قطر- جريدة الراية-
الثلاثاء 23 صفر 1433 الموافق 17يناير2012
الاتجار بالبشر في
قطر محدود ومحاصر أمنياً وقضائياً
المشرِّع تصدى
للجريمة بقوة وحزم..وقطر قد تكون دولة عبور فقط
اللواء العطية يثمِّن تبني الشيخة موزا للمبادرة العربية لمكافحة الاتجار بالبشر
د.المال : قطر حريصة على المشاركة بفاعلية في جهود مكافحة الاتجار بالبشر
يجب الإسراع في سن قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر عربياً
د.العربي : تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الدول العربية يجعلها عرضة للظاهرة
كتبت - إيناس شري:
تحت الرعاية الكريمة لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر،رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر
للتربية والعلوم وتنمية المجتمع،انطلقت أمس أعمال منتدى الدوحة الثاني للمبادرة
العربية حول بناء القدرات الوطنية العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر بالدول
العربية الذي تنظمه المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر بالتعاون مع جامعة
الدول العربية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، وبحضور عدد من ممثلي
الوزارات والمؤسسات المعنية بالاتجار بالبشر في الدولة إضافة إلى ممثلي البعثات
الدبلوماسية المعتمدة لدى قطر،وسعادة اللواء الركن حمد بن علي العطية رئيس أركان
القوات المسلحة.
وفي تصريح صحفي له ،أثنى سعادة اللواء الركن حمد بن علي العطية ،رئيس أركان القوات
المسلحة، على جهود صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر وتبني سموها المبادرة العربية
لبناء القدرات الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر،مضيفًا أن من حق البشر أن تكون لهم
مبادرات تحميهم قائلاً :"نحن فخورون بهذا المنتدى الذي يعقد للمرة الثانية على
التوالي على أرض قطر، كما نثني على جهود الجهات القائمة عليه لأن هذه المبادرة كانت
تتطلب جهودًا مكثفة لتدخل حيز التنفيذ".
وفي كلمة له في افتتاح أعمال المنتدى ،أكد سعادة النائب العام الدكتور علي بن فطيس
المري أن قطر تبنت العديد من المبادرات الإنسانية ،من أبرزها المبادرة العربية حول
بناء القدرات الوطنية العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، لافتًا إلى أنَّ
الإنسان حارب هذه الجريمة منذ 500 عام قبل الميلاد ، كما حاربت الحضارات المختلفة
هذه الظاهرة التي تنوعت أسماؤها من العبودية إلى الرق إلى أن وصلت إلى الاتجار
بالبشر، فكان لابد من التصدي لها وهو ماتم من خلال الميثاق العالمي لحقوق الإنسان
الصادر عام 1984م .
وأكد سعادة النائب العام أن قطر لا تتعاطى مع مشاكل الاتجار بالبشر وراء الكواليس ،
بل شكل واضح ، وأن المشرِّع القطري تصدى لهذا النوع من الجرائم بقوة وحزم ، موضحًا
أن قطر تسعى دائمًا للمواءمة بين التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية التي توقع
عليها انطلاقًا من إيمانها بحقوق الإنسان، حيث لا توقع على أي اتفاقية إلا بعد
الاقتناع الكامل بها لذلك تحرص على الالتزام بما توقع عليه.
ونوه سعادته بالتجربة القضائية لقطر في التعاطي مع قضايا الاتجار بالبشر، مؤكدًا أن
النيابة العامة تنسق بشكل دائم وتام مع جميع الأجهزة الأمنية في الدولة، ومع
المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر للتصدي لأي ممارسة من هذا النوع وفق
القانون الجنائي.
من جهة أخرى ، قال د.المري في تصريح لـلصحافيين ، إن المشرِّع القطري كان متشددًا
في العقوبات التي تخص جرائم الاتجار البشر، خاصة بعد توقيع قطر على بروتوكول مكافحة
الاتجار بالبشر ، مؤكدًا أن الدولة لا تعاني من جرائم اتجار بالبشر ، وأنها قد تكون
دولة عبور فقط ، إلا أن الجهات المعنية تتصدى للأمر بحزم وجد.
وأضاف سعادته أن قطر استطاعت الاستفادة من تجارب الآخرين في التعاطي مع ظاهرة
الاتجار بالبشر، رغم أن هذه الظاهرة لا تشكل عامل قلق لدى المسؤولين بالنظر الى
محدوديتها ومحاصرتها أمنيًا وقضائيًا، وبسبب العقوبات القاسية التي نص عليها
القانون والتي تشمل الجانبين المادي والمعنوي .
وفي حين أوضح المري أن ظاهرة الاتجار بالبشر تأتي في المرتبة الثالثة كأكبر تجارة
تحقق مكاسب مادية كبيرة لشبكاتها بعد تجارة المخدرات والسلاح ، رأى أن هناك تفاوتًا
في تعريف هذه الظاهرة مشددًا على ضرورة توحيد المعايير والمسميات حتى يمكن إطلاق
التصنيف الذي يتناسب مع الجريمة، مع ضرورة عدم التوسع في مفهوم الاتجار بالبشر،
وصبغ الجرائم المتعلقة على - سبيل المثال لا الحصر- بخدم المنازل بجرائم الاتجار
بالبشر ،لافتًا إلى أنَّ هذا الأمر أشبه بمن يصور جريمة السرقة على أنها جريمة قتل،
مؤكداً ضرورة تسمية الجرائم بأسمائها استنادًا للاتفاقيات والمواثيق ، والتدقيق وفق
المعايير القانونية والقضائية .
أما الدكتور عبدالله المال ، رئيس مجلس إدارة المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار
بالبشر ، فأوضح أن قطر تحرص دائمًا على المشاركة بفاعلية في الجهود الدولية
والإقليمية الرامية لمكافحة الاتجار بالبشر لترجمة المبادئ والقيم الإنسانية التي
نص عليها الدستور القطري، والذي أكد أن السياسة الخارجية للدولة تهتدي بمبادئ توطيد
السلم والأمن الدوليين واحترام حقوق الإنسان ونبذ العنف والعمل على تشجيع فض
النزاعات الدولية بالطرق السلمية والتعاون مع الأمم المحبة للسلام، بالإضافة إلى
تأكيد الدستور قيام المجتمع على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم
الأخلاق، وعلى دور الدولة في تحقيق هذه المبادئ وصيانتها.
وأضاف د.عبد الله المال أن المنتدى الثاني للمبادرة العربية يكتسب أهمية بالغة لأنه
يكمل ويعزز الجهود والإجراءات التي بذلت خلال الفترة التي أعقبت الإعلان عن
المبادرة العربية لبناء القدرات الوطنية العاملة لمكافحة الاتجار بالبشر بالدول
العربية عبر منتدى الدوحة التأسيسي الأول الذي عقد للفترة 22 - 23 مارس 2010م ،
موضحًا أن أعمال المنتدى ستركز على إطلاق المبادرة وتنفيذ خطواتها وتحديد الإجراءات
العلمية والعملية اللازمة لتنفيذها ومتابعتها على أرض الواقع، لاسيما بعد أن تم
توقيع اتفاقية التعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي سيكون
،مع جامعة الدول العربية ، من الشركاء الفاعلين في تنفيذ وثيقة مشروع المبادرة بما
تتضمنه من أبعاد تحقق الأهداف الإنسانية النبيلة في مختلف مجالات مكافحة الاتجار
بالبشر .
واعتبر د.المال أن الشروع في تنفيذ المبادرة العربية والعمل الموضوعي والجاد فيها
سيؤول بلا شك إلى نتائج تبشر بنجاحها في تحقيق أهدافها الإنسانية المنشودة ما سيشكل
انطلاقه جديدة للمنطقة العربية في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر ويحول المبادرة إلى
نموذج يحتذى ومركز في كثير من دول العالم التي تعاني من ويلات هذه الظاهرة وآثارها
البغيضة.
وأضاف المال أن تلمس النتائج المثمرة لهذه المبادرة سيحفز بقية الدول العربية على
استكمال تشريعاتها لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر وبناء المؤسسات المعنية القادرة
على مكافحتها، ما يضمن تحقيق المشاركة الفاعلة في بناء القدرات الوطنية العاملة في
هذا الميدان ويساعد في توسيع قاعدة القدرات العربية المؤهلة والمدربة العاملة في
مجالات المكافحة بجميع جوانبها الوقائية والحمائية والرعوية تمهيدًا للقضاء على
ظاهرة الاتجار بالبشر في أدنى فترة زمنية ممكنة.
ودعا د.المال إلى الإسراع في اتخاذ الإجراءات لسن هذه القوانين وإنشاء المؤسسات
المعنية بالمكافحة على النطاق الحكومي وغير الحكومي، آملا أن تكون نتائج وتوصيات
المنتدى ذات معطيات وفوائد كبيرة تعين العاملين في المبادرة العربية على القيام
بمسؤولياتهم وتساهم في زيادة فاعلية البرامج والأنشطة التدريبية اللازمة لبناء
القدرات للفئات المستهدفة فيها والمتمثلة في العاملين في مجالات إنفاذ القانون
والنيابة العامة والقضاء وسائر القيادات العاملة في منظمات المجتمع المدني المعنية
وفي الأوساط الإعلامية والتربوية والمؤسسات الدينية التي تعضد عملية مكافحة الظاهرة
من جانبه ،رأى الدكتور نبيل العربي ،الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمة
ألقتها نيابة عنه السيدة سعاد السايحي، أن الاتجار بالبشر يعتبر من الظواهر
الإجرامية الخطيرة التي تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان ،التي تحرص الشعوب العربية
على حمايتها وصيانتها على هدي من القيم الإنسانية الأصيلة الراسخة في الوجدان
العربي، مضيفًا أن مكافحة الاتجار بالبشر تندرج ضمن اهتمامات جامعة الدول العربية
الأساسية انطلاقًا من إدراكها العميق للخطورة المتزايدة لها في المنطقة وفي أرجاء
العالم قاطبة.
واستعرض الأمين العام للجامعة العربية جهود الجامعة في محاربة ظاهرة الاتجار
بالبشر، منوهًا بمشاركة الجامعة في منتدى فيينا حول المبادرة العالمية لمكافحة
الاتجار بالبشر الذي عقد في العاصمة النمساوية عام 2008، حيث قدمت الجامعة خلاله
تصوراً وخطة عمل عربية إقليمية لمكافحة الاتجار بالبشر تنفيذًا للقرار الصادر عن
مجلس الجامعة على مستوى المندوبين في دورته غير العادية بتاريخ 7 فبراير 2008، بناء
على توصية اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، موضحة أن هذا التصور أدى إلى
إطلاق مبادرة عربية لمكافحة الاتجار بالبشر بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني
بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تبنتها دولة قطر حال اختتام
أعمال منتدى فيينا.
وأكد سعادته أن مجلس وزراء العدل العرب أكد دعمه للمبادرة وترحيبه باحتضان قطر لها
، وأن الجامعة بادرت إلى دعم المبادرة عبر صياغة مشروع استراتيجية عربية شاملة
لمكافحة الاتجار بالبشر،حيث نظمت بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية -
وهي شريك أساسي في إعداد الاستراتيجية - الملتقى العلمي "نحو استراتيجية عربية
لمكافحة الاتجار بالبشر" الذي وضع الملامح الأساسية للاستراتيجية التي قام خبير
الجامعة لشؤون مكافحة الاتجار بالبشر باستكمال صياغة مسودتها الأولى وعرضها على
لجنة من الخبراء العرب في اجتماعاتها خلال شهر أبريل 2011 بمقر جامعة الدول
العربية.
وقال الأمين العام إن الجامعة قامت بخطوات مهمة لدعم المبادرة تمثلت في دعم جهود
الدول العربية لتحديث تشريعاتها الوطنية ، حيث نظمت بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة
المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومشروع الحماية بجامعة جونز
هوبكنز، ورشة عمل تدريبية إقليمية للبرلمانيين وواضعي التشريعات في مجال مكافحة
الاتجار بالبشر أعقبها اجتماع للخبراء العرب المكلفين بتحديث القانون العربي
الاسترشادي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى قيام الجامعة بإنشاء وحدة
تنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر بجامعة الدول العربية من أهم أهدافها إعداد تقرير
عربي عن جهود مكافحة جرائم الاتجار بالبشر في المنطقة العربية.
كما حذر الأمين العام ، في الكلمة التي أرسلها للمنتدى، من اتساع نطاق ظاهرة
الاتجار بالبشر في الدول العربية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية وعدم
الاستقرار في بعض البلدان العربية في الوقت الراهن الأمر الذي جعل مواطنيها، خاصة
الأطفال والنساء، أكثر عرضة للاتجار لاسيما في ظل توسع عمل عصابات الإجرام واستكشاف
أسواق جديدة لنشاطها الإجرامي والذي امتد ليشمل بعض المناطق العربية، خاصة بعد
تناقص الإمكانات المتاحة للهجرة والنزوح القانوني إلى البلدان الغربية وتزايد الفقر
مع حلول الأزمة المالية العالمية.
كما رأى أن مكافحة الاتجار بالبشر في المنطقة العربية لا يمكن أن تؤتي ثمارها
المرجوة في غياب منظومة عربية شاملة تقوم على التعاون والشراكة الفعالة بين جميع
الفاعلين في هذا المجال من حكومات ومجتمع مدني يهتم بمعالجة أسبابها الجذرية وتفعيل
جهود مكافحتها، مؤكدًا أن المبادرة العربية التي تحتضنها وتدعمها دولة قطر تعتبر
خير مثال على ذلك التعاون العربي البناء.
وفي ختام حديثه أوضح د. العربي أن جامعة الدول العربية تهدف ، من خلال صياغتها
لمنظومة مكافحة الاتجار بالبشر، إلى ترسيخ حماية حقوق حقوق الإنسان في الوطن
العربي، بما يمكنه من الارتقاء بواقعه نحو الأفضل، آملا أن يتم تنفيذ جوانب
المبادرة في سائر أرجاء المنطقة العربية خلال المدة المحددة لتنفيذها، بحيث تحقق
الأهداف المرجوة منها، دعماً للعمل العربي المشترك .
كما شهدت جلسة افتتاح المنتدى كلمة للقاضي الدكتور حاتم علي ، مدير مكتب الأمم
المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، أكد فيها رغبة الأمم المتحدة في تنمية الشراكة
الاستراتيجية مع قطر لدعم فعاليات المبادرة العربية لبناء القدرات الوطنية لمكافحة
الاتجار بالبشر في الدول العربية من خلال الشراكة المباشرة مع المؤسسة القطرية
لمكافحة الاتجار بالبشر.
وعبر د.علي عن فخره واعتزازه بقيادة فريق العمل ،مؤكدًا حرصه على بذل أقصى الجهود
لإنجاح هذه المبادرة وتحقيق أهدافها المرجوة شاكرًا لقطر الجهود التي تبذلها في
تعزيز حقوق الإنسان بشكل عام وفي مكافحة الاتجار بالبشر.