قطر- جريدة العرب-
السبت 22 شعبان 1432 الموافق 23 يوليو 2011 العدد 8441
قانون نقل سكن العمال أشعل الأسعار في المنطقة الصناعية
خبراء: الخمول في الصيف والأسعار الخيالية أهم عوائق سوق العقارات
اعتبر خبراء عقاريون أن سوق العقارات
لم تتأثر بقرار نقل سكن العمال إلى المنطقة الصناعية، موضحين أن أسعار إيجارات
العقارات ارتفعت فقط بالصناعية. حيث عمدت بعض الشركات إلى استغلال القرار ورفع
الأسعار بشكل «خيالي».
وكانت وزارة البلدية والتخطيط العمراني دعت في وقت سابق جميع الشركات إلى تعديل
أوضاعها بشأن سكن العمال بشكل سريع، وذلك قبل سريان القانون رقم 15 لسنة 2010،
الخاص بحظر سكن تجمعات العمال داخل سكن العائلات في جميع المناطق الذي يبدأ سريانه
في بداية شهر نوفمبر القادم.
حسن عبدالله مدير مكتب شركة مجموعة بن عجلان العقارية يوضح في حديثه لـ «العرب» أن
إيجارات العقارات لم ترتفع بل نزلت، ومن يقول إنها ارتفعت يكون مخطئاً، فالسوق منذ
3 أشهر في حالة خمول بالنسبة لعملية البيع والشراء، أما التداولات العقارية خاصة
المتعلقة بالأراضي وليس البيوت أو العقارات نشيطة، فمثلا الأسبوع قبل الأخير كان
التداول 800 مليون ريال، والذي قبله 496 مليون ريال، وكلها صفقات «أرض فضاء»، أي
مساحات كبيرة في الشمال والوكرة وغيرها، منوها إلى أن هذه الصفقات لا تعتبر في
السوق العقارية استثمارات عقارية، حيث لا علاقة لعوائدها «بالبنيان والعقار».
ويؤكد عبدالله مرة أخرى أنه لا يوجد ارتفاع في أسعار الإيجارات، لأن قانون
الإيجارات الجديد، سيكون لديه «حد أدنى وحد أعلى»، حيث سيرتب ويمنع عملية التنسيق
بين الإيجارات كحد أدنى وأعلى حسب المناطق، وألا تكون الأسعار عشوائية، «بحيث لا
يأتي أي شخص لديه بيت، ليقول إن إيجار بيته 30 ألف ريال مثلاً».
فمثلاً منذ شهر مايولا يوجد طلب، بينما «لدي معروض كبير»، دائماً الشركات والعمال
يطلبون السكن، الآن الجميع يطلبون سكناً في الصناعية وفي المناطق التي تقع خارج
السكن العائلي، لذا الأسعار ما زالت محافظة على مستواها بل «انخفضت»، خاصة خلال
الشهر الماضي، ولكنها لم تتضح لكل الناس، حسب قوله.
كما يوضح الخبير العقاري سالم العاوي في حديثه لـ «العرب» أن إيجارات العقارات ما
زالت في الحدود الطبيعية، فيما عدا الإيجارات في المنطقة الصناعية، ويعود ذلك إلى
أن الشركات العمالية بدأت بنقل سكن عمالها إلى الصناعية بعد القرار الذي أعطى
الشركات مهلة حتى شهر نوفمبر من العام الجاري.
في حين يقول الخبير العقاري أحمد ناصر المرقب إن الإيجارات ما زالت محافظة على
حدودها، «سمعنا أن بروة ستخفض إيجاراتها، لكن ذلك لم يحصل»، موضحا أن الإيجارات
ارتفعت في الصناعية بسبب الهدم، وعدم الانتهاء من بناء الكثير من الأبنية.
ويشير المرقب إلى أن الشركات العقارية لا تستطيع أن تستأجر الأبنية سوى في
الصناعية، خاصة الشركة التي لديها مئات العمال، فلا يجوز أن يقطنوا في حي سكني.
منوها إلى أن الأبنية في الصناعية يجب أن تكون مخدمة ومخصصة للعمال.
ارتفاع في مساكن الصناعية
ويشير العاوي إلى أن الشركات بدأت تستغل الفرص، فارتفعت إيجارات السكن في الصناعية،
وبدأت بالارتفاع بمعدل %25، قبل صدور المهلة المحددة للشركات العمالية، ثم استغلت
القرار ورفعت الأسعار. في حين من المفترض أن تخفض الإيجارات وليس العكس بما أن
العمال سيخرجون، مشيراً إلى أن إيجارات العقارات في الأحياء السكنية ستنخفض ما بين
15 إلى %20، أما سكن العمال في المنطقة الصناعية والخارجية، فقد بدأ يرتفع منذ الآن
وقبل تنفيذ القرار. متمنيا تدخلا سريعا لمنع الارتفاعات منذ الآن.
وحول القانون الخاص بسكن العمال، يشير حسن عبدالله إلى أن أغلب الشركات لديها سكن
في الصناعية وروضة راشد ومسيعيد وغيرها، أخرجت العمال من المناطق السكنية إلى
الصناعية، وبالتالي أصبح هنالك الكثير من العقارات الشاغرة في الغرافة والدوحة
وغيرها، «هذه الشقق أصبحت متاحة، التي كان إيجارها بـ10 آلاف ريال، انخفض إلى 8
آلاف ريال.
أما الأسعار في الصناعية، فقد ارتفعت كثيرا، فمثلا الغرفة التي كانت تؤجر بـ1200
ريال مع الكهرباء والماء، تؤجر اليوم بـ2400 ريال.
تمديد المهلة للشركات
ويرى عبدالله أنه من المفروض أن يحدد القانون فترة أخرى للشركات، لأن هذه الشركات
لا تستطيع الإخلاء خلال هذه الفترة، «لا يجوز وضع العمال في مكان دون أن نوفر لهم
الخدمات من بنية تحتية وكهرباء وماء وغيرها».
وتمديد المهلة، من شأنه أن يخدم المصلحة العاملة للبلد، بصرف النظر عن ارتفاع
الإيجارات أو انخفاضها، يجب أن يعطوا الناس فرصة لتسوية أوضاعها، «في شركات صغيرة
مثلا، تضم 20 عاملا، كيف ستجد هذه الشركة سكناً في الصناعية»، كما يقول عبدالله.
بينما يوضح المرقب أن العمال البسطاء والمؤسسات الصغيرة مثل المجمعات التجارية
والجمعيات، لا يمكنه الاستئجار لعمالها في الصناعية، فهم يستأجرون بيوتا صغيرة تكون
قريبة إلى عملهم في الدوحة، لذلك نطالب الجهات المعنية أن تأخذ بعين الاعتبار
المؤسسات الصغيرة. مشيراً إلى أن بعض الشركات تسكن عمالها في «كرفانات»، وعندما
تنتهي من المشروع تنقل الكرفان إلى مشروع آخر، بحيث يبقى العمال في موقع العمل،
وبالتالي توفر الشركة إيجار المواصلات والسكن في الصناعية وغيرها.
ويطالب المرقب بتمديد القرار، لوجود مؤسسات غذائية صغيرة، تخدم المجتمع، ولديها
عمال لا يمكن الاستئجار لهم في الصناعية. «إذا سكن العمال في الصناعية، متى سيأتي
العامل إلى دوامه، سيحتاج إلى وقت طويل ذهاباً وإياباً».
اقتراح لحلول سريعة
ويرى عبدالله أن السوق العقارية القطرية تواجه «إشكالية»، رغم أنها من أنجح الأسواق
في العالم وتتمثل هذه الإشكالية بأن السوق العقارية تشهد من شهر مايو إلى
سبتمبرحالة ركود، بسبب ارتفاع درجة الحرارة والسفر إلى الخارج.
وهنا يقترح عبدالله أن تستعين الجهات المعنية بخبراء، لإجراء دراسة ومعالجة لهذه
الإشكالية، بحيث يتشاورون مع بعضهم البعض لحل المشكلة، «كيف أحقق أعلى إيرادات
واستثمار على مستوى العالم في 8 شهور، بينما أدخل في حالة ركود خلال أربعة أشهر».
ويناشد عبدالله البلدية، أن تقيم دورات توعية، وتدرس المسألة مع الخبراء والشركات
المعنية.
كما يقترح عبدالله أيضا أن يتم وضع خطة طويلة الأمد، ولعشرين سنة قادمة، وأن يتم
«الفصل بين الشركات وسكن العمال أو العزاب، فلا يجوز أن تستأجر الشركة عمارة فيها
عشرين شقة، وأضع في كل شقة 6 عمال، فهذا يشكل ضغطاً على المرافق من كهرباء وماء»،
العامل يعمل 8 ساعات ويجلس في البيت 16 ساعة، قائلاً: «برأيي الشخصي، يجب أن يكون
لكل شركة سكن خاص بها في المناطق التي حددتها الدولة، كي لا أضع العمال في
الصناعية، وعملهم في مسيعيد أو الوكرة»، فلو خرج العامل الساعة الخامسة صباحاً إلى
عمله، يحتاج إلى ساعة ونصف ذهاباً وإياباً، بالتالي يؤثر ذلك على الإنتاج، «نحن
دولة منتجة نريد عملاً».
أهم مشاكل سوق العقارات
إضافة إلى هذه الإشكالية، هنالك عدة عوائق أخرى تواجه سوق العقارات، كما يرى
عبدالله، ومنها الأسعار المبالغ بها من قبل البعض، فمثلا البعض يستأجر شقة بـ4 آلاف
ريال، وهو موظف دخله لا يساعده على تحمل هذه الإيجار، ما يؤدي إلى التأثير سلباً
على الإنتاج، «لا يجوز أن أصرف راتبي على السكن والأكل والشرب فقط»، وكله بسبب بعض
أصحاب العقارات الذين قد يعرفون أن منطقة ما كالريان والمرة مرغوبة من الناس،
فيؤجرون الشقة بـ30 ألف ريال، مع أنها لا تستاهل 8 آلاف ريال، «لكنك تضطر لأن
تدفع».
العائق أو المشكلة الثانية في سوق العقارات، هي تلك المتعلقة بالشيكات البنكية، كما
يشرح عبدالله، فملاك العقارات لا يستطيعون في كثير من الأحيان قبض الشيكات التي
يحررها المستأجرون، لأنها من دون رصيد، فتجد أن الشركات لديها كم كبير من الشيكات،
لا يوجد فيها أي إجراء قانوني، مطالباً بتنفيذ العقوبة التي ينص عليها القانون وهي
السجن لمدة 3 سنوات. أما الحلول المقترحة، فأهمها تفعيل الرقابة من قبل البلدية،
بحيث يقدم كل من يحرر شيكا من دون رصيد إلى الشرطة ليحبس حسب القانون. وكصاحب
عقارات، إن لم تكسب خلال السنة تخسر وتغلق الشركة، يقول عبدالله، مشيراً إلى أن ذلك
يضر بالعمال والمشاريع وبالتالي على الاقتصاد ككل، «نريد استثمارا وبنية تحتية»،
موضحاً أنه على وزارة البلدية أن تجلس مع أصحاب المكاتب العقارية وتسمع رأيهم ورأي
المستثمرين، لترى ما المعوقات، بحيث تسمع الجهة التنفيذية الرأي الصحيح وتنفذه
وتستفيد من الأخطاء، وتشكل لجانا لمتابعة الحلول.
فالسوق القطرية جيدة، رغم ما تمر به بعض الدول العربية من اضطرابات، لكن «لا نريد
أن يكون هنالك تراجع، بل تقدم، ونبحث عن حل لمشكلة عدم وجود عمل في الصيف، خاصة في
أشهر 7 و8 و9، يجب إيجاد حلول جذرية»، لأن أصحاب العقارات لديهم عمال ومصاريف
وغيرها، وكلها أعباء على البنية التحتية الرئيسة، فإذا لا يوجد شغل، لا يعطيك بنك
التنمية قروضاً، وأغلب الشركات تعتمد على الدفعات، كما يوضح عبدالله.
ففي الفترة الماضية ارتفع سعر الحديد، حسب عبدالله، وهذا مرتبط بالدول العربية
المجاورة والسوق العالمية، البورصة أيضا تأثرت هنا، لكنها لم تتأثر في الاستثمارات،
نريد أن تكون الاستثمارات جيدة دائما، خاصة أن استضافة كأس العالم عام 2022 ستجلب
الكثير منها.
منع المحال الصغيرة في الأحياء السكنية
ويضاف إلى هذه العوائق، ارتفاع إيجارات المحال التجارية، التي وصفها عبدالله
«بالخيالية»، ففي معيذر يصل إيجار السوبرماركت إلى 20 ألف ريال، في حين أن مستأجر
المحل لديه عمال وفواتير كهرباء وماء، لذلك يبيع السلعة بسعر مضاعف، حتى يحصل
الإيجار، «الجميع يشتكي من هذا الموضوع، لأن الأسعار في ارتفاع مستمر».
مسألة مهمة أخرى يشير لها سالم العاوي، تتلخص بالقرار، الذي ما زال تحت التنفيذ،
وهو إلغاء المحال التجارية الصغيرة في الأحياء السكنية، وهذا أثر على أسعار إيجارات
المحال التجارية في الشوارع الرئيسة، إضافة إلى عدم وجود قانون يردع الارتفاع،
فأصحاب المحال التجارية الواقعة على الشوارع الرئيسة يستغلون هذه القرار، دون
مراعاة حقوق المستأجرين من جميع النواحي.
ويقترح الخبير العقاري أن تتدخل الدولة لوضع قرارات صارمة، بحيث يمنع التمديد
للشركات العمالية في الأحياء. ومنع ارتفاع الإيجارات في سكن العمال بالأحياء
الصناعية، وكذلك إيجارات المحال التجارية في الشوارع الرئيسة، قائلا: «على الدولة
إعادة النظر بوضع المحال التجارية في الأحياء، وألا تلغيها، لأنها تخدم الأحياء
السكنية وتساعد أيضا على تخفيض الإيجارات». ويطالب العاوي الجهات المعنية بوضع
قرارات صارمة، لضبط أسعار المحال التجارية على الشوارع الرئيسة، بحيث يمنع رفع
الأسعار بأكثر من 2 أو %5، أو أن تكون الزيادة لمدة ثلاث سنوات %5 فقط. مناشدا
الجهات المعنية خاصة وزارة البلدية والتخطيط العمراني، بالتدخل السريع لحل هذه
المشكلة بأسرع وقت.
فيما يرى المرقب أنه لا مانع من إلغاء البقاليات الصغيرة في الأحياء السكنية، بشرط
وجود بديل في كل حي سكني، «يجب أن يتوفر مجمع يخدم الحي، وللحفاظ على الأطفال أيضا،
فالطفل قد يتعرض لأي حادث في الشارع العام بسبب الازدحام وكثرة السيارات».