدة في أسعار حيازة الوحدات السكنية والتجارية العقارية، ما يضمن
دوام استقرار السوق المحلية، في حال لم تقم الحكومة بالموافقة على طلب مجلس الشورى.
قال نسير عمر العجلي مدير تنفيذي لشركة «دي تي زد (DTZ) قطر»: «من وجهة نظري فإن الحكومة
ستستجيب لتوصية مجلس الشورى بخصوص تمديد ضوابط إيجارات العقارات التجارية، لأنه من
مصلحتنا كدولة أن نجذب استثمارات خارجية من خلال توفير بيئة صالحة ومناسبة للقيام توفر
للمستثمرين الدعم والتشجيع لمزاولة أعمالهم بقطر». وأكد نسير العجلي أن من شأن هذا
التمديد أن يعزز من ثقة التجار والمستأجرين وأن يؤثر إيجابا على أعمالهم، مشيرا إلى
أن العديد من أصحاب الأعمال الأجانب صار من السهل عليهم اتخاذ قرارات بإنهاء مشاريعهم
والعودة إلى بلدانهم لحظة ارتفاع الأسعار في السوق. تحريك عجلة الاقتصاد وذهب نسير
العجلي إلى أن استجابة الحكومة لتوصية مجلس الشورى سيدعم عجلة الاقتصاد ويحرك السوق
نحو مزيد من النمو والازدهار. واستدرك نسير العجلي بالإشارة إلى أن الجهات المختصة
بالدولة بذلت الكثير من الجهد لجذب الاستثمارات، وقد تأتى لها ذلك وزاد بالقول: «الدعم
الحكومي لهؤلاء موجود والدعم العقاري سيحدث قريبا». ويشير قرار مجلس الوزراء رقم (9)
لسنة 2008 بشأن ضوابط ومدد ونسب زيادة القيمة الإيجارية إلى أنه: «لا يجوز زيادة القيمة
الإيجارية لعقود العقارات الخاضعة لأحكام القانون رقم (4) لسنة 2008 المشار إليه، والمبرمة
اعتباراً من 1/1/2005، أو التي تبرم بعد تاريخ العمل به، إلا بعد انقضاء سنتين من العمل
بهذا القانون، ما لم تتضمن تلك العقود النص على خلاف ذلك». وكان قانون رقم (4) لسنة
2008 بشأن إيجار العقارات قد صدر بتاريخ 14 فبراير 2008، في محاولة كبح جماح التضخم
الذي كان قد بلغ مستويات غير مسبوقة فاق الـ%16، مدعوما في ذلك بارتفاع أسعار الإيجارات
التي تشكل نحو الثلث من إجمالي إنفاق الأسر بقطر. إلى ذلك أشار نسير إلى أن الجميع
يشهد كيف أن أصحاب القرار بقطر أداروا الأزمة المالية بحنكة وجدارة، فيما إذا قورنت
مع جارتها دبي. وأوضح أن التدخل الحكومي بقطر حدث في أفضل أوقاته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
سواء من خلال شراء المحافظ العقارية أو التدخل للسيطرة على السوق من خلال آليات الضبط
المالي والنقدي والتحكم في معدلات التضخم، وقال إن مجمل هذه التدخلات جنب قطر الوقوع
في أزمة مالية. وساند نسير العجلي موقف مجلس الشورى بشأن اقتصار التمديد على العقارات
المخصصة للأعمال التجارية دون غيرها، وبرر ذلك بكون سوق العقارات الموجه للسكن تشهد
وفرة كبيرة، مما حدا ببعض الملاك إلى منح المستأجرين ثلاثة أشهر مجانية كوسيلة لجذب
العملاء لإشغال شقة. وقال: «السوق الآن أصبحت سوق المستأجر وليس المأجر.. المستأجر
صار عزيزا وليس من السهولة الحصول عليه»، منبها إلى أن سوق العقارات التجارية هي الأخرى
تشهد وفرة في العرض، وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار نسبيا. ولفت نسير إلى الانخفاض
الذي حدث في الأسعار يصب في مصلحة اقتصاد قطر من جهة خفض معدلات التضخم. وعزا النزول
في أسعار العقارات إلى زيادة المعروض مقابل الطلب، وليس إلى أية أسباب أخرى ورأى أن
هذا التراجع طبيعي ولا علاقة له بالأزمة. ونبه نسير العجلي إلى أنه برغم تراجع الأسعار
في السوق فإن «أصحاب العقارات انخفض عندهم هامش الربح، ولم يدخلوا حتى الآن في مرحلة
الخسارة»، وقال: «أصحاب العقارات جنوا أرباحا كبيرة في الأشهر الماضية تفوق ما كانوا
يطمحون إليه ومع نزول الأسعار ما زال هؤلاء يحققون أرباحا». وتوقع نسير العجلي أن ترتفع
الأسعار في الفترة المقبلة مع افتتاح مطار الدوحة الجديد وحدوث نهضة جديدة. وقال: «السوق
العقارية تخضع للعرض والطلب.. وسيحدث هناك توازن وتستقر حينها الأسعار على مستويات
معينة». ثبات السوق من جهته قال حسام السيد أبوالعلا، من شركة البناء القطرية: «أتوقع
أن توافق الحكومة على توصية مجلس الشورى بتمديد العمل بالضوابط الإيجارية»، ورأى أن
ذلك سيحدث نوعا من الاستقرار في التعاملات، وسيدعم ثبات السوق، ولن يسمح بحدوث طفرة
جديدة في المرحلة الحالية التي وصفها بـ «الانتقالية». وذهب إلى أن الحكومة في هذه
الفترة الانتقالية ستحاول الإبقاء على الثبات كمبدأ، لأن ذلك سيمنح القطاع العقاري
مصداقية أكبر، ويجنب البلاد أية طفرة سترفع من معدلات التضخم، مبينا أن الفترة الحالية
هي فترة ترقب وانتظار وترتيب للأوراق واستشراف لمرحلة ما بعد الأزمة. ونبه أبو العلا
إلى أن هناك فرقا كبيرا بين الوضع في حالة المستأجر للإيجارات الموجهة للسكن والمستأجر
للإيجارات الموجهة لأغراض تجارية، فالأول -برأي حسام- سيكون أمامه العديد من الخيارات
في ظل وفرة العرض، بينما سيكون من الصعوبة على الثاني الانتقال إلى مكان ثانٍ في حال
زيادة الأسعار لاعتبارات تجارية تتعلق بتسوية تراخيص جديدة وعلم الزبائن بمكان وجوده
والشهرة التي راكمها في المكان القديم وغير ذلك، وتأثيرات ذلك على استقرار نشاطه التجاري.
لكن أبو العلا عاد ليؤكد أن العقارات الموجهة للأغراض التجارية هي نفسها تخضع للعرض
والطلب وقال: «لا شك أن القطاع العقاري تأثر في الفترة الماضية، ورغبة من المستثمرين
لتعويض هذا التأثر سيحاولون الاستفادة من انتهاء المدة التي حددها القانون ويبدأ في
زيادة الإيجارات». وأشار أبو العلا إلى أنه سواء تم تمديد العمل بالقانون أو لم يتم
تمديده فإن الزيادات التي سيلجأ لها أصحاب العقارات لن تكون بمستوى ما حدث في 2006
و2007، وعزا ذلك بقوله: «الطلب بسوق العقارات أصبح أقل من الفترة الماضية لذلك فإن
الزيادات ستكون محسوبة». وأوضح أبو العلا أن المالك سيوازي بين مصلحته وبين واقع السوق
الذي يشهد وفرة في المعروض، لذلك فلن يجرأ على زيادات كبيرة. رفض وفي وقت وافق فيه
أغلب أعضاء مجلس الشورى على التمديد كان لناصر سعيد الكعبي، عضو المجلس، رأي آخر، حيث
رفض تمديد العمل بهذا القرار باعتبار وفرة المعروض في الوقت الحالي سواء تعلق الأمر
بالعقارات الموجهة للسكن أو للأغراض التجارية، فيما أشار إلى أن القرار في أصله جاء
لحماية المستهلك في ظروف تميزت بنقص حاد في الوحدات العقارية. ولفت إلى أن القيمة الإيجارية
انخفضت بـ %30 وقال: «أصبح المستأجر صاحب السلطة في الاستمرار في العين من عدمه». وكان
اللقاء التشاوري الثاني بين معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء
وزير الخارجية ومجتمع الأعمال خلال يوليو 2008 قد أعلن فيه عن تثبيت أسعار إيجارات
المحلات التجارية إلى فبراير 2010 كجزء من جملة قرارات لدعم الأعمال والأنشطة التجارية
بقطر وجذب الاستثمارات الخارجية. وتشير أحدث مؤشرات شركة عقار للتطوير والاستثمار العقاري
إلى أن أسعار الأراضي داخل وخارج الدوحة تراجعت في المتوسط ما بين %15 إلى %70 خلال
العام الماضي، مقارنة بالعام 2008، فيما يتوقع أن تستقر هذه الأسعار على مستويات مقبولة
خلال الفترة المقبلة، تأثرا بدخول العالم مرحلة انفراج اقتصادي بعد أزمة طاحنة ناهز
عمرها السنة ونصف السنة حتى الآن. وتفيد معطيات جهاز الإحصاء أن أسعار الإيجارات انخفضت
بنحو %20.4 أغلب سنة 2009، بينما يتوقع مراقبون أن تواصل الإيجارات الانخفاض بنحو %10
خلال النصف الأول من العام الحالي لتستقر بعد ذلك.