جريدة العرب - 7962
العدد - الأربعاء 31 مارس 2010م – الموافق 15 ربيع الآخر 1431هـ
في
ضوء التعديل الأخير على قانون المرور
مواطنون ومقيمون يطالبون بتخفيف غرامة قطع الإشارة الحمراء
الدوحة - هدى منير
العمر
كان هو حديث الساعة عندما صدر قانون المرور لسنة 2007 فغرامة قد تصل لعشرة آلاف
ريال فما فوق -في بعض المخالفات- هذا إن لم تودِ بمرتكبها إلى الحبس شكلت مفاجأة ما
كان ليستوعبها البعض إلا بعد تطبيق القانون وفرضه فعلياً على كل من يتجاوز حده
المنصوص عليه، ورغم تأقلم الناس مع القانون الجديد لا بل وإيمان البعض الآخر
بأهميته وعدم مبالغته حرصاً على أرواح الناس إلا أن تعديل سمو الشيخ تميم بن حمد آل
ثاني نائب الأمير ولي العهد لبعض أحكام قانون المرور الصادرة بمرسوم 2007 يوم
الأربعاء الماضي حرك بعض الأوساط المحلية لتثير من جديد الجدل حول القانون ورأيهم
فيه، آملين بذلك إعادة النظر في بعض الغرامات الكبيرة والتخفيف منها.
وذهبت غالبية آراء من استطلعتهم "العرب" إلى عدم استحباب تشديد المخالفات أكثر مما
هي عليه بصرف النظر إن كانت تستهدف الشاحنات والمقطورات التي يعنيها التعديل الأخير،
أو المراكب العادية وسائقيها، وهذا لم يحجب في المقابل صوت من يعانون من وجود
الشاحنات التي تشكل خطراً بكثرتها وسرعتها على أرواح الناس فيما لو تجاوزت قوانين
المرور.
هدف مالي أم إرشادي!
يدرج البعض فرض الغرامات المالية وما يتبعها من إجراءات أخرى كالحبس على سبيل
المثال تحت بند العقوبات لا الحلول، أي في تعبيرٍ آخر فرضها يعني زيادة في المشاكل
المرورية لا حداً لها، وتوضيحاً لما يعنيه المواطن نايف المالكي يقول: "إذا ما
تحدثنا عن تشديد العقوبات على الشاحنات تحديداً فأنا شخصياً أرى أن البحث عن الحلول
أفضل من فرض العقوبات، فما الذي سيمنع سائقي الشاحنات من الوقوف في أماكن ممنوعة
عنهم إذا ما توفرت لهم مواقف خاصة بهم؟! فمن الأجدر أن نيسر لهم عملهم الذي يصب في
مصلحة تعمير مشاريع الدولة واستكمالها، فنحن بحاجتهم، ونحن من جلبناهم، وبالتالي من
الإجحاف أن نعاقبهم بهذه المخالفات التي قد يتعرضون لها بوقوفهم الخاطئ غصباً لا
عمداً، فالواجب علينا أن نوفر لهم بيئة عمل تسهل مهامهم لا تعقدها".
وحول قانون المرور بوجه عام يرى المالكي أنه كان من الممكن تطبيقه بشكل أفضل مما هو
عليه، فبعض الأمور تحتاج لإعادة نظر، موضحاً بالقول "ما نعرفه أن أحد أهم أهداف
قانون المرور هو الحد من الحوادث، لكن ما أستغربه أن مخالفة الرادار على سبيل
المثال لا يُسجل بها نقاط -إلا في حين تجاوز السرعة القانونية بـ 60 كلم- في حين أن
مخالفة الوقوف فوق الرصيف عليها 3 نقاط، فالسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يشكل خطرا
على أرواح الناس أكثر من غيره؟ السرعة أم الوقوف على الرصيف؟ فمن المفترض أن تكون
الأهداف إرشادية لا مالية، وأنا مقتنع أن العقوبات الصارمة لن تحقق النظام، وقبل أن
نفرضها يجب أن نبحث عن علاج أو سبيل نقلل من خلاله اضطرار الناس إلى المخالفات
وتجاوز القانون، كزيادة عدد المواقف التي يعاني من قلتها الجميع، وتوسيع أو فتح
مزيد من الشوارع حتى لا تتعطل مصالح الناس بالازدحامات المرورية الدائمة".
الحبس رادع في محله
للمواطن جمال السعدي رأي مغاير إلى حد ما فهو يؤيد التعديل الأخير الذي يشدد
العقوبة على سائقي الشاحنات ممن يخالفون القانون، بل ويعتبر عقوبة الحبس رادعاً
مهماً وفي محله "فالمسألة تتعلق بأرواح الناس، بينما يضمن سائق الشاحنة سلامته مهما
كان حجم الحادث الذي قد يعرض غيره للهلاك نتيجة السرعة بين السيارات الصغيرة، فما
نراه كل يوم من سرعة جنونية وتهور واضح من قبل سائقي الشاحنات يستحق تلك العقوبة،
والمشكلة تكمن في طبيعة عملهم التي تجبرهم على السهر، وبالتالي تعد سرعتهم مع قلة
النوم التي يعانونها خطراً بالغاً على الناس لاسيَّما وأن الشوارع ضيقة، وأنا أثق
بأن مثل هذا التعديل لم يصدر من فراغ، بل من هول ما تراه شرطة المرور يومياً من
مخاطر وحوادث سببها الشاحنات".
أما عن بنود قانون المرور الأخرى يفيد "للأسف ألاحظ أن القانون يطبق على البعض
ويغفل البعض الآخر، كما هو حاصل في مسألة ربط حزام الأمان، فأحياناً يرى الشرطي
أحداً لا يربط الحزام فيخالفه على الفور، وأحياناً يغض النظر عنه، ومن ناحية أخرى
أنا أرى أن غرامة قطع الإشارة الحمراء في محلها، لكن بشرط التسامح مع من يقطعها في
اللحظة الأخيرة وهو على سرعة بطيئة".
أهداف ربحية
لا مجال للشك بأن لقانون المرور فضلا كبيرا في التقليل من حوادث السير خلال السنوات
الأخيرة الماضية، لذلك يبدأ المواطن محمود السعدي إفادته بالثناء على حداثة القانون
وأهميته في هذا الوقت الذي زادت فيه الازدحامات والحوادث، لكنه في المقابل يتحفظ
على بعض جوانبه حسب تعبيره، موضحاً "أنا لست مع الغرامات والرسوم المالية الضخمة
على المخالفات فمنها ما يعطي مؤشراً واضحاً أن هدفها ربحي لا أكثر، فمثلاً كانت
مخالفة عدم ربط حزام الأمان في السابق 100 ريال، بينما أصبحت الآن 500 ريال والفرق
كبير جداً، وحسب تبرير بعض المسؤولين أن هذا الفرق الكبير يرجع هدفه إلى إخافة
الناس، وبالتالي سيحرصون على ربطه تجنباً لتلك الرسوم، وأنا شخصياً لا أقتنع بهذا
التبرير، لأن مبلغ 200 أو 300 ريال ليس ببسيط، ويمكن فرضه عوضاً عن الــ500 ريال".
أما الجانب الثاني الذي تحدث عنه السعدي وهو مخالفة قطع الإشارة الحمراء، فرغم
إيمانه بخطورة قطعها إلا أنه يلفت إلى ازدياد ظاهرة الاصطدامات عند الإشارة، ويشرح
ما يعنيه قائلاً "غرامة الستة آلاف فما فوق شكلت عند الناس هاجسا نفسيا، فأصبحنا
عندما نصل إلى كل إشارة نصاب بحالة من الارتباك والتردد، وبمجرد تحول الإشارة من
خضراء إلى صفراء يقف السائق بشكل فجائي، فيتسبب في إرباك من هو خلفه ويصطدم به".
ويلفت السعدي إلى نظام الرادارات المخفية "فلا أدري هل الهدف مجرد مخالفة السائق
دون علمه، أم الهدف تنبيهه بوجود الرادار، ومن ثم له الخيار إما الالتزام أو
المخالفة؟" يتساءل السعدي، متابعاً على صعيدٍ منفصل "بالنسبة لتلك المخالفات التي
يسجلها رجال المرور بشكل سريع في الشارع، فأنا لست مع هذه الطريقة نهائياً، فرجل
المرور في النهاية كغيره من البشر قد يخطئ خصوصاً في تسجيل رقم لوحة السيارة، فيقوم
بعضهم بتسجيل مخالفة على من يتحدث بالهاتف، أو لم يربط حزام الأمان دون أن يوقفه،
أو يطلب منه ركن سيارته فيخالفه دون علمه، وهذه طريقة قد تظلم البعض فقد سمعت كثيراً
من أصدقائي أن لهم سيارات لم تخرج من البيت مدة شهر كامل وتم تسجيل مخالفات عليها
في تلك الفترة، وهذا دليل قطعي أن بعض رجال المرور قد لا يلمحون أرقام السيارات
بشكل صحيح".
ويختم السعدي حديثه بتأييده لمسألة تشديد العقوبات على الشاحنات انطلاقاً من
استهتار بعض سائقيها واستغلالهم لكبر شاحناتهم في تخويف السيارات الصغيرة، وتجاوزها
بسرعة كبيرة لإنجاز مهامهم دون الاكتراث بأرواح الناس.
نظام النقاط يحتاج لتعديل
"بصرف النظر عن نوع المخالفة فإن مسألة العقاب بالحبس قاسية نوعاً ما حتى على سائقي
الشاحنات، فبشكل عام لا يوجد أحد عاقل يتعمد مخالفة القانون وإن تعمد فأنا أرى أن
فرض الغرامات أفضل وأعدل عقاب" تبدأ الطالبة الجامعية أروى سمير إفادتها بهذه
العبارة.
وتستطرد حول فرض النقاط قائلة "فيما يتعلق بالغرامات ورغم أن بعضها صائب إلا أن
بعضها أيضاً مبالغ في أرقامه المهولة، لكن ما يقلق أكثر بالنسبة لي هو نظام النقاط،
فعلى حد علمي -إن لم أكن مخطئة- توجد أنواع من المخالفات يحسب عليها 3 نقاط وأخرى 6
نقاط وعلى ذلك مخالفتين من نفس النوع قد يكون القصاص قاسياً للغاية على صاحبها
فباثني عشر نقطة يكون قد استنفد السائق كل نقاطه، لذلك أتمنى لو يتم التخفيف على
الناس من هذه الناحية تحديداً".
حياة الناس لا تقدر بثمن
بما أن القانون قابل للتعديل أو التغيير يصبح للتعبير مجالٌ أيضاً كما يقول خضر
إبراهيم سليمان، فيعقب على التعديل الأخير الحاصل على بعض أحكام قانون المرور
بالقول "بما أن المخالفات المرورية وضعت للحد من الأخطار على الناس فهذا شيء تشكر
عليه إدارة المرور وأصابوا في ذلك، لكن بشرط أن تكون تلك الغرامات المالية المفروضة
ضمن المعقول والعقل والمنطق، فكيف بسائق -فقير في أغلب الأحوال- كان مضطراً إلى أن
يضع شاحنته في مكان غير مخصص لها أن يخالف على ذلك بدفع مخالفة تسلبه شقاء عمره وكل
ما يملك! هذا عدا احتمال حبسه، وهذه عقوبة فيها شيء من عدم الإنصاف، فالقصاص مهم
لكن شرط أن يقتنع به غالبية الناس حتى يكون منطقياً، أما فيما يتعلق بمسألة مخالفات
قطع الإشارة الحمراء مثلاً والتي تصل إلى 6000 ريال فأنا معها %100 مهما وصلت، لسبب
بسيط ومنطقي في الوقت نفسه وهو تبعات هذا الفعل الخطير، فقطع إشارة حمراء يعني
احتمال وقوع حادث أليم قد نفقد فيه روح إنسان أو أكثر، بمعنى أصح هي خطيئة ستكلفنا
أرواحا بشرية، وحياة الناس لا يمكن أن تقدر أو تعوض بأي ثمن، لذلك أنا أرى أن بعض
الغرامات المرتفعة في محلها، وأصابت إدارة المرور في فرضها حرصاً منها على مصلحة
الشعب في الطريق".
غرامات مبالغ فيها
يشاطر المواطن جمعة مبارك رأي البعض الذي يذهب إلى أهمية هذه الشاحنات وتسيير عملها
دون عوائق انطلاقاً من أنها تخدم البلاد وتدعم تعميرها، وبالتالي وجب تسهيل عملها
دون عوائق، لكن وبذات الحين هو يؤمن بخطورتها فيما لو لم تلتزم بالقوانين المفروضة
عليها، لكن عن قصاص مخالفتها لهذه القوانين يرد "أنا أرى أنه من الأفضل البحث عن
الخطط قبل فرض المخالفات، كخطط توسيع الشوارع وتحديد خطاً معيناً للشاحنات
والمقطورات كما هو حاصل في بعض الدول، بالإضافة إلى توفير المواقف الخاصة بها في
أماكن عملها، وإلا أين ستقف؟" يتساءل جمعة، متابعاً حول قانون المرور بوجه عام: "في
كل بلد بالعالم تحوي قوانينه جوانب إيجابية وسلبية، لذلك أنا أرى أن قانون المرور
بقدر ما يحمل حسنات يحمل أيضاً بعض المساوئ، ولعل من أبرزها: المبالغة في بعض
المخالفات كمخالفة قطع الإشارة الحمراء، وهذه تحديداً يخطئ بها البعض في الثانية
الأخيرة وبدون قصد، فيا ليت لو بالإمكان التخفيف من بعض هذه الأرقام الكبيرة ليست
لأنها خارجة عن قدرة البعض فحسب، بل لأن هذه الأرقام لم تجدِ نفعاً إلى ذلك الحد،
فالحوادث مازالت موجودة والغرامات الكبيرة ليست حلاً بحد ذاتها".
* تعديل قانون المرور
صدر في 23/03/2010 قانون رقم 5 لسنة 2010 بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر
بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2007.فيما يلي نصه:
مادة (1)
يضاف إلى قانون المرور المشار إليه النصوص التالية..
مادة (78/مكررا)..
«يحظر وقوف سيارات النقل (الشاحنات) والجرارات والمقطورات وشبه المقطورات التي يصدر
بتحديدها قرار من الوزير في غير الأماكن المصرح بالوقوف فيها التي يصدر بتحديدها
قرار من الوزير بالتنسيق من الجهات المختصة».
مادة (88/بند 19)..
«19- الوقوف بالمخالفة لأحكام المادة (78 مكررا)».
مادة (95/مكررا)..
«مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز
شهرا وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة عشر ألف ريال ولا تزيد على ثلاثين ألف ريال أو
بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة (78 مكررا) من هذا القانون».
مادة (2)
يعدل جدول التصالح عن جرائم قانون المرور المرفق بقانون المرور المشار إليه بإضافة
بند تصالح على النحو التالي..
مادة (78مكررا) 10000
مادة (3)
على جميع الجهات المختصة كل فيما يخصه تنفيذ
هذا القانون وينشر في الجريدة الرسمية.
قانون
رقم (13) لسنة 1998 بشأن المرور
قانون
رقم (10) لسنة 1979م بشأن قواعد المرور
مرسوم
بقانون رقم (19) لسنة 2007 بإصدار قانون المرور