قطر - جريدة الشرق-
الأحد 02 شعبان 1432الموافق 3يوليو2011
حذروا من تزايدها
خلال الفترة القادمة.. خبراء ورجال أعمال: ظاهرة هروب العمالة.. في تراجع ملحوظ
العبيدلي: بعض الشركات تغري العمال على الهروب للاستفادة منهم دون تحمل أعباء
استقدامهم
الجاسم: لابد من تشديد العقوبات على الشركات التي تقوم بإيواء وتوظيف العمالة
الهاربة
المري: شركات المقاولات الصغيرة وغير المصنفة أكبر "مأوى" للعمال الهاربين
حسام سليمان:
أكد عدد من الخبراء ورجال الأعمال ان ظاهرة هروب العمالة قد شهدت تراجعا ملحوظا
خلال الفترة الماضية بسبب الجهود والتنسيق المستمر بين وزارتي الداخلية والعمل،
ورغم ذلك أعرب الخبراء عن مخاوفهم من عودتها إلى الاستفحال مرة أخرى خلال الفترة
المقبلة نتيجة اقبال الشركات على استقدام آلاف العمال، خاصة في قطاع المقاولات،
الذي سيتولى إقامة مشروعات البنية التحتية لاستضافة مونديال 2022. وأكدوا ان السبب
الرئيسي لهذه الظاهرة يرجع إلى قيام بعض الشركات بإيواء العمالة الهاربة وتشغيلها.
وقالوا إن هروب العمالة له العديد من الآثار السلبية على المجتمع، مؤكدين ان هذه
الظاهرة تعتبر السبب الرئيسي لتزايد معدلات ارتكاب الجرائم والمخالفات التي لم
يتعود عليها الناس في السنوات السابقة. وشددوا على ضرورة قيام وزارة العمل بتشديد
العقوبات على الشركات التي تقوم بإيواء وتوظيف العمالة الهاربة، مشيرين إلى ضرورة
توقيع غرامات كبيرة عليها في حالة ثبوت هذا الأمر عليها في المرة الأولى على ان يتم
شطب سجل الشركة في حالة ارتكابها لهذه الجريمة في المرة الثانية، وأكدوا ان هذه
العقوبات سوف تمنع الشركات من ايواء العمالة الهاربة ومن ثم سوف تختفي الظاهرة يوما
بعد آخر.
بداية يؤكد محمد نور العبيدلي رجل أعمال أن ظاهرة هروب العمالة تراجعت كثيرة خلال
الفترة الماضية نظرا للرقابة المشددة والتنسيق والتعاون بين وزارة الداخلية ووزارة
العمل للحد منها، ورغم ذلك يؤكد ان هذا لا يعنى انها انتهت بل هي موجودة. وأعرب عن
مخاوفه من عودتها إلى الاستفحال مرة أخرى خلال الفترة المقبلة نتيجة اقبال الشركات
على استقدام آلاف العمال خاصة في قطاع المقاولات الذي سيتولى بناء البنية التحتية
لاستضافة مونديال 2022.
أسباب
وحول اسباب هروب العمالة قال هناك بعض الشركات التي تريد الاستفادة من العمال دون
أن تتحمل أعباء استقدامهم من بلدانهم، سواء في ما يتعلق بالتأشيرات أو تذاكر
الطيران او توفير مساكن لهم أو ما إلى ذلك، ولذلك تقوم هذه الشركات بتقديم مغريات
بزيادة الرواتب والحوافز لدفع العامل على الهروب والعمل لديها بطريقة غير قانونية،
وأضاف كما ان هناك شركات "تصطاد" هذه النوعية من العمالة بهدف استغلالها وتسخيرها
في مزيد من الأعمال دون أن تعطيها المقابل المادي المستحق على هذه الأعمال. وقال ان
هذه الشركات تفعل ذلك وهي تعلم ان العامل الهارب لن يستطيع الشكوى إلى إدارة العمل
أو إلى أية جهة حكومية لأنه يعلم تمام المعرفة ان موقفه غير قانوني وعليه ان يتحمل
كل ما يتعرض له من استغلال دون أن يشتكي.
اما السبب الثاني في رأي محمد نور العبيدلي فهو أن بعض الشركات لا تلتزم بدفع رواتب
العمال في مواعيدها وربما تؤخرها لاشهر عديدة وهنا لا يجد العامل أي طريق امامه سوى
الهروب والعمل في أي مكان آخر لتوفير نفقات شراء الأكل والشرب على الأقل. وقال
العبيدلي إن هذا السبب تراجع كثيرا في الفترة الأخيرة نظرا لتحسن الوضع الاقتصادي
بشكل عام وتعاظم الارباح التي تحققها الشركات في كل مجال، بالإضافة إلى الرقابة
المشددة التي تفرضها وزارة العمل على الشركات لضمان حقوق العمالة.
وأضاف رجل الأعمال أن هروب العمالة لا يتوقف على عمال الشركات بل إنه أكثر ظهورا في
عمالة المنازل من خدم وسائقين. وقال إن هروب هذه النوعية من العمالة ربما يكون له
اسباب تختلف كثيرا عن هروب عمالة الشركات، مشيرا إلى ان هروب عمالة المنازل يرجع
لاسباب نفسية واجتماعية وأخلاقية. وقال في كثير من الأحيان تتعرض الخادمة إلى
إغراءات من إحدى صديقاتها لدفعها على الهروب والخروج من المنزل للحصول على مكاسب
مادية أكبر أو يقوم احد الاشخاص بإغرائها على ترك المنزل للعمل في أماكن أخرى تحقق
عائدا ماديا أكبر.
وللقضاء تماما على هذه الظاهرة أكد محمد نور العبيدلي ضرورة التنسيق والتعاون
الدائم بين وزارتي الداخلية والعمل لسد الثغرات التي يحاول استغلالها البعض
للاستفادة من تشغيل العمالة الهاربة، وطالب وزارة الداخلية بضرورة عمل كتيبات توعية
وترجمتها إلى عدة لغات وتوزيعها على مكاتب استقدام العمالة، وكذلك على الشركات التي
تقوم باستيراد عمال من الخارج حتى تقوم بتوزيعها على العمالة لقرائتها والتعرف على
طبيعة المجتمع القطري والقوانين المطبقة فيه وتوعيتهم بمخاطر مخالفة القوانين
والعادات والتقاليد العربية والإسلامية. وأكد ان هذه التوعية ستعمل على الحد من
كافة الآثار السلبية للعمالة الوافدة على المجتمع وليس في ما يتعلق بهروب العمالة
فقط.
ويطالب بضرورة تشديد العقوبات على الشركات التي تقوم بإيواء العمالة الهاربة
وتشغيلها، مؤكدا ان العامل لن يفكر في الهروب مطلقا إذا ايقن انه لن يجد من يؤويه
بعد هروبه من الشركة التي قامت باستقدامه. واختتم رجل الأعمال حديثه بالقول ان
ظاهرة هروب العمالة تراجعت كثيرا في الأونة الأخيرة إلا انه حذر من عودتها مرة أخرى
مع اقبال الشركات على استقدام آلاف العمالة في الفترة المقبلة.
ضوابط الاستقدام
ويلتقط الخيط المهندس يوسف الجاسم صاحب مكتب لاستقدام العمالة ويؤكد أن السبب
الرئيسي لظاهرة العمالة الهاربة يعود في الأساس إلى أن سوق الاستقدام يفتقد نوعا ما
إلى التنظيم، الأمر الذي يتسبب في العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية
والأخلاقية. وقال إن هناك أكثر من طريقة للتحايل على القانون بهدف استقدام العمالة
بشكل غير شرعي. وأضاف أن قانون العمل وضع معايير محددة وضوابط معروفة لاستقدام
العمالة إلى السوق القطري. وقال إن القانون نص على إنشاء مكاتب معتمدة ومرخصة تعمل
تحت مظلة وزارة العمل. وأكد أن تجار "الشنطة" الذين يعملون من الشارع ويدورون على
الشركات للبحث عن تأشيرات للمتاجرة فيها وبيعها لمن يدفع أكثر تعتبر إحدى الثغرات
التي تؤدي إلى هروب العمال. وقال إن الهم الأول لتجار "الشنطة" هو البحث عن الربح
السريع عن طريق استقدام عشرات العمالة الرخيصة غير المدربة. وأكد أن سماسرة
التأشيرات وتجار "الشنطة" هم السبب الرئيسي في 90 % من مشاكل العمالة والخدم في
قطر، مشيرا إلى أن هؤلاء ليس لديهم ترخيص لاستقدام العمالة ولا يملكون مقرات إدارية
ولا يدفعون رواتب ولا يتحملون قيمة إيجارات أو فواتير مياه وكهرباء، فقط هم يعملون
من خلال الجوال و"اللف" على الشركات للبحث عن تأشيرات.
وقال الكارثة أن هؤلاء يقومون باستقدام العمالة الأجنبية دون الالتزام بأي ضوابط أو
معايير وفي حالة هروب هذه العمالة أو ارتكابها أية مخالفات لا يجد صاحب العمل أية
مرجعية يشتكي إليها لان تاجر "الشنطة" ليس له مقر معروف ولا يوجد أية قرينة يتحمل
على أساسها المسؤولية. ويؤكد أن عدم وجود قانون يمنع الشركات من التعامل مع تجار
"الشنطة" هو السبب في رواج هذه التجارة، ولذلك يطالب وزارة العمل بإصدار قرارات أو
تعليمات صارمة تجبر الشركات القطرية الكبيرة والصغيرة الحكومية والخاصة بعدم
التعامل إلا مع مكاتب استقدام العمالة المرخصة والمعتمدة، مؤكدا أن هذا الإجراء من
شأنه ان يحد كثيرا من ظاهرة العمالة الهاربة.
وأكد المهندس يوسف الجاسم أن 90 % من المشاكل العمالية كالتستر والهروب وظاهرة
العمالة السائبة كلها ظواهر ناتجة عن عدم تنظيم عملية استقدام العمالة، هذا
بالإضافة إلى أن انتشار جرائم السرقة والانحرافات الأخلاقية والسلوكية كلها إفرازات
طبيعية لعدم تقنين أوضاع استقدام العمالة من الخارج. وشدد على ضرورة قيام وزارة
العمل بتشديد العقوبات على الشركات التي تقوم بإيواء وتوظيف العمالة الهاربة، مشيرا
إلى ضرورة توقيع غرامات كبيرة عليها في حالة ثبوت هذا الأمر عليها في المرة الأولى
على ان يتم شطب سجل الشركة في حالة ارتكابها لهذه الجريمة في المرة الثانية، مشيرا
إلى ان هذه العقوبات سوف تمنع الشركات من ايواء العمالة الهاربة ومن ثم سوف تختفي
الظاهرة يوما بعد آخر.
قطاع المقاولات
ويعتقد جابر المري مقاول ان قطاع المقاولات يعتبر من أكثر القطاعات تضررا من ظاهرة
هروب العمالة. وأرجع السبب في ذلك إلى أن هذا القطاع يوجد به حاليا كثير من شركات
المقاولات البدائية وغير المصنفة وليس لها خبرة أعمال سابقة في السوق.
ويؤكد أن كثيرا من شركات المقاولات الموجود في السوق حاليا عبارة عن شركات بدائية
عديمة الخبرة ليس لديها مهندسون أو محاسبون أو عمالة فنية مدربة على العمل في هذا
القطاع. ويضيف أن مثل هذه الشركات تعيش على "خطف" عامل من هنا وعامل من هناك لتنفيذ
المشروعات التي تسند إليها، مشيرا إلى أن هذه الشركات تقوم بإغراء العمال وتشجيعهم
على الهروب أو توافق على ايوائهم وتوظيفهم بعد هروبهم من الشركات التي استقدمتهم
لاي سبب من الأسباب. وقال إن تشغيل العمالة الهاربة في قطاع المقاولات له العديد من
الآثار السلبية على جودة المنتج العقاري، مشيرا إلى ان العامل طالما انه ليس على
كفالة الشركة فلن يراعي ضميره في الأعمال التي سيقوم بها مثل أعمال السيراميك
والكهرباء أو الأعمال المتعلقة بتوصيل مواسير المياه والصرف الصحي. وقال ان العامل
عندما يكون على كفالة الشركة فهو يعرف جيدا أن صاحب الشركة او المهندس المسؤول سوف
يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة يقوم بها وبالتالي فسوف يتقن عمله على قدر ما يستطيع
لتجنب أي جزاءات قد يتعرض لها.
وحول أسباب هروب العمال قال بعض الشركات الصغيرة وغير المصنفة تقوم بإغراء العمال،
خاصة الفنيين المهرة للهروب من شركاتهم والعمل لديها. وقال إن امتناع الشركات عن
إيواء وتوظيف العمالة الهاربة سوف يقضي تماما على الظاهرة. ويشدد على ضرورة قيام
وزارة الداخلية والعمل بتكثيف الحملات التفتيشية على المشاريع وورش العمل ومناطق
تجمعات العمال للوقوف على مدى التزام الشركات بالامتناع عن تشغيل العمالة الهاربة.
وقال ان الاجراءات العقابية والتي تفرض 20 ألف ريال غرامة على كل شركة تقوم بتشغيل
عامل هارب تعتبر كافية ورادعة، ولكنها تحتاج إلى تفعيل من خلال تشديد الرقابة
والتأكد من تنفيذ الشركات للقوانين والتعليمات التي تحد من ظاهرة هروب العمال.
نائب رئيس المجلس البلدي.. جاسم المالكي:التوعية بطبيعة العقوبات ستمنع العامل من
الهرب
وضع ضوابط صارمة لاختيار العمالة.. يحد من الظاهرة
الدوحة-الشرق:
وبعيدا عن نظرة رجال الأعمال لظاهرة هروب العمالة أكد المهندس جاسم المالكي نائب
رئيس المجلس البلدي أن هروب العمالة له العديد من الآثار السلبية على المجتمع،
مؤكدا ان هذه الظاهرة تعتبر السبب الرئيسي لتزايد معدلات ارتكاب الجرائم والمخالفات
التي لم يتعود عليها الناس في السنوات السابقة، وأشار إلى أن هناك العديد من
التغيرات التي طرأت على المجتمع القطري خلال السنوات القليلة الماضية بسبب دخول
مئات الآلاف من العمالة الأجنبية المتعددة الثقافات والديانات. ويقول رغم أن هذه
العمالة كان لها دور رئيسي في عملية التنمية التي لا تخطئها عين فإن هذه العمالة
لها الكثير من الجوانب السلبية التي أحدثت تغيرات وظواهر اجتماعية لم يتعود عليها
المواطن القطري في ما مضى. وقال لا شك أن العمالة الهاربة ربما يكون لها دور أساسي
في زيادة معدل الجريمة، خاصة السرقات كنتيجة طبيعية لعدم توافر مورد رزق لهم بعد أن
ضيقت عليهم شركاتهم واضطرتهم للهروب منها بسبب ضعف الرواتب أو سوء المعاملة
وبالتالي فإن عشرات العمال من هذه الفئة يعيشون في حالة بطالة دائمة وهم يبحثون
دائما عن أي وسيلة لتأمين قوت يومهم.
وحول اسباب الظاهرة قال ان العمالة تنقسم إلى قسمين، الاول هو عمالة الشركات،
والثاني هو عمالة البيوت. وقال ان السبب الرئيسي لهروب العمامل من الشركة التي يعمل
فيها يعود إلى ضعف الرواتب وعدم المساواة في الحقوق وأيضا صعوبة التأقلم مع
الجنسيات الأخرى. اما سبب هروب عمالة المنازل فيرجع بالأساس إلى سوء المعاملة أو
تعرض الخادمات للإغراءات المادية التي تدفعهن للهروب والبحث عن أعمال أخرى تدر
عليهن راتبا أكبر.
وأكد نائب رئيس المجلس البلدي أن القانون به من العقوبات ما يكفي للقضاء على
الظاهرة، كما أن وزارة الداخلية لا تقصر وتقوم بدورها على أكمل وجه في محاربة ظاهرة
هروب العمال خاصة أنها شهدت تطورا هائلا في تحديث انظمتها وتطوير ادواتها لضبط أي
خروج على القانون. ورغم ذلك يؤكد ان الظاهرة لن تنتهي تماما إلا إذا تكاتفت الشركات
ورجال الأعمال وتعاونوا مع الجهات الرسمية لمحاربة هذه الظاهرة، مشددا على ضرورة
امتناع الشركات تماما عن ايواء وتوظيف أي عامل هارب. وقال إن الصالح العام يحتم على
رجل الأعمال ضرورة الالتزام التام بالقانون وعدم الاستعانة إلا بالعمالة الشرعية.
أما الأمر الثاني كما يقول المهندس جاسم المالكي هو ضرورة قيام وزارة العمل بترك
أمور استقدام العمالة إلى مكاتب الاستقدام والشركات دون ان تضبطها من الناحية
الثقافية والتوعوية والإجرائية. وقال لابد ان تضع وزارة العمل الضوابط التي تضمن
عدم دخول قطر عمالة غير متعلمة او عمالة غير مدربة او عمالة عليها سوابق في ارتكاب
الجرائم في بلادها، مشيرا إلى ان بداية ضبط سوق العمل يبدأ من اختيار العمالة التي
يسمح لها بالعمل داخل قطر. وأضاف كما يجب على وزارة العمل ان تعمل مطبوعات
واستمارات بجميع اللغات يكون الهدف منها توعية العامل بطبيعة القوانين والعادات
والتقاليد المعمول بها في قطر بحيث يكون العامل على بينة من أمره بهذه القوانين وان
يعرف جيدا العقوبات التي سوف يتعرض لها في حالة مخالفتها. وطالب وزارة العمل أخيرا
بإجبار مكاتب الاستقدام والشركات بتطبيق هذه المعايير عند استيراد عمالة من الخارج،
مؤكدا أن هذه الاجراءات سوف تؤدي للحد كثيرا كمن ظاهرة هروب العمالة