جريدة الشرق -
الأربعاء2/5/2012 م
في ختام فعاليات
ندوة فقه الأسرة..المشاركون ناقشوا معالجة قانون الأسرة القطري للقضايا الاجتماعية
دعوة للمحافظة على العلاقة التقليدية بين الأجيال في الأسرة الواحدة
نشوى فكري:
اختتمت أمس فعاليات ندوة "فقه الأسرة الممتدة والتضامن بين الأجيال" التي انطلقت
فعاليتها أول أمس بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، بعدما بحثت قضايا تعريف الأسرة
ووضعها القانوني في المجتمعات المعاصرة ومدى تمكّن القوانين الوضعية من المحافظة
على العلاقة التقليدية بين الأجيال في الأسرة الواحدة.
نظم الندوة التي استمرت يومين معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية
بالتعاون مع الأكاديمية الدولية لدراسة فقه الأسرة، وبشراكة في الرعاية من قبل
"مشروع الزواج وأبحاث قانون الأسرة" التابع لكلية الحقوق في جامعة بريغهام يونغ
بالولايات المتحدة الأمريكية.
وهدفت الندوة إلى استكشاف المبادئ الفقهية (خاصة "المبادئ الأولى" الفلسفية
والمفاهيمية، والثقافية، والنظرية) التي تنظم الاعتراف القانوني في القوانين
الوضعية بعلاقات الأسرة الممتدة كالعلاقة بين الأجداد والأحفاد وأبناء العمومة).
ومناقشة التعريف القانوني لمفهوم "الأسرة"، والوضع القانوني لأشكال العلاقات شبه
الأسرية الأخرى (مثل علاقات المساكنة خارج إطار الزواج) وما يترتب على هذه العلاقات
من أطفال، وما إلى ذلك. والآثار المترتبة على ذلك التنظيم، ودلالته وأثره على
العلاقات الاجتماعية وخاصة التضامن بين الأجيال.
شارك في هذه الندوة مجموعة من كبار العلماء المتخصصين في مجال قانون الأسرة والفقه
القانوني الذين يمثلون ثقافات وأديانا ودولا مختلفة يجمعهم هدف مشترك هو استكشاف
المبادئ التي تقوم عليها العلاقات الأسرية التي تمتد أبعد من الأسرة النووية التي
تقتصر على الآباء والأمهات وأطفالهن، لتشمل الأجداد والأحفاد والأعمام والأخوال
وغيرهم من أفراد الأسرة الممتدة التي تشمل في كثير من الثقافات أبعد الأسلاف. وتولي
الندوة اهتماماً خاصاً إلى وضع الأطفال داخل الأسرة الممتدة. ومن المتوقع أن تسفر
المناقشات خلال هذه الندوة عن نتائج ذات أهمية علمية دائمة.
الجلسة الأولى
وناقشت الجلسة الأولى ضمن فعاليات اليوم الثاني "النهج القانوني في التضامن بين
الأجيال" حيث ترأس الجلسة البروفيسور سكوت فيتزجيبون.
وخلال هذه الجلسة تحدثت الدكتورة كلثم غانم الأستاذ المشارك في علم الاجتماع بجامعة
قطر عن دور الأسرة الممتدة في تنظيم ترابية السلطات داخل الأسرة بناء على درجة
القرابة والعمر والنوع.
وقالت: لقد أصاب التغيير معظم أسس الحياة الاجتماعية والاقتصادية في دول الخليج
العربية، إلا أن هناك بعض الخصائص التي تميز الأسرة لم يطلها التغيير. فعلى الرغم
من أن التحديث قد ساهم وبسرعة في دفع الأسرة النووية لكي تحل محل الشكل القديم
للعائلة خلال العقود القليلة الماضية، فإن الأسرة في المنطقة لا تزال تظهر درجة
عالية من الوحدة والتكامل بين أعضائها.
وأضافت أن قيم الأسرة الممتدة، والتسلسل الهرمي للسلطة والعلاقات القائمة على
القرابة لا تزال موجودة في المنطقة وتلعب دورا رئيسيا في حياة الفرد وفي دعم
العلاقات الاجتماعية التقليدية إلى حد كبير. وتعتبر الأبوية جزءا من بنية الأسرة
الممتدة، حيث الذكور في الأسرة لهم السلطة على بقية أفراد الأسرة. ففي المجتمع
القطري والمنطقة ككل الأبناء يدعون بأسماء ابائهم فقط، كما أن النساء البالغات مثل،
الزوجات، الأمهات، الأخوات، والعمات يخضعن لسلطة الذكور في العائلة الممتدة. وتجد
سلطة الذكور في الأسرة دعما من النظام القضائي وثقافة المجتمع.
وقال البروفيسور لين واردل، أستاذ القانون في كلية الحقوق، جامعة بريغهام يونغ،
يوتا، الولايات المتحدة الأمريكية: "قد تكون العدالة بين الأجيال واحدة من القضايا
المحركة للقرن الـ 21. فتلقى قضايا العدالة في التوزيع بين الكبار والصغار، بين
الشيخوخة والأجيال القادمة المزيد من الاهتمام من الأكاديميين وصانعي السياسات. إن
واجبات أحد الأجيال نحو الأجيال اللاحقة أو القادمة يمكن الوفاء بها أو إهمالها في
السياسة القانونية.
وأكد ان الاعتراف بالأسرة الممتدة يعزز العدالة بين الأجيال. حيث تعبر الأسرة
الممتدة عن شكل من أشكال العدالة الطبيعية. فالأسرة الممتدة التي تعمل لآلاف السنين
تمثل دعما قيما للأسرة النووية، خاصة لحماية الأطفال ومنفعتهم.
ولفت إلى أن التاريخ القانوني من الأسر الممتدة في القوانين الرسمية والنظم
القانونية يعكس الصراع الدائر بين فكرتي الدولة والأسرة، وتغيير المفاهيم عن القيمة
النسبية للأسرة والدولة. وكاعتراف قانوني لتضاؤل دور الأسرة الممتدة، يزداد
الاعتراف القانوني لأدوار وسلطة ومسؤوليات الدولة نحو أكثر أفراد الأسرة المعرضين
للخطر.
من جهته تحدث الدكتور جورج نيكولاس لافرير، كلية الحقوق — الجامعة الكاثوليكية،
الأرجنتين، عن اتباع نهج قانوني لعلم الوراثة باعتبارها تحديا للتضامن بين الأجيال
حيث أشار إلى أنه مع تطور تقنيات الإنجاب الاصطناعي، فقد تحول تفاعل الحياة البشرية
من التعاون المتبادل بين الرجل والمرأة إلى مجرد الرغبة في الإنجاب. ففي هذا
التغيير، ينطوي علم الوراثة على إمكانية تحديد الصفات المرغوبة في الأطفال. ويمكن
تحقيق ذلك عن طريق اختيار الأمشاج، تشخيص سابق للانغراس الجيني.
من جانبه تحدث الدكتور زهير حطب الأستاذ في الجامعة اللبنانية، نحو الانتقال من
التضامن العائلي إلى التعاضد الأسري مع نموذج من علاقات التعاون الثنائي.
وسلطت الورقة التي قدمها الضوء على تعيين مفاهيم البحث المستوحاة من واقع المجتمعات
العربية. أولها الأسرة الممتدة، السلطة الأبوية، ونظام التكامل والتضامن، وثانيها
الأسرة المتحولة والأسرة في مجتمع حقوق الإنسان، ونظام التعاون الأسري. كما تطرق
الدكتور حطب فيها للعوامل الداخلية والضغوطات الأسرية وكيف أنهما أديا إلى إضعاف
نظام التضامن بين الأجيال في الأسرة العربية. وفي الختام عرض للتحديات المعاصرة
التي تستدعي تعاضد الأجيال في الأسرة العربية من أجل رفع شأنها.
الأسرة القطرية
أما الدكتور معتز شعير المستشار القانوني في الأمانة العامة للمجلس الأعلى لشؤون
الأسرة، قطر، فتطرق خلال الورقة التي قدمها إلى كيفية معالجة قانون الأسرة القطري
لقضايا الأسرة الممتدة.
وقال انه لا ريب أن الأسرة القطرية كجزء من المجتمع مرت بتغيرات اجتماعية وثقافية
واسعة النطاق، كان للتغيرات الاقتصادية تأثير جوهري على تطورها، بالإضافة إلى
التوسع في نطاق التعليم وفي نوعيته، واتساع نطاق الاحتكاك مع ثقافات أخرى، مما أدى
إلى تغيرات أساسية في حجم الأسرة التي أصبحت تتجه نحو سيطرة نمط الأسرة الزوجية
(النواة) مقابل اختفاء نمط الأسرة الممتدة، أو تراجعها بشكل ملحوظ.
الجلسة الثانية
وقد ترأس الجلسة الثانية التي كان عنوانها: "الأسر الممتدة: دراسات عن حالات حول
العالم"، الدكتورة كارمن جارسيمارتن، وفي بداية الجلسة قالت الدكتورة آنا ماريا
اولجوين بريتو، إن قانون الأسرة في النظام القانوني في بيرو له سمات وتقاليد
قانونية خاصة، فهي ليست فقط تراثا من أصل اسباني ينتمي إلى نظام القانون الروماني
والجرماني، ولكنه يتلقى أيضا تأثيره من قبل الحقبة الاسبانية؛ فهو يقوم على التوليف
الثقافي، والهوية المختلطة، والاعتراف بأن الأسرة هي المؤسسة الطبيعية، والاجتماعية
والقانونية.
وأشارت إلى أنه بسبب ظاهرة العولمة الحالية التي تميل إلى تنميط الأوضاع والحقائق،
فإن قانون الأسرة في بيرو لديه الكثير من التحديات التي يواجهها، خاصة تلك التحديات
التي ترتبط بهويتها القانونية والدستورية والتي يمكن ملاحظتها أفضل في مقابل
الأنظمة الأخرى، والتي أخيرا تعود إلى الطبيعة البشرية التي تقوم عليها الشؤون
التاريخية والثقافية.
اتجاهات الزواج
أما الدكتورة بدرية الحرمي الباحثة الاجتماعية، في قسم التنمية الاجتماعية في
السكرتارية العامة للتخطيط التنموي فشاركت بورقة عمل عنوانها "اتجاهات الزواج في
الأسر القطرية" اشارت فيها الى ان قطر شهدت نموا اقتصاديا باهرا خلال العقد الماضي.
بين عامي 2004 و2010، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي يبلغ نحو
16.2٪، خلال هذه الفترة اقتصاد قطر نما بمعدل أسرع من أي دولة أخرى. حيث معدل القوة
الشرائية، في الناتج المحلي للفرد هو الآن من بين أعلى المعدلات في العالم. مع
عائدات ضخمة ومتزايدة من صادراتها من النفط والغاز، وقد استثمرت قطر بقوة في البني
التحتية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك، في تحقيق رفاه شعبها. كانت هناك زيادة
ملحوظة في جميع المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والمكاسب الناتجة في مجال التنمية
البشرية. وتبحث هذه الورقة التغيرات في فترة واتجاهات الفوج في الزواج والخصوبة من
القطريين.