جريدة الراية -
الثلاثاء28/2/2012
لجنة
مؤقتة لتفعيل قانون ذوي الاحتياجات الخاصة
خلال مشاركتها في جلسة العمل الأولى للندوة..
الشيخة حصة بنت خليفة:
قضايا الإعاقة ستفرض نفسها على الأجندة الإعلامية بعد الربيع العربي
كتبت - إيناس شري :
كشفت سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني، نائب رئيس مجلس إدارة مركز الشفلح
للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمقرّر الخاص المعني بشؤون الإعاقة في الأمم
المتحدة سابقاً، عن أنَّ المجلس الأعلى لشؤون الأسرة شكّل لجنة مؤقته لتفعيل قانون
ذوي الاحتياجات الخاصة لعام 2004 في إطار الاتفاقية المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة،
لافتة إلى أنّ اللجنة عملت على تفعيل مواد الاتفاقية من منطلق حقوقي، بالإضافة إلى
إلحاق المواد ببنود لرفع الوعي، بحيث تقوم كل وزارة من وزارات الدولة بتنفيذ برامج
توعوية، خدمة للقانون الذي سيحمل مسمى "قانون الأشخاص ذوي الإعاقة" بدلاً عن قانون
ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء على التوصيات التي رفعتها
اللجنة .
جاء ذلك خلال مداخلة للشيخة حصة في جلسة العمل الأولى لندوة "الإعلام وقضايا
الأشخاص ذوي الإعاقة" والتي تطرّقت إلى قضايا الأشخاص ذوي الإعاقه من منظور حقوقي،
حيث أكدت الشيخة حصة ضرورة رفع الوعي بين الأوساط المجتمعية بقضية ذوي الإعاقة
والتركيز على قضاياهم المتعلقة بفرص الوصول وأحقية التعليم والصحة والحياة، مع
التركيز على تنمية الوعي الذي يعتبر مسؤولية المجتمع بأكمله.
وانتقدت الشيخة حصة الآراء التي طالبت بإيجاد فضائيات متخصصة تتحدّث عن ذوي الإعاقة
باعتبار أن الإعلام المتخصص عادة يتحدّث عن مجالات علمية تعنى بالعلوم والاقتصاد،
وذوو الإعاقة هم جزء من هذه المجالات ومن منظومة المجتمع لا يمكن عزل قضيتهم عبر
إعلام متخصص موجّه لهم فقط، مبيّنة أن الإعلام غير مطالب بالمبادرة للتأهيل بل
المنظمات المعنية بالإعاقة هي التي تقع على عاتقها مهمة التدريب ورفع الوعي
باتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أنَّ في تاريخ الأمم المتحدة تعد اتفاقية
الأشخاص ذوي الإعاقة أول وثيقه أممية تنجز بهذا الوقت القياسي والسبب يعود لدعم
المعنيين وأصحاب القضية، مشبهة حال التعريف بالوثيقه بحال الثورات العربية وكيف
استطاعت الشعوب المظلومة أن ترفع الظلم عن نفسها حينما تكاتفت ورفضت الظلم بكل
أشكاله، مؤكدة أن الانطلاقه يجب أن تكون من أصحاب القضية أنفسهم حتى تصل أصواتهم
بطريقة قوية .
من جهة أخرى أشادت الشيخة حصة بالجهود التي بذلتها دولة قطر التي ذللت كل المصاعب
خلال فترة احتضانها مكتب المقرّر الخاص المعني بالإعاقة للأمم المتحدة، من خلال
تسهيل استضافة العديد من ورش العمل التوعوية التي استهدفت شرائح المجتمع كافة في
العديد من المجالات ومن بينها المجال الدرامي، ورفع الوعي بالطرق الصحيحة لطرح قضية
الإعاقة لاعتبار أنها جزء من النسق العام للقصة الدرامية وليست مفروضه على النص.
وأضافت الشيخة حصة: إن قضية الإعاقة ستفرض نفسها بشكل قوي على الأجندة الإعلامية
بسبب الربيع العربي، خصوصاً مع تزايد أعداد الجرحى والمصابين في دول مثل سوريا،
فضلاً عن الصراعات التي حصلت مؤخراً في ليبيا وتونس ومصر .
ومن جانبه، رأى د.مهند العزة، خبير دولي ومنسق قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في
مشروع المجتمع المدني بالأردن، أن تعاطي الإعلام مع ذوي الإعاقة يأخذ منحيين، إما
الشفقة وإما جعلهم أبطالاً خارقين، ما جعل هذه الفئة بين مطرقة "ياحرام" وسندان "يا
سلام" ، حسب تعبيره، وساهم في تكريس جانب كبير من الصور النمطية واللغة الوصائية
المهجورة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال منهجية تناول ما يسمى بـ"قصص
النجاح" و "القصص الإنسانية"، إذ يقوم الإعلام باعتبار الشخص صاحب الإعاقة إما
بطلاً أسطورياً وإن كان ما حققه لا يعدو أن يكون إنجازاً عادياً يحدث كل يوم مثل
الحصول على درجة علمية عالية أو الفوز بمسابقة رياضية وإما أنه "مسكين ومهمّش"
ومأساة تستدر العطف والإحسان.
مضيفًا: الإعلام يتعاطى مع الإعاقة بوصفها عنصر التشويق وجوهر المادة الصحفية في كل
مرة يكون الشخص من ذوي الإعاقة داخلاً في دائرة التغطية الإعلامية حتى ولو كان أصل
المادة الإعلامية أو الخبر أو التحقيق الصحفي لا يمت للإعاقة بصلة .
وأوضح د.العزة أنّ روح اتفاقية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة وما تضمّنته من مبادئ
والتزامات عامة يمكن أن تُشكّل إطار عمل للمنظومة الإعلامية إذا ما تمّت مراعاة عدد
من النقاط مثل تبني لغة إعلامية حقوقية ترسّخ ثقافة التنوع وقبول الآخر، وتحترم
خصوصية الأشخاص ذوي الإعاقة واستقلاليتهم وكرامتهم، بعيداً عن القوالب النمطية
وتحييد الإعاقة في التغطية أو التناول الإعلامي ما دام موضوع المادة الإعلامية لا
يمت بصلة لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم، فضلاً عن عرض "القصص الإنسانية" في
إطارها العام الذي يُبرز درجة الإقصاء والتمييز التي يعاني منها المعاقون وأسرهم،
ومعالجة ذلك إعلامياً في إطار التزامات الدولة بتحقيق المساواة وتكافئ الفرص
لمواطنيها كافةً، ووفقاً لما تنص عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان
.
أما الدكتور عماد الدين شاكر، خبير في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من تونس، فقد
تطرّق إلى دور الإعلام في التعريف والنهوض بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الوطن
العربي شارحًا أن ما تعرّض له ذوو الإعاقة من إقصاء وتهميش وتمييز في شتى مجالات
الحياة جعلهم يؤمنون بضرورة الحصول على حقوقهم بعيدًا عن آليات العطف والمنة أو
الرعاية بدافع الشفقة، فواصلوا كفاحهم العادل حتى توصلوا أخيرًا لفرض اتفاقية لحقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة والتي تعتبر وثيقة فريدة من نوعها أحدثت ثورة في مجال التشريع
العالمي وأسست لمفاهيم حقوقية اجتماعية واقتصادية جديدة .
وفي حين أشار د.شاكر إلى أن المنطقة العربية شهدت عقدًا خاصًا بالأشخاص ذوي الإعاقة
أوضح أنه لا يزال هناك عدد من الأفكار والمعتقدات والسلوكيات والممارسات التي تكرّس
الصورة النمطية والنظرة الدونية لهذه الفئة وقضاياها، مقترحًا في هذا المجال بعض
القواعد التي يمكن أن تتبناها وسائل الإعلام لمكافحة هذه الممارسات والأفكار
السلبية.
وذكر د.شاكر عددًا من هذه القواعد منها الاهتمام بالألفاظ والمصطلحات والابتعاد عن
تلك التي تعزّز الاتجاهات السلبية وتشكل انطباعات غير صحيحة ومنها الأمثال الشعبية
مثل "سعدك يا الأطرش" مؤكدًا أن هذه الألفاظ والأمثال الشعبية لا تشكل عقول
الجماهير فحسب، بل تزرع الأسى والمرارة في نفوس الأشخاص ذوي الإعاقة وتساهم في بناء
الحواجز بينهم وبين مجتمعاتهم.
وفي الإطار نفسه أشار د. شاكر إلى بعض الأفكار السلبية والمعتقدات الخاطئة التي
يكرّسها الإعلام والمسلسلات الدرامية مثل فكرة أن الإعاقة انتقام أوعقوبة ربانية
الأمر الذي من شأنه أن يحبط معنويات الأشخاص ذوي الإعاقة ويجعلهم وأسرهم يشعرون
بالعار والمذلة إلى حد الإقدام على إخفاء الشخص المعاق أو إيداعه في إحدى المؤسسات
الخيرية .