قطر- جريدة العرب -
الأربعاء 5 يناير 2011م – الموافق 1 صفر 1432هـ العدد 8242
دعوا لتعميم
المجمعات الطبية تدريجياً
أطباء: إلغاء إغلاق العيادات الخاصة في مصلحة المريض
الدوحة- إسماعيل
طلاي
أثنى عدد من الأطباء بالعيادات الفردية والمجمعات الطبية الخاصة على موافقة الحوكمة
على إلغاء قرار إغلاق العيادات الفردية في حدود 2013، بسبب عدم مطابقتها للشروط
القانونية، مشيرين إلى أن الإغلاق لم يكن حلا منطقيا، في وقت تزداد فيه مساحة
السكان في البلد، وطفرته الاقتصادية والعمرانية. ودعا المتحدثون إلى ضرورة العمل
بالتدرج لأجل تعميم المجمعات الطبية، لا سيما في المناطق البعيدة، لما توفره من
خدمات طبية مختلفة أسوة بتجارب مماثلة لدول أخرى.
أكد الأطباء لـ«العرب» أن قرار الإغلاق كان سيتضرر منه المرضى في المقام الأول، لأن
الأطباء سيتوجهون إلى المجمعات الطبية، بينما سيضطر المريض إلى دفع تكلفة أكبر.
بالمقابل، دعا هؤلاء إلى القيام بإحصاء ميداني لعدد العيادات الخاصة لتبين حاجة
الدولة إلى تخصصات معينة من غيرها، معترفين في الوقت نفسه بوجود مبالغة في الأسعار
التي تقرها بعض العيادات الخاصة.
وأجمع عدد من أصحاب العيادات الخاصة على عدم اطلاعهم على مضمون قرار الإغلاق
السابق، ولا حتى إلغائه إلا من خلال الصحف، في انتظار التوجيهات التي قد تصلهم من
إدارة التراخيص الطبية بالمجلس الأعلى للصحة سابقا.
قرار جيد
وقال الدكتور محمود عباس صاحب عيادة أسنان خاصة إنه اطلع على قرار إلغاء إغلاق
العيادات الفردية عبر الصحف، وعلق قائلا: «قرار إلغاء الإغلاق جيد، خصوصا وأن
الدولة في توسع، ولا بد أن تكون هناك عيادات فردية، ومجمعات طبية، خاصة وأن مداخيل
الناس تختلف، وليس كل الناس يمكنهم أن يتوجهوا إلى المراكز الطبية الضخمة، ذات
التكاليف الإضافية، لافتا إلى أن الأسعار في العيادات الفردية معقولة جدا، مقارنة
بالمجمعات الطبية.
ولفت المتحدث إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن الطبيب العام، لأنه هو من يتكلف توجيه
المريض إلى الاستشاري اللازم، كما أن طبيب الأسرة هو نفسه طبيب عام للأسرة، يمكن أن
يوجه المريض للاستشاري المناسب، متسائلا: «لماذا أدفع أكثر لدى الاستشاري؟ أو أضيع
وقت الاستشاري، فدوري كطبيب عام أنني أحول له المريض.
واعتبر أن قطر في حاجة إلى عيادات خاصة إضافية، لأن كثافة السكان في البلد في
ازدياد، وهناك طلب أكبر على العيادات لاستيعاب الضغط والطلب، مع تطور العمران.
وشدد الدكتور عباس على أن عدم إغلاق العيادات الخاصة يعود بالفائدة الأولى على
المريض، معترفا أنه لا وجود لعيادات منزهة عن الأخطاء، والأخطاء البسيطة تحتاج
معالجتها، لا إغلاقها مباشرة، ما دام أطباء العيادات الخاصة مرخصا لهم أصلا،
والمجلس الأعلى للصحة يتولى الرقابة علينا بصفة دورية، وهناك قوانين مضبوطة.
وأشاد عباس بالضوابط التي وضعها المجلس الأعلى للصحة، حيث يوجد تدقيق على الشهادات
والأطباء والممرضات، أما إغلاق العيادات فليس حلا، لأن المتضرر هو المريض، فالطبيب
يمكنه أن يتعاون مع مجمع طبي ويلتحق به، ويدفع له المريض أكثر، لكن المريض سيتضرر،
لأن الطبيب بمفرده تكلفته بسيطة، أما في المجمع الطبي، فسترتفع تكلفته.
وعن سر تفضيل بعض المرضى للعيادات الخاصة على المستشفيات، قال: لا يمكنني القول إن
الخدمات أفضل، فهناك أطباء ممتازون فعلا في المستشفيات العامة والخاصة، والمراكز
الصحية، ولكن هناك ضغط قوي عليها، وطوابير لا يستحملها بعض المرضى.
أما الأسعار، فأقر أن الأسعار في العيادات عالميا في ارتفاع سنويا بنسبة 4 إلى %5
على الأقل، لأن كل الشركات ترفع الأسعار، فبطبيعة الحال صاحب العيادة الخاصة يضطر
لرفع أسعاره، والعبء يقع على المريض، لكنه اعتبرها رغم ذلك أسعارا معقولة، مبررا
بقوله: «تظل الأسعار معقولة، لأن التكلفة ليست قليلة، فاليوم أنا أدفع راتبا أعلى
للممرضة لأنها متخصصة، والأسعار لم تنخفض كما كنا نتوقع، لكن نسبيا هناك انخفاض
طفيف، رغم أن الإيجار التجاري لم ينخفض، مقارنا بإيجار السكن، في حين أن التجهيزات
ترتفع سنويا في العالم بأسره.
تجربة مماثلة
على الجانب الآخر، يرى الدكتور عامر حمّص، مدير مجمع عيادات الكندي أن قرار الإغلاق
ليس إيجابيا، لأنه كلما زاد عدد العيادات، ازدادت وفرة الخدمات، مستشهدا بأنه في
منطقة الريان مثلا تنتشر عيادات خاصة ومنفردة، متسائلا: «أين الإشكال في تواجد هذه
العيادات؟ ولم نجمعها في مجمع طبي؟».
واستشهد الدكتور بالقول: «هناك عيادات مثل عيادات الجلدية تتطلب مساحة كبيرة،
وخدمات متكاملة، فما الجدوى من جمعها مع عيادات أخرى؟.
ويفسر الدكتور قرار المسؤولين في المجلس الأعلى للصحة سابقا قبل الإلغاء بإغلاق بعض
العيادات الفردية لعدم استيفائها للشروط بالقول: «الفكرة أنه لو كانت لديك عيادة
خاصة وحدثت مشكلة مع مريض، فإن بعض العيادات لا تتوفر مثلا على جهاز أشعة أو سيارات
طوارئ مثلا لو حدثت مضاعفات للمريض، وهذا ما تعتبره السلطات عدم استيفاء للشروط،
وهذا سر التفكير في إغلاق العيادات الفردية، حتى إن وزارة الاقتصاد رفضت الترخيص
للعيادات الفردية».
وثمن الدكتور حمّص قرار إلغاء إغلاق العيادات الخاصة، ولا يرى مبررا له، لأن قرار
عدم الترخيص لها غير منطقي في نظره، مشيرا إلى أنه لا يفهم سر رفض الترخيص لعيادات
فردية ضمن (فيلات) والترخيص لها ضمن مجمع طبي.
ولفت إلى أن هناك تجربة مماثلة في المملكة العربية السعودية، حيث لا وجود لعيادات
فردية، بل هناك مجمعات طبية متكاملة بها تخصصات عدة، معتبرا أنها تجربة إيجابية،
لكن لم يحن وقتها في قطر، لأن عدد المجمعات حاليا غير كاف لتغطية العجز، مستشهدا
مرة أخرى بمنطقة الريان التي تزداد بها الكثافة السكانية، ورغم ذلك لا تضم سوى مجمع
واحد للأسنان، ومجمع آخر فتح حديثا للأسنان، وعيادات فردية.
بالمقابل ـ يواصل حمص ـ فإن السعودية قامت بتغطية المناطق، وعندما يرون أن عدد
المراكز بات كافيا لتغطية المنطقة، يطلبون من العيادات الفردية الإغلاق أو التحول
إلى مجمع طبي.
وأكد الدكتور حمّص أن العملية تتطلب التدرج، مشيرا إلى أن وجهة نظر المجلس الأعلى
للصحة واقعية وصحيحة، ولكنها تحتاج وقتا لتطبيقها، ففي مجمع الكندي مثلا لدينا طب
أطفال ونساء وأسنان، فتجد أحيانا مريضا بطب الأسنان ووليه المرافق له في طب العيون
مثلا.
وعن الأسعار المطبقة في العيادات الخاصة والمجمعات الطبية مقارنة بالمستشفيات
والمراكز الصحية، اعترف الدكتور حمص بوجود أسعار مبالغ فيها في بعض العيادات
والمراكز الخاصة، مستشهدا بأن تقويم الأسنان في بعض المراكز بمبلغ 10 آلاف ريال،
بينما مراكز أخرى تطلب 37 ألف ريال مثلا، لكنه قال إن الأسعار مرتبطة أحيانا بأسعار
الإيجار المختلفة من منطقة إلى أخرى، فتقع التكلفة على عاتق المواطن، مشيرا إلى أن
الحل في توازن أسعار الإيجارات، دون أن ينفي وجود مبالغة من طرف بعض العيادات في
الأسعار التي تعتمدها.
ثقة متبادلة
بدوره، قال الدكتور بشار حسن بشار، استشاري أطفال بمجمع عيادات الكندي إن «العيادات
الخاصة والفردية موجودة في كل دول العالم، فقد عملت في فرنسا لمدة 20 عاما، ورأيت
أن هناك أشخاصا لا يثقون إلا في الطبيب المعين الذي تعودت عليه العائلة، ولم يسبق
لي أن سمعت بإلغاء العيادات الخاصة بشكل كامل في أية دولة، وهي رديف للمستشفيات
الخاصة، والمستشفيات العامة، وجزء من النظام الصحي في أي بلد، ولذلك -بصورة عامة-
أرى أنه لا مبرر لإلغاء العيادات الخاصة.
وأضاف: لو وجدنا أن هناك عددا كبيرا للعيادات الخاصة فقد نضع قيودا لافتتاح عيادات
جديدة، أما إغلاق عيادات قديمة تقدم خدمات للجمهور، والناس راضية عليها، فلا أرى
جدوى من ذلك.
وعن سر ثقة المرضى في العيادات الخاصة، قال: «هم يفضلون العيادة الخاصة، لأن
التعامل يكون مع طبيب واحد، تختاره، خلافا للمستشفى، والطبيب يكون على دراية كاملة
بالمريض وتعود عليه، إلى جانب نوع من الحفاظ على العلاقة الشخصية والمعلومات الخاصة
للمريض، فينشأ نوع من الثقة. ويكون الطبيب على دراية بالقصة العائلية المرضية، خاصة
عندما تكون هناك أمراض متوارثة داخل العائلة الواحدة، فتكون هناك علاقة ثقة
متبادلة.
واعتبر الدكتور أن الحديث عن أهلية وكفاءة الأطباء ليس حقيقة قائمة، بل يتباين بين
العيادات والمراكز والمستشفيات.
أما عن الأسعار، فقال إن ذلك يرتبط أيضا بالطبيب والعيادات، مشيرا إلى أنه تخرج من
مستشفى خاص، واحتفظ بالتسعيرة نفسها في المجمع الطبي، رغم أن التكاليف أكثر، حفاظا
على المرضى الذين كانوا يزورونه في المستشفى الخاص.
وبوصفه استشاري أطفال، قال إنه لا يمكن الاستغناء عن الطبيب العام، معتبرا طب
الأسرة جزءا من الطب العام، وهو نظام قائم في دول معينة، خاصة في فرنسا، وإنجلترا،
حيث طبيب الأسرة هو طبيب عام ضمن نظام صحي معين، حيث تفرض السلطات في بريطانيا أن
تكون الأسرة مسجلة لدى طبيب عام، وتراجع لديه، ولا فرق في المعلومات والخبرة بين
الطبيب العام وطبيب الأسرة.
وأوضح أن النظام الصحي البريطاني يفرض على كل أسرة أن تكون مسجلة لدى طبيب من أطباء
الأسرة، بحيث إن كل التحويلات إلى الأطباء الاستشاريين تكون عبر طبيب الأسرة، كما
بإمكانه أن يحول المريض إلى المستشفيات، فهي عملية تنظيم عملية، ولا فرق من الناحية
العلمية في التخصص.
وعن الأخطاء التي قد ترتكبها بعض العيادات الفردية، قال إنه يعارض قرار الإغلاق،
مادامت هناك ضوابط قانونية للرقابة، فكل شيء يخضع للسياسة الصحية للدولة، وتوجهها
وخياراتها.
وبدلا من اللجوء إلى إغلاق العيادات الفردية، اقترح الدكتور القيام بإحصاء للعيادات
حسب الاختصاص، لمعرفة إن كانت هناك حاجة لتقييد فتح عيادات خاصة وفردية في تخصصات
معينة مستقبلا.
مضمون القرار
تجدر الإشارة إلى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أرسلت مذكرة إلى المجلس الأعلى
للصحة، مؤرخة بتاريخ 7 نوفمبر الماضي، بشأن توصية مجلس الشورى حول طلب المناقشة
العامة بشأن إغلاق جميع العيادات الصحية الفردية (دون تخصص) في شهر يوليو 2013.
وتضمنت المذكرة التي بحثها مجلس الشورى في دورته العادية أول أمس موافقة الحكومة
على توصية المجلس بشأن عدم إغلاق العيادات الخاصة، بحيث يكون الإغلاق في حالة إخلال
العيادة بالشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 9 للعام 1987، والخاصة بتوفير
الأجهزة الطبية والاشتراطات الصحية، ووفقا للقانون رقم 2 للعام 1983 الخاص بمزاولة
مهنتي الطب البشري وجراحة الأسنان.
ووافق مجلس الشورى في جلسته التي عقدت بتاريخ 17 مايو 2010 على توصية لجنة الخدمات
والمرافق العامة والتي أشار تقريرها إلى أنه بعد الاطلاع على القانون رقم 2 لسنة
1983 والذي ينص على سحب الترخيص من الطبيب المخالف، فإنها ترى أن العيادات الصحية
الفردية معمول بها في كل دول العالم وغير مكلفة، وحيث إن الأطباء العاملين فيها قد
كسبوا ثقة العائلات ومحدودي الدخل، فإنها تجد أن استمرارها يمثل حاجة ملحة، نظرا
لنمو عدد السكان، ومن أجل خدمة المواطن.
ووفقا لتقرير اللجنة، فإن سعادة وزير الصحة العامة أشار إلى أن الهدف من قرار إغلاق
العيادات الصحية الفردية (بدون تخصص) هو المصلحة العامة، موضحا أن هذا الموضوع قديم
ويرجع إلى 9 سنوات مضت، لضمان جودة الأداء والمكان. وأشار سعادة الوزير، وفقا
لتقرير اللجنة، إلى أن هناك خلطا بين الممارس العام وطبيب العائلة، مشيرا إلى أن
الأخير هو الأهم لدى دولة قطر، لما يحمله من برامج تدريبية متخصصة.
وقال إن التركيز على طبيب العائلة يمثل التوجه في المستقبل، منوها بوجود برنامج في
هذا الشأن يشمل 40 طبيبا داخل دولة قطر.
وأضاف أن الممارس العام يفتي في كل شيء، وأن 32 عيادة سيتم إغلاقها في عام 2013،
مشيرا إلى أن العيادات الجديدة لا بد من أن تشمل أطباء اختصاصيين.
وأشار التقرير إلى أن اللجنة قدرت توجيهات سمو أمير البلاد المفدى بتطوير المرافق
الصحية، وأنه على ضوء المناقشة، وبعد الاستماع إلى وجهة نظر وزير الصحة، فإنها ترى
أن التطوير يستغرق وقتا، وأنه من الضروري استمرار العيادات الخاصة في عملها نظرا
لحاجة البلد لها