قطر - جريدة
الراية- الاربعاء 20 ذو الحجة 1432 الموافق16 نوفمبر2011
الزمان لـ الراية:
قانون حماية المجتمع غير دستوري
القانون يطبق بعيدا
عن إجراءات النيابة العامة ورقابة السلطة القضائية
بقاء هذا القانون مساس خطير بحقوق وحريات الأفراد
قواعد قانون الإجراءات الجنائية تغني تماما عن حماية المجتمع
الدستور القطري جاء حريصا على تقرير مبدأ الحريات الشخصية
قانون الإجراءات القانونية يعكس مفهوم العدالة والتحضر عند الشعوب
الدوحة - الراية:
ناشد المحامي يوسف أحمد الزمان اللجنة المشكلة لإعادة النظر في القانون رقم 17 لسنة
2002 بشأن حماية المجتمع، بالتوصية بإلغاء هذا القانون تماما، مؤكدا أن في بقاء هذا
القانون مساس خطير بحقوق وحريات الأفراد. وأكد في حوار مع الراية أن القواعد
القانونية المعمول بها سواء تلك الواردة في قانون العقوبات أو قانون الإجراءات
الجنائية تغني تمامًا عن وجود هذا القانون الذي اعتبره غير شرعي وغير دستوري ضمن
المنظومة القانونية لدولة قطر.
وقال الزمان : يتعين استعراض ما جاء به قانون حماية المجتمع من أحكام وحالات ثم
نقارن هذه الحالات والأحكام مع المبادئ الدستورية في الدستور القطري وقانون
الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، ثم ننتهي إلى ما إذا كانت هناك حاجة تدعو
للإبقاء على هذا القانون ضمن المنظومة القانونية لدولة قطر أو إلغائه .. وإلى
تفاصيل الحوار :
في البداية .. هل من الممكن وضعنا في صورة قانونية مفصلة لقانون حماية
المجتمع؟ .. وماهي الصلاحيات التي ستسند للجهات الأمنية المختصة بموجبه ؟
- لا شك أن قانون حماية المجتمع هو قانون استثنائي، وقانون حماية المجتمع رقم 17
لسنة 2002 أعطى وزير الداخلية صلاحيات وسلطات استثنائية بالتحفظ على الأشخاص
المتهمين أي (القبض عليهم وحبسهم) في جرائم متعلقة بأمن الدولة أو لعرض أو خدش
الحياء أو الآداب العامة، على أن تكون مدة التحفظ أسبوعين قابلة للتمديد أو لمدد
أخرى مماثلة، وبحد أقصى ستة أشهر ويجوز مدها لمدة لا تجاوز ستة أشهر أخرى بموافقة
رئيس مجلس الوزراء، وتضاعف مدة التحفظ المشار إليها إذا كانت الجريمة تتعلق بأمن
الدولة.. ويجوز للمتحفظ عليه ولذويه التظلم من قرار وضعه تحت التحفظ أو تمديده،
بطلب مكتوب يقدم إلى رئيس مجلس الوزراء.
وماذا تعني بتعبير قانون استثنائي؟
- عندما نقرر بأن قانون حماية المجتمع هو قانون استثنائي فإن حجتنا في ذلك أن
المادة الأولى من القانون نصت بعبارة صريحة على أنه (استثناء من أحكام قانون
الإجراءات الجنائية، يجوز لوزير الداخلية أن يقرر التحفظ على المتهم إذا ثبت أن
هناك مبررات قوية تقتضي ذلك بناء على تقرير بالواقعة يرفعه مدير عام الأمن العام ..
إذن هو قانون استثنائي خارج على قواعد وأحكام قانون الإجراءات الجنائية الذي تضمن
الكثير من الضمانات الدستورية والقانونية التي يتمتع بها الأفراد عند القبض عليهم
وحبسهم وتقديمهم للمحاكمة، لاسيما وأن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص ودون غيرها
بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها.
اذن .. هل ينسجم القانون مع نطاق الحقوق والحريات المكفولة في الدستور القطري
؟
- قرر الدستور القطري مبادئ وأحكاما غايتها حماية الحقوق والحريات الفردية وقد نصت
المادة 36 على "أن الحرية الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو
تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة إلا وفق أحكام القانون، ولا يعرض
أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها
القانون، ونصت المادة 37 من الدستور على أن لخصوصية الإنسان حرمتها فلا يجوز تعرض
أي شخص لأي تدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أية تدخلات تمس
شرفه أو سمعته إلا وفقًا لأحكام القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه".
من هنا فإن الدستور هو مصدر الحقوق والحريات، ويأتي التشريع أو القانون لتنظيم
ممارسة تلك الحقوق والحريات .. وعند وضع القاعدة القانونية أو سن التشريع لا يجوز
للدولة أن تنزل بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدستورية
المقررة، أي عن الشرعية الدستورية للحقوق والحريات، وبالتالي فإن أي تشريع أو قانون
يصدر في الدولة يجب أن يكون متوافقًا ومتلائمًا بل وخاضعًا للشرعية الدستورية خاصة
تلك التشريعات التي تمس حقوق وحريات المواطنين باعتبار أن الدستور هو المصدر لتلك
الحقوق والحريات، على أساس أن هذه الشرعية تحمي مختلف القيم التي نص عليها الدستور
سواء تمثلت في الحقوق والحريات أو في المصلحة العامة.
ولم يقف الأمر في النظام القانوني القطري عند حد إقرار الدستور للفرد بحريته
الشخصية وإنما امتد إلى إحاطة الحقوق التي تقوم عليها تلك الحرية بسياج من الحماية
الجنائية التي تكفل احترامها من أي اعتداء عليها، وقد أفرد قانون العقوبات القطري
الفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الثاني في المواد من 159 ـ 165 للجرائم التي
تقع من الموظفين العموميين على الأفراد وهي جرائم تجاوز استعمال السلطة كتعذيب
المتهم لحمله على الاعتراف (المادة 159) وجريمة انتهاك حرمة المنازل (المادة 162)
وجريمة استعمال القوة (المادة 161) وجريمة القبض على الناس وحبسهم بدون وجه حق
(المادة 163).
والثابت أن جميع تلك الحقوق التي خصص لها قانون العقوبات الحماية الجنائية هي حقوق
تتعلق بالحرية الشخصية للفرد وهي حقوق جديرة بالحماية باعتبارها شرطًا لازمًا
لاحتفاظ الفرد بإنسانيته وكرامته ووجوده المعنوي والمشرع القطري في تقريره الحماية
الجنائية للحرية الشخصية للفرد لم يقصر تلك الحماية على المواطنين بل امتدت هذه
الحماية لتشمل كل فرد قطريًا كان أم وافدًا أجنبيًا طالما كان موجودًا على الأراضي
القطرية.. نخلص من كل ما تقدم إلى أن النظام الدستوري القطري جاء حريصًا على تقرير
مبدأ الحريات الشخصية للفرد على نحو يكفل لها الوجود والحماية ضد عسف الأفراد وعسف
الدولة أو عدوان ممثلي السلطة.
وماهي المقاربة بين هذا القانون وقانون الإجراءات الجنائية والحقوق والحريات؟
- مع تبلور فكرة الدولة القانونية وقيامها، كان من الضروري أن يضع القانون الحدود
التي لا يجوز تجاوزها لحماية حقوق الأفراد وصيانة أمن المجتمع في ذات الوقت، فيرتكز
دور المشرع الإجرائي الجنائي على تنظيم الضمانات الدستورية للحقوق والحريات ضمن
مواد قانون الإجراءات الجنائية وينص على تنظيمها ورسم حدودها ويقع على القاضي
الجنائي مسؤولية تطبيقها، ويتقاسم كل من المشرع والقاضي مسؤولية توفير تطبيق هذه
الضمانات في إطار التوازن بينها وبين سائر القيم الدستورية، فأصبح قانون الإجراءات
الجنائية في كل دولة هو الأداة التي تعكس الفكرة الصحيحة لمفهوم العدالة عند شعب من
الشعوب، ومستواه في التطور والحضارة والمدنية، إذ أصبحت القوانين الإجرائية لا توجد
إلا لدى الشعوب المتحضرة والمتقدمة التي تسير في تشريعاتها على هدى العدل والمساواة
والمنطق والحق وليس على الاندفاع العاطفي أو ردة الفعل الغريزي كما كان عليه الحال
في المجتمعات البدائية.
ومن المبادئ المستقرة في الشريعة الإسلامية والتي اتجهت إتجاهًا فريدًا لضمان
الحريات الشخصية للأفراد وضمان حق الأفراد في الأمن والطمأنينة والإستقرار من أنه
إذا كان من مقتضيات العدل أن يؤخذ المسيء بإساءته، وألا يفلت مجرم من العقاب، فإن
من مقومات العدل أيضًا أن لا يؤخذ البرئ بجريرة المسيء، وألا يكون في وسائل الوصول
إلى أدلة الإتهام تهديد الأبرياء أو الإعتداء على الآمنين المسالمين في حرياتهم
وحرية مساكنهم وحقهم في الخصوصية والإحتفاظ بالأسرار.
من هنا تجسدت في فكر الإنسان المعاصر ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
لسنة 1948 على أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئًا حتى تثبت إدانته قانونًا بمحاكمة
علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عن نفسه. وقد أكد هذا المبدأ الهام والجوهري
الدستور القطري في المادة (39) من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته أمام القضاء في
محاكمة توفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع.. ويتفق هذا المبدأ مع
أصول الشريعة الإسلامية الغراء، فقد ورد في الحديث الشريف « ادرؤا الحدود عن
المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا فخلوا سبيله، فإن الإمام لئن يُخطئ
في العفو خير من أن يُخطئ في العقوبة».
وماذا عن قانون الاجراءات الجنائية والقبض على الأفراد؟
- نصت المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه « لا يجوز القبض على أي شخص
أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك وفي الأحوال المقررة قانونًا، كما تجب
معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا». ويجب على
مأمور الضبط القضائي أن يسمع أقوال المتهم فور القبض عليه، وإذا قامت دلائل كافية
على الإتهام يعرضه في مدى أربع وعشرين ساعة على النيابة العامة المختصة، ويجب على
النيابة العامة أن تستجوب المتهم خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ عرضه عليها، ثم
تأمر بإطلاق سراحه أو حبسه احتياطيًا.
والأمر الصادر بالحبس الإحتياطي من النيابة العامة يكون بعد استجواب المتهم لمدة
أربعة أيام يجوز مدها لمدة أخرى مماثلة، وتكون المدة ثمانية أيام يجوز مدها لمدة
أخرى مماثلة في الجرائم المنصوص عليها في الفصلين الأول والثاني من الباب الثالث من
الكتاب الثاني من قانون العقوبات متى كان من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني. فإذا
استلزمت مصلحة التحقيق استمرار حبس المتهم احتياطيًا بعد انقضاء المدة المشار إليها
في الفقرة السابقة وجب على النيابة العامة أن تعرض الأمر على أحد قضاة المحكمة
الابتدائية المختصة ليصدر أمره، بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال النيابة
العامة والمتهم، بمد الحبس لمدة لا تجاوز ثلاثين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو لمدد
أخرى مماثلة أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ستة أشهر، ما لم يكن
المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة الجنائية المختصة قبل انتهاء هذه المدة، فإذا
كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ستة
أشهر إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من محكمة الجنايات المختصة، بمد الحبس
مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة وإلا
وجب الإفراج عن المتهم.
ويجب الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيا، إذا قضى في الحبس الاحتياطي مدة تساوي
نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة المحبوس احتياطيا من أجلها.
مؤدى كل ذلك أن المشرع القطري أحاط القبض على الأفراد وحبسهم احتياطيًا بضمانات
جوهرية عديدة بحسب أن القبض هو اعتداء على الحرية الشخصية، وهو من أخطر الإجراءات
التي يتعرض لها الفرد، إلا أن القانون يجيز اتخاذه إذا ما اقتضت ذلك العدالة
الجنائية. ولم يسمح قانون الإجراءات الجنائية بحجز الفرد لأكثر من أربع وعشرين ساعة
فقط من رجال الشرطة وعليهم بعد ذلك عرض المتهم على النيابة العامة التي لا تملك
الأمر بحبس المتهم احتياطيًا لمدة لا تزيد على ثمانية أيام، إذ يتعين عليها بعد ذلك
عرض الأمر على القضاء.
وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 في مادته التاسعة على أنه:
«لا يجوز القبض على إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفًا»
وقبل ذلك جاءت الشريعة الإسلامية وأكدت على احترام الإنسان وتكريمه وعدم المساس به
.. والقبض على إنسان يعني تقييد حريته وحركته والتعرض له بإمساكه وحرمانه من حرية
التنقل وحجزه ولو لفترة ووضعه في أي مكان تحت تصرف الشرطة تمهيدًا لاتخاذ بعض
الإجراءات ضده.
إذن قانون حماية المجتمع خرج على جميع تلك القواعد والضمانات المقررة للأفراد بموجب
قانون الإجراءات الجنائية، وأعطى لوزير الداخلية سلطة القبض وحبس الأفراد المتهمين
لمدة أسبوعين تمتد لستة أشهر وتضاعف هذه المدة بقرار من رئيس مجلس الوزراء .. ويتم
هذا التحفظ أو القبض لمجرد وجود مبررات قوية تقتضي ذلك وبناء على تقرير يرفعه مدير
عام الأمن العام والغريب أن مدة التحفظ التي تصل إلى سنة واحدة توقع على الفرد دون
أمر قضائي أو محاكمة، وهي مدة تزيد عن مدة الحبس الاحتياطي المقررة وفقًا لاختصاصات
النيابة العامة والتي لا تزيد عن ثمانية أيام وكذلك مدة الحبس الاحتياطي المقررة
للقضاء والتي يجب أن لا تزيد عن ستة أشهر في جميع الأحوال.
وعبارة التحفظ التي أوردها القانون هي في حقيقتها اعتقال وقبض وحبس وتقييد لحرية
المتهم، دون أن يسبق هذا التحفظ استجواب أو تحقيق قانوني أو قضائي أو يسمح للمتهم
بالاستعانة بمحام ومدة التحفظ تخضع لتقدير سلطة الإدارة.
وتكمن خطورة هذا القانون في أنه ينفذ ويطبق بعيدًا عن إجراءات النيابة العامة صاحبة
الاختصاص الأصيل وبعيدًا عن رقابة السلطة القضائية.
وما الفرق في تطبيقات هذا القانون عن قانون الاجراءات الجنائية؟
- الدستور القطري في المواد (129 ، 130 ، 131) نص على أن: سيادة القانون أساس الحكم
في الدولة، وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات، والسلطة
القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق
القانون، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة
التدخل في القضايا أو في سير العدالة.
ومؤدى ما قرره الدستور أن سيادة القانون تقتضي أن يكون القانون مكفولاً بالتطبيق من
سلطة مستقلة محايدة هي القضاء، فالسلطة القضائية هي التي تسهر على تأكيد هذه
السيادة، وضمان تحقيق المشروعية وتوقيع الجزاء المناسب على عدم المشروعية.
ومن خلال السلطة القضائية يضمن الأفراد كفالة حماية حقوقهم وحرياتهم، ذلك أن إرادة
القانون في حماية الحقوق والحريات لا تتحقق ولا تنتج آثارها بطريقة فعالة إلا إذا
كفل القضاء هذه الحماية، والتدخل القضائي هو الذي يضمن فاعلية نصوص القانون .. من
هنا فإن المشرع لم يترك تطبيق القوانين التي تمس من قريب أو بعيد حرية الأفراد إلى
أشخاص عاديين أو للموظفين العموميين، إذ أنه مهما حسنت النوايا، فإن ذلك التطبيق قد
لا يتفق مع هدف المشرع وغايته، لذلك كان إسناد تلك المهمة للقضاء الذي يتمتع
بالاستقلال في أوامره وأحكامه.
ويعد استقلال القضاء عنصرًا هامًا في شرف القضاء واستقلاله واعتباره بدونه يفقد
القضاء قيمته وجدواه في حماية الحريات وعلى ذلك فإن القضاء يترجم ويحول الضمانات
القانونية التي شرعها المشرع لحماية الحريات الفردية من نصوص جامدة إلى معان ناطقة
حية ويكفل تحقيقها على النحو الفعال.
لذلك كان حرص المشرع الدستوري على أن يباشر القضاء إشرافه التام على جميع الإجراءات
المقيدة والماسة بحريات وحقوق الأفراد ومنها عدم جواز القبض على الأفراد أو حبسهم
أو تقييد حريتهم أو تحديد إقامتهم إلا وفق أحكام القانون، وقانون الإجراءات
الجنائية جاء صريحًا في وضع ضوابط غاية في الدقة عند مباشرة رجال الضبط القضائي
للقبض على الأفراد وحبسهم احتياطيا إذ تتولى النيابة العامة والقضاء فورًا الإشراف
على هذا الإجراء الخطير وفرض الرقابة القانونية والقضائية ليأتي متفقًا مع القانون.
من هنا فإن الإجراءات التي جاء بها قانون حماية المجتمع من القبض على الأفراد
وحبسهم لمدد طويلة تصل إلى أشهر ووضع القيود على حرياتهم الشخصية بالتحفظ عليهم
جاءت أوسع نطاقًا مما تضمنه قانون الإجراءات الجنائية .. والخطير في الأمر أنها تتم
وتنفذ بعيدًا عن رقابة القضاء مما تتحول معه السلطة الاستثنائية بالقبض على الأفراد
وحبسهم إلى سلطة تحكمية مما قد تخرج عن النطاق المحدد لها بحيث تتناول أفعالا أخرى
قد لا تشكل جرائم وفقًا لقانون العقوبات بما يشكل انتهاكًا خطيرًا لمبدأ شرعية
الجرائم والعقوبات، إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون وفقًا لنص المادة (40) من
الدستور.
إن التدابير الاستثنائية المقررة في قانون حماية المجتمع جاءت في عبارات عامة
فضفاضة وغامضة وغير محصورة ومحددة في أفعال معينة، بما يفتح الباب واسعًا للسلطة
المخولة بتطبيق القانون بصورة خطيرة تسمح بانتهاك حقوق الأفراد لأي سبب دون عاصم أو
حدود أو ضوابط ودون رقابة قضائية تفرض على هذه التدابير الاستثنائية ليأمن الناس
على حقوقهم وحرياتهم.
ولا يكفي القول في أي حال من الأحوال القول بأن القانون أعطى المقبوض عليه أو
المحبوس ولذويه التظلم من قرار وضعه تحت التحفظ أو تمديده بطلب مكتوب إلى رئيس مجلس
الوزراء، ذلك أن الجهة الوحيدة التي تستطيع تقدير متطلبات الضرورة في هذا الشأن هو
القضاء بوصفه الحارس الطبيعي للحريات، فهو القادر على الموازنة في ظروف معينة بين
الحريات التي يحميها الدستور ومتطلبات المحافظة على حماية المجتمع من بعض الأفعال
.. ولا يجوز أن يترتب على حفظ هذا التوازن التضحية تمامًا بالحرية الشخصية والتي
تتمتع بالحماية الدستورية كما أسلفنا.
ولا يجوز حبس الفرد بالتحفظ عليه لمدة شهور بافتراض إدانته، لما يترتب على هذا
الافتراض من تدمير حقوق هذا الفرد المتهم وجعله أسيرًا للاتهام يواجه أدلة ذلك
الاتهام بكل عجز، والدستور القطري يقرر بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته أمام القضاء
في محاكمة توفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع.
إذن لا معنى لمبدأ الأصل في المتهم البراءة إذا تم القبض على المتهم وحبسه أشهر من
خلال إجراءات لا تحترم حقوق الدفاع والمحاكمة القانونية التي تكفل للمتهم الدفاع عن
نفسه.
ونؤكد على أن أصل البراءة لا يمكن نفيه عن الإنسان بدون حكم قضائي جازم وبات ونهائي
يثبت إدانته، ولا ينتفي هذا الأصل بأي إجراء يوقع على الفرد سواء بحبسه أو التحفظ
عليه أو أي إجراء آخر غير الحكم القضائي الذي يثبت إدانته.
ونخلص أخيرًا إلى أن قانون حماية المجتمع بنصوصه وأحكامه التي عرضنا لها يسمح
بالإعتقال الإداري للأفراد بمجرد مبررات وبناء على تقرير مدير عام الأمن العام، وهو
إجراء خطير وخطير جدًا يتعارض مع الشرعية الدستورية من كافة الوجوه، ويتجاهل
الضمانات القانونية المقررة في حق الفرد في ألا يقبض عليه إلا بناء على أمر يصدر عن
النيابة العامة أو القاضي عدا حالة التلبس، وذلك وفقًا لأحكام القانون بما يوصم معه
هذا القانون بعدم الدستورية ونؤكد على أن القواعد القانونية المعمول بها سواء تلك
الواردة في قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجنائية تغني تمامًا عن وجود هذا
القانون غير الشرعي وغير الدستوري ضمن المنظومة القانونية لدولة قطر بما نناشد معه
اللجنة المشكلة بإعادة النظر في القانون إلى التوصية بإلغائه تمامًا لأن وجوده
وبقاءه فيه مساس خطير بحقوق وحريات الأفراد، مع التأكيد على أن التدخل القضائي هو
الذي يضمن فاعلية نصوص القوانين بخلاف السلطة التنفيذية فإنها تعمل على مجرد تطبيق
القانون دون أن تملك التأكد من سلامة هذا التطبيق، وبالتالي لا تملك ضمان الحماية
التي تقررها القوانين للحقوق والحريات على وجه أكيد، فالقرارات الإدارية لا سيما
المتعلقة بحريات الأفراد مهما كانت قيمتها تتضاءل أمام الأحكام القضائية بقوتها
وحجيتها والسلطة القضائية باستقلالها وحيادها أكثر قدرة من غيرها في التعبير عن
الإرادة الحقيقية للقانون. ولهذا صح القول بأن القضاء ركن في قانونية النظام وأنه
لا قانون بغير قاض.
القانون
وفقًا لأخر تعديل قانون رقم (10) لسنة 2003 بإصدار قانون السلطة القضائية
إصدار
الدستور الدائم لدولة قطر
الشورى
تدرس قانون حماية المجتمع
داخلية
وخدمات الشورى تناقشان مشروعات البنية التحتية وقانون حماية المجتمع
قانون
حماية المجتمع لنفكر في الغاية!!
قانون
حماية المجتمع اعتداء على السلطة القضائية
تعديل
قانون حماية المجتمع يطيل مدة التحفظ والمنع من السفر
الشيخ
تميم يأمر بتشكيل لجنة لإعادة النظر في قانون حماية المجتمع