قطر - جريدة الراية -الاربعاء
10 صفر 1433 الموافق 4 يناير2012
طلاق
مع وقف التنفيذ
38% من الزوجات غير
راضيات عن حياتهن الزوجية
14% من المتزوجات ينمن في غرفة منفصلة عن الأزواج
د. عبدالكريم الأمير : الطلاق النفسي أخطر على المجتمع من الشرعي
أسباب اجتماعية واقتصادية والفهم الخطأ للدين وراء الطلاق النفسي
غياب الصراحة والحوار بين الزوجين يقود الطرفين للطلاق الحتمي
كتبت- إيناس شري:
عندما تصل المشاكل الزوجية إلى نقطة اللاعودة يختار الشريكان الطلاق .. ولكن في بعض
الأحيان وبسبب الضغوط الاجتماعية والمادية يُفضّل الزوجان البقاء تحت سقف واحد
كالغرباء وهو ما يُطلق عليه الاختصاصيون مصطلح الطلاق النفسي.
الزواج يجمع أحياناً زوجين ليس بينهما رباط حقيقي سوى الأطفال، والاحتياج المادي ..
فتتحوّل المودّة إلى جفاء .. والدفء الأسري إلى برود عاطفي .. وتطول المسافات
بينهما الى أبعد مدى في انتظار إطلاق رصاصة الرحمة على علاقة ماتت إكلينيكياً.
وكانت دراسة للمجلس الأعلى للأسرة قد كشفت عن أن 12% من المتزوجات يُواجهن مشكلات
مع الزوج بصفة مستمرّة وأن 43% ممن شملتهن الدراسة يُواجهن ذلك أحياناً مقابل 28%
يُواجهن مشكلات بصفة نادرة.
كما كشفت الدراسة أن 38% منهن غير راضيات عن حياتهن الزوجية وأن 27% منهن غير
راضيات أحياناً عن حياتهن الزوجية و6% غير راضيات ولكنهن مستسلمات و 11% غير راضيات
تماماً، ومع هذه الأرقام يرى المختصّون أن الشريكين عندما يصلون إلى مرحلة عدم
الرضا عن زواجهما يتجهان إلى الطلاق ولكن في بعض الأحيان يفضل الشريكان البقاء مع
بعضهما ولو بصفة صورية فيعيشان حالة من الفتور والجفاء والانفصال الكامل تحت سقف
ويعيشان ما يُسمّى الطلاق النفسي، وهنا نُشير إلى أن الدراسة السابق ذكرها كشفت أن
هناك 14% من المتزوجات ينمن في غرفة منفصلة عن الزوج وأن هذا مؤشر على أن العلاقة
الزوجية لا تسير في طريقها الصحيح.
الراية سألت الأستاذ المساعد في قسم العلوم الاجتماعية في جامعة قطر د. عبدالكريم
أحمد الأمير حسن عن حقيقة وجود الطلاق النفسي وعن أسبابه فأكد أن الطلاق النفسي هو
الخطوة التي قد تسبق الطلاق الشرعي أو التعسفي من جانب الرجل، وهو حالة من الفتور
وعدم الانسجام العاطفي بين الزوجين ما يُؤدّي إلى القطيعة رغم العيش تحت سقف واحد
يتخللها تواصل من باب رفع العتب أو من باب الظهور أمام الناس في مظهر الزوجين.
وقال: هذا النوع من الطلاق ليس جديداً بمفهومه إذ بدأ الحديث عنه بداية القرن
العشرين وأن هناك عدداً من الدراسات علمية تناولت هذا في الموضوع وأن هذا النوع من
الطلاق منتشر بشكل كبير في البلدان العربية ولكن لا أحد يتكلم عنه لاسيما في
المجتمعات المنغلقة لأنه يُسبّب الحرج الاجتماعي خاصة للمرأة إذ تُعتبر بعض
المجتمعات تكلم المرأة في مشاكلها الزوجية أمر معيب وغير لائق اجتماعياً.
أسبا متنوّعة
وأشار إلى أن لهذا النوع من الطلاق أسباباً عدّة متنوّعة تعتمد على طبيعة المجتمع
ولكن السبب الأساسي لحصول مثل هذا النوع من الطلاق لاسيما في المجتمعات العربية هو
الاختيار الخطأ للشريك وذلك بسبب العادات والتقاليد التي تفرض ضوابط كبيرة تحول دون
تعرّف الشريكين بشكل جيّد على بعضهما بعضاً بالشكل الصحيح موضحاً أنه لا يدعو إلى
تغيير جذري بهذه العادات ولكنه يُشير إلى أهمية مراعاة النتائج السلبية التي تنجم
عن عدم تعرف الشريكين على بعضهما بشكل جيّد.
غياب الصراحة
واعتبر د. الأمير حسن أن غياب الصراحة والحوار بين الشريكين يُزيد الأمر خطورة
موضحاً أن عدم مصارحة الشريك شريكه بحقيقة وضعه وباحتياجاته العاطفية والنفسية
والجسدية وعدم قدرة الشريك على إرضاء شريكه قد يُؤدّي إلى فتور في العلاقة يتحوّل
مع الوقت إلى طلاق نفسي، معتبراً أنه على الشريكين أن يتكلما بصراحة في كل الأمور
لأن الزواج يعني حياة مشتركة متعدّدة الجوانب منها الإنجاب والتربية والعلاقة
الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الأمور.
ويُؤكّد أن عدم السماح للشريكين بالتعرّف على بعضهما بعضاً وغياب المصارحة يعود إلى
العادات والتقاليد القاسية في بعض الأحيان ما يُؤدّي إلى اختيار الشريك الخطأ
موضحاً أنه إذا أردنا أن نُحافظ على العادات والتقاليد وعلى المجتمع لا بد من
الاهتمام بمؤسسة الزواج لأنها الحامل لهذه العادات والتقاليد وأن نجاح هذه المؤسسة
يقوم على اختيار الشريك الصحيح والمناسب.
وأشار إلى أن العامل الاقتصادي قد يكون سبباً أساسيّاً في وصول الزوجين إلى الطلاق
النفسي لاسيما أن بعض الأزواج يُعطون لأنفسهم الحقّ بالتصرّف براتبهم وبالقرارات
المالية في المنزل من دون العودة إلى الزوجة التي قد يُشعرها هذا الأمر لاسيما إذا
لم تكن عاملة بالغبن وبالنفور من الزوج ومن ثم الرفض والفتور.
وحذّر د. الأمير من الأثر السلبي للفهم الخطأ للدين في العلاقة الزوجية خاصة عندما
يستغل البعض الدين لممارسة العنف ضد الزوجة من شتم وضرب ما يُؤثّر على العلاقة
الزوجية ويُؤدّي إلى طلاق نفسي لاسيما أن بعض الزوجات يصبرن على الأمر ويُفضّلن أن
يكنّ زوجات أمام المجتمع على أن يكنّ مطلقات وذلك خوفاً من الفضيحة.
دور الإعلام
وأكّد د. الأمير أن للإعلام دوراً كبيراً في التأثير على الحياة الزوجية معتبراً أن
الإعلام لا يُمارس دوره التوعوي ولا يتطرّق بأسلوب علمي إلى العلاقة الزوجية
بتفاصيلها، مضيفاً: إن الإعلانات والمسلسلات قد تُؤثّر سلباً على الحياة الزوجية
لاسيما في ظل غياب الوعي والصراحة لأن هذه الوسائل تلعب على غريزة الإنسان وتُكرّس
صورة غير واقعية عن الجمال، ما يُؤثّر على الشريك لاسيما إذا كان لا يملك الوعي
الكافي فيُقارن بين هذه الصورة غير الواقعية التي يُكرّسها الإعلام وبين زوجته أو
العكس فقد تُقارن الزوجة بين صورة الشاب في الإعلانات وبين زوجها ما قد يخلق نفوراً
ومن ثم طلاقاً نفسيّاً إذا لم يكن هناك وعي وصراحة في العلاقة.
وقال: إن تأثّر الشريك بالصورة التي يُكرّسها الإعلام للمرأة أو الرجل بطريقة مبالغ
فيها يعني أن هذا الشريك يُعاني من اختلال في توازنه الانفعالي بسبب التربية
القائمة على الكبت وغياب الوعي.
وأشار إلى أن هناك أسباباً عديدة للطلاق النفسي وقد يكون منها الفارق في التحصيل
العلمي بين الزوجين موضحاً أن هذا الأمر ليس سبباً موجباً لحصول الطلاق النفسي لأن
الأمر الأهم يتعلق بتقبل الشريكين لبعضهما بعضاً ومدى وعيهما وصراحتهما لأن المشكلة
ليست بالفارق في المستوى العلمي بل بعدم تقبّله من أحد الشريكين.
وفيما خصّ تأثيرات انشغال الزوجين في العمل وروتين الحياة اليومية ودوره في الوصول
إلى الطلاق النفسي أشار إلى تأثير هذا الأمر على العلاقة الزوجية لاسيما في ظل وجود
العمالة المنزلية التي تخفف الأعباء عن الزوجين يبقى قليلاً مضيفاً أنه في حال عدم
وجود هذه العمالة يُمكن أن يُساعد الشريكين بعضهما بعضاً وتُحلّ المسألة، مؤكدا أن
الأسباب الرئيسية لحصول الطلاق النفسي عدم معرفة الشريكين لبعضهما بعضاً وانعدام
الصراحة وغياب الحوار وأن أي سبب آخر أو مشكلة تحُلّ في حال وجود هذه العناصر، وأن
الخوف من الطلاق يدفع الزوجين في بعض الأحيان إلى اختيار الطلاق النفسي.
أخطر أنواع الطلاق
وأوضح أن الطلاق النفسي أو العاطفي أخطر على المجتمع من الطلاق الشرعي وذلك لما له
من آثار سلبية على الأطفال وعلى المحيطين بالزوجين لافتاً إلى أنه في حال الطلاق
الشرعي ينفصل الشريكان بشكل رسمي ما يُتيح لكليهما أن يقرّرا شكل حياتهما الجديدة
والبدء من جديد أما في الطلاق النفسي فهما يعيشان تحت سقف واحد متزوجين أمام الناس
ومنفصلين عن بعضهما نفسيّاً وجنسيّاً وحواريّاً، ما يعني أنهما يعيشان حياة غير
طبيعية تُؤثّر على حالتهما النفسية وبالتالي على الأطفال وعلى جميع سلوكياتهما.
واعتبر د. الأمير أن أهم أسس نجا ح الزواج وعدم وصوله إلى مرحلة الطلاق النفسي ومن
ثمّ الطلاق الشرعي هو الاختيار الصحيح للشريك والمبني على أسس صحيحة تسودها الصراحة
والحوار والتعامل مع الشريك من منطلق تفهم الآخر، مضيفاً: الكل يُخطئ ولكن الحوار
وطريقة معالجة هذا الخطأ هما الأساس، مؤكداً ضرورة توعية الناس من خلال وسائل
الإعلام والمساجد حول العلاقة الزوجية وكيفية التعاطي مع المشاكل.
وعي المرأة
الراية سألت عدداً من السيدات عن هذا الموضوع فاعتبر عدد منهن أن هذا الطلاق أصبح
من الماضي لأن الزوجة من الجيل الجديد متعلمة ومنتجة ولا ترضى بالظلم وفي حال عدم
التوافق ستطلب الطلاق أو ستُحاول حل الموضوع بطريقة علمية.
وتُؤكّد الطالبة عائشة الأنصاري أن المرأة في السابق كانت تُفضّل الوجود مع رجل أو
تحمّل إهانتها له على الطلاق مضيفة: إن في المجتمع الكثير من الزوجات يعشن في منزل
عائلتهن وأزواجهن يعشن في منزل آخر خوفاً من الطلاق ومن الناس، ولكن هذا من الماضي
فالجيل الحالي من شباب وشابات أصبحن أكثر وعياً، ليس فقط باختيار الشريك بل أيضاً
في اختيار الحل الأنسب.
ورأت الأنصاري أنها تُفضّل أن تكون عانساً أو مطلقة على أن تعيش مع زوج كغريبة.
من جهة أخرى، رأت بعض السيدات أن العادات والتقاليد وصغر المجتمع القطري يدفعان
الكثير من النساء إلى تفضيل البقاء على ذمّة رجل ولو شكليًّا على الطلاق بالإضافة
إلى تدخّل العائلات وتحديداً في زواج الأقارب.
وفي هذا الصدد رأت إحدى الطالبات أن بعض العائلات ترفض طلاق الزوجين خوفاً من كلام
الناس رغم علمها بالخلافات الكبيرة ما يضطر المرأة إلى العيش مع زوجها كالغريبة.
وأضافت: إن الخاسر الأكبر تكون المرأة لأن الزوج بإمكانه أن يتزوّج مرّة أخرى أما
الزوجة فتضطر إلى الانفصال عن زوجها وهما يعيشان تحت سقف واحد، لافتة إلى أن بعض
النساء يذهبن إلى أبعد من ذلك فتعود إلى منزل عائلتها وتعيش فيه منفصلة عن زوجها
لسنوات ولكنها أمام الناس متزوّجة.
وليس بعيداً من ذلك رأت سيدة أخرى أن العادات والتقاليد تلعب دوراً أساسيّاً ليس
فقط عند وصول الزوجين إلى مرحلة الطلاق بل أيضاً عند الزواج إذ لا تزال بعض الأسر
ترفض أن يتعرّف الشريكان على بعضهما بعضاً قبل الزواج لافتة إلى أن هذا الأمر أدّى
إلى ارتفاع نسبة الطلاق قبل الدخول وإلى حصول طلاق نفسي في حال الخوف من الطلاق.