جريدة الشرق - الأحد 20 مايو
2012
قطر
ومجلس الشورى المرتقب
لقد بدأ العد التنازلي
لتجهيز انطلاقة مجلس الشورى المنتخب ويبقى السؤال الذي لابد أن يطرح وهو: على أي أسس
ستتم عملية تمثيل الشعب القطري أجمع في هذا المجلس؟
في عام 1972، وكما تعلمون، قام سمو الأمير الوالد بتعيين جميع أعضاء مجلس الشورى الحالي
وروعي في عملية التعيين تمثيل جميع قبائل وعوائل قطر. وعندما تسلم سمو الأمير المفدى
الحكم عام 1995 حافظ على هذا المجلس بنفس الأسلوب والتركيبة وعلى هذه الأسس فقد تمت
مراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة ولم يتم تفضيل قبيلة أو عائلة على الأخرى
وأصبحت الدولة تعمل على توطيد روح الوحدة الوطنية، والتضامن والإخاء بين المواطنين
كافة بانتماءاتهم المتنوعة وبمذاهبهم الدينية المختلفة وبهذا فقد تحقق الأمن والاستقرار،
وتكافؤ الفرص للمواطنين. وعندما بدأت الدولة في الإعداد للدستور الدائم فقد قام سمو
الأمير المفدى بتكليف 32 عضواً يمثلون جميع قبائل وعوائل قطر كأعضاء في لجنة الإعداد،
وكان يستطيع سمو الأمير، كما حدث في بعض دول المنطقة أو غيرها، أن يكلف لجنة فنية لتنفيذ
المطلوب، ولكنه آثر أن يشرك جميع أفراد المجتمع في إعداده ليشعرهم بحجم مسؤولية بناء
دولة قطر الحديثة أو بما يعرف بدولة المؤسسات.
ولقد طرحت عدة أفكار لتقسيم دولة قطر إلى مناطق انتخابية مثل الدائرة الواحدة أو الخمس
دوائر أو الثلاثين دائرة أو مسقط الرأس. ومع احترامي المطلق لكل الآراء التي طرحت وبصفة
خاصة لأخي سعادة وزير الدولة للشؤون الداخلية، إلا أنني أعتقد أن مسقط الرأس الذي اقترحه
على مجلس الشورى سيخلق مشكلة كبيرة وذلك لأن مسقط الرأس يختلف من قبيلة أو عائلة إلى
أخرى فبعض القبائل والعائلات القطرية لها أكثر من مسقط رأس واحد وبعضها يتشارك في مسقط
رأس واحد. لاسيما أن معظم القبائل والعائلات تنقلت إلى أكثر من مكان، وأن عدداً من
هذه المناطق تحول إلى مناطق تجارية أو إلى مناطق مهجورة.
إن اختيار أي نظام انتخابي خاص له بالغ الأثر على مستقبل الحياة السياسية في أي بلد.
وعلى هذه الأسس، ينبغي مراعاة كل خصوصيات المجتمع القطري وتركيبته من خلال المناطق،
والتواجد السكاني، والتمثيل الفعلي والشامل لعموم أهل قطر. إن اختيار أي نظام انتخابي
يمكن أن يؤثر على شرعية المؤسسات. فمثلاً مجلس الشيوخ الاسترالي بين 1919 — 1946 انتخب
من قبل نظام غير تناسبي التصويت مما أدى إلى إضعاف السلطة التشريعية لمجلس الشيوخ في
أعين كل الناخبين. ولا تقتصر عملية حرية ونزاهة الانتخابات، كما هو معروف، على الضمانات
القانونية فقط فهي ليست كافية بمفردها لضمان ديمقراطية الانتخابات. ففي كثير من الأحيان
يمكن أن توجد قوانين جيدة ولكن تبقى الممارسة ناقصة ومعطوبة وذلك بسبب غياب ثقافة الديمقراطية.
فالديمقراطية، كما نفهمها من المصادر المختلفة، هي حق للجميع ومن ثم إتاحة الفرصة لمشاركة
حقيقية من جميع المواطنين في إدارة بلادهم والأهم من ذلك هو أن الديمقراطية رؤية وفلسفة
وليست مجرد نظام سياسي أو آليات حكم.
إن أسلوب الانتخاب الأمثل للمجتمع القطري، كما أراه، يتمثل في قيام من يرى بأنه قدير
من أفراد القبائل والعائلات وتتوافر فيه شروط الترشيح، وفقا لقانون الانتخاب الذي سيصدر
قريباً، أن يسجل اسمه لدى الجهات الرسمية كمرشح. وعند فتح باب التصويت فإن من ينتسب
لهذه القبيلة أو العائلة عليه انتخاب أحد الأشخاص المنتسبين لقبيلته أو عائلته فقط.
إن هذا الأسلوب الانتخابي سينتج عنه الكثير من المزايا من أهمها وليس كلها:
• سيمكن جميع أفراد المجتمع أن يكون لهم ممثل في مجلس الشورى فتتحقق بذلك عبارة "الشعب
مصدر السلطات".
• تيسير حصول القبائل والعائلات قليلة العدد على التمثيل في مجلس الشورى وهذا يعتبر
تقديراً لكل من ساهم في إنشاء دولة قطر ودورهم الذي بذلوه من خلال مجلس الشورى السابق
فتتحقق بذلك عبارة "ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة".
• يحقق مبدأ الشمول الذي يمكن أن يكون حاسماً في استقرار المجتمعات ولاتخاذ القرارات
الديمقراطية الراسخة فتتحقق بذلك عبارة "توطيد روح الوحدة الوطنية".
• تحقيق عبارة "الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين" عن طريق عدم تمكين الناخب
من فرض قراره عن طريق إخراج أي قبيلة أو عائلة خارج المجلس فإذا دخلت قبيلة أو عائلة
بأكثر من مقعد فإنه بهذه الحالة لن تستطيع قبيلة أو عائلة أخرى دخول المجلس.
• خلق جو من المصالحة الشمولية بين كل القبائل والعائلات في المجتمع القطري مما سيجعل
مساهمتهم أكبر في تنمية المجتمع فتتحقق بذلك عبارة "الإخاء بين المواطنين كافة".
أما الخمسة عشر مقعداً المكملة للمجلس ممن سيتم تعيينهم من قبل سمو الأمير المفدى،
كما جاء بالمادة (77) من الدستور، فإننا نقترح على سمو أميرنا المفدى أن يتم تخصيص
هذه المقاعد لخلق مزيد من التوازن القبلي أو العائلي وفي نفس الوقت لتحقيق توجهات الدولة
التنموية.
ربما يرى البعض أن الانتخاب على أساس قبلي أو عائلي سيزيد من الانتماء للقبيلة أو للعائلة
على حساب الانتماء للوطن بعد أن ضعف هذا الانتماء بمرور الزمن لصالح الانتماء للوطن.
ومن يرى هذا الرأي، حسب رأيي، لا يعرف الدين الإسلامي فلننظر كيف رتب رب العالمين الناس
في يوم الشدة "يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ
بِبَنِيهِ {11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ {12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ {13}
وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ {14}" المعارج، ولقد رتبهم رب العالمين
من الأقرب إلى النفس إلى الأخف. وهذا يدل، بشكل آخر، على أن التفاني في الخدمة والمساعدة
والمعونة هو للأقرب إلى النفس من غيرهم.
وفي الختام أقول ان المجتمع، كما أراه، عبارة عن حلقات فكلما صلحت الحلقة الأصغر (العائلة
والقبيلة) صلحت الحلقة الأكبر (المجتمع والوطن). وأن العملية الانتخابية لابد أن تأخذ
في حسابها التاريخ والمكتسبات الثقافية والأعراف والتقاليد المتوارثة للمجتمع القطري.
إصدار
الدستور الدائم لدولة قطر
قانون
رقم (6) لسنة 1979م باللائحة الداخلية لمجلس الشورى
قرار
أميري رقم (18) لسنة 2010 بمد مدة مجلس الشورى
قرار
أمير دولة قطر رقم (47) لسنة 2008 بمد مدة مجلس الشورى