جريدة الشرق-
الثلاثاء 04 ذو القعدة 1431 الموافق 12 اكتوبر 2010
منقبات من
أصول فرنسية يقاضين السلطات أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية..
جدل حظر النقاب ينتقل إلى مؤسسة قطر بحضور برلمانيين وأكاديميين فرنسيين
جاك ميارد: النقاب تسبب في مشاكل أمنية ووضع حواجز في العلاقات
الاجتماعية
فرزانة: فرنسا تدرك جيداً موقف الإسلام من النقاب وعلماء دين يؤيدون حظره
رمضاني: قانون الحظر تبنى لغة ملتهبة والحكومة الفرنسية نجحت في تعميق الكراهية
طه حسين:
انتقل الجدل الدائر في اوروبا وفرنسا حول النقاب الى مؤسسة قطر التي تستضيف مجموعة
من البرلمانيين الباحثين الأوربيين ضمن مناظرات الدوحة، لطرح القضية مجددا أمام
طلاب المدينة التعليمية ليدلوا بدلائهم حول مدى أحقية فرنسا في حظر النقاب. ويسوق
المؤيدون لمبدأ أحقية فرنسا في فرض النقاب شواهد تدعم موقفهم تتجسد في المرجعيات
الدينية في العالم الاسلامي، التي لم تقل بفرضية النقاب وبممارسات وسلوكيات سلبية
من أنظمة عربية واسلامية تجاه المنقبات. بينما يدافع عن حق المرأة في ارتداء النقاب
شخصيات حقوقية ودينية انطلاقا من كون ذلك حرية شخصية وفضيلة، وان لم يكن فريضة
إسلامية وان الحكومة الفرنسية نجحت في إثارة جدل لن يقدم شيئا سوى تعميق الكراهية
بين المجتمعات الإسلامية والغربية.
"الشرق" التقت المشاركين في المناظرة قبيل انطلاقها حيث يؤكد جاك ميارد عضو
البرلمان الفرنسي عن الحزب الحاكم ورئيس بلدية مدينة ميزون لافاييت وعضو لجنة
الشؤون الخارجية ورئيس اللجنة البرلمانية التي شكلت للتحقيق في انتشار النقاب في
فرنسا، وفرزانة حسن الكاتبة والناشطة في مجال حقوق المرأة والرئيس السابق للمؤتمر
الاسلامي الكندي، ونبيلة رمضاني الصحفية في الجارديان ولوفيجارو.
ويستشهد جاك ميارد في حظر النقاب بوجود اختلاف في المواقف داخل البلدان العربية
والإسلامية اذ ليس هناك موقف موحد حيال حظر النقاب في فرنسا، واعتبر أن 99 % من
المسلمين لا يؤمنون بموضوع النقاب، مضيفا أنه من النافع للمجتمع أن يرى كل واحد
الآخر، وأنه لا يتخذ موقفا ضد المسلمين أو الكاثوليك أو اليهود. مشيرا إلى أن
القانون الفرنسي ليس موجها ضد الإسلام ولكنه يراعى مبادئ العيش المشترك داخل فرنسا
وفقا للدستور الفرنسي، ويقول: إن هذه المبادئ تشمل المساواة بين الجنسين الرجل
والمرأة وكرامة الإنسان، معتبرا أنه "توجد مشكلة أمنية تتعلق بارتداء النقاب في
فرنسا كونه يضع حواجز في العلاقات الاجتماعية، وان هذا أمر غير مقبول ويتناقض مع
رغبتنا في العيش معا: بعضنا مع البعض".
ويضيف أن المشكلة ليست في حرية ممارسة شعائر الدين في فرنسا لأن فرنسا دولة
ديمقراطية وتعترف بكل الأديان الموجودة على مستوى العالم. ولكن المشكلة تكمن في
امتثال الجميع للنظام العام المفروض على كل أتباع الديانات سواء أكانوا من
الكاثوليك أم من المسلمين أم من اليهود.
ويؤكد على ضرورة احترام الأسس التي تضمن الأمن داخل فرنسا، وتعتمد في مجملها على
العلمانية وليس على أمر فردي يشكل مضايقة للآخرين. ويقول: إنه لا يوجد في تاريخ
البلدان الأوروبية أي لباس يغطي الوجه. ولذا يجب على المسلمين في فرنسا أن يحترموا
القانون الفرنسي". وعن إمكانية وقوع عمليات إرهابية في فرنسا ذات صلة بموضوع
النقاب، شدد على ضرورة عدم الخلط بين النقاب والإرهاب، منوها بالاعتداءات التي ضربت
في فرنسا في عامي 1995 و1996. ويقول: إن مسألة الإرهاب تهدد العالم بأسره، لافتا
إلى وجود تعاون مع عدد من الدول العربية في المجال الأمني. وفيما يتعلق بالحريات
الدينية في الدول الإسلامية، اعتبر أن هناك صعوبات في ممارسة الحريات الدينية في
بعض الدول الإسلامية، لكن في فرنسا الأمر مختلف في ظل فصل الكنيسة عن الدولة.
تزايد العنصرية
وحول تزايد العنصرية داخل المجتمع الفرنسي كأحد إفرازات قرار حظر النقاب، تقول
فرزانة حسن (الرئيس السابق للمؤتمر الاسلامي الكندي والناشطة في مجال حقوق المرأة):
إن نساء المسلمين بفرنسا لا يرتدين كلهن النقاب وإن المنع جاء نتيجة قيام رجال
بالضغط على نسائهن لارتداء النقاب، مؤكدة ان القرار لن يؤثر على العلاقات بين
المسلمين والسلطات الفرنسية، وان فرنسا تدرك ان الإسلام الوسطي لا يفرض النقاب.
وترفض فرزانة ذريعة أن الحرية الدينية المدرجة في الدستور تتضمن حق ارتداء النقاب..
زاعمة ان كثيرات من النساء اللواتي يرتدين النقاب يجبرن على ذلك من قبل ازواجهن،
وتحد من حريتهن الشخصية. وتشير الى ان الإسلام في مسألة النقاب فهمه البعض بطريقة
تقليدية لا تنسجم مع مساواة المرأة بالرجل وأن القرآن يدعو المسلمين الى الاحتشام
قائلة: إنه يمكن ان يظهر بعدة اشكال "لكن هذا لا يتطلب تغطية الوجه او ارتداء زي
أشبه بخيمة" قاصدة النقاب. وتقول: إن القرآن الكريم جاء بتعاليم حضارية ويقدم
قاعدتين أساسيتين خصوصيتين هما العدل والخير، وان تعامل القرآن مع قوانين المجتمع
المختلفة بحاجة دوما إلى الموازنة مع هاتين القاعدتين الأساسيتين. وإذا كان هناك
تناقض بين القواعد الأساسية في القرآن وخصوصية بعض المجتمعات فعندئذ وبشكل طبيعي
فإن القواعد الأساسية للقرآن هي التي يجب ان تدعم، وان سيطرة العادات والتقاليد على
الحرية الشخصية هو بالتأكيد أكثر شيء مناقض لقاعدتي القرآن: العدل والخير. وعن
شعبية النقاب في الشارع المسلم عموما وعدم القول بفرضيته من قبل مشاهير العلماء مثل
القرضاوي والازهر وأثر ذلك في تشجيع السلطات بفرنسا على المضي قدما في قرارها،
قالت: إنها غير متأكدة مما اذا كانت السلطات قد انطلقت في قرارها من مواقف بلدان
عربية من النقاب، لكن السلطات تدرك جيدا تعاليم الاسلام قبل الاقدام على قرارها،
وإن النقاب ليس فريضة إسلامية. مضيفة اننا نتذكر موقف شيخ الازهر الراحل عندما طلب
اثناء زيارته لمعهد ازهري من احدى الطالبات ان تخلع نقابها، مؤكدا ان الاسلام لا
يفرض على المرأة المسلمة تغطية وجهها، وهو ذات المنطق الذي انطلقت منه فرنسا في
قرارها. وعن تأثير منع المآذن في سويسرا ومنع النقاب في فرنسا عن تنامي تيار
الاسلاموفوبيا قالت: إن ماقامت به فرنسا ليس ضد الدين، وإنها تعامل الاديان بسواسية
ولا تتبنى مواقف عدائية ضد الدين، لكنها ضد استغلال بعض المتشددين للدين بالشكل
الذي يحد من حرية الآخرين، حتى ولو كان ذلك تجاه نسائهم.
وحول ادراك المجتمع الفرنسي للعلاقة بين الحرية واحترام الرموز الدينية سواء من
خلال الكرتون المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم او بحظر النقاب او بحظر المآذن
اوضحت فرزانة حسن أن تناول الكرتون للرموز الدينية لا يتوقف عند الاسلام، وانما
يشمل كل الأديان لكن تم التركيز على الاسلام نتيجة الربط غير الحقيقي بينه وبين
الإرهاب، واضافت: إن القانون يحمي المسلمات من تشدد أزواجهن واهليهن.. وعن تأثير
منع النقاب على حركة السياح الخليجيين ونسائهم المنقبات الى فرنسا استبعدت فرزانة
حسن ان يكون لقانون حظر النقاب تأثير على حركة السياح من الخليج الى باريس، لكنها
اشارت الى عقوبات مالية وإلزامية للمخالفين قد تطول الزائرين.. وفرزانة حسن
باكستانية مسلمة رئيسة سابقة للمؤتمر الإسلامي الكندي، وهي بصدد التحضير للدكتوراه
في التربية، حاصلة على ماجستير في إدارة الاعمال من جامعة ماساتشوستس الولايات
المتحدة، وماجستير علوم سياسية من جامعة بنجاب من لاهور بالباكستان. وهي ناشطة في
مجتمع مدينة تورنتو وكتبت رواية أصداء من الاعماق ولها كتاب عن البحث عن الاصولية
وكتاب عن الاسلام والمرأة وتحديات العصر تطرح فيه بعض المبادئ التي تتحدث عن المرأة
والزواج وكيفية تفسير المجتمعات لهذه المبادئ، مطالبة بعادة قراءة تعاليم الاسلام
الخاصة بالمرأة والاسرة مثل تعدد الزوجات وضربهن وفرض النقاب على المرأة المسلمة
بغير رضاها، وموقع ودور المرأة في الإسلام، مؤكدة ان ما كان يلائم القرن السابع في
المنطقة العربية لا يلائم القرن الواحد والعشرين، لأن الظروف اختلفت وتتطلب تجديد
الفكر والفقه لأن هذا الدين لا يمكن ان يظل قديماً، وانه جدير بأن يتم تجديده بما
يناسب واقع المسلمين والمسلمات اليوم، مؤكدة حاجة المرأة المسلمة الى الحماية
القانونية من التقاليد التي تحد من حريتها التي لا تتناقض وقيم الاسلام ومنها
النقاب.
لغة ملتهبة
أما نبيلة رمضاني الاكاديمية الفرنسية والباحثة المختصة بالاسلاموفوبيا فتقول: إن
الطريقة التي قدم بها الموضوع للمجتمع لفرنسي والمناظرات والاحاديث حول هذا الموضوع
حتى قبل سن القانون كانت لغة ملتهبة، والنساء المسلمات اللواتي اخترن بملء ارادتهن
وبطريقة شرعية جدا ان يغطين وجوههن في المجتمع الفرنسي تم تقديمهن بطريقة سلبية،
تتناول الدين بأكمله، فعلى سبيل المثال فقد تم تصوير النساء على انهن مجبرات
وقاصرات ويتم اجبارهن من قبل الرجال على تغطية وجوههن، وقد تم وصف تلك النساء في
البرلمان ومن قبل اعضاء مجلس الوزراء بانهن أكفان سائرة، وهذا لم يوضع لجعل هؤلاء
النسوة يندمجن بالمجتمع بقدر ما سيؤدي الى انسحاب اولئك المنقبات وتهميشهن من
المجتمع ككل، وقد تم تقديم المشكلة كلها على أنها تتعلق بإجبار النساء من قبل
الرجال على تغطية الوجوه، مع أنه ليس هناك اية حقائق تشير الى ان الرجال قد قاموا
بذلك، كما تم تصوير الموضوع على انه ينال من الامن الوطني لفرنسا رغم انه لا حقائق
ولا وقائع ولا إحصائيات تشير الى اي من ذلك، وهذه المناظرات التي تم على أساسها
اتخاذ قرار حظر النقاب تم على اسس وافتراضات خاطئة، وتقول: ان فرنسا تدعي انها بلد
ديمقراطي يرتكز على العلمانية وعلى التعدد والفردية وعلى احترام الخيارات، وهؤلاء
النسوة قمن بخيار شرعي تماما بتغطية وجوههن بما يتوافق مع القيم الفرنسية
العلمانية، فلماذا تتم معاقبتهن على هذا الخيار، علما بأنهن لم يخرقن اي قانون او
تشريع، ولم يتدخلن بشؤون أحد ولم يلحقن أي أذى لأي كان؟؟ وحول علاقة القوانين
المتعلقة بمنع الرموز الدينية، وبعد ذلك حظر النقاب، ومن ثم قانون الجنسية الجديد
بالاسلاموفوبيا في اوروبا عموماً، قالت الاكاديمية الفرنسية: إن كل تلك المسائل تم
إنتاجها من قبل الحكومة التي تميل الى ذلك بسبب فشلها في معالجة قضايا جوهرية مثل
العدالة الاجتماعية والتمييز ضد المسلمين، وحتى في المجال الاقتصادي لدينا اليوم ما
بين 5 إلى 6 ملايين مسلم في فرنسا ومعظمهم يعاملون على انهم مواطنون من الدرجة
الثانية، وهناك تمييز ضدهم في السكن والتعليم وتأمين فرص العمل، وتتساءل: لماذا لا
تتعامل الحكومة مع هذه المشاكل الخطرة والتي تسبب انقسام المجتمع؟، فلماذا لا
تتعاطى مع اكثر المشاكل حساسية، ويعاني منها المجتمع المسلم في حين تركز على مجموعة
هامشية قليلة العدد لها كل الحق في خيارها في تغطية وجهها بما يتماشى مع النظام
الجمهوري العلماني الفرنسي، ولماذا تتعاطى الحكومة مع هذه القضية غير المهمة
بالقياس إلى حجم المشاكل التي يعاني منها المجتمع الفرنسي؟.. وحول امكانية تشجيع
الخطوة الفرنسية لباقي الدول الأوروبية للقيام بخطوات مماثلة، قالت رمضاني: إن
فرنسا وبشكل إعجازي ما زالت مركز تنوير في اوروبا، وما زالت تقليديا مركز التسامح
واحترام حقوق الانسان، وللاسف فان السنوات القليلة الماضية شهدت تصاعد
الاسلاموفوبيا والعنصرية، وللاسف فان فرنسا شجعت الدول الغربية على القيام بخطوات
مماثلة، وهذه خطوة خطرة للغاية. وتضيف رمضاني: إنه من المثير للدهشة ان هناك اقل من
ألفي امرأة مسلمة يرتدين النقاب في فرنسا، وثلثهن تقريبا من اصول فرنسية، وهن
يستغربن أن يتم ذلك في مجتمع ديمقراطي، وهن سوف يقمن بتحدي القرار، ورفعه قضية الى
محكمة حقوق الإنسان الاوروبية، وسوف يحاولن الحصول على قرار لإبطال هذا القرار،
وتؤكد الباحثة الفرنسية ان الحكومة الفرنسية نجحت في إثارة جدل لن يقدم شيئا سوى
تعميق الكراهية، فالعديد من تلك النسوة سوف يجدن انفسهم معرضات للكراهية والتمييز،
وربما الهجمات، فلماذا لا تقوم الحكومة الفرنسية بحماية تلك النسوة ما دامت تقول:
إنها تسعى الى تعزيز الأمن وحرية النسوة التي تقول: إنهن لم يرتدين النقاب
بإرادتهن، فهناك أجندة خلف ذلك كله
مرسوم
بقانون رقم (38) لسنة 2002 بإنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
مرسوم
بقانون رقم (25) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (38) لسنة 2002
بإنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
قرار
أميري رقم (6) لسنة 2007 بتشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
التشريعات
القطرية تكفل الحماية للحريات وحقوق الإنسان