الراية - الأربعاء
30/06/2010
لن نتنازل عن معايير
الجودة في المدينة التعليمية
أكثر من نصف الطلاب في المدينة التعليمية قطريون
خريجونا يشكلون برهاناً ساطعاً على مدى النجاح الذي حققناه
نستثمر في الأجيال القادمة لتنمية ثرواتنا وتحقيق مستقبل أفضل
نسعى لتحقيق التميز وتبني ودعم النوابغ وأصحاب المواهب والأفكار
برنامج للإدارة التنفيذية بالتعاون مع كلية الدراسات العليا الفرنسية
مركز الطلاب الجديد أحد أبرز الجوانب المميزة بالمدينة التعليمية
الدوحة – الراية:
يضطلع الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني بصفته نائب الرئيس للتعليم في مؤسسة قطر
بدور حيوي في نمو المؤسسة، وقد تحدث إلى مجلة المؤسسة عن أهمية حفل تخريج طلاب
المدينة التعليمية هذه السنة، ليس فقط بالنسبة لدولة قطر بل للعالم بأسره.
وتناول استراتيجية تطوير المدينة التعليمية ومستقبل الطلاب، واستراتيجية التنمية
البشرية، وكيفية الاستثمار في الاجيال القادمة تنمية الثروة وتخريج قادة للمشاركة
في مسيرة التنمية والنهضة الشاملة، وخطة المدينة التعليمية في تبني ودعم النوابغ
وأصحاب المواهب والأفكار الخلاقة.. والى تفاصيل الحوار :
-- تخرج مؤسسة قطر هذه السنة ١٩٤ طالباً، فكيف يعكس هذا العدد النجاح الذي حققته
المؤسسة؟
- أعتقد بأن خريجينا يشكلون برهاناً ساطعاً على مدى النجاح الذي حققناه، فمع كل
دفعة جديدة من الخريجين نحصد ما غرسناه بحكمة منذ أكثر من عقد من الزمن. فكل دفعة
جديدة من الخريجين تعتبر بالنسبة لنا إنجازاً مهماً إضافياً. أما بخصوص هذا الكم
الرائع من خريجي هذا العام، فهو إن دل على شيء فإنما يدل على النمو المطرد الناتج
بالدرجة الأولى عن وضوح الرؤية التعليمية البعيدة المدى لمؤسسة قطر، كما يدل أيضاً
على ما تتمتع به الجامعات المتواجدة في المدينة التعليمية من سمعة علمية طيبة وتميز
على المستوى الأكاديمي.
-- وكيف يمكن لخريجي هذه السنة كما غيرهم من الخريجين أن يقدموا المنفعة والفائدة
للبلاد والمنطقة بأسرها؟
- نحن في مؤسسة قطر نعلم جميعاً بأن ازدهار وطننا الحالي يعتمد في الأساس على
عائدات صادراتنا من الغاز الطبيعي، ولكن هذا الخير الذي أنعمه الله عز وجل علينا قد
لا يدوم طويلاً؟، ولذلك يبقى المواطن والإنسان أساس ثروتنا. ومن الطبيعي إذن أن
يكون علينا أن نستثمر في الأجيال القادمة لكي تصبح قادرة ليس فقط على تنمية
الثروات، بل أيضا على المساهمة في رفع مستوى الحياة بأشكالها المختلفة. رؤيتنا لا
تقتصر على حدود دولة قطر فحسب، نشعر بأن إطار مسؤولياتنا يشمل منطقتنا العربية
والعالم الإسلامي الذي يتضمن قدرات كامنة بحاجة إلى تنميتها وتطويرها بالقدر
الكافي، كما نود أن يكون لدورنا في مجال التعليم والعلوم تأثير إيجابي على نمو
المنطقة بأسرها. ونأمل أن نشارك في نهضة هذه المنطقة عبر المساهمة في إضافات قيمة
إلى الحضارة الإنسانية بصفة عامة كتلك التي قدمها كبار العلماء والمفكرون العرب
وغيرهم في العصور السابقة. وضمن هذا المنظار، فإن خريجي المؤسسة التعليمية قد نهلوا
من العلم أرفعه، ومن العلوم أفضلها ومن المعرفة أكثرها عمقاً وتنوعاً. واعتماداً
على هذا التميز العلمي ،والمعرفي يمكن لخريجي المؤسسة التعليمية أن يكونوا في مقدمة
العاملين والساهرين والحريصين على المساهمة في نمو بلدهم وفي دفع عجلة التطور سواء
على مستوى وطنهم الأم أم على المستوى العربي والإقليمي والدولي.
-- توفر مؤسسة قطر التعليم للطلاب من كل أنحاء العالم، ولكن معظم الجهود التي
تبذلها تعود بالفائدة المباشرة على القطريين، هل يمكنك تزويدنا بالمزيد من
المعلومات في هذا المجال؟
- إننا نستثمر في التميز لأننا نعلم بأن ذلك سيعود بالفائدة على الجميع على المدى
الطويل، وإننا نرغب في أن نحافظ على النوابغ وأصحاب المواهب والأفكار الموجودين
لدينا. ولكننا نود أيضاً أن نستقطب المميزين من الخارج، وهذا أمر أساسي إن أردنا أن
نخلق مجتمعاً دينامياً مزدهراً. وتواجد جامعات مرموقة تتمتع بمستوى عال في المدينة
التعليمية سيساعد في تحقيق هذا الهدف بما فيه خير للجميع. أكثر من نصف الطلاب في
المدينة التعليمية قطريون، وبالطبع نرغب في استقطاب المزيد والمزيد من القطريين
للدراسة في جامعات ذات مستوى عالمي، ولذلك كان علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة
لتعزيز قدرات القطريين الشباب وتأهيلهم لتلبية الشروط والمعايير الضرورية لدخول هذه
الجامعات، والجدير بالذكر أن برنامج الجسر الأكاديمي يخرج سنوياً عدداً كبيراً من
الطلاب القادرين على الالتحاق بجامعات المدينة التعليمية، ومع مرور الوقت ستساهم
عملية تطوير المدارس الحكومية في تأهيل المزيد من الشباب وفي إطلاق طاقاتهم الكامنة
للنجاح في الالتحاق بإحدى هذه المراكز التعليمية البارزة. والمهم أن يدرك كل من
الطلاب وأهاليهم وأساتذتهم ومرشديهم أن الالتحاق بالدراسة في إحدى جامعاتنا سينمي
قدرات طلابنا ويدفعهم إلى آفاق جديدة سواء في المرحلة الحالية أو في حياتهم
المستقبلية. نحن في قطر، بحاجة لاستثمار هذه الطاقات والقدرات بشتى الوسائل، ونجد
في خريجينا خير سفراء لنا بعد أن شهدت حياتهم تحولات نشأت عن التجربة التي عاشوها
خلال السنوات القليلة الماضية. وإني واثق بأن هؤلاء الخريجين سيعيشون حياة ناجحة
على المستويين المهني والشخصي. وهم خير مثال لجيل يتزايد باستمرار، لجيل قادر على
تولي المناصب القيادية.
-- هل يوجد لديكم خطط محددة لزيادة عدد الطلاب؟
- نرى بأن الجودة أهم من الكم، وبالتالي لن نقبل بأن نتنازل عن معايير الجودة
المتبعة في المدينة التعليمية، وعندما نجد بأن أعداد الطلاب الذين يودون الالتحاق
بهذه الجامعات قد ازداد فإننا سنكون على استعداد لاستقبالهم ومساعدتهم على تحقيق ما
يناسب تطلعاتهم وكفاءاتهم. النظام المتبع لدينا حالياً معد بحيث يكون الطلاب
والأساتذة في أجواء تحفز التواصل والتفاعل الوطيدين، وبالتالي تخلق بيئة مناسبة
للتعلم. ولكننا بالطبع ننوي مواصلة النمو والتوسع، وهذا ما نتوقع أن يتم في حال
وصول الجامعات في المدينة التعليمية للحد الأقصى من طاقاتها الاستيعابية، وفي حال
مكنت عمية تطوير التعليم المزيد من الطلاب من اجتياز الشروط الضرورية لدخول هذه
الجامعات.
-- هل سيتم التركيز على إضافة المزيد من البرامج والشراكات لتحقيق هذا النمو
المرتقب، أم هل سيتم ذلك من خلال جلب مزيج من الاثنين؟
- خطط التوسع الأولى تختص بزيادة برامج الدراسات العليا. ولدينا حالياً برامج لنيل
درجة الماجستير في كلية الدراسات الإسلامية، كما بدأت جامعة فرجينيا كومنولث في قطر
هذه السنة. بتقديم شهادة الماجستير في الفنون الراقية في التصميم. ومن المرتقب أن
نبدأ قريباً برامج أخرى لنيل درجة الماجستير، وهذه البرامج الخاصة بالدراسات العليا
مهمة جداً لكونها السبيل الذي يؤدي إلى ابتكار معارف جديدة. نحن نستثمر في هذا
المجال لتعزيز التعليم في البلاد، وبالطبع فإننا نرغب في تمهيد الطريق أمام طلابنا
ليؤكدوا حضورهم على كافة المستويات وليصبحوا مفكرين ومبدعين ومصممين قادرين على
قيادة المجتمع والحضارة نحو المستقبل. وتجدر الإشارة إلى أن هناك شركاء جددا
سينضمون إلينا في القريب العاجل، فمنذ أشهر قليلة قمنا بتوقيع اتفاقية مع كلية
الدراسات العليا التجارية HEC في باريس، وهي إحدى أبرز الجامعات في أوروبا في مجال
إدارة الأعمال. وبموجب هذه الاتفاقية سوف تقوم الكلية بتوفير برنامج تعليمي للإدارة
التنفيذية. كما نقوم من جهة أخرى بتحديد المجالات الإضافية التي تحتاج إلى مؤهلين
من ذوي الكفاءات العالية.
-- إلى أي حد يحاول قطاع التعليم بالمؤسسة تعزيز التفاعل بين الفروع الجامعية
المختلفة، وكم هي الجهود المرتبطة بهذا المجال والملقاة على عاتقها؟
- الجامعات المتواجدة في المدينة التعليمية فروع لمؤسسات تحمل اسمها، ولا يخفى على
أحد بأنها مستقلة عن مؤسسة قطر، إلا أن المؤسسة وشركاءها يدركون- على حد سواء- بأن
فوائد كثيرة يمكن أن تجنى من خلال التعاون المتبادل. نحن نرغب في أن تتطور المدينة
التعليمية كي تصبح مؤسسة متكاملة متعددة التخصصات لأننا نؤمن بأن التفاعل بين فرق
العمل والأفراد الموهوبين لا بد أن يولد أفكاراً جديدة. ونعتقد بأننا نستطيع القيام
بكل ذلك مع الحفاظ على استقلالية كل جامعة. ولقد بدأنا أيضاً في إطلاق المزيد من
المبادرات. فقد انضم إلينا بعض الأكاديميين الذين سيدرسون في أكثر من جامعة
بالمدينة التعليمية. كما لدينا أيضاً العديد من الفرص البحثية المشتركة. في الوقت
الحالي يوجد لدينا ما يقارب ٢٠ مقرراً يمكن لطلاب المدينة التعليمية الملتحقين
بمختلف الجامعات التسجيل بها ومتابعة حصصها، فمثلاً، إن كنت طالباً في هندسة
البترول في جامعة تكساس إي أند أم في قطر، يمكنك اختيار مقرر فرعي في تاريخ الفنون
من جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. وبذلك تزداد الفرص المتوفرة لطلابنا، وتنخفض نسبة
التكرار غير الضروري في المواد والمقررات، بمعنى أنه إذا كانت جامعة فرجينيا
كومنولث في قطر تقدم مقرر تاريخ الفنون فلن نضطر لجلب أساتذة للمقرر ذاته في جامعة
كارنيجي ميلون أو جورجتاون- على سبيل المثال. ويمكننا بالتالي المساهمة في خلق بيئة
طلابية تتسم بالانفتاح واتساع الأفق بعيداً عن الحدود المؤسساتية، ويكتسب الشباب
عندئذ المزيد من زملائهم ممن لديهم اهتمامات مختلفة وطرق متنوعة في النظر إلى
العالم. وسوف تحصل هذه الخطوة أيضاً على دفعة هائلة لدى افتتاح مركز الطلاب الجديد
خلال الأشهر القليلة المقبلة.
-- وكيف ذلك؟
- يعكس مركز الطلاب الجديد أحد أبرز الجوانب المميزة للتعلم في المدينة التعليمية.
وقد التزم جميع شركائنا من الجامعات بتنمية الطلاب في كافة الجوانب، وسوف يشكل مركز
الطلاب أحد أهم المواقع التي سوف يتم فيها تطبيق هذا الهدف. فعملية التعلم لا تقتصر
على قاعات الدراسة فحسب، بل تتعداها لتشمل الملاعب الرياضية والنوادي والمنظمات
الطلابية وخدمة المجتمع والفرق البحثية. وهذا ما يميزنا عن غيرنا من المؤسسات
الموجودة في المنطقة. فالاتحاد الأوروبي والمؤسسات الجديدة في آسيا وأمريكا
الجنوبية تحاول جميعها توسيع آفاق التعليم وتعميقها من خلال المشاركة في شتى مجالات
التجربة الجامعية، ومؤسسة قطر توفر نموذجاً لهذا التعليم الشامل.
-- ما هو التأثير الذي يمكن لمؤسسة قطر أن تمارسه على التعليم في المنطقة؟
- أعتقد بأننا ابتكرنا معياراً جديداً للتعليم، وسوف يكون لهذا المعيار تأثير واسع
الإطار وطويل الأمد حيث أننا ننعم باقتصاد مزدهر، ولهذا سوف يدخل العديد من طلابنا
مجالات عمل مميزة. كما أني أرى أيضاً بأننا نمارس تأثيراً كبيراً على مستوى
المؤسسات، فنحن نساعد المجلس الأعلى للتعليم في تطوير التعليم الشامل من مرحلة
الحضانة وحتى مرحلة الثانوية لأن هذا سوف يشكل عامل نجاح لأعداد الطلاب القطريين
الذين سيلتحقون بالمدينة التعليمية في المستقبل. كما تستفيد جامعة قطر أيضاً من
التميز الدولي المحقق في المدينة التعليمية في مجالات التدريس والبحوث. وتسعى
بدورها لتحقيق معايير عالية. ولقد جاءت الجهود الرامية لإدخال تعليم وبحوث عالمية
المستوى في دول مجاورة نتيجة مؤكدة لمبادرتنا التعليمية الرائدة. نحن في وضع جيد
وصحي سيساعدنا- مجدداً- في رفع المعايير التعليمية للجميع.
--هل يقوم قطاع التعليم بالمؤسسة بأي جهود حيال تشجيع الطلاب الأجانب على البقاء في
دولة قطر والعمل فيها بعد التخرج؟
- المهمة الأبرز التي يتولى قطاع التعليم بالمؤسسة تطبيقها هي ضمان حصول الطلاب على
أفضل تجربة جامعية ممكنة خلال سنوات دراستهم في المدينة التعليمية، ولكن هذه
التجربة تحول لدى البعض إلى علاقة طويلة الأمد. وإدارة المساعدات المالية هي من أهم
الجوانب في نشاطاتنا الخاصة بالطلاب الأجانب، وقد لا يعرف الكثير من الناس بأن
العديد من الخريجين غير القطريين يمكنهم تسديد قروضهم الدراسية من خلال العمل في
دولة قطر. وفي هذا الإطار نحاول إقامة تواصل بين الطلاب وجهات العمل المحتملين عند
الاستطاعة، وضمان حصول أفضل الطلاب الأجانب على فرصة البقاء في البلاد. فدولة قطر
تسعى للاحتفاظ بالطلاب المتفوقين كونها تسعى لبناء المستقبل، لذلك نرسي سياسات تعزز
تطبيق هذا الهدف. ولكن يبقى القرار الأخير بين يدي الخريجين وأرباب العمل.
-- هل ثمة رسالة تود إرسالها إلى الطلاب الخريجين في هذه السنة؟
- أود أن أقول بأنني فخور بهم جميعاً. واني على يقين بأنهم عاشوا سنوات بذلوا من
خلالها جهوداً كبيرة، وقد يكون حفل التخرج أحد أهم مناسبة في حياتهم. كما أن هذا
اليوم قد يعد خاتماً لتجربتهم الجامعية في المدينة التعليمية. ولكنها بداية عالم
جديد من الفرص المصحوبة بالمسؤوليات، إذ سوف يتسلمون تدريجياً زمام مجتمعنا. وإني
على ثقة بأن مستقبلنا في أيد أمينة لكون الشراكة بين مؤسسة قطر والجامعات قد وفرت
لهم مزيجاً خاصاً من المهارات والأفكار التي تؤهلهم لمواجهة المستقبل. كما يجعلهم
يستندون على التميز الأكاديمي لبعض من أبرز الجامعات في العالم وبالطبع على
تقاليدنا وتراثنا الفريد.
قانون
رقم (25) لسنة 2001 بشأن التعليم الإلزامي
قانون
رقم (6) لسنة 2000 بشأن مزاولة الخدمات التعليمية