قطر-جريدة العرب-
الخميس 25 صفر 1433الموافق19يناير2012 العدد 8621
قرار
«تأنيث» محال المستلزمات النسائية لا يزال حبراً على ورق
ارتياح شديد لدى
الفتيات والسيدات أعقب صدور قرار حماية المستهلك قبل شهور بحظر بيع الرجال في أقسام
الملابس الداخلية، وهو القرار الذي طال انتظاره حسب آراء من التقينا بهن، إلا أن
عدم دخوله عمليا حيز التنفيذ في غالبية المتاجر التي تعاملت معها النساء، أثار
التساؤلات مجددا عن جديته، وهل سيكون عليهم الانتظار طويلا لتنفيذه كما سبق وانتظرن
إصداره؟
أما أصحاب المتاجر المعنية بالالتزام بتنفيذ القرار فتراوحت ردود أفعالهم ما بين
الحديث عن بعض الصعوبات كعدم حصولهم على تأشيرات بالعمالة النسائية التي يطلبونها،
وعدم تجاوب الجوازات معهم في هذا الإطار، فيما تحدث آخرون عن صعوبة وجود عمالة
نسائية وسط الباعة الرجال في محلاتهم الصغيرة نسبيا، فضلا عن توفير سكن خاص لهن،
مما يزيد من الأعباء المادية على تلك المتاجر الشعبية البسيطة. لكن الأغرب كان عدم
علم البعض أصلا بوجود مثل هذا القرار. وعلمت «العرب» أن عدة اجتماعات ولقاءات تمت
بيت المسؤولين في حماية المستهلك بوزارة التجار وبين مديري ومسؤولي عدد من تلك
المتاجر طالبوا فيها بتأجيل تنفيذ القرار، بعد عرضهم لعدد من الصعوبات التي واجهتهم
في هذا الإطار، وأبرزها عدم تمكنهم من الحصول على التأشيرات اللازمة بجلب العمالة
النسائية المطلوبة، لكن لم يتسن لنا التواصل معهم رغم محاولتنا ذلك عدة مرات.
وفي جولة لـ «العرب» على عدد من المتاجر سواء في المولات أو المجمعات التجارية
الكبرى وكذا الأسواق الشعبية كأسواق «الجبر» و «الديرة» و «فالح» ومتاجر وسط
المدينة وسوق «الحراج» وغيرها، تبين أن الأسواق الشعبية كانت الأكثر اعتمادا على
الرجال في البيع، وقلت كثيرا نسبة المحلات التي توجد فيها بائعات سيدات في تلك
الأسواق وتكاد تكون منعدمة في غالبيتها، لكن على العكس في محلات «المولات» -سواء
التي تبيع الملابس الداخلية فقط أو الأخرى التي تبيعها ضمن كل أنواع الملابس- كان
أغلب الموظفين فيها المختصين بهذه الأقسام من النساء، لكن تعود خصوصية المرأة -التي
حظيت بها أثناء الاختيار في تلك المتاجر- للاصطدام مرة أخرى بـ «الكاشير» الرجل عند
الحساب، وهو ما أشار إليه عدد من السيدات اللاتي التقيناهن، ودعين حماية المستهلك
إلى أخذ هذا في الاعتبار حين تنفيذ قرار حظر بيع الرجال للملابس النسائية، بتخصيص
سيدة مختصة بالحساب (كاشيرة) لمثل هذه البضائع.
لا تطبيق للقرار
ترى السيدة حصة.م أن قرار حماية المستهلك الأخير صائب للغاية رغم أنه جاء متأخرا
كثيرا خاصة أنه لن يكلف المتاجر أي شيء ولن يلقي عليها أية أعباء إضافية، لكنها
تدعو إلى الإسراع بتطبيقه: «انتظرنا طويلا صدور مثل هذا القرار ومن طول انتظارنا
كدنا ننسى أننا طالبنا به من قبل، وعندما صدر لم نجد له تطبيقا فعليا، وعندما نتوجه
للمحلات نصطدم مجددا بالعمالة الرجالية فيها وكأن القرار لم يصدر بعد، فنحن بالفعل
نعاني من الحرج كثيرا، وأحيانا المضايقات من الباعة الرجال في هذه المحلات، فأنا
عند زيارتي لهذه المحلات أو الأقسام، والتي لا أتوجه إليها إلا مضطرة غالبا، أختار
ما أريده على عجل وأضعه في السلة بسرعة كمن يسرق، كما أكون محرجة من المرور داخل
هذه الأقسام، فأخذ الأمر ببساطة كنساء أخريات غيرنا لا يتفق وديننا وعاداتنا
وتقاليدنا كخليجيين وأيضا أخلاقنا لا تسمح بذلك». وتلفت حصة إلى نقطة أخرى تراها
«الأكثر أهمية من عملية الاختيار ذاتها» داخل قسم الملابس الداخلية في المتاجر
الكبرى أو بالمجمعات التي لا يجب فيها التقليب في البضائع أمام البائع: «فهناك
يمكنني أن أختار ما أريد وأضعه داخل السلة، حتى ولو كان البائع رجلا فهو قد يكون
واقفا بعيدا عني، ففي مثل تلك المتاجر الكبرى غالبا ما يكون البائع بعيدا عن
الزبائن، إلا إذا تم طلبه للاستفسار منه، لكن المشكلة الأكبر تكون عند «الكاشير»،
فهناك يكون عليه الإمساك بقطعة قطعة وتصفحها لمعرفة السعر وخلع قطع الأمان الخاصة
بأجهزة المحل منها، وهذا هو الجزء الأسوأ والأكثر إحراجا عمليا، وهو ما نتمنى أن
تتم مراعاته في التطبيق».
لا للرجال كـ «زبائن»
وتأمل إحدى السيدات ممن التقيناهن -فضلت عدم ذكر اسمها- أن يمنع هذا القرار الزبائن
الرجال من دخول أقسام بيع الملابس والمستلزمات النسائية، مؤكدة أن هذا يسبب
للزبونات الكثير من الإحراج خلال التقليب والاختيار من القطع المعروضة في وجود
الرجال: «الغريب في الأمر أننا نحن النساء من نخجل حين الشراء إذا تواجد أحد من
الرجال بجوارنا، وأحيانا لا ندخل المكان المخصص لهذه المستلزمات إذا تواجدوا فيه،
بينما نجد بعضهم يتجول داخله بكل جرأة دون أدنى خجل أو مراعاة للنسوة الموجودات
بالمتجر، فما الداعي أن يصحب أحد الأزواج زوجته داخله؟ أو يقوم رجال آخرون بالتواجد
بمفردهم؟ هم بذلك يضايقون الأخريات ويسببون لهن الإحراج».
وتروي السيدة لـ «العرب» موقفا قالت إنها تعرضت له شخصيا في أحد المتاجر الشهيرة
بمول كبير، جعلها تهاب الدخول إلى تلك الأماكن وتفضل الشراء من بعض البائعات
المتجولات اللاتي يأتين إلى مقر عملها أو منزلها، أو الاعتماد على شقيقاتها
ووالدتها: «في إحدى المرات كنت داخل قسم الملابس الداخلية النسائية، وكان نظام
العرض في المتجر على استندات مرتفعة، وبالتالي لا يظهر الموجود في الجهة المقابلة،
وخلال تجولي وانتقائي لبعض المعروضات سمعت صوتا لسيدتين بلهجة عربية معينة، كانتا
تتحدثان وتضحكان، ولم أفهم من كلامهما الكثير لصعوبة تلك اللهجة، لم أُعِر الأمر
اهتماما وواصلت جولتي على المعروضات حتى وجدتني بالجوار من السيدتين هذه المرة،
وكان ظهرهما هو المواجه لي، ثم استدارت إحداهما لتسألني عن مكان عرض إحدى القطع،
وقبل أن أمد يدي لأشير لها عليها وقعت عيناي عليهما لأكتشف أنهما رجلان «مخنثان»
بوجه غريب تعلوه بعض المساحيق مع الشعر المنسدل على الكتف، ويرتديان الجينز الضيق
والباديهات الصارخة الألوان والضيقة التي لا يمكن أن تميز الرجالي من الحريمي فيها،
كاد يغشى علي من الصدمة، وعلى الفور تركت المكان وبحثت عن طفليّ اللذين كانا يلهوان
داخل المتجر الواسع كما اعتادا، وتركت كل ما كان بحوزتي في سلة المشتريات وكذا ما
حمله أطفالي لأشتريه لهم، وخرجت مسرعة خارج المتجر، ومن يومها وأنا أخشى التواجد في
هذه الأقسام وأعتمد على شقيقتي أو والدتي أو البائعات المتجولات في شراء ما أحتاج
إليه. بالطبع قد لا يتكرر الأمر نفسه حرفيا لكنني أصبحت كمن أصابته عقدة نفسية من
صعوبة وسوء الموقف الذي تعرضت له، وأتمنى أن يراعي هذا القرار منع الرجال نهائيا من
دخول هذه الأقسام، ويا حبذا لو كانت تلك الأقسام مغلقة أو مغطاة ولو بستائر
بلاستيكية أو بأي وسيلة أخرى يرونها منعا للحرج، خاصة في المتاجر التي تبيع بضائع
متنوعة ويدخلها الجميع.
ورحبت أم محمد سعود (ربة منزل) هي الأخرى وبشدة بهذه الخطوة لدى سماعها بالقرار،
فهي لم تسمع عنه من قبل، وقالت لـ «العرب» إنها تشعر بالارتياح الشديد بسبب
المضايقات والإحراج الذي كان يصيبها وكذلك بناتها الكبار عند التواجد في هذه
المتاجر، وقالت إن بناتها يرفضن الدخول دائما إليها، وتضطر هي لشراء ما يلزمهن دون
أن تقترب الفتيات من تلك الأماكن في وجود الباعة الرجال على مقربة منهن: «رغم الحرج
الشديد الذي أشعر به هناك، فإنني أكون مضطرة، فمن سيشتري احتياجات بناتي؟ علما
بأنني غالبا ما أقوم بشراء غالبية ما أريده من إحدى الدول الخليجية عندما نزورها
مرة أو اثنتين في العام، فهناك كل البائعات في هذه الأقسام والمحلات من النساء».
وتطالب الأم بمد القرار ليشمل منع عرض «المانيكان» المرتدية لقمصان النوم واللانجري
في واجهات المتاجر، والتي تراها «مشهدا خادشا لحياء العائلات».
ومحلات الخياطة أيضاً
ويبدو أن القرار –الذي ما زال موقوفا عن التنفيذ في كثير من المحلات- فتح شهية «نون
النسوة» للحديث عن مطالبهن المشابهة، وتلافي كل ما كان يسبب لهن الحرج، مثل محلات
الخياطة النسائية، حيث يضطر بعضهن إلى الوقوف أمام الخياط الرجل لرفع مقاسات الجسم،
وهو ما تعتبره أم ضياء أمرا محرجا و «حراما» شرعا: «لا أوافق أبداً على أن يقوم
الخياط بأخذ مقاسات جسمي بنفسه أو أن أقوم بقياس العباءة أو الجلابية أمامه ليرى إن
كانت مضبوطة أو فيها مشكلة، لذا أقوم بإحضار عباءة من عندي أو جلابية ليأخذ منها
المقاس، لكن هذا قد لا يجعل المقاسات دائما مضبوطة، خاصة مع التغيرات التي تحدث
للجسم بزيادة الوزن أو نقصانه، وأرى أن وجود مساعدة للخياط على دراية وخبرة بالمهنة
لأخذ القياسات وضبط الملبوسات علينا أمر هام للغاية». وتنتقد السيدة موافقة بعض
النساء والفتيات على الوقوف أمام الخياط لرفع المقاسات، على اعتبار أنه من العمالة
كالسائق والخادم، مؤكدة أنهم جميعا في النهاية رجال ويجب التعامل معهم على هذا
الأساس: «وما ترفض المرأة أن تفعله أمام المواطن الرجل لا تفعله أيضا أمام الوافد
الرجل».
كما تطالب أمل -طالبة جامعية- بألا يقتصر القرار على أقسام الملابس الداخلية
بالمتاجر وتدعو إلى مده إلى كل ما يتعلق بالنساء حتى أقسام بيع الفساتين والعباءات،
وتقص هي الأخرى موقفا تعرضت له أثار استياءها: «كنت في متجر كبير بأحد المجمعات
التجارية، وهناك لفت نظري أحد الفساتين. كان المحل يرفع في الخارج لافتات تشير إلى
وجود تنزيلات، وعندما أمسكت بهذه القطعة قال البائع إن عليها تنزيلا بنسبة كبيرة
وإن هذا هو اليوم الأخير. بالفعل كان الخصم مغريا للغاية. سألت عن غرفة القياس
لأتوجه إليها، ووجدت البائع ورائي يقف بالقرب من غرفة القياس بحجة تلبية طلباتي إذا
رغبت في تغيير المقاس، فاندهشت من تصرفه المشين هذا، فكيف يقف رجل على باب غرفة
قياس السيدات أو حتى بالقرب منها، أو أصلا بالمتجر كله؟ وكيف لا يعرف أن هذا يعد
تصرفا مذموما وهو البائع العربي الذي من المفترض أن يفهم في التقاليد والعادات
العربية، لكن للأسف أعتقد أن الآسيوي قد يكون أفضل منه في هذا ويراعي هذا، على
الأقل معنا نحن، وبالطبع فتحت باب غرفة القياس وخرجت مسرعة ووضعت الفستان على أقرب
استاند، فوجدت البائع يحمله مجددا ويغريني بشرائه مكررا حديثه عن الخصم الذي سينتهي
اليوم، وتركته وهو يلاحقني به حتى باب المحل». وتتابع: «بالفعل هو موقف سيئ للغاية،
ولا أتوقع أبداً حسن النية في البائع، لذا أرى أنه من الأفضل أن يكون كل الباعة في
محلات الملابس النسائية من النساء وألا يقتصر هذا على الملابس الداخلية فقط».
صعب التطبيق
سالم محمد مسؤول البيع في أحد المحلات الشعبية بسوق «الحراج» قال إنه لم يصله بعد
مثل هذا القرار، ولكنه بالطبع سيلتزم بالتنفيذ، لكنه أشار إلى صعوبة عملية في هذا
المجال: «كل الباعة والعمالة في متجرنا من الرجال، وبالتالي فإن وجود امرأة واحدة
وسطهم في الجزء المخصص للملابس النسائية الداخلية سيكون أمرا صعبا في التطبيق، ربما
لكون متجرنا ذا صبغة شعبية، فكما يدخله الكثير من العائلات يدخله أيضا المشترون
الرجال والنساء بمفردهم، وقد يمكن تطبيق هذا القرار بشكل أفضل في المحلات التي توجد
بها أقسام مخصصة لبيع هذه البضائع النسائية والخاصة بالعائلات لكن الوضع يختلف
لدينا». ولا ينكر محمد أن هذه خطوة جيدة يؤيدها هو شخصيا: «لا أحد يمكنه رفض مثل
هذا الأمر أو القول بأنه ليس أمرا محمودا، لكنني أتحدث فقط عن الصعوبة العملية التي
ستطال محلاتنا الشعبية، والتي لها طبيعة خاصة في البيع، وكذا في الزبائن الذين
يقصدونها». ويتفق معه في الرأي أيوب خان مدير أحد المتاجر مؤكداً أن طبيعة الأسواق
الشعبية لا تسمح بتخصيص بائعات لبيع البضائع النسائية، باعتبارها مجرد قسم صغير من
أقسام المتجر ولا تحتل مساحة كبيرة منه إلى جانب البضائع الأخرى، ويطالب بتنفيذ هذا
القرار على المتاجر الأكبر وإن كان يرى أنها لها أيضا مشكلاتها: «في متاجرنا
الصغيرة يكون هناك فقط 3 أو 4 من البائعين، فكيف تأتي ببائعة سيدة في وسطهم؟ خاصة
أن المكان يكون ضيقا، وفي المحلات الواسعة الكبيرة التي تكون بها عمالة كثيرة سيكون
أيضا هناك صعوبة على صاحب المحل، لأنه غالبا ما يقوم بالتكفل بتوفير محل إقامة
لعماله، فكيف سيوفر مكانا واحدا أو اثنين إضافيين للبائعة المرأة كما تفعل المتاجر
الكبرى التي يكون بها عدد كبير من الإناث؟ أم سيكون البديل هو استبدال نصف العمالة
الرجالية لديه بأخرى نسائية؟».
مشكلة التأشيرات
وفي أحد المتاجر المواجهة لسوق «الجبر» رفض البائع في المتجر المتخصص في بيع
المستلزمات النسائية الحديث إلينا، وأحالنا إلى مديره الموجود بمكتب بالسوق
الشعبية، وقال إنه المسؤول عن إدارة أكثر من عشرة محلات بالسوق نفسها، وبالفعل
توجهنا إلى المكان الذي وصفه لنا البائع، لكن أحد الموظفين هناك أخبرنا أنه مشغول
في اجتماع ووعد بالتواصل معنا فيما بعد، رافضا أن يعطي تصريحات رسمية بدلا من
المدير، متحججا بأنه سبق وأدلى بحديث إلى إحدى الصحف لكن كلامه تم تحريفه عند النشر
مما أساء لمتاجرهم وسبب العديد من المشكلات، لكنه تحدث إلينا «وديا» عن صعوبة أنهم
أيضا يرغبون أكثر من الزبائن في استبدال العمالة الرجالية بأخرى نسائية حتى تزيد
مبيعاتهم، لأنهم يدركون طبيعة المجتمع وغالبية النساء فيه اللاتي لا ترغبن في
التعامل مع الرجال في هذه الأمور، وقال إن المشكلة بالنسبة لهم هي صعوبة الحصول على
تأشيرات لبائعات نساء، وأنهم سبق وتقدموا مرات عديدة إلى الجوازات للحصول على
تأشيرات دون جدوى، وقالوا إن طلباتهم من العمالة النسائية كان غالبا ما يتم
استبدالها بأخرى من الرجال بعكس طلبهم.
قانون
رقم (6) لسنة 1989 بتنظيم وزارة الاقتصاد والتجارة
ضرورة
تفعيل قوانين حماية المستهلك
آل
شافي:نطالب بتعيين نساء في محال بيع الملابس النسائية بدلا من الرجال
محلات
لا تلتزم بقانون منع الرجال ببيع الملابس النسائية
حماية
المستهلك تستعد لتطبيق قانون منع الرجال من البيع بالمحلات النسائية