قطر- جريدة الشرق- الاثنين 18 ذو
القعدة 1431 هـ. الموافق 25 أكتوبر 2010
قضاياها
الأعلى في محكمة الجنح.. والحل في التثقيف..
الشيكات بدون رصيد أداة لهدم الثقة بين المؤسسات والأفراد
وفاء زايد:
تحوّل الشيك من أداة التزام بحق مالي بين طرفين إلى أداة تهدم الثقة بين المتعاملين
في الشؤون الحياتية اليومية من تجارة وصفقة مشروع وتعامل مهني مع أفراد ومؤسسات
وشراكات، ويضر أيضاً بأدبيات الاتفاق بين الأشخاص، إذ يعتبر الشيك بمثابة تعهد
ووفاء بأنّ لك حقا عندي.
المتابع للدعاوى المنظورة يومياً في محكمة الجنح يجد أنّ تهمة إصدار شيك بدون رصيد
هي الأعلى في قائمة القضايا، فالدائرة القضائية تنظر في جلسة واحدة في مئات الدعاوى.
ويكشف هذا العدد الكبير من دعاوى الشيكات بدون رصيد حجم التعامل اليومي بين الأفراد
في مختلف شؤون حياتهم الشخصية والمهنية، فمن السهل على كل فرد أن يخرج شيكاً ويحرره
لشخص آخر جاءه مطالباً بحقه أو أجره أو دفع استحقاق عليه، ولكن من الصعب أن تخرج من
طاءلة المادة "357" من قانون العقوبات.
يعني الشيك محرراً رسمياً بين أفراد وجهات بنكية وتجارية ومؤسسية لضمان حقوق مالية
لأفراد، وليس ورقة إسكات مؤقت أو ورقة لكسب وقت إضافي أو مماطلة لشخص متضرر ينتظر
على أحرّ من الجمر أن يصله حقه في أسرع وقت ليخرج من ضائقة مالية أو يحل مشكلة
اجتماعية أو يسدد ما عليه من قرض.
يستوقفك جدول الإعلان اليومي لجلسات الجنح "الرول" الكم الكبير من دعاوى أفراد
تضرروا من إصدار شيكات بدون رصيد، وكثيرون يقضون جلّ حياتهم في حضور جلسات التقاضي
أو تقديم الاعتذارات للمتضررين أو التهرب من نظرات الآخرين بفقدان الثقة.
ولا يتوقف الأمر للمتهم الذي وقع شيكاً بدون رصيد عند حد مطالبة الآخرين بحقوقهم
إنما يتعدى ذلك إلى الضرر الاجتماعي وتأثيره على محيطه الأسري من أبناء وأقرباء
وأصدقاء، وهناك الألم النفسي الذي يرافقه ليل نهار ويقض مضجعه بهواجس أصحاب الحقوق
يطرقون بابه أو هاتفه ليفزّ من نومه يفكر في مخرج ليسدد ما عليه.
من واقع الجلسات فإنّ البعض يصدر أكثر من شيك بدون رصيد وقد يتجاوز حجم القضايا
المرفوعة ضده إلى العشرات، وما ان يخرج من قضية شيك حتى يعيده أحد المتضررين إلى
الوقوف أمام الشرطة بتهمة إصدار شيك ثان وثالث ورابع ومائة.
فقد شددّ القانون القطري العقوبة التي قد تصل إلى الحبس سنوات وراء قضبان السجن.
في المادة "357" من قانون العقوبات تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثة
أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال، ولاتزيد على
عشرة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب بسوء نية أحد الأفعال التالية:
أعطى شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك،
وسحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته، أو أمر
المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه، أو تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع
صرفه.
وفي البند "5" من نفس المادة تنص أنه من ظهّر لغيره أو سلمه شيكاً مستحق الدفع
لحامله، وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف.
في جميع الأحوال للمحكمة أن تقضي بناءً على طلب ذوي الشأن بإلزام المحكوم عليه في
الجريمة بدفع قيمة الشيك والمصروفات التي تحملها المستفيد، وتتبع في تنفيذ هذا
الحكم الإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، فإذا رأت المحكمة
أنّ الفصل في ذلك الطلب يستلزم إجراء تحقيق خاص يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى
الجنائية، جاز لها أن تحكم في الدعوى الجنائية وحدها، وتؤجل النظر في الطلب المذكور
إلى جلسة أخرى، أو تحيله إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيه.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. كيف الخلاص من ظاهرة الشيكات بدون رصيد؟ والحل.. إعادة
الثقة في الكلمة التعاقدية بين الأفراد، وتجنب أن يتحمل الإنسان مالا طاقة له به،
وأن يعي أنّ دقائق الحياة ثمينة لايمكن أن تهدر وراء قضبان حديدية تأكل من حياته
شبابه وعلمه وعمله ليجني نظرة سلبية تحملها عيون الآخرين.
وأخيراً.. يقع على عاتق خبراء الاجتماع والاقتصاد والقانون تقديم التوعية الكافية
للتأثيرات السلبية التي يسببها شيك، فالقانون شدد العقوبة ويبقى على ذوي الاختصاص
تكثيف التوعية.
قانون
رقم (27) لسنة 2006 بإصدار قانون التجارة
الشورى
يوصي بإنشاء دوائر قضائية للنظر في الشيكات المرتجعة
المشاركون
في الصالون القانوني يؤكدون أهمية عودة الشيك إلى وظيفته