قطر-جريدة الشرق -الأثنين 18 ربيع الأول
1432الموافق 21فبراير 2011
يلجأ إليها أشخاص
للانتقام من خصومهم..
محامون: وسائل الاتصال زادت "جرائم التعدي" على خصوصيات الناس
السويدي: خصوصية
الإنسان مصانة شرعا وقانونا
المهندي: عقوبات رادعة لكل مَن يتعدى على خصوصيات الناس
السليطي: حياة الناس الخاصة لا يجب الاطلاع عليها إلا بأمر قضائي
تحقيق:سعيد الصوفي:
فرضت المتغيرات المتلاحقة والمتسارعة في وسائل الاتصال والتواصل الكثير من التحديات
التي لا يمكن تجاهلها وأسفرت تلك المتغيرات في ظهور وتزايد حالات التعدي على
الخصوصية الفردية والمجتمعية من خلال نشر الصور الخاصة وتفاصيل الحياة اليومية
وكذلك المعلومات الشخصية التي يفضل غالبية الناس بقاءها طي الكتمان وبعيدة عن
الآخرين. ويرى قانونيون أن الحياة الخاصة لكل فرد في المجتمع أحد المحرمات التي لا
يجوز الاقتراب منها وبدونها لا يستطيع الانسان أن يؤدي دوره في الحياة كما يجب،
ولذلك فقد حرصت القوانين والانظمة الحديثة على حماية تلك الخصوصية وعدم العبث بها
او التعرض لها بسوء تحت اي ظرف من الظروف ومن أي جهة كانت. مؤكدين على أن الخوف على
الحياة الخاصة لم يعد مقتصرا على تصرفات بعض المخالفين بل أصبحت في الوقت الراهن
مهددة من العديد من الاتجاهات وذلك نتيجة التقدم المعاصر المتمثل بالانترنت
والفيديو والصحف والتلفزيون والراديو وحتى السينما ومختلف وسائل الاتصال التي تؤثر
على مدى تمتع الشخص بحياته الخاصة في ايامنا هذه ولذلك فإن هذه المنغصات لا بد أن
تجابه بالقانون لحصرها وتقييد آثارها السلبية على الناس.
احترام الخصوصية
في هذا الصدد قال المحامي محسن السويدي إن هناك ضرورة لاحترام خصوصية الانسان التي
ينادي بها ديننا الاسلامي الحنيف وايرادها بما يضمن عدم التعرض لها تحت اي ظرف
وبالتالي لا يستطيع احد ان يقتحم خصوصية الناس المتمثلة في بيوتهم وغيره من
المتعلقات ذات الطبيعة المماثلة الخاصة، واضاف السويدي إن أي شخص لا يحاسب أو يراقب
او يتم التدخل في خصوصياته الشخصية الا في حال وجود امر قضائي او في حالة من حالات
التلبس بارتكاب جريمة مشهودة او وجود علامات كافية لارتكاب الجريمة طبقا للقانون
وهو ما يعني ان تكون المبررات القانونية واضحة لا لبس فيها وبالتالي فان هناك
اجراءات حماية في حال اتخذت اجراءات الانتهاك لتلك الخصوصية للانسان، وسوف يتم
بالقانون ابطال أي احترازات لا تتوافق مع القانون الذي ينظم هذه المسألة. وهذا يعني
بكل تأكيد ان الخصوصية لا ينبغي ان تمس واذا ما تم المساس بها فان بطلان ما يترتب
على ذلك سيكون فعليا. فكيف بمَن يقوم بشكل فردي بالتعدي على خصوصيات الناس أو
يستخدم ما قد يقع في يديه من اسرار ومعلومات خاصة لإلحاق الأذى بالآخرين.
أمن المجتمع
ونوه السويدي بأن النسبة ماتزال منخفضة في القضايا التي تقع على الشبكة العنكبوتية
وماتزال في مستوى منخفض وعلى مستوى شخصي لا يمكن عده ظاهرة، وعن إجراءات ضبط
المخالفين قال السويدي إنه يتم التحقيق من قبل الجهات المعنية للوصول إلى المعلومات
المرادة ويتم فرز المعلومات التي قد يكونون توصلوا إليها حول القضايا او الأشخاص
الذين يعتقد أنهم يمارسون تلك المخالفات غير القانونية مهما تكن، وهذا مشروع لحماية
امن المجتمع لكن لا بد ان تؤخذ المعلومات بشكل رسمي وبالإجراءات القانونية المتبعة
في هذا الشأن ولا يجوز القطع بصدقية تلك المعلومات حول المخالفين دون التحقق منها
وبالطرق الرسمية كما ينظم ذلك القانون بهذا الخصوص فلا يجوز انتهاك حرمات الناس
لمجرد معلومة غير دقيقة ودون إذن قضائي.
إشراف قضائي
ولذلك فلا بد من تحقق الجهات المعنية من كل معلومة تتلقاها من جهات تحرياتها ولا بد
ان يتم بيان الحقائق التي توصل إليها المصدر قبل القيام بتحريات خاصة حول الموضوع
المراد التأكد من حقيقته وهذا يعني ألا يكون المنفذ متسرعا في تطبيق القوانين دون
الاستناد إلى دلائل واضحة لا لبس فيها ولا شكوك حولها.
وهذا ما ينص عليه القانون الذي يشير إلى أن يكون المنفذ حريصا على تطبيق القانون
قبل الإجراءات حتى لا تدخل تحت الاجراء القانوني الذي لا يعتد به قضائيا وأكد
السويدي أن تلك التحريات لا بد أن ترفع للقاضي حتى يصدر امرا بالسماح لممارسة
التدخل والمراقبة لمَن يعتقد أنه يمارس أعمالا غير قانونية، وهذه المهمة لاشك ان
النيابة العامة ستقوم بالتكفل بها لحماية خصوصية المجتمع وتسهر للقيام بتأمين
استقرار المجتمع بعيدا عن تعرضه لأية مضايقات مهما تكن.
حماية المجتمع
من جانبه بيَّن المحامي علي الخليفي أن الدستور القطري قدم في مواده نصوصا صريحة
تضمن الحرية الشخصية وخصوصية الإنسان فلا يجوز أن يطلع على تلك الخصوصيات غير
أصحابها مصداقا لقوله تعالى: " ولاتجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا "، ويتفرع عن
الخصوصية فرعان الاول حرمة المسكن والثاني حرمة المراسلات فحرمة السكن يجد فيها
الانسان الطمأنينة والراحة فمن حق كل انسان الاحتفاظ بخصوصيته فلا يجوز الاقتراب
منها إلا ضمن إجراءات القانون.
وأشار الخليفي إلى أن مدلول المسكن ليس البيت فقط بل كل ما يقيم فيه الانسان بصفة
دائمة او ظرفيه سواء كان ملكا او مستأجرا وقد نصت الشريعة الاسلامية بعدم الدخول
إلى بيوت الغير إلا بإذن أهلها بحيث لا يجوز التصوير دون اذن او التنصت او كل ما من
شأنه إلحاق الأذى او الاطلاع على خصوصيات الناس دون وجه حق ومنها المراسلات
بأنواعها لانها تعد ترجمة مادية لأفكار شخصية فلا يمكن الاطلاع عليها والا كان ذلك
انتهاكا واضحا للقانون كذلك اخفاء او مصادرة المراسلات يعد خرقا لحقوق وخصوصيات
الآخرين وقد استعمل النص واشار إلى أي تدخلات تمس بشرف الإنسان أو سمعته وحتى
الجهات الحكومية لا بد أن تأخذ الإجراءات السليمة التي حددها القانون في هذا الاطار
وهو ما سيحدده القانون لاحقا وما يطلب هو الإذن بأمر قضائي لتفتيش شخص ما او
الاطلاع على خصوصياته واذا لم تكن الاجراءات تبعا للقانون فإن الأدلة المجموعة عن
طريق غير قانوني لا يعتد بها امام القضاء اذ يصعب تحديد حقيقتها وهي تظل غير مشتملة
على جميع الحقائق ولهذا فإن الاجدر هو اتباع الوسائل المشروعة التي ينص عليها
القانون.
جرائم الانتقام
أما المحامي محمد الشهواني فأشار إلى أن بعض الجرائم الالكترونية التي تقع على
الناس محدودة ويقوم بها في الغالب شخص ضد آخر بهدف الإساءة له والانتقام منه، واضاف
إن الحرية الشخصية بالشكل الموسع قد بينتها وضمنتها مواد دستورية كفلت للإنسان
الخصوصية الشخصية فلا يجوز مثلا القبض على الإنسان أو تحديد إقامته إلا بحكم قضائي،
ومن الضمانات المهمة للإنسان ولحماية المجتمع بالمعنى الاوسع فقد جاءت النصوص التي
تحدثت عن الحرية الشخصية ونصت على عدم جواز اي انتهاك لهذه الخصوصية من اي جهة كانت
والتي تهم المواطنين كافة لان المجتمع مسلم وبالتالي فان سرية الامور الخاصة التي
تهم المواطن لا يرضى ابدا ابدا بالاطلاع عليها او محاولة الاقتراب منها كون ذلك
تدخلا سافرا واطلاعا على حرمات قد حفظها الخالق عز وجل وهي كذلك من سمات الاسلام.
روح التعاون
واشار الشهواني الى أن من تلك الامور الخاصة التي لا ينبغي التدخل فيها والاطلاع
عليها، المكالمات او الرسائل او غيرها حيث لا يجوز الاطلاع عليها او محاولة اخفائها
او العبث فيها ابدا لانها متعلقات شخصية خالصة ولا يحق لاحد مهما كان الإطلاع عليها
الا بأمر قضائي قانوني بعد ان تكون هناك ضرورة تبيح ذلك التصرف كدفع ضرر أكبر قد
تنجم عنه مخاطر أكثر سوءا على الفرد او المجتمع وكذلك لا يجوز استخدامها بطريقة تضر
وتسيئ إلى صاحبها والاضرار به، وأكد الشهواني أن هذه الحقوق عندما تتم حمايتها
بالقانون فلاشك أن ذلك يبعث على الطمأنينة والامن لدى المواطن فيثق تماما إنه غير
معرض لأي تدخل غير قانوني من قبل أحد وبالتالي يطمئن فلا أحد يعتدي على حقوقه،
وكذلك يطمئن أن كل متدخل في حقوق وخصوصيات الآخرين فإن القانون له بالمرصاد وسينال
جزاءه طبقا للقانون وبهذا تسود المجتمع وروح الإخاء والتعاون والتعاضد والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ليظل المجتمع متمسكا بمبادئه العربية الإسلامية الأصيلة
وهو ما يراد له أن يترسخ من خلال هذه المواد التي تنص على هذه الحقوق ويطوقها بسياج
قانوني بمواد دستورية ثابتة وواضحة.
طمأنينة أكثر
من جهته قال المحامي عبدالله المهندي إن القانون القطري يؤكد على حقوق الانسان
والحريات المكتسبة ولا يجوز المساس بها، واضاف ان الاهتمام بهذه الخصوصية انما يعكس
بالفعل توجهات الحكومة بالتأكيد على حقوق الانسان وحرمتها وعلى رفعة الانسان واهمية
اعطائه حقوقه التي لا يجوز التعدي عليها، ولذلك فإن القانون يساهم في تكوين المواطن
الصالح دون تدخل في حياته ويتضح ذلك من خلال القوانين والتشريعات التي تنظم هذا
المجال وبما يحفظ ويصون حقوق الآخرين من اي تعد عليها وبأية طريقة كانت. واشار إلى
أن أية جهة تتدخل في خصوصيات المواطن فإنها ستكون عرضه للمساءلة القانونية ويمكن
للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لرد وأخذ حقه في حال التعرض لخصوصياته وهذا من المقومات
المهمة التي ترسي دعائم مجتمع جديد تسوده الطمأنينة والحرية وضمان جميع الحقوق
الشخصية والعامة مع مراعاة بناء مجتمع قوي متماسك من خلال ترسيخ نصوص ومواد القانون
الذي تطرق وكفل جميع الحقوق والواجبات.
تأكيد شرعي
اما المحامي مبارك السليطي فقد أشار إلى أن حماية الحرية الشخصية المنضبطة هو تأكيد
لمبادئ الشريعة الإسلامية أو مطابقة لما جاءت به النصوص والمبادئ الاسلامية وهذا
لاشك شيء جيد بأن تتم مراعاة خصوصية المجتمع القطري المحافظ والمتمسك بسلوكيات وقيم
رفيعة امتثالا لما تمليه عليه تعاليم دينه الاسلامي واشار السليطي إلى أن الدستور
القطري قد جاء ليقرر أن مواده تستلهم تشريعاتها من خلال الدين ولا تتعارض معه بل
تحث على القيم والمبادئ السامية التي من شأنها رفعة الوطن والمواطن وتحقيق العدالة
والمساواة والطمأنينة والرخاء لكل مواطن ومقيم على ارض قطر وبالتالي حفظ وصيانة
حياة الناس الخاصة التي لا يجب الاطلاع عليها من أية جهة إلا بأمر قضائي في حالات
قليلة لتحقيق مصلحة أكبر وأنفع.
دلائل وإجراءات
وأكد السليطي أنه تأكيدا لهذا المبدأ فإنه لا يعتد بأي دلائل تقدم في حال التوجه
لإثبات شيء معين ضد أي شخص وبالتالي فإن الإجراءات المتخذة من قبل تلك الجهة سيكون
الحكم ببطلانها امام القضاء لانها باطل بكل الوجوه وهذا يحفظ للمواطن كرامته وحريته
وبذلك فهذا عامل وحافز للاستقرار المجتمعي
قانون
رقم (14) لسنة 1971 بإصدار قانون عقوبات قطر
قانون
رقم (15) لسنة 1971 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية
ندوة
حول دور وسائل الاتصال في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر