قطر -جريدة الراية-الخميس
04 صفر 1433 الموافق29 ديسمبر2011
مطلوب
وقف تنفيذ الأحكام غير النهائية
في دراسة جديدة عن تطوير القضاء تنشرها الراية..
يجب إلزام المدعي
بتقديم المستندات الكاملة عند رفع الدعوى
لن يرضى القضاء التضحية بالعدالة في سبيل سرعة الإنجاز
المرافعة في الدعوى المحجوزة للحكم تمثل إعلاناً للخصوم
(الحلقة الثانية)
كتب - سميح الكايد:
دعا رئيس محكمة الاستئناف الأسبق والمحامي يوسف الزمان الى تطوير القضاء القطري في
ظل التطورات التشريعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشهدها البلاد.
وأكد في دراسة قانونية تنفرد الراية بنشرها ضرورة وضع آليات شاملة لتطوير القضاء
تشمل تعديل التشريعات لمواكبة كل المتغيرات خاصة فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي
ومواجهة زيادة القضايا المدنية والتجارية، وتسيير إجراءات التقاضي تلافيا لمواطن
القصور والجمود التي اعترت بعض القواعد الإجرائية.
وأشارت الدراسة الى ان البطء الشديد الذي يتم به الفصل في بعض المنازعات يشعر معه
المتقاضون باليأس من حصولهم على حكم نهائي واهدار لمبدأ العدالة التي تتطلب الفصل
في الدعوى بوقت معقول حتى يطمئن الأفراد على حقوقهم.
وطالبت الدراسة بان تتضمن اليات التطوير المقترحة تعديل القواعد الاجرائية لضمان
ممارسة القضاء رسالته السامية في تحقيق العدالة في أقصر وقت، وبأقل التكاليف
للمتقاضين.
وانتقدت الدراسة قواعد المرافعات التي لم تعد تلائم الواقع وتقنياته المتطورة،
وساهمت في تأخر الفصل في الدعاوى القضائية عدة أشهر والسنوات بسبب تاخر تقارير
الخبراء، وما يتبع ذلك من قضاء المتهم عدة شهور طويلة في انتظار الفصل في الدعوى
القضائية.
وناقشت الدراسة سلبيات إعلان إعادة الدعوى للمرافعة، ومشكلات النفاذ المعجل للأحكام
غير النهائية، والتظلمات وإشكالات التنفيذ دون المبرر، وضرورة العمل على إصدار
قانون لتنظيم الخبرة أمام المحاكم، ونظام الخبرة المعمول به وبطء التقاضي، ودعت الى
تخصيص دائرة بالمحكمة الابتدائية الجزئية للفصل في القضايا المدنية قليلة القيمة
بإجراءات ميسرة وسهلة.. وتواصل الراية اليوم نشر تفاصيل الدراسة.
يؤكد الزمان ضرورة مراجعة إجراءات التقاضي المتبعة أمام المحاكمة، لافتا الى تضاعف
عدد القضايا أمام المحاكم عشرات المرات، حتى ناء الجهاز القضائي برغم ما يبذله
رجاله من جهد مشكور بأعبائه الضخمة التي تجاوزت حدود طاقته وكانت النتيجة الحتمية
بطء التقاضي.
وأشار الى ان حجم العمل في المحاكم تضاعف عشرات المرات خلال الثلاثين عاماً
الماضية، والإحصائيات تؤكد ذلك مثلاً في عام 1986م بلغ عدد القضايا المستأنفة والتي
سجلت أمام الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف لا تزيد على 96 قضية والدائرة الجنائية
98 قضية فقط بينما تشير الإحصائيات أنه في العام القضائي الحالي حتى اكتوبر2011 تم
قيد 2710 دعوى كلية و 1469 دعوى استئنافية أمام الدوائر المدنية بينما بلغت قضايا
الاستئناف أمام الدوائر الجنائية عدد 1100 قضية حتى تاريخه، وبلغ عدد دوائر محكمة
الاستئناف المدنية سبع دوائر، والاستئناف الجنائي ثلاث دوائر، ودائرتان للمنازعات
الإدارية، ودائرة واحدة لقضايا الأسرة.
وتقول الدراسة: صحيح أن عدد القضاة زاد عما هو عليه في التسعينيات من القرن الماضي
إلا أن بطء التقاضي لا يعود سببه إلى أداء السادة القضاة في المحاكم وإنما يعود
بالدرجة الأولى إلى القيود الإجرائية المفروضة عليهم طبقاً لقانون المرافعات
المدنية والتجارية وهو ما سوف نوضحه لاحقاً.
وتضيف: نقرر هنا بأن قضاة المحاكم يبذلون في عملهم أقصى ما يطيقون من جهد، ويقدمون
كل ما في طاقتهم من عطاء، لكن العبء الملقى على عاتقهم كبير.
سرعة الإنجاز
وتقول الدراسة: ولن يرضى القضاء تحت أي ظرف من الظروف أن يضحي باعتبارات عدالة
الحكم، وأصالة الرأي في سبيل سرعة الإنجاز، لأن ذلك ما تأباه رسالته، إيماناً بأنه
لا خير في كثير غث، ولا في إنتاج لا تباركه الأناة، ولا يصحبه التريث، وإنما تصان
الحرمات وترد الحقوق بالحكم الصائب، والرأي المتأني.
وتؤكد الدراسة أن قواعد المرافعات بوضعها الحالي لم تعد قادرة على تلبية متطلبات
الأفراد بالحصول على العدالة في أقصر وقت وبأقل التكاليف وقد أصبحت في وضعها الراهن
سبباً في تأخير حصول أصحاب الحقوق على حقوقهم.
ودعت الدراسة الى ضرورة استجابة التشريع الإجرائي للمستجدات والمتغيرات في المجتمع،
وأكدت ان نجاح كل تشريع في المجتمع يتوقف على استجابته للمستجدات والمتغيرات
والتطورات التي تطرأ على هذا المجتمع ويجب أن تكون هناك خارطة طريق ترسم للعدالة
طريقها وتضع الخطوط الأساسية لمواجهة احتمالات المستقبل وتوقعاته وتضع في اعتبارها
تطوير وتجديد وسائل العمل في الجهاز القضائي والأخذ بما وصل إليه العلم من تقدم
والعدالة في أي مجتمع لا تقف عند حد معين، بل هي متطورة ومتجددة مع حركة المجتمع،
فهي بذلك تحتاج إلى رعاية ومتابعة من قبل الدولة، وهذا يقتضي دراسة ومراجعة وتقييم
مستمر لقوانين الدولة وخاصة الإجرائية منها والمنظمة للنظام القضائي لاستبعاد كل
خطوة أو إجراء يعيق العدالة، وإضافة إجراءات وضمانات سهلة تكرس العدالة، وإلغاء كل
ما يشكل عبئاً ويثقل كاهل القاضي ويحول بينه وبين الانطلاق لإنجاز أكبر عدد ممكن من
النظر والحكم في القضايا المعروضة أمامه.
القواعد الإجرائية
وتقول الدراسة: لا نستطيع أن نلقي باللوم فقط على القواعد الإجرائية التي تحكم
النظام القضائي في بلدنا ونحمل هذه القواعد المسئولية مشكلة تأخير الفصل في
المنازعات وبطء إجراءات التقاضي بل يجب النظر أيضاً إلى الظروف الاقتصادية
والاجتماعية للمجتمع وما طرأ عليها من تغيير ساهم بشكل أو بآخر في تنامي هذه
الظاهرة، أقصد ظاهرة بطء التقاضي، ولكن يتعين البحث عن حقيقة الدور الذي تلعبه
القواعد الإجرائية المعمول بها في المحاكم حالياً في أداء العدالة، من منطلق أن
القوانين الإجرائية تشكل قوة التفعيل اللازمة للقوانين الموضوعية وفاعلية النظام
القانوني في جملته بقواعده الموضوعية والإجرائية لتغيرات الواقع وقدرتها على جعل
حركة الساعين إلى حقوقهم أكثر سرعة وأقرب إلى بلوغ درجة الحسم بأبسط الخطوات
وأنجزها.
وأكدت الدراسة ضرورة معالجة بعض قواعد المرافعات التي ساهمت في بطء التقاضي ومنها
ما نصت عليه المادة 33 من قانون المرافعات ((على المدعي عند تقديم صحيفة الدعوى إلى
قلم الكتاب أن يؤدي الرسم المقرر كاملاً وأن يقدم صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم
وصورة لقلم الكتاب وأن يرفق بالصحيفة جميع المستندات المؤيدة لدعواه)).
بؤرة التأجيلات
وتؤكد الدراسة أن قانون المرافعات القطري بصدد تبادل أدلة ومستندات الدعوى لم يتخذ
موقفاً واضحاً من هذه المسألة الهامة والتي تعتبر في اعتقادنا هي بؤرة وآفة كثرة
التأجيلات وبطء التقاضي إذ أن الباب مشرع على مصراعية لتقديم المستندات والأدلة
وفقاً لهوى الخصوم ومشيئتهم ورغبتهم وتبادلها في أي وقت وهو أمر يجعل القضية أو
الدعوى هلامية إلى ما لا نهاية وتصبح المنازلة بين الطرفين وكل منهما غير عالم بما
يخفي خصمه من الأدلة وما يستشهد به من حجج، ويتقاذف الطرفان بالمستندات والمذكرات
على مدى جلسات متعددة تزيد على عشر أو أكثر من التأجيلات تضيع خلالها أوقات السادة
القضاة والمتقاضين معاً في أمور وإجراءات وتأجيلات لا فائدة من ورائها سوى الكيد في
الخصومة.
وتشير الدراسة الى ضرورة إلزام المدعي عند رفع دعواه أن يرفق معها المستندات التي
يعتمد عليها في دعواه كاملة ولا يسمح له بتقديم أي مستند أثناء تداول الدعوى وعلى
قلم كتاب المحكمة وقبل الجلسة الأولى إعلان المدعى عليه بهذه الدعوى ومستنداتها ،
بحيث يكون الخصمان جاهزان للمرافعة في الجلسة الأولى ولا يأتي اليوم المحدد لنظر
القضية إلا وهي مستوفاة وصالحة للحكم فيها بدون حاجة إلى تأجيل.
إعادة الإعلان
وتشير الدراسة الى ان مؤدى ما قرره قانون المرافعات في المادة (55) من أنه إذا تخلف
المدعى عليه وحده في الجلسة الأولى، ولم يكن قد اعلن لشخصه، فإنه يجب على المحكمة
في غير الدعاوى المستعجلة – تأجيل نظر القضية إلى جلسة تالية وإعادة إعلان الخصم
الغائب، ومعنى ذلك أنه رغم إعلان المدعى عليه إعلاناً قانونياً صحيحاً وفقاً لنص
المادتين السابعة والثامنة من قانون المرافعات إلا أنه يتعمد عدم حضور الجلسة
الأولى التي أعلن بها لغير شخصه أو قد يتواجد هو أو وكيله في قاعة الجلسة ولكنهما
لا يثبتان حضورهما فيها وذلك توصلاً منهما أو من أحدهما لتأجيل نظر الدعوى لإعادة
إعلانه وفقاً لنص المادة (55) مرافعات كسباً للوقت وإضراراً بالمدعي.
وتقول الدراسة: المعلوم في المحاكم أن ضرورة إعادة الإعلان للخصم الذي لم يعلن
لشخصه قد أضحى مجالاً خصباً لتعطيل الفصل في الدعاوى، وأصبح القانون بوضعه الحالي
معرقلاً لسير الخصومة ويعطي المدعى عليه فرصة لكسب الوقت ولإطالة أمد التقاضي إذ
الأمر لا يتوقف عند حد الغياب في الجلسة الأولى وإعادة الإعلان، بل إنه لو حضر في
الجلسة التالية يكون له الحق في طلب التأجيل للرد أو لتوكيل محام والأخير أيضاً
يحضر في الجلسة التالية ويقدم سند توكيله ويطلب أجلاً للرد وهكذا تمضي الجلسة تلو
الأخرى والمدعي لا يملك حولاً ولا قوة والقانون هو القانون واجب الاحترام.
ودعت الدراسة الى تعديل نص المادة (55) مرافعات لتصبح الآتي: (( إذا تخلف المدعى
عليه وحده في الجلسة الأولى وكانت صحيفة الدعوى قد اعلنت إليه وفقاً لما هو مقرر في
نص المادتين السابعة والثامنة من هذا القانون حكمت المحكمة في الدعوى متى كانت
صالحة للفصل فيها)).
واكدت أن هذا التعديل سوف يحد من تعطيل سير إجراءات الدعوى وسوف يوفر الكثير من
الجهد والوقت على المحاكم والجهة التي تقوم بالإعلانات وفي ذات الوقت لن يمس
بالضمانات الواجبة للمدعى عليه لأنه في حالة عدم إعلانه لشخصه من المؤكد أنه تم
إعلانه لغير شخصه وفقاً للمادتين السابعة والثامنة من قانون المرافعات وفي كل
الأحوال فإذا ما حكم في الدعوى بعدم حضوره الجلسة فيكون أمامه سبيل الاستئناف
لإبداء أي تضرر من الإعلان الذي وجه إليه دون حاجة لإعادة إعلانه.
النفاذ المعجل
وعن سلبيات إعلان إعادة الدعوى للمرافعة أكدت الدراسة ان المستقر عليه ووفقاً
لطبائع الأمور أنه يتعين على الشخص العادي الحريص على أموره أن يتابع سير دعواه بكل
مراحلها سواء عند المرافعة وأثناء قفل باب المرافعة ما دام سير الجلسات فيها
متتابعاً بغير عائق، وبالتالي فإنه في حالة التقرير بفتح باب المرافعة بعد حجزها
للحكم يجب أن يعتبر النطق بقرار فتح باب المرافعة في الدعوى المحجوزة للحكم بمثابة
إعلاناً للخصوم بالموعد الجديد، وذلك أسوة بالنطق بقرار مد أجل الحكم فيها أو بقرار
التأجيل من جلسة إلى جلسة إذ ليس ثمة مقتضى جدي يدعو لإعلان الخصوم بالجلسة التي
فتح لها باب المرافعة لأن هذا الإجراء الذي تقوم به المحاكم حالياً تسبب في تعطيل
الفصل في الكثير من القضايا بافتراض أن الخصوم لم يحضروا جلسة النطق به، علماً بأنه
من النادر ألا يحضر الخصوم جلسة النطق بالحكم، إذ أن أهم جلسة لدى الخصوم هي جلسة
النطق بالحكم والتي يحرص فيها جميع الخصوم أو وكلائهم بالحضور فيها لسماع الحكم.
وإذ كان الأمر كذلك فإنه يتعين اعتبار النطق بقرار فتح باب المرافعة في الدعوى
المحجوزة للحكم إعلاناً للخصوم بالموعد الجديد.
وعن مشكلات النفاذ المعجل للأحكام غير النهائية تشير الدراسة الى ان المادة 374 من
قانون المرافعات نصت على أن (النفاذ المعجل بغير كفالة واجب بقوة القانون لجميع
الأحكام والأوامر الصادرة على العرائض، وذلك ما لم ينص في الحكم أو الأمر على تقديم
كفالة).
ومؤدى هذا النص أن القاعدة في التشريع القطري هي أن الأحكام غير الحائزة لقوة الأمر
المقضي تكون لها القوة التنفيذية، بمعنى أن جميع الأحكام بالرغم من عدم نهائيتها
وبالرغم من قابليتها للطعن عليها بالاستئناف فإنها قابلة للتنفيذ، بمعنى أن
قابليتها للطعن عليها لا تمنع من تنفيذها.
والنفاذ المعجل معناه تنفيذ الحكم رغم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن العادية أو
الطعن فيه فعلا بأحد هذه الطرق.
وقد أعطى المشرع ومن أجل كسر حدة هذه القاعدة ــ أعطى المحكوم عليه ــ الحق في
التظلم من قاعدة شمول الحكم بالنفاذ المعجل وذلك بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
ويجوز لمحكمة الاستئناف أن تأمر بوقف النفاذ المعجل إذا رأت أن الحكم مرجح الالغاء،
أو إذا كان يخشى من تنفيذه وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ويجوز لها إذا أمرت بوقف
النفاذ المعجل أن توجب تقديم كفالة، أو أن تأمر بما تراه كفيلاً بصيانة حق المحكوم
عليه.
وتشير الدراسة الى أن التشريع القطري يخالف الكثير من التشريعات العربية والمقارنة
في هذه المسألة بما قرره من قاعدة عامة بتنفيذ جميع الأحكام فور صدورها ذلك أن معظم
التشريعات لا تجيز تنفيذ الأحكام ما لم تكن نهائية وغير قابلة للطعن عليها وهناك
بعض الاستثناءات على هذه القاعدة ومن غير المعلوم ماهية المبررات التي جعلت المشرع
القطري يخرج على اجماع التشريعات ويقرر قاعدة شمولية للنفاذ المعجل للأحكام بالرغم
من عدم انتهائية هذه الاحكام وقابليتها للالغاء من قبل محكمة الطعن بما يضحى معه
تنفيذ هذا الحكم قبل الأوان تنفيذ قلق غير مستقر لأن مصيره متعلق بمصير الحكم ذاته
ويزول ويسقط وتسقط اجراءاته إذا ألغت محكمة الطعن الحكم.
وترى الدراسة أن موقف التشريع القطري من قاعدة شمول جميع الأحكام بالنفاذ المعجل لا
يمكن تبريره والدفاع عنه ذلك أن هذه الأحكام عرضة للالغاء من قبل محكمة الطعن بما
مؤداه إصابة المحكوم عليه بأضرار بالغة نتيجة النفاذ المعجل غير النهائي والغريب أن
المشرع القطري عندما أجاز للمحكوم له تنفيذ الحكم غير النهائي لم يقرر ضمانات معينة
للمحكوم عليه لتعويضه عن الأضرار التي قد تلحق به جراء تنفيذ الحكم في حالة ما إذا
قام المحكوم له بتنفيذ الحكم وقضت محكمة الطعن بإلغائه، لأن التنفيذ المعجل - كما
قلنا - تنفيذ قلق عندها إذا ما ألغى الحكم النافذ نفاذاً معجلا من محكمة الطعن فإن
ما تم تنفيذه من الحكم سوف يتزعزع ويتعين اعادة الحال الى ما كان عليه فيسترد
المحكوم عليه من المحكوم له ما يكون قد استوفاه منه.