قطر- جريدة
الراية-السبت 25 أغسطس 2012م – الموافق 7 شوال 1433هـ
دور قطر محوري في كل
القضايا الدولية
رئيس العلاقات
الخارجية بالحزب الحاكم السوداني .. غندور لـ الراية:
العلاقات القطرية السودانية متميزة وتاريخية
نتمنى انتهاء الأزمة السورية وحقن دماء الشعب
الحوار مع الجنوب استراتيجي وليس نتيجة لضغوط دولية
نتطلع لتطبيع العلاقات مع أمريكا وفقًا للمصالح المشتركة
الخرطوم - عادل أحمد صديق:
أكد البروفيسور إبراهيم غندور، رئيس قطاع العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني
الحاكم في السودان، أن قطر تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني باتت تلعب دورًا مهمًا ومحورياً في كل القضايا العربية والإقليمية
والدولية، منوهًا بالحكمة التي تتعامل بها القيادة القطرية مع كل القضايا وإدراكها
لمتطلبات المرحلة.
كما أعرب، في حوار مع "الراية" ، عن أمله في أن تنتهي الأزمة في سوريا إلى ما آلت
إليه كل ثورات الربيع العربي وتحقيق الاستقرار وحقن دماء الشعب السوري، مشيرًا في
حوار مع الراية إلى أن المنطقة العربية تمر بمرحلة تغيير شامل وإعادة بناء، وأنه
يتجاذبها محوران، الأول: يريد لشعوب المنطقة أن تتمتع بالحرية والديمقراطية
والثاني: يتربّص بالأمة الشرور ويريد لهذه الثورات أن تتحول إلى فوضى غير خلاقة..
مؤكدًا في الوقت نفسه أن السودان بمنأى عن ثورات الربيع العربي .
كما تطرّق الحوار لعدد من القضايا حول علاقة الحزب الحاكم بالأحزاب الأخرى،
والعلاقة مع دولة جنوب السودان .. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
> بداية نريد أن تحدّثنا عن واقع العلاقات القطرية السودانية ومستقبلها ؟
- العلاقات القطرية السودانية علاقات متميزة وضاربة في القدم، ويدعمها التواصل بين
حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وشقيقه فخامة
الرئيس عمر حسن البشير، وقطر ظلت تلعب دورًا محوريًا في قضايا السودان، ويكفي أنها
استضافت الحوار حول قضية دارفور حتى خرجت وثيقة الدوحة المدعومة دوليًا، وقطر كذلك
تلعب دورًا مهمًا ومحوريًا في كل القضايا العربية والإقليمية والدولية، كما ظلت
تمثل محورًا داعمًا للسودان وشعبه.. وأهل السودان سيظلون ممتنين لذلك الدور .
> كيف تنظر لدور قطر في دعم قضايا المنطقة ؟
- قطر تدعم كل القضايا العربية، وأصبحت محورًا دوليًا معتبرًا، كما أن القوة
الاقتصادية لقطر أهلتها لهذا الدور الريادي مع حكمة سياسية تنتهجها قيادتها الرشيدة
والمدركة لمتطلبات المرحلة.
> وكيف تقيّم الأوضاع في المنطقة العربية ؟
- المنطقة العربية تمر بمرحلة تغيير شامل وإعادة هيكلة، ويتجاذبها في ذلك محوران،
الأول يريد لشعوب المنطقة أن تتمتع بالحرية والديمقراطية والاستقرار وهو الذي يمثل
نبض الشعوب، أما المحور الثاني فيتربّص بالأمة العربية الدوائر، ويريد لهذه الثورات
أن تتحول إلى فوضى غير خلاقة .. والحكم في كل ذلك هو مدى وعي الشعوب العربية.. كل
المعطيات تقول إن الثورات نبعت من الشعوب العربية المتطلعة للعيش الكريم والحرية
والديمقراطية والعدالة الاجتماعية رغم كل محاولات جرجرتها إلى الفوضى، ولكنها بوعي
شعوبها وريادة قيادتها السياسية كلها تسير الآن في إطار تحول ديمقراطي شامل .
> وكيف ترى الأوضاع في سوريا ؟
نتمنى أن تتنهى الأزمة في سوريا إلى ما آلت إليه كل الثورات العربية، ويتحقق
الاستقرار وتحقن دماء الشعب السوري .
> هل سيشهد السودان ثورة ؟
- ليست هناك حكومة يمكن أن تتجاهل مطالب شعوبها.. ولكن بالمعطيات الماثلة الآن
والحوار الذي تديره الدولة ومؤسساتها والمؤتمر الوطني وشركاؤه في الحكم مع المواطن
وفي كل القضايا التي تمسّ حياته وآخرها التحولات الاقتصادية والإجراءات شملت
المواطنين في عيشهم وتحمّلها المواطن على تأثيراتها السلبية، كل ذلك يؤكد أن التصاق
القيادة في السودان بالشعب هو الترياق لأي محاولة تغيير إلا عبر صناديق الاقتراع .
وبالتالى أقول: إن المعطيات الموجودة الآن والبدائل المتاحة تجعل السودان بمنأى عن
ثورات الربيع العربي، ولكن هذا يتطلب السير في طريق الإصلاح واتباع التحولات
الإصلاحية بإصلاح آخر يضمن تدفق الخدمات للمواطن واستمرار استتباب الأمن الاجتماعي
وإكمال حلقات السلام في بعض المناطق التي تشهد صراعًا الآن والاستعداد لتحول
ديمقراطي يتفق عليه العقلاء من الساسة في السودان وسيظل السودان يدعم نبض هذه
الشعوب .
> وكيف تقيّم مستوى علاقة السودان بالحكومات التي وصلت إلى الحكم بعد الربيع العربي
؟
- علاقتنا لا نقول إنها علاقات مع الإخوان المسلمين في مصر أو أي حزب يحكم في الدول
الشقيقة الأخرى، علاقاتنا مع كل القوى السياسية.. قمنا بزيارة لمصر وتونس التقينا
خلالها كل القوى السياسية الفاعلة في الساحة .. خاصة تلك التي تمثل ائتلافًا
حكوميًا .. وفي مصر لدينا علاقات مميزة مع كل القوى السياسية .
> لماذا توقف الحوار مع القوى السياسية السودانية ؟
- حوار المؤتمر الوطني مع الأحزاب السياسية لم يتوقف، الحزب الحاكم له لجان مع كل
القوى السياسية والحزبية وهناك حوارات مع غالبيتها، أجرينا حوارًا الأيام الماضية
مع حزب الأمة والاتحاد الديمقراطي، وهو شريك في الحكم، والآن نتطلع لحوار شامل
محوره الدستور الدائم للسودان والدعوة التي قدّمتها رئاسة الجمهورية لكل القوى
السياسية تدعمها قوة كبيرة في الحكومة والمعارضة نعتبرها محورًا لحوار سياسي شامل
أساسه وثيقة الدستور التي تنبثق منها كل القوانين المنظمة للحياة السياسية
والاقتصادية.. ونتطلع لحوار يكون منصّة انطلاق لحوارات تجمع كل الشركاء ولا أقول
الشركاء والسياسيون في السودان إذ أننا لا نشك في أن كل القوى السياسية السودانية
على اختلاف ألوانها ومنطلقاتها الفكرية تنطلق من نقطة إستراتيجية واحدة هي أن يكون
هذا السودان واحدًا موحدًا آمنًا مستقرًا .. نحن ننتظر اليوم الذي نتواثق فيه كقوة
سياسية معتبرة في الواقع السياسي السوداني على ثوابت سياسية لا نخرج عليها يراعها
وتابعها الشعب .
> وبماذا تصف العلاقة مع دولة الجنوب ؟
- الأمن أساس أي تنمية اقتصادية أو سياسية كما أنه أساس العلاقة بين أي بلدين جارين
..علاقاتنا مع الجنوب أولوية في علاقاتنا مع دول الجوار باعتبار أننا كنا بلدًا
واحدًا ونريد شريكاً في الجانب الآخر ينظر لهذه النظرة الإستراتيجية ويعمل لأجلها
.. للأسف شريكنا في الجانب الآخر ليس موحدًا حول هذه النظرة وإن كانت هناك أصوات
وحدوية الآن في دولة الجنوب وهي تنظر للعلاقة مع الشمال بالمنظار نفسه الذي ننظر
به، لكن الغالب هو الارتباط بأجندة لا علاقة لها بمصالح البلدين والشعبين، ونحن على
ثقة من أن إنسان الجنوب مهم في الواقع السياسي وسيجد فرصته لإبداء رأيه في هذه
العلاقة، ومستقبل العلاقات بين البلدين سيكون ارتباطًا عضويًا وثيقًا.
> هناك من يرى أن الاتفاق حول النفط مع دولة الجنوب تم تحت الضغوط وأن الحكومة غير
راضية عنه ؟
- نحن راضون تمامًا عن الاتفاق ولانقول إنه حقق كل تطلعاتنا لكنه منصف للطرفين
ونتطلع لتنفيذه وأن يسبقه اتفاق على الملفات الأمنية وأن يكمل باتفاق على كل
الملفات العالقة بين دولتي الشمال والجنوب.
> ما هي ترتيبات الحزب لاختيار خليفة للبشير للرئاسة المقبلة ؟
- الحزب ما زال متمسكًا بقيادة البشير والمؤتمر الوطني يختار مرشحه للرئاسة عبر
مؤتمره العام لكن المرشحين يقدّمهم المستوى الولائي إلى المكتب القيادي ليختار مرشح
للولاية ولكن في رئاسة الجمهورية المؤتمر العام هو الذي ينتخب رئيس المؤتمر الوطني
وهو في الوقت نفسه مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية .. الرئيس عمر البشير أبدى
رغبته في عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة في أكثر من مره ولكن لا يتم مناقشة هذا
الأمر لأن الانتخابات بعد عامين .. وسنة الأساس للانتخابات هي العام 2013، وربما
تشهد حوارًا حول الترشح للرئاسة .
> كيف تلقيتم دعوة أوباما لدعم السودان بـ 2 مليار دولار ؟
- هو التزام دولي قبل تنفيذ استفتاء جنوب السودان وهو جزء من اتفاق لسد الفجوة التي
نتجت عن انفصال الجنوب باعتبار أن المبلغ المتفق عليه كتعويض للسودان عن فقدان
إيراداته النقدية بفصل الجنوب قسّمت على ثلاث (ثلث تدفعه حكومة الجنوب حوالي 3
مليارات و228 مليون دولار، وثلث آخر يدفعه المجتمع الدولي والثلث الأخير توفره
الحكومة السودانية من خلال إجراءاتها الداخلية) بالتالي هو التزام على المجتمع
الدولي والتزام أخلاقي.
> وماهو مستقبل العلاقات السودانية الأمريكية ؟
- الولايات المتحدة الأمريكية تتحدّث على الدوام حول تطبيع العلاقات مع السودان،
لكن كلما اقتربنا من هذه العلاقات نجحت قوى الضغط داخل أمريكا في إبعاد الحكومة
الأمريكية من إكمال هذه الملف (تطبيع العلاقات) ..عمومًا نحن نتطلع لعلاقات مع
أمريكا باعتبارها دولة كبرى ومؤثرة في السياسة العالمية وفي كل مناحي الحياة
الدولية .. ولكن هذه العلاقات لنا منها منطلقات أنها علاقات مصلحة مشتركة وعلاقات
دون التدخل في الشؤون الداخلية وبهذا المنطق حوارنا يمضي مع الولايات المتحدة
الامريكية في هذا الاتجاه .. اليوم الذي تقتنع فيه أمريكا بأن السودان دولة مهمة
وهي مقتنعة بذلك ولكن لفترة طويلة ظلت قضية تغيير النظام في السودان من أولويات
السياسة الأمريكية والتي بدأت الآن تتغير تدريجيًا .. إن التغيير المسلح غير متاح
عبر دعم دول الجوار أو دعم حركات التمرّد ربما يكون غير منطق في ظل وجود حكومة
ممسكة بزمام الأمر.. الآن أمريكا تغيّر إستراتيجيتها ونأمل أن تنظر إلى مصالحها وأن
تتأكد بأن السودان جزء من هذه المصالح وعلاقتها معه مهمه.. وستجد السودان لإقامة
علاقات متوازنه مع أمريكا.
> ماهي تداعيات قرار مجلس الأمن 2046 بعد انتهاء فترة التفاوض مع دولة الجنوب ؟
- القرار رغم أنه كان مجحفًا ومنحازًا لكنه كان منصة انطلاق لحوار جاد بين الطرفين
في دولتي السودان وجنوب السودان وواضح أن المهلة التي منحها مجلس الأمن منذ البداية
أنها غير واقعية، ربما وسيلة للضغط على الطرفين للوصول إلى اتفاق، ننطلق من حوارنا
مع دولة الجنوب منطلقات المرتكز الاستراتيجي لعلاقات مع الجنوب وليس من ضغوط دولية
.. على المجتمع الدولي أن يواصل جهوده بأن يكون منصفًا في نظرته للسودان.
> لماذا يرفض الوطني الحوار مع ياسر عرمان تحت مسمى قطاع الشمال ؟
- قطاع الشمال يعد جزءًا من حزب قيادته موجودة في دولة ثانية .. وقطاع الشمال
لايزال ينتمي عضويًا وماليًا للحركة الشعبية في دولة جنوب السودان.. بالتالي نحن لا
نتحاور مع فروع لأحزاب خارجية لأن قانون الأحزاب يمنع ذلك .. وحوارنا مع أبناء
المنطقتين من أجل حقن دماء أبناء السودان ومنع معاناة استمرار الأبرياء في جنوب
كردفان والنيل الأزرق، والسودان يدفع ثمناً غالياً جداً .. الذين يحملون السلاح
يعلمون جيدًا أنه لا مكان لهم وسط المجتمع السياسي السوداني عبر صناديق الاقتراع
وبالتالي يلجؤون إلى البندقية .. والحوار هو الطريق الوحيد للاتفاق حول كل القضايا
.
> في ظل المعطيات الحالية هل تتوقع أن يتوصل السودان ودولة الجنوب إلى اتفاق أم
العودة إلى الحرب ؟
- في ظل الظروف التي نراها في الجنوب والنوايا الخالصة المتوفرة في السودان نتوقع
أن يكون هناك اتفاق .. ربما تتبقى بعض القضايا العالقة ولكن إذا تم الاتفاق على
القضايا الأمنية وعدد من القضايا الأخرى يستمر الحوار في ظل الاتفاق على القضايا
الكبرى .
الدستور
الدائم لدولة قطر