قطر -
جريدة الشرق- الاحد 12 ديسمبر 2010 الموافق 6
محرم 1431ه
دعا لصيغ عمل
مشتركة قابلة للتطبيق في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
. د.علي بن صميخ: قطر أرست دعائم دولة الحق والمساواة وسيادة القانون وترسيخ
الديمقراطية
مؤسسات الدولة مطالبة بشراكة بناءة
وجادة تستجيب لتحديات الواقع
التمايز الثقافي ما زال يثير الجدل حول شمولية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
حقوق الإنسان العالمية ليست وصفة طعام ولا معادلة رياضية صالحة للتطبيق في كل زمان
ومكان
تقريرأعدتها: هديل صابر:
دعا الدكتور علي بن صميخ المري — رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان — منظمات
المجتمع المدني كافة، وأجهزة ومؤسسات الدولة إلى العمل في شراكة بناءة وجادة، وإلى
ابتكار صيغ عمل مشتركة للتعاون قابلة للتطبيق تتميز بالمرونة والمرحلية وتستجيب
لتحديات الواقع ومعطياته المتغيرة، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي
يصادف العاشر من ديسمبر من كل عام.
ويعتبر العاشر من ديسمبر هو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كحصن منيع ضد القمع والتمييز، وكأساس لحماية الكرامة
الانسانية في دول العالم قاطبة، باعتبار ما تضمنه من مبادئ يمثل القاسم المشترك
الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم على اختلاف ثقافتها وعقائدها وحضاراتها
ومعتقداتها، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، حتى يسعى كل فرد في
المجتمع، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التوعية والتثقيف بها
وتأكيد ممارستها واتخاذ إجراءات وطنية، واقليمية، وعالمية، لضمان الاعتراف بها
ومراعاتها بصورة عالمية فعالة للافراد والشعوب وبين الدول بعضها البعض.
وأكدَ الدكتور علي بن صميخ في كلمة له بهذه المناسبة أنه لا شك أن الاحتفال بالذكرى
السنوية لنشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعد إنجازاً إنسانياً مهماً، حيث تضمن
الإعلان معظم القوانين التي ناضلت البشرية من أجلها منذ فجر التاريخ، وعلى مر
العصور، إلا أننا نؤكد اهمية ألا يكون الاحتفال بهذا اليوم على المستوى الوطني
تقليدا سنوياً فحسب بل مناسبة خلاقة للتأكيد على تمسكنا بمبادئ حقوق الإنسان
باعتبارها حقوقاً أصيلة في مجتمعنا القطري غير قابلة للتصرف بل جزءاً أصيلاً من
ثقافتنا وحضارتنا تستدعي مزيداً من التقدم في مجال المساواة والتنمية ورفاهية
وتعزيز وحماية حقوق الانسان، كما يجب ان يمثل هذا اليوم من كل عام وقفة تأمل ومحطة
لمراجعة الانتصارات التي تحققت والانكسارات والتحديات التي تواجهنا، فاستقراء واقع
المشهد الحقوقي الحالي لدولة قطر ينبئ عن مسايرتها لركب التطور الحضاري والانساني
والتنموي للنظم الديمقراطية فيما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الانسان والذي تحقق
كثمرة للنهج الديمقراطي الذي أرسى دعائمه حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل
ثاني — أمير البلاد المفدى —، وسمو ولي عهده الأمين الذي كان من أبرز ملامحه إرساء
دعائم دولة الحق والمساواة وسيادة القانون وترسيخ أسس الديمقراطية وإعلاء مبادئ
حقوق الإنسان، تلك المبادئ التي نؤكد ضرورة اعتمادها نهجاً لحياتنا العامة وطريقاً
لإعلاء شأن الفرد وصون حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذا
بالاضافة إلى ضرورة الوقوف امام التحديات التي تواجهنا والتي تقف عثرة امام تحقيق
المنشود والمأمول على مستوى تمتع الافراد بالحقوق والحريات، مشددا على ضرورة
الإشارة إلى المعوقات والاشكاليات وان نضعها في دائرة الضوء مهما كان حجمها إذ إن
ركب التطور الحضارى والانساني الذي تعيشه البلاد حالياً انما يحتم على كل فرد منا
العمل بما يخدم مصالح هذا البلد، لا لشيء سوى تلبية لتطلعاتنا المشروعة من ان تكون
بلدنا وبحق هي دوحة الحقوق والحريات قولاً وفعلاً ملموساً على أرض الواقع، واضعين
نصب اعيننا ان ذلك لا يتأتى إلا من خلال تضافر جهود كافة الجهات والهيئات الحكومية
ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بالعديد من الإجراءات والتدابير التي من شأنها
المساهمة في احترام وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية للافراد، وهذا يقودنا
إلى التأكيد على أهمية خلق مجتمع مدني قوي وفعال لما له من دور مهم في توعية
الأفراد وارشادهم إلى حقوقهم وواجباتهم وتنبيه الجهات الحكومية بأية اختلالات أو
تجاوزات تمس حقوق الناس وحرياتهم، وإشاعة قيم الديمقراطية والحرية والمساواة
باعتبارها الركيزة الأساسية التي أكدتها المادة الأولى من الإعلان العالمي.
وفي هذا الإطار ارتأت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن تسلط الضوء على بعض مفاهيم
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال القراءة التاريخية لظروف نشأة الإعلان
ومضمونه، وأهميته، والنتائج التي ولدها وما يثيره من اشكاليات.
الإعلان العالمي
يضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عدداً من الأهداف يتوجب تحقيق بعضها فوراً،
والبعض الآخر بأسرع وقت ممكن، وقد وفّر الإعلان أيضاً الأساس والمرجعية لمجموعة من
الاتفاقيات الدولية الأخرى، العالمية منها والإقليمية على حدٍ سواء. وأخيراً أوحى
الإعلان للناس حول العالم بالمطالبة بحقوقهم وليس مجرد القبول بما يفرضه عليهم
غيرهم.
أمّن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "المعيار أو القاسم المشترك للإنجاز الذي ينبغي
أن تستهدف تحقيقه كافة الشعوب والدول"، كما أن هناك قيمة أساسية يقوم عليها الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان بكامله. حيث تنص المادة الاولى منه على أن "جميع الناس
يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق"، ويأتي هذا المبدأ وهذا التأكيد ليواجه
قروناً عديدة من الممارسات والمعتقدات التمييزية الواسعة الانتشار، ولم يستطع
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحد ذاته أن يعكس اتجاه المواقف الشعبية أو أن يحول
مسارها، لكنه رغم ذلك حدد لها اتجاهاً حاسماً.
كما كان هناك أمر غاية في الأهميه ألا وهو أن وضوح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ولغته المباشرة قد ألهما ملايين البشر، فقد انتشرت مبادئ الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان على المستوى الشعبي نتيجة العدد المتزايد من ترجماته والجهود الواعية لنشر
رسالة الإعلان وجعلها في متناول جميع الناس، وهكذا أدرك الرجال والنساء في كل مكان
بأنهم يتمتعون بحقوق لا تستطيع أي حكومة انتزاعها منهم.
حيث استقى صائغو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصوصه عن وعي وإدراك وتراكمات عدة
تقاليد قانونية وفلسفية وحضارية ودينية، فالعديد من مواده الثلاثين يتناول الحقوق
المدنية والسياسية التي تحمي الأفراد من الحكومات ومن إساءة المعاملة الشخصية التي
تسمح بها الحكومات، وتبحث مواد أخرى في الحريات العامة لكل فرد، مثل الحق في حرية
التعبير والرأى، كما أن هناك عددا آخر من المواد التي تحدد الحقوق الاقتصادية،
والاجتماعية، والثقافية، مثل حق الحصول على التعليم وحق العمل والصحة والمستوى
المعيشي اللائق.
الامم المتحدة
يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد ونشر على الملأ بقرار الجمعية
العامة للأمم المتحدة رقم 217 ألف (د — 3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948، أهم وثيقة
لحقوق الإنسان على المستوى العالمي، بالنظر لما تضمنه ذلك الإعلان من تصنيف وتحديد
وتوضيح للحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان بغض النظر عن العرق أو اللون أو اللغة
أو الدين أو الأصل القومي أو الاثني.
ومنذ التاريخ الذي صدر فيه هذا الإعلان، فإن فكرة حقوق الإنسان ارتفعت قيمتها إلى
المستوى الدولي الواقعي، ودخلت دائرة اهتمامات القانون الدولي، بحيث أصبح يقاس بها
تصرفات الدول والحكم على أعمالها، ليس باعتبارها فكرة مجردة، ولكن باعتبار ما تتمخض
عنه من قواعد قانونية تعبر في الواقع عن الاحتياجات المتطورة للجنس البشري وتمس
كافة جوانب حياة الإنسان، السياسية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سواء داخل كل
دولة أو على مستوى العالم أجمع، وهكذا لم يعد موضوع حقوق الإنسان منحصراً فقط في
نطاق النظم القانونية الوطنية، وإنما أصبح موضوعاً عالمياً يدخل في نطاق القيم
الأساسية التي يتشوق إليها المجتمع الدولي، بل وبات يمثل قيمة مستهدفة للنظام
القانوني الدولي، مثلما هو قيمة مستهدفة في النظم القانونية الداخلية، وأصبح من
الأمور الشائعة تقييم سلوك الدول والحكومات بمدى احترامها لحقوق الإنسان على
المستويين الداخلي والدولي.
ولقد ترجم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى 300 لغة ولهجة وتوافر الشعور بإلزامه
لدى كافة الدول والأفراد حتى أضحى بمثابة جزء من القانون الدولي لحقوق الإنسان،
كونه يوفر الإرشادات للفعاليات والتوجهات والتحركات الحالية كما يقدم في نفس الوقت
مجموعة من الأفكار المتطورة على الدوام لتنفيذها في المستقبل على المستوى الوطني أو
الاقليمي أو الدولي. وقد أصبحت مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تتجسد بصورة
متزايدة في سلوك الدول، علاوة على كونه يمثل مرجعية اساسية للعديد من الاتفاقيات
الأساسية حول حقوق الإنسان. كما اثبت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان انه يُشكِّل
أساساً مرناً إلى حدٍ كبير للاستمرار في توسيع وتعميق مفهوم حقوق الإنسان.
وتبرز القيمة الأخلاقية والأدبية والسياسية والقانونية للإعلان العالمي لحقوق
الإنسان في أنه يمثل قاسماً مشتركاً قبلته البشرية باعتباره يمثل الحد الأدنى من
الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الأفراد بغض النظر عن أي اعتبار. وقد شكل هذا الإعلان
باكورة العمل اللاحق في حقوق الإنسان وشكل الأساس لكل الاتفاقيات والمواثيق
والإعلانات اللاحقة العالمية والإقليمية وأصبح ملهماً لكل دساتير الدول تقريباً
فيما يتعلق بأبواب الحقوق والحريات.
القيمة القانونية
تكمن قيمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أنه يمثل "المثل الأعلى المشترك الذي
ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، كما يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته —
واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم على الدوام، ومن خلال التعليم والتربية — إلى توطيد
احترام هذه الحقوق والحريات".، ويعتبر الإعلان أول وثيقة لحقوق الإنسان شاملة تصدر
عن منظمة دولية عالمية، ولقد اكتسب الإعلان وضعا أخلاقيا وأهمية قانونية وسياسية مع
مرور الأعوام وهو يمثل حجر الزاوية في كفاح الجنس البشري من اجل الحرية والكرامة
الإنسانية.
وعلى الرغم من أن الإعلان ليس اتفاقية تلتزم الدول بتنفيذها إذ ان الجمعية العامة
اعتمدته كقرار ليس له إلزام قانوني، فإنه اكتسب قيمة أخلاقية ومعنوية كبيرة كما
اكتسب أهمية قانونية وسياسية وأصبح مصدرا لكثير من الإعلانات والاتفاقيات التالية
وللدساتير، ونحن من جانبنا نستطيع القول ان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أصبح
اليوم بمثابة قواعد يشعر الجميع بإلزامها. ويرى الكثيرون أن الإعلان العالمي له
قيمة قانونية ملزمة.
الجدل
أثبت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صموده طوال ما يزيد على ستة عقود، إلاّ أن
النقاشات حوله ما زالت مستمرة، حيث إنَّ التمايز الثقافي ما زال يثير النقاش حول
"عالمية" أو شمولية الإعلان أي حول عبارة "عالمي" في تسمية الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، فعلى الرغم من أنه جرت إعادة تثبيت مبادئ الإعلان العالمي تكراراً، لكن
البعض يؤكد أن هناك اختلافات كبيرة بين الثقافات أو المناطق بحيث لا يمكن أن تكون
معاييره عالمية حقيقية وهذا ما يقودنا إلى التأكيد على قاعدة ثابتة فيما يتعلق
بحقوق الانسان وهى "عالمية الحقوق ونسبية أو خصوصية التطبيق"، وما نود الاشارة اليه
وبوضوح أن تطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإن كان يفرض قوة إلزام ادبية
للتنفيذ إلا أنه لا يمكن فرضه بواسطة الوسائل القسرية "التقليدية" فعالمية حقوق
الإنسان المعترف بها دولياً لا تمتد لتبلغ حد التنفيذ وفرض التطبيق الجبري، فكل
دولة تحتفظ لنفسها بحق السيادة في تطبيق حقوق الإنسان كما يتراءى لها ذلك وفقا لما
تراه مناسباً وتجربتها، وبما يتماشى وظروفها الداخلية والخارجية، فإننا وإن كنا
نملك حقوقاً إنسانية عالمية لمجرّد كوننا من بني البشر، لكننا نتمتع بهذه الحقوق
إلى حدٍ كبير لأننا مواطنون أو مقيمون في دول معينة، وهكذا فإن المصير العملي لحقوق
الإنسان يبقى شأناً نسبياً إلى حدٍ بعيد، ويختلف من مكان لاخر باختلاف المكان الذي
نعيش فيه، فعلى سبيل المثال، تنص المادة الثالثة على أن "لكل فرد الحق في الحياة
والحرية وسلامة شخصه"، ونجد أن هذه المبادئ تسمح بحيز واسع من التنوع الثقافي
والإقليمي والمحلي، فحقوق الإنسان العالمية ليست وصفة طعام ولا هي معادلة رياضية
صالحة للتطبيق في اى زمان ومكان، بل انها تحدد مجموعة من المبادئ والمعايير وتشير
إلى الاتجاهات التي تقود إليها، لكنها تترك تفاصيل التطبيق والتنفيذ إلى حد كبير
للنقاش والطبيعة المحلية والنزاع السياسي الداخلي لكل دولة، وذلك على الرغم من
ضرورة التأكيد بأن هذه النقاشات الوطنية لابد أن تكون ضمن الحدود التي يضعها
الإجماع الدولي أي وفقاً لمبادئ ومعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
الاثار المترتبة
ترتب على صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان مجموعة من النتائج المهمة ففي القانون
الدولي تعتمد أصول العديد من المعاهدات الرئيسية والتي صادقت عليها أكثر من 100
دولة على نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومن امثلة ذلك وفق الترتيب الزمني ما
يلي: الاتفاقية الدولية لإلغاء التمييز العنصري (1965)، العهد الدولي للحقوق
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية (1966)، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
(1966)، اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، اتفاقية مناهضة
التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة (1984)،
اتفاقية حقوق الطفل (1989)، اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة..
مرسوم
بقانون رقم (38) لسنة 2002 بإنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
إصدار
الدستور الدائم لدولة قطر
مرسوم
بقانون رقم (25) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (38) لسنة 2002
بإنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
قرار
أميري رقم (6) لسنة 2007 بتشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان