قطر - جريدة العرب
- السبت 02 ذو الحجة 1432 الموافق 29 أكتوبر2011 العدد 8539
المواطنون ينتظرون «على نار» تطبيق قانون «العزاب».. وعضو بلدي يطالب بآلية واضحة
أبدى
كثير من المواطنين والمقيمين ارتياحهم لقرب تطبيق القانون رقم «15» لسنة 2010 بشأن
حظر سكن العمال داخل مناطق سكن العائلات اعتبارا من أول نوفمبر القادم، وتنفس أرباب
الأسر الصعداء بعد علمهم بقرب إزالة الكابوس الذي كان يلاحقهم جراء وجود العشرات من
العزاب وسط بيوتهم وما يسببه هذا التواجد من مشاكل ومضايقات كبيرة.
لكن البعض طالب بإيجاد آلية حقيقية وعملية تمكن من تطبيق القانون بشكل فوري وعملي،
مشددين على أن بناء مساكن لائقة تحتوي على كافة الخدمات الضرورية، وتستطيع استيعاب
عمال الشركات خطوة أولى يجب أن تسبق عملية نقلهم إلى المجهول، وتمنى آخرون من رجال
الأعمال الذين يعملون في مجال العقارات بناء قرى أو مجمعات خارج الدوحة تنحصر
مهمتها الأولى في سكن العمالة العزاب، فوجود السكن اللائق أولا شرط أساسي وآلية
صالحة تساعد على تطبيق القانون دون الإضرار بأي طرف.
مشكلة السكن العائلي في المناطق التي يقطنها العزاب في الدوحة مشكلة مزمنة ظلت عصية
على الحل سنوات طويلة رغم تناول وسائل الإعلام لها ومناقشتها في أحاديث المجالس
الخاصة والعامة وطرحها من خلال زوايا متعددة، بهذه الكلمات بدأ سعيد عائض حمد
القحطاني وأضاف: لاحظت في السنوات الماضية أن الكثير من الأحياء السكنية تتداخل
فيها مساكن العزاب مع سكن العائلات نتيجة للزيادة المطردة في أعداد العمال الأجانب
والعزاب الذين يتوافدون بشكل مكثف على البلاد ويجدون أنفسهم في مساكن محشورة بين
البيوت التي تقطنها العائلات، مما أسهم في خلق ما يعرف اليوم بمشكلة سكن العزاب وسط
العائلات في مساكن ضيقة لا تتوافر فيها أبسط ضروريات الحياة اليومية بالقرب من بيوت
الأسر التي يعتبر أغلبها من المواطنين.
ويقول القحطاني إن المنطقة السكنية التي يعيش بها تحولت مؤخراً إلى منطقة جاذبة
للعزاب وتحولت معظم المنازل والبيوت الشعبية إلى غرف مكتظة بالعمال، حيث عمدت
الشركات العقارية الكبرى إلى استئجار أماكن لإقامة عمالها في المنطقة وسط العمارات
السكنية والفلل الخاصة مستغلة انخفاض أسعار الإيجارات.
معضلة
وأشار القحطاني إلى أن المعضلة الحقيقية ليست في تطبيق القانون بقدر ما توجد في عدم
إمكانية تعميمه على كل الحالات، فهناك آلاف من العزاب يعملون في القطاعين العام
والخاص يشكلون مشكلة أكبر وأخطر من عمال الشركات لعدم اطلاع الكثير من الناس عليهم،
فهذه الفئة تعمل برواتب جيدة وكل واحد أو اثنين يقومون باستئجار شقة ملاصقة لشقق
العائلات، ولا أحد يجرؤ على فتح موضوعهم، فهم يقومون باستئجار الشقق على أساس
استقدامهم لعائلاتهم في الوقت الذي لا يفكر أحدهم في ذلك، وقد لا يكون متزوجا أصلا،
وإنما قام بالتحايل على صاحب مكتب العقار موهما إياه بأنه يريد هذا السكن لغرض سكن
عائلي، وبعد ما يتم التعاقد مع المكتب تبدأ المشكلة بالنسبة للعائلات المجاورة،
بينما يكتفي صاحب المكتب باستلام مبلغ الإيجار شهريا دون أن يقوم بالتفتيش لمعرفة
ما إذا كان المؤجر استقدم عائلته بالفعل أم أنه يمارس خداع الجميع، تلك مشكلة كبرى
بدأت تستفحل في السنوات الأخيرة.
أما عمال البقالات، والمحلات التجارية، والملاحم، والمخابز: فهؤلاء لا يمكن أن يفرض
عليهم السكن في مناطق خارجية، لأن طبيعة عملهم تتطلب منهم السكن بالقرب من أماكن
عملهم كي يوفروا الخدمات لسكان المناطق التي يعملون بها، لذلك لا بد من وضع آليات
مدروسة ومعقولة لمعرفة الفئات التي يمكن للقرار أن يشملها، وتلك التي لا يمكن أن
يطالها للظروف التي تكلمنا عنها، لكن يبقى تنفيذ القرار هو مربط الفرس لما له من
أهمية، ولما يمكن أن يحل من مشكلات طالما حلم الجميع بحلها، مثل سكن عمال الشركات
وسط بيوت الأسر، وإذا ما تم إبعاد هذه الفئة عن أحياء العائلات فستنتهي كل المشاكل
الموجودة بين العمال وأرباب الأسر الذين تعرضوا لمعاناة حقيقية نتيجة لسكنهم بجوار
هذه «الكانتونات البشرية» التي توجد بينهم وبينها هوة اختلاف كبيرة في العادات
الاجتماعية التي تربى عليها هؤلاء العمال والتقاليد المحافظة محلياً، مما يسبب
الضيق على من يقطنون في هذه المناطق.
مسؤولية الشركات
وأوضح القحطاني أنه ومن باب الإنصاف يجب على المجتمع أن يعي أن العمال ليسوا
مسؤولين عن انتشار هذه الظاهرة لأنهم أناس أبرياء لا يعرفون البلد ولا العادات
والتقاليد، وقد استقدمتهم شركات معينة وقامت بوضعهم في المكان الخطأ، من هنا -يضيف
القحطاني– لا يمكن أن نحمل العامل خطأ غيره، بل يجب تحميل المسؤولية بالدرجة الأولى
إلى أصحاب الشركات، لأن العامل الأعزب الذي أتى إلى هذه البلاد بحثاً عن فرصة عمل
لم يجدها في بلده، أو لتحسين مستواه المادي وبناء مستقبله -وهو مكره في سبيل ذلك
على تحمل العناء والظروف الصعبة التي قد يواجهها- لا دخل له في هذا الموضوع إطلاقا،
ويكفيه من المعاناة ما نراه اليوم من تردٍ في مستوى المساكن الضيقة التي تكتظ
بعشرات العمال، حيث الغرف متهالكة والحمامات مقززة والنظافة معدومة، مما يثير
تساؤلاً عن الجهة المسؤولة عن هذه المظاهر التي تتسبب في تفشي الكثير من الأمراض،
ويمكن أن تتولد عنها تصرفات وأخلاقيات منحرفة بحكم الأمر الواقع.
أين السكن البديل؟
ونبه القحطاني إلى خطوة مهمة يجب القيام بها قبل سريان تنفيذ القانون وهي: توفير
السكن البديل للعمال قبل التفكير في نقلهم حتى لا نضع مشكلة على أخرى وأضاف: على
الجهات التي تعنى بتطبيق هذا القانون إيجاد السكن البديل للعمال قبل التفكير في
نقلهم، وعلينا الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال، فالدول المجاورة التي
قامت بمثل هذه الخطوات حرصت على بناء مدن متكاملة فيها جميع الخدمات للعمالة
المتواجدة على أراضيها، وبعد اكتمال تلك المدن السكنية فرضت تطبيق القانون الذي
ألزم كل الشركات بنقل عمالها إلى تلك المناطق المخصصة لهم، فبناء مدن سكنية وتوفير
كل الاحتياجات فيها يعتبر مقدمة لحل مشكلة العزاب.
إزعاج دائم
عبد الكريم خالد يضم صوته لمن سبقه فيما يسببه العمال من إزعاج دائم ومتواصل
للعائلات التي وجدت نفسها ضحية لجشع شركات لا هم لها سوى تحقيق مصالح ضيقة حتى ولو
كان تحقيق تلك المصالح على حساب الآخرين وأردف: «ما من شك في أن تواجد العزاب
بملابس تخدش الحياء أمام البيوت والشوارع هي أهم مشكلة تواجه المجتمع، وقد أدى
انتشار العزاب بالمنطقة التي أسكن بها إلى تقييد إقامة وحركة العائلات داخلها،
وبتنا نخشى على أطفالنا وخدمنا من الخروج، ولم نعد قادرين على إرسالهم إلى الدكاكين
القريبة لجلب بعض احتياجات البيت، نحن محاصرون بكل ما في الكلمة من معنى».
وعلى ذكر ما سبق فإننا نطالب بوضع مخالفات مالية وعقوبات مشددة على كافة ملاك
العقارات وإلزامهم بعدم تأجير بيوتهم العائلية للشركات التي تستغل هذه المساكن
لإقامة عمالها، لأنها –أي الشركات- هي المسؤول الأول عن وجود هذه المشكلة.
نموذج سيئ
وضرب عبدالكريم خالد مثالا لإزعاج سكن العمال وسط العائلات بحالة الفيلا المقابلة
للعمارة -الواقعة في مدينة خليفة الجنوبية- التي يسكن بها، حيث يتكدس العشرات من
جنسية عربية في تلك الفيلا التي أصبحت مصدرا للإزعاج والحرج لكل العوائل المجاورة،
فما إن تقترب الشمس من الغروب -يضيف خالد- حتى يتجمعوا في الشارع وأمام عمارتنا
وكأن المكان حديقة عامة، فلم يكفهم إغلاق الشارع بسياراتهم التي جعلت إيجاد موقف في
المنطقة مستحيلا بالنسبة للزوار الراغبين في زيارتنا، ناهيك عن التصرفات الغريبة
أحيانا، كتحويلهم الشارع إلى مغسلة للسيارات جعلت منه بحيرة تغمر الشارع على مدار
الأسبوع، بالإضافة إلى تسببهم في تعطيل أنابيب المياه الموجودة، الأمر الذي يجعل
عبور الشارع من دون سيارة شبه مستحيل.
من هنا أوجه صرخة استغاثة إلى عضو المجلس البلدي وإلى كل المعنيين بالأمر كي يجدوا
حلا للعمال القاطنين في مدينة خليفة الجنوبية على الجهة المقابلة لإدارة المرور،
لأن الحياة أصبحت كابوسا حقيقيا.
نحن ضحايا
وخلال جولتنا في المنطقة دخلنا إلى أحد المساكن الذي يحوي ما يزيد على 30 عاملا
لمعرفة رأيهم في الموضوع، وما إذا كانوا يشعرون بحجم المشكلة التي يسببونها
لجيرانهم من العائلات، فما كان منهم إلا أن اتفقوا على أن يتولى عبدالرحيم الدهقلي
الإجابة على أسئلتنا، حيث أكد أن هؤلاء العمال هم خليط من الآسيويين والعرب يعملون
في شركة مقاولات، وقد استأجرت لهم هذه الفيلا القديمة نظرا لانخفاض إيجارها، وتساءل
الدهقلي: هل يعقل أن نكون ضحايا ومتهمين في الوقت نفسه؟ نحن لا نختار مكان السكن
ولا دخل لنا في اختياره، وقد جئنا هنا دون معرفة ما إذا كانت المنطقة منطقة عائلات
أم عزاب، مسؤول الشركة أدخلنا إلى هذا السكن الضيق الذي لا يتوافر على خدمات تكفي
لعدد العمال، فلا وجود للحمامات باستثناء اثنين لا يمكن أن يستوعبوا حاجة 30 عاملا،
ولو زرت المكان وقت رجوعنا من العمل لرأيت حربا حقيقية على أبواب الحمام، لأن كل
واحد يريد أن يدخل قبل الآخر للاستحمام من عرق نهار شاق من العمل، ومن يحظى بفرصة
الاستحمام أولا سيجد سريرا ينام عليه لمحدودية الأسرة وضيق الغرف.
من هنا يجب على المجتمع ألا يحملنا من الأمر ما لا نطيق وما هو خارج عن اختيارنا،
يكفينا ما نحن فيه من المعاناة –يضيف الدهقلي– ومن غير الإنصاف أن نقوم بخدمة
الجميع عبر أعمالنا التي نقوم بها ومن ثم نوصف بأن وجودنا في مكان ما يسبب مشاكل
لأناس آخرين لا نعرفهم ولا يعرفوننا.
خطوة على الطريق الصحيح
نقلنا الحديث حول قرب تطبيق قانون منع عمال الشركات من السكن وسط الأحياء العائلية
إلى السيد محمد شاهين العتيق عضو المجلس البلدي عن مدينة خليفة الجنوبية، وذلك
لمعرفة رأيه في هذه الخطوة التي اتخذت، وما إذا كانت مدينة خليفة من المناطق
المشمولة بالقرار، فأجاب بأن هذه الخطوة تعتبر الخطوة الأولى نحو حل مشكلة طالما
اشتكى منها المواطن لما تسببه له من مشاكل عبر تطويقه بأناس لا يعرفون عادات
المجتمع وتقاليده.
وأشار العتيق إلى أن هذا الموضوع بالذات كان من بين المواضيع التي أجمع عليها أعضاء
المجلس البلدي أثناء الحملة الانتخابية، لما يكتسيه من أهمية، وبناء على تلك الوعود
تحرك أعضاء المجلس بالتعاون مع وزارة البلدية لاتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الأمور
في نصابها الصحيح، فقد جاء القرار الجديد ليشمل في مرحلته الأولى عمال الشركات
الذين هم سبب المشكلة، ولأنهم ليسوا جزءا من تلك الأحياء التي يسكنون بها يعتبر
وجودهم غير مبرر، لذا كان من الضروري نقلهم إلى أماكن خارج الأحياء السكنية، فدائرة
عملهم خارج تلك الأحياء، وبالتالي على أصحاب الشركات توفير مساكن لعمالهم خارج
دائرة سكن العائلات، أما الفئة التي تعتبر جزءا من الحي السكني وتساهم في خدمة
السكان كصاحب البقالة، وعامل المخبز، وأمثالهم ممن يحتاج الجميع لخدماتهم فهم جزء
أساسي من كل حي سكني وبالتالي لا غنى عنهم، والجميع يعرفهم ويعرف أين يسكنون وهم
بطبيعتهم هادئون وملتزمون.
آلية واضحة
وطالب العتيق بوضع آلية واضحة لتطبيق القانون حتى يعطى كل ذي حق حقه، بحيث تسير
الخطة حسب ما هو مرسوم لها، كما أشاد بجهود الحكومة في هذا المجال، وحث العتيق سكان
مدينة خليفة الجنوبية على التحلي بالصبر حتى يحين تاريخ سريان القرار، ومن ثم
سيكتشفون مدى اهتمامه شخصيا بالموضوع، وبشرهم بقرب نهاية المشكلة التي طالما أرقتهم
والتي تعهد لهم في برنامجه الانتخابي بحلها عبر التعاون مع بقية الأعضاء ووزارة
البلدية والجهات الحكومية المختصة.