جريدة الراية
- الاحد 01/08/2010
الدساتير
والقوانين العربية تحت المجهر
إعادة توزيع السلطة والثروة الأساس لعلاقة متوازنة بين الدولة والمجتمع
جميع الدساتير العربية لم تشارك المجتمعات في وضعها
الدوحة - أنور الخطيب :
سؤال الشرعية .."شرعية أنظمة الحكم في الدول العربية" كان موضوع الندوة الثانية
لمركز الجزيرة للدراسات الذي يعقد بالتعاون مع مجلة وجهات نظر ومركز الدراسات
الدولية والإقليمية بجامعة جورج تاون وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث بحثت
الندوة مواضيع الدستور والأعراف والقانون وفق ما ورد في تقرير التنمية البشرية
الأخير، وتعرضت للدساتير العربية ومدى التزامها بالمعايير الدولية المنصوص عليها في
الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الدول.
ناقشت الندوة التي شارك فيها عدد من الخبراء والمفكرين العرب والأجانب أربعة محاور
رئيسة هي : الدول العربية ومصادر الشرعية ، الدولة والمجتمع وأزمة الشرعية، الدولة
العربية والقوانين الدولية والدولة العربية والعلاقة بالخارج. وتم التطرق في الندوة
إلى الثورات العربية المختلفة التي حدثت في عدد من الأقطار العربية ومدى قدرتها على
الانتقال إلى الشرعية الدستورية والتزام هذه الثورات عمليا بالعهود الدولية الخاصة
بحقوق الإنسان ومدى استقلال القضاء عن ضغوط وتأثيرات النظام السياسي الحاكم،
واستغلال الأنظمة للأحداث الدولية المؤثرة لإكمال الضغوط على الشعوب وتقييد
الحريات.
شارك في الندوة التي أقيمت بفندق شيراتون الدوحة كل من محمد المالكي مدير مركز
الدراسات الدستورية من جامعة مراكش، والكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي، وكاتيا
نايتهمر أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة هامبورج ويوسف الحسن رئيس مركز الإمارات
للبحوث الإنمائية.
أسئلة الشرعية في منطقة الخليج
ركزت كاتيا نايتهمر في مداخلتها على أسئلة الشرعية في منطقة الخليج من وجهة النظر
الأوروبية، وسلطت الضوء على ثلاثة محاور هي العلاقة بين الشرعية والدستورية والقيود
القانونية والمحور الثالث المواطنين. ووصفت الدول الخليجية بالكلاسيكية في هذا
الإطار حيث أن المواطنين متلقين لبرامج الترفيه والمناهج التربوية والاقتصادية.
وقالت إن الاقتصاد له تأثير كبير على المشاركة السياسية في واقع الدول الخليجية
التي وصفتها بـ "دول أوتوقراطية" أدت إلى خلاصات ولدت نتائج مختلفة.
وأشارت إلى أن غياب الضرائب عن المواطنين في الخليج مؤشر على الرفاه الاجتماعي في
هذه المجتمعات منبهة في نفس الوقت إلى الإشكاليات التي تواجهها هذه المجتمعات مع
نضوب الموارد بالنهاية. وتطرقت في هذا المحور إلى مسألة توزيع الثروات التي
اعتبرتها نقطة أساسية في توليد الشرعية التي تسمح بالتالي بولادة المعارضة. وفي
المحور الثاني، تناولت نايتهمر موضوع الإصلاحات السياسية مشيرة إلى أن مطالبة
الإصلاحيين بإجراء الانتخابات تغفل قضية الحريات السياسية.. وقالت: من خلال نظرة
على الدساتير الخليجية بشكل عام توضح أن هذه الدول لديها تشريعات تتحدث عن فصل
السلطات وحكم القانون ولكن الوضع مختلف على الأرض في الوقت نفسه بحيث لا تطبق هذه
التشريعات على أرض الواقع وأضافت "إن الدول الخليجية استمرت في الوقت نفسه بالحد من
الحقوق السياسية لمواطنيها" مشيرة إلى تشريعات متضاربة فيما يتعلق بالحقوق المدنية
والسياسية.
وأوضحت أن الأحزاب السياسية في منطقة الخليج حتى في الكويت والبحرين غير شرعية ولا
يسمح بهذا النوع من النشاطات متسائلة كيف يمكن النظر للحرية السياسية دون وجود
أحزاب سياسية مشيرة إلى أن الأطر الأوروبية في هذا المجال تركز على مطالبة الدول
الخليجية بتنظيم الانتخابات وإصدار التشريعات دون الإشارة إلى النشاط السياسي
والمدني ، ولفتت إلى غياب قوانين الأحزاب والصحافة في الدول الخليجية. واعتبرت أن
الإصلاحات التي تقوم بها دول الخليج لم تتطرق إلى المسائل الضرورية المتعلقة
بالمواطنين وقالت "المفكرون والمثقفون في منطقة الخليج لم يتوافقوا على مسألة
الشرعية".
وتطرقت نايتهمر إلى قضية الرعايا الأجانب الذين يشكلون جالية كبيرة في الخليج حيث
يجري التركيز على الحقوق الإنسانية لهذه الجاليات دون الإشارة إلى الحقوق السياسية
الغائبة حتى عن المواطنين أنفسهم، ودعت إلى معادلة تتعامل مع هذا الواقع في المنطقة
وخاصة للفئات المهاجرة التي تنوي البقاء في منطقة الخليج.
نفي بدرجات متفاوتة
من جهته رد الدكتور يوسف الحسن رئيس مركز الإمارات للبحوث الإنمائية على أسئلة
الشرعية والتركيبة السكانية والهوية في منطقة الخليج بالتأكيد على أن هذه التركيبة
لا تتشابه بأي شكل من الأشكال مع تركيبة المجتمعات الغربية والعمالة الوافدة إلى
أوروبا تصبح مسألة قومية إذا وصلت إلى 2% من مجمل عدد السكان. وانتقل الحسن إلى
الحديث عن الشرعية معتبراً أن العديد من المشروعات التنويرية أصبحت كأمواج البحر
تتكسر قبل الوصول إلى الشاطئ وقال إن الأسئلة التي تطرحها الندوة في محاورها أسئلة
مغلقة والإجابة عليها تكون في الغالب دبلوماسية.
وأضاف :"هل انتقلت الثورات العربية من شرعية الثورة إلى شرعية الدولة أم فشلت في
ذلك.. وهل شرعية الدولة العربية قائمة الآن على رضا المواطنين؟". واعتبر أن الإجابة
عن هذه الأسئلة هي نفي بدرجات مختلفة .. وقال "إن تأسيس شرعية الدولة تحتاج إلى
التأسيس لفكرة المؤسسة في المجتمع وأن تنجح في بلورة قوى اجتماعية قائمة على تمثيل
الناس وأن يجري الاحتكام إلى إرادة سياسية وفق آليات تشرع لانتخابات نزيهة وأن تكون
نتائج أداء الدولة النجاح في إدارة مواردها وعلاقاتها الخارجية.
وتساءل د. الحسن "لماذا تستمر الأحكام العرفية في إدارة الحياة السياسية للشعب في
بعض الدول العربية.. وحاول الإجابة على هذا التساؤل في ثلاث نقاط: إن هذه القوانين
تتيح للحكومات أن تركز السلطات في يدها بطريقة أقوى في ظروف تصل إلى حالة الضرورة،
وان هذه القوانين تمكنها من لجم قوى المعارضة التي تستخدم بعضها وسائل العنف موضحا
أن هذا اللجم يأخذ أشكالاً عديدة كتوقيف الناس وإبقائهم في السجون باعتبار أن
خروجهم يسبب خطراً على النظام والاستقرار.
وفي النقطة الثالثة تحدث عن سيطرة الأحكام العرفية في الدول العربية مشيراً إلى أن
عدد سنوات الأحكام العرفية يفوق نصف سنوات استقلال الدولة. واختتم الحسن مداخلته
حول سؤال إذا ما استغلت الدول العربية أحداث 11 سبتمبر للتضييق على الحريات في
العالم العربي بالقول إن أمريكا والغرب استثمروا هذه الأحداث المؤسفة في التضييق
على الحريات في بلدانهم وهكذا حدث في الدول العربية. وقال "الدول العربية في حالة
أزمة في الداخل وأزمة في العلاقات مع الخارج وهذه الإشكالية استخدمت من قبل قوى
كثيرة لها أجندة في هذا الموضوع".
لا مسوغ للقوانين الاستثنائية .
بدوره تحفظ المفكر العربي فهمي هويدى على ما اعتبره تكراراً للأسئلة من نوع "لماذا
تقدموا وتخلفنا". وقال "إن هناك حالة سياسية في العالم العربي تستدعي استمرار طرح
الأسئلة عن الشرعية .. وأنا ضد الإطلاق في هذا المجال".وأضاف : أتفهم أن هناك
تقدماً في المجال السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم الغربي. وتساءل : هل ما
تفعله أمريكا في العراق يعتبر حالة تقدم أم تخلف.. وعندما تطارد أوروبا الآن
المنقبات وتصمت على الأساقفة والرهبان الذين يعتدون على الأطفال في الكنائس فهل هذا
تقدم أم تخلف؟" وقال : لا نستطيع أن نتهم أنفسنا بالمطلق أننا متخلفون.
ورفض هويدي تسويغ الأحكام العرفية في بعض الدول العربية تحت أي ذريعة قائلا : لا
مسوغ لأي سلطة كانت أن تحكم شعبها بقوانين استثنائية.. هناك أنظمة لا تحتاج إلى
قوانين طوارئ لتحكم فهي تحكم بلا طوارئ ما يقودنا إلى قضية الشرعية".
واعتبر أن الشرعية لها مقومات وأن ليس كل الدساتير والقوانين هي شرعية موضحاً أن
بعض الدساتير والقوانين تعتدي على الحريات وقال "لكي تكون السلطة شرعية يجب أن تحوز
على رضا الناس خلال انتخابات حرة وأن لا تستخدم أدوات الديمقراطية لتكريس
الديكتاتورية كما في عالمنا العربي .. مضيفاً أن الأنظمة في منطقتنا العربية صارت
أكثر ذكاء فهي توفر ما هو مطلوب من هياكل الديمقراطية دون أن يكون هناك ديمقراطية
حقيقية وانتخابات نزيهة.
وأشار إلى أن المنطقة العربية تتميز بثلاثة أمور رئيسية جعلتها مطمعاً للدول الكبرى
: موقعها الاستراتيجي والنفط ووجود إسرائيل. وقال "إن فكرة أن الأنظمة العربية
تحتكر السلطة تحوز على رضا الغرب طالما أنها تخدم المصالح الغربية بما يحقق أمن
إسرائيل وبعض الدول العربية مشغولة فعلاً بأمن إسرائيل". وتطرق هويدي إلى موضوع
الشرعية وما يتعلق بها من ضعف في المجتمعات العربية بحيث أنها لا تستطيع الخروج من
أزمتها وبالتالي أصبح من السهل الاحتيال على الثوابت. واعتبر أن ليس كل بلد يشيع
فيه الحديث عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني يتمتع بالحرية لافتاً إلى أن غياب
المشاركة والمساءلة يجعل كل ما يقال تزييفاً للحريات والديمقراطية.
ثلاث فجوات في العالم العربي
أما محمد المالكي فاعتبر أن الحديث بالمطلق عن الشرعية في الدول العربية غير علمي
وغير سليم وقال ان هناك بلاداً عربية استكملت أسس الدولة بينما لم تستكمل دول أخرى
بناء هذه الأسس بعد. وأضاف : "على الرغم من الاختلافات بالدرجات من قطر لآخر إلا أن
هناك خصائص مشتركة من زاوية العلاقة بين الدولة والمجتمع". وأضاف "هناك ثلاث فجوات
في العالم العربي تدلل على وجود علاقة متوترة بين الدولة والمجتمع فالدولة العربية
الحديثة استولت على المجتمع وهيمنت عليه بشكل كبير ولم تسمح للمجتمع أن يستعيد
اعتباره ويستعمل خبراته وهي فجوة الحرية التي وصفها بأنها الفريضة الغائبة بدرجات
متفاوتة لان الحرية تحتاج إلى إطار دستور يقرها ويعترف بها وجميع الدساتير العربية
وضعت بطريقة لم تمكن المجتمعات بالمشاركة فيها مما خلق علاقات متوترة بين المجتمع
والدولة.
واعتبر أن الفجوة الثانية هي الحمائية وفقدان العدالة الاجتماعية مشيراً إلى أن هذه
الأمور هي وجه آخر للحرية، وأضاف "هناك فجوة كبيرة في ثروات العالم العربي فثلث
مقدراته تذهب إلى ما ينفع الناس وثلث للتسليح والثلث الآخر إلى ممارسي السلطة مما
جعل أكثر من نصف المواطنين في العالم العربي تحت خط الفقر والدليل على ذلك تصاعد
الاحتجاجات والتوترات على الدوام".
وفي الفجوة الثالثة أوضح المالكي أنها استباحة الخارج فالدولة العربية عجزت عن
صيانة سيادتها وحقوقها. وقال إن نصف أراضي الدول العربية تحت الاحتلال وهذا ليس من
فعل الخارج فقط بل من فعل النظام العربي لوجود توافق بين الداخل والخارج مما أدى
إلى علاقة غير سليمة بين الدولة والمجتمع". وختم بالقول إن كل تقدم في إعادة صياغة
العلاقة بين الدولة والمجتمع سيؤدي بالضرورة إلى إعادة بناء علاقة متوازنة بين
الدولة والمجتمع" مشدداً على أن إعادة توزيع السلطة والثروة في البلاد العربية هي
المدخل الأساسي لعلاقة متوازنة بين الدولة والمجتمع".
قانون
رقم (27) لسنة 2006 بإصدار قانون التجارة
إنشاء
دائرتين لقضايا الشيكات
الشورى
يوصي بإنشاء دوائر قضائية للنظر في الشيكات المرتجعة